تعوذوا بالله من عذاب القبر والنار والفتن والدجال

حديث: تعوذوا بالله من عذاب القبر والنار والفتن والدجال

عن زيد بن ثابت قال: بينما النَّبِي ﷺ في حائط لبني النجار على بغلة له، ونحن معه، إذ حادثْ به، فكادتْ تُلقيه، وإذا أَقْبرٌ ستةٌ أو خمسةٌ أو أربعةٌ، (كذا كان يقول الجُريري) فقال: «من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ «فقال رجل: أنا. قال: «فمتى مات هؤلاء؟ «قال: ماتوا في الإشراك، فقال: إن هذه الأمة تُبلي في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوتُ الله أن يُسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه» ثمّ أقبل علينا بوجهه فقال: «تعوذُوا بالله من عذاب النّار» قالوا: نعوذ بالله من عذاب النّار، فقال: «تعوذوا بالله من عذاب القبر» قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر، قال: «تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن» قالوا: نعوذ بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، قال: «تعوذوا بالله من فتنة الدجال» قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال.

صحيح: رواه مسلم في كتاب الجنّة (٢٨٦٧) من طرق، عن سعيد الجُريريّ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدريّ، عن زيد بن ثابت.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الجنائز، باب الاستعاذة من عذاب القبر، كما رواه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم.

### ثانيًا. شرح المفردات
● حائط: البستان أو الحديقة ذات الأشجار والأسوار.
● بني النجار: قبيلة من الأنصار في المدينة المنورة، وهم أخوال النبي ﷺ من جهة أمه.
● بغلة: هي دابة هجينة من حمار وأنثى الحصان.
● حادَتْ به: مالت به وانحرفت بشدة فكادت تطرحه على الأرض.
● أَقْبُرٌ: جمع قبر، وهي القبور.
● الإشراك: هنا بمعنى الشرك، أي ماتوا على الكفر قبل الإسلام.
● تُبْلَى: تُختبر وتُمتحن في قبورها بسؤال الملكين.
● لا تَدافَنُوا: من الدَّفْن المتتابع، أي لولا خوفي أن تتركوا دفن الموتى due to horror.
● الفتن ما ظهر منها وما بطن: الفتن الظاهرة والباطنة، أي التي تكون في العلن والتي تكون في السر.

### ثالثًا. شرح الحديث
يصف الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه موقفًا حدث مع النبي ﷺ وهو راكب على بغلته في بستان لقبيلة بني النجار. فانحرفت البغلة فجأة وكادت تطرح النبي ﷺ على الأرض، وإذا به يرى مجموعة من القبور (أربعة أو خمسة أو ستة، كما كان الراوي عنه يتردد في العدد).
فسأل النبي ﷺ من يعرف من أهل هذه القبور؟ فتطوع رجل وأخبره أنهم ماتوا على الشرك في الجاهلية.
عندها أخبر النبي ﷺ الحاضرين أن هذه الأمة (أمة الإسلام) تُبتلى في قبورها، أي أنها تُسأل وتُختبر في قبرها بعد الموت. ثم قال ﷺ عبارة عظيمة تدل على شدة ما يسمعه من عذاب القبر: "لولا أن لا تدافنوا لدعوتُ الله أن يُسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه". أي أن النبي ﷺ كان يسمع عذاب هؤلاء المشركين في قبورهم، ولو دعا الله أن يسمع الصحابة ذلك العذاب لترك الناس دفن موتاهم due to شدة الهول والرعب.
ثم استقبل الصحابة بوجهه الشريف وأمرهم بأمرين عظيمين:
1- الاستعاذة بالله من أنواع الشرور والفتن، وأمرهم أن يكرروا الاستعاذة بعده:
* من عذاب النار.
* من عذاب القبر.
* من الفتن كلها، ظاهرها وخفيها.
* من فتنة المسيح الدجال.

### رابعًا. الدروس المستفادة والعبر
1- حقيقة عذاب القبر ونعيمه: الحديث من أعلى الأدلة على حقيقة عذاب القبر ونعيمه، وهو من أمور الغيب التي يجب الإيمان بها. فالنبي ﷺ كان يسمع عذاب هؤلاء الكفار، وهذا خاص به ﷺ أو بمن أذن الله له بذلك.
2- شدة عذاب القبر: قوله ﷺ "لولا أن لا تدافنوا..." يدل على شدة هول عذاب القبر، حتى أن سماعه فقط قد يمنع الناس من دفن موتاهم.
3- وجوب الاستعاذة من عذاب القبر والنار: دلّت وصية النبي ﷺ على أن الاستعاذة من هذه الأمور من أهم ما يجب على المسلم العناية به والمداومة عليه في دعائه.
4- التحذير من الفتن: الفتن تشمل فتن الشبهات والشهوات، وما يقع في القلب من أمراض، وما يظهر في الواقع من شرور. والاستعاذة منها دليل على خطورتها.
5- فضل هذه الأمة وامتحانها: قوله ﷺ "إن هذه الأمة تُبلى في قبورها" يدل على أن سؤال القبر خاص بهذه الأمة المحمدية، وهو امتحان وابتلاء من الله لها.
6- عناية النبي ﷺ بأمته وشفقته عليها: ظهرت شفقة النبي ﷺ في تخوفه من أن يفتن الناس عن دفن موتاهم لو سمعوا العذاب، فكف عن الدعاء لهم بذلك رحمة بهم.

### خامسًا. معلومات إضافية مفيدة
* سؤال القبر: هو سؤال الملكين "من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟" للمؤمن يثبته الله، وللكافر أو المنافق يضل ويُعذب.
* كيفية النجاة من عذاب القبر: بالاستعاذة منه كما في الحديث، والإيمان والعمل الصالح، والاستكثار من سورة الملك، والموت على الشهادة.
* دعاء الاستعاذة: يُستحب للمسلم أن يكثر من قول: "أعوذ بالله من عذاب النار، وأعوذ بالله من عذاب القبر، وأعوذ بالله من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بالله من فتنة المسيح الدجال".
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في كتاب الجنّة (٢٨٦٧) من طرق، عن سعيد الجُريريّ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدريّ، عن زيد بن ثابت.
قال: أبو سعيد: ولم أشهده من النَّبِي ﷺ، ولكن حَدَّثنيه زيد بن ثابت قال: فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 475 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تعوذوا بالله من عذاب القبر والنار والفتن والدجال

📜 حديث: تعوذوا بالله من عذاب القبر والنار والفتن والدجال

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تعوذوا بالله من عذاب القبر والنار والفتن والدجال

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تعوذوا بالله من عذاب القبر والنار والفتن والدجال

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تعوذوا بالله من عذاب القبر والنار والفتن والدجال

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية