حديث: الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الدفن بالليل

عن جابر بن عبد الله قال: رأى ناس نارًا في المقبرة، فأتوها، فإذا رسول الله ﷺ
في القبر، وإذا يقول: «ناولوني صاحبكم» فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر.

حسن: رواه أبو داود (٣١٦٤) عن محمد بن حاتم بن بزيغ، حدثنا أبو نعيم، عن محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، أخبرني جابر بن عبد الله، أو سمعت جابر بن عبد الله قال: فذكره.

عن جابر بن عبد الله قال: رأى ناس نارًا في المقبرة، فأتوها، فإذا رسول الله ﷺ
في القبر، وإذا يقول: «ناولوني صاحبكم» فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم فيه موعظة بليغة، وقد رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره.

شرح الحديث:


الرواية الكاملة للحديث:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "رأى ناس نارًا في المقبرة، فأتوها، فإذا رسول الله ﷺ في القبر، وإذا هو يقول: «نَاوِلُونِي صَاحِبَكُمْ» فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر".


1. شرح المفردات:


● في المقبرة: أي في مكان دفن الموتى.
● نارًا: المقصود بها النار الحقيقية التي شوهدت، وهي من الأمور الخارقة للعادة التي يُريها الله تعالى لعباده للعبرة والاعتبار.
● فأتوها: أي أقبلوا عليها وذهبوا إليها ليعرفوا سببها.
● في القبر: أي أن النبي ﷺ كان عند قبرٍ من القبور.
● «ناولوني صاحبكم»: أي قدموا لي الميت الذي في القبر.
● يرفع صوته بالذكر: أي كان يَجهر بالذكر ويُسمع الناسَ صوتَه فيه.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث يروي لنا قصة عجيبة وقعت في زمن النبي ﷺ، حيث رأى بعض الناس نارًا تشتعل في المقبرة، فذهبوا ليعرفوا سببها، فإذا هم برسول الله ﷺ قائمًا عند قبر رجل قد مات، وهو يطلب من الصحابة أن يخرجوا له جثة هذا الميت من القبر، فإذا بهذا الميت هو ذلك الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر (أي بالتكبير أو التهليل أو التسبيح وغيرها من الأذكار) بشكل ملفت للناس.
المقصود من الحديث:
ليس المقصود ذم الذكر نفسه، فإن الذكر من أعظم العبادات، ولكن المقصود ذم الرياء الذي قد يخالط بعض الأعمال الصالحة. فكان هذا الرجل يرفع صوته بالذكر ليراه الناس ويسمعوه، فيمدحوه ويقولوا: "ما أتقاه! ما أعبده!"، فأراد النبي ﷺ أن يبين للأمة خطورة الرياء وعاقبته الوخيمة، حتى إن صاحبه قد يعذب بعد موته بسبب ذلك.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- ذم الرياء والتحذير منه: الرياء من الكبائر وهو "شرك خفي"، لأنه يصرف شيئًا من حق الله تعالى لغير الله. قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.
2- إخلاص العمل لله تعالى: يجب أن تكون جميع العبادات خالصة لوجه الله تعالى، لا يريد بها العبد إلا رضا الله والدار الآخرة، لا مدح الناس أو ثنائهم.
3- العبرة بعواقب الأمور: قد يظهر العمل صالحًا في الدنيا، ولكن عاقبته وخيمة في الآخرة إذا خالطه الرياء أو أي آفة أخرى.
4- بيان قدرة الله وعجائب قدرته: من قدرة الله تعالى أن يُري عباده مثل هذه المشاهد للعبرة والاتعاظ، كظهور النار على قبر المرائي.
5- اهتمام النبي ﷺ بتعليم أمته: حرص النبي ﷺ على بيان هذا الموقف العملي ليكون أنكى في النفوس وأبلغ في الزجر عن الرياء.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم رفع الصوت بالذكر: الأصل في الذكر أن يكون سرًا بين العبد وربه، كما قال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ}. إلا إذا كان هناك مصلحة راجحة كالتعليم أو نشر الخير أو إحياء السنة، دون قصد الرياء.
● الفرق بين الرياء والسمعة: الرياء: أن يعمل العمل ليراه الناس. والسمعة: أن يعمل العمل ليسمعه الناس. وكلاهما محرم.
● علاج الرياء: بالإخلاص لله، ودعاء الله أن يُطهّر القلب من الرياء، وتذكّر عظمة الله وأنه المطلع على السرائر، وتذكّر الموت والقبر والعقوبة.
نسأل الله تعالى أن يخلص أعمالنا، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن يحفظنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣١٦٤) عن محمد بن حاتم بن بزيغ، حدثنا أبو نعيم، عن محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، أخبرني جابر بن عبد الله، أو سمعت جابر بن عبد الله قال: فذكره.
وأخرجه الحاكم (١/ ٣٦٨) وقال: «صحيح على شرط مسلم».
قال الأعظمي: وهو كما قال: فإن في الإسناد محمد بن مسلم: وهو ابن سوسن الطائفيّ، وقيل سويس، روى عنه مسلم متابعة، والبخاري تعليقًا، إلا أنه مختلف فيه، فضعَّفه الإمام أحمد، ومشاه الآخرون، فوثَّقه ابن معين وأبو داود والعجلي وغيرهم، وذكره ابن حبان في «الثقات» إلا أنه قال: «يخطئ».
والخلاصة فيه كما في التقريب: «صدوق يخطئ» ولم يظهر لنا خطؤه في هذا الحديث، بل له شواهد تقويه، منها ما مضى، ومنها ما رواه ابن عباس أن النبي ﷺ دخل قبًرا ليلًا فأُسرِج له سراج، فأخذه من القبلة وقال: «رحمك الله إن كنت لأوَّاها تلاءً للقرآن» وكبَّر عليه أربعًا.
رواه الترمذي (١٠٥٧)، وابن ماجه (١٥٢٠) كلاهما من طريق يحيى بن اليمان، عن المنهال ابن خليفة، عن الحجاج بن أرطاة، عن عطاء، عن ابن عباس فذكر الحديث واللفظ للترمذي، وأما ابن ماجه فاختصره.
وهذا إسناد ضعيف من أجل المنهال بن خليفة فإنه «ضعيف» كما في «التقريب»، والحجاج بن أرطاة «مدلس» وقد عنعن، وضعَّفه أيضًا البيهقي (٤/ ٥٥)، وأما الترمذي فقال: «حديث حسن» وقال: «رخص أكثر أهل العلم في الدفن بالليل».
قال الأعظمي: وعليه يدل عمل الصحابة، فأبو بكر دفن ليلًا، وعلي بن أبي طالب دفن فاطمةَ ليلًا، وممن دفن ليلًا: عثمان وعائشة وابن مسعود، ورخص فيه عقبة بن عامر وابن المسيب وعطاء والثوري والشافعي وإسحاق، وكرهه الحسن وأحمد في إحدى الروايتين، والآثار في جواز الدفن بالليل أكثر.
قال الحافظ ابن القيم ﵀ في «تهذيب السنن» (٤/ ٣٠٨ - ٣٠٩) بعد أن نقل هذه الآثار وغيرها: «والآثار في جواز الدفن بالليل أكثر» وقال: «قيل: وحديث النهي محمول على الكراهة والتأديب، والذي ينبغي أن يقال في ذلك -والله أعلم- إنه متى كان الدفن ليلًا لا يفوت به شيء من حقوق الميت والصلاة عليه، فلا بأس به، وعليه تدل أحاديث الجواز، وإن كان يفوت بذلك حقوقه، والصلاة عليه، وتمام القيام عليه نهي عن ذلك، وعليه يدل الزجر، وبالله التوفيق».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 410 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر

  • 📜 حديث: الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب