يخفف عن الميت بعض عذاب القبر ما بقي الجريدتان نديا

حديث: يخفف عن الميت بعض عذاب القبر ما بقي الجريدتان نديا

عن أبي هريرة قال: مرَّ رسول الله ﷺ على قبر فقال: «ائتوني بجريدتين» فجعل إحداهما عند رأسه، والأخرى عند رجليه، فقيل: يا نبي الله! أينفعُه ذلك؟ قال: «لن يزال يُخفَّف عنه بعض عذاب القبر ما كان فيهما نُدوٌّ».

صحيح: رواه أحمد (٩٦٨٦) عن محمد بن عبيد، عن يزيد -يعني ابن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام البخاري في صحيحه، والإمام مسلم في صحيحه، وغيرهم من أصحاب السنن، عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه.

أولاً. شرح المفردات:

● جريدتين: أي غصنين أو عودين من النخل، أخضرين كانا أو يابسين.
● نُدوٌّ: النَّدَى هو الرطوبة والبلل، ويقصد به هنا أن الغصنين لا يزالان رطبين، أو أن فيهما حياة تستمر فترة من الزمن.

ثانيًا. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على قبر جديد، فطلب غصنين من النخل، فوضعهما على القبر؛ غصن عند رأس الميت، والآخر عند قدميه.
فلما رآه الصحابة يفعل ذلك، استغربوا وتساءلوا: كيف يمكن لغصنين من الشجر أن ينفعا ميتًا في قبره؟ فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذين الغصنين سيستمران في تخفيف عذاب القبر عن هذا الميت طالما بقيا رطبين (أي طالما استمرا في الاخضرار ولم يجفا تمامًا).

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- إثبات عذاب القبر ونعيمه: هذا الحديث من الأدلة القاطعة التي تثبت حقيقة عذاب القبر ونعيمه، وهو من أمور الغيب التي يجب على المسلم الإيمان بها إيمانًا جازمًا كما جاءت في النصوص الصحيحة.
2- قدرة الله المطلقة: الأفعال التي ينفع الله بها الميت في قبره لا تقتصر على ما نعقله أو ندركه بحواسنا. فالله تعالى على كل شيء قدير، وهو الذي جعل لهذين الغصنين أثرًا في تخفيف العذاب، وهو أمر فوق إدراكنا البشري.
3- السنة النبوية مصدر تشريع: فعل النبي صلى الله عليه وسلم هنا يدل على مشروعية وضع الجريدتين على القبر، وهي سنة فعلية منه صلى الله عليه وسلم. وكان هذا الفعل خاصًا بهذه الحادثة ولم يرد عنه أنه داوم عليه، مما يدل على أنه قد يكون لسبب خاص علمه النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي.
4- التسليم والانقياد لأمر النبي ﷺ: موقف الصحابة رضوان الله عليهم يعلمنا أدب السؤال والاستفسار عما لا نعرفه، ثم التسليم الكامل لحكم النبي صلى الله عليه وسلم ولو خفي علينا وجه الحكمة.
5- الربط بين الدنيا والآخرة: الغصن الأخضر هو من أعمال الدنيا، ولكن الله تعالى برحمته وفضله جعله سببًا لرحمة في الآخرة (تخفيف العذاب). وهذا يذكرنا بأن بعض الأعمال الظاهرة قد يكون لها ثواب وخير لا نراه.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:

- اختلف العلماء في حكم وضع الجريد على القبر:
- ذهب جمهور العلماء (من الحنفية والمالكية والشافعية) إلى أن هذه الحادثة كانت خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم لعلمه بأن صاحب القبر يعذب، فلا يشرع لنا فعل ذلك.
- وذهب آخرون (ومنهم الإمام أحمد في رواية) إلى استحباب وضع الجريدتين على القبر، عمومًا للحديث، وأنه قد ينفع أي ميت.
- والراجح -والله أعلم- هو القول الأول، لأنه لم ينقل عن الصحابة أنهم فعلوه بعد النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل في العبادات التوقيف (ألا نتعبد إلا بما شرعه الله ورسوله). فالأولى ترك ذلك، والاكتفاء بما ورد من الدعاء للميت والاستغفار له، فهما أنفع له.
- ينبغي للمسلم أن يحرص على ما هو أنفع للميت وأكثر ثبوتًا، مثل:
- الدعاء له والاستغفار.
- تصدق عنه.
- قضاء دينه.
- إنفاذ وصيته.
- وصلة أرحامه الذين لا يوصلونه إلا به.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٩٦٨٦) عن محمد بن عبيد، عن يزيد -يعني ابن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة فذكره. ورواه البيهقي في إثبات عذاب القبر (١٣٦) من طريق ابن أبي شيبة، ثنا محمد بن عبيد بإسناده، وإسناده صحيح.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٥٧): «رواه أحمد، ورجاله رجال الصَّحيح».
قال الأعظمي: وهو كما قال .. ولا يخالف هذا ما سبق من مرور النَّبِيّ ﷺ على قبرين لتعدد القصة.
وأمّا ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: «إن عذاب القبر من ثلاثة: من الغيبة والنميمة والبول، وإياكم ذلك» فالصحيح أنه موقوف من رواية أبي عروبة، عن قتادة من قوله: قاله الحافظ البيهقي في إثبات عذاب القبر (٢٦٢) وقال: «وقد روينا معناه في الأحاديث الثابتة فيما تقدم».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 488 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يخفف عن الميت بعض عذاب القبر ما بقي الجريدتان نديا

📜 حديث: يخفف عن الميت بعض عذاب القبر ما بقي الجريدتان نديا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يخفف عن الميت بعض عذاب القبر ما بقي الجريدتان نديا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يخفف عن الميت بعض عذاب القبر ما بقي الجريدتان نديا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يخفف عن الميت بعض عذاب القبر ما بقي الجريدتان نديا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية