حديث: ابتلاء الأمة في القبور وسؤال الملكين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إن المؤمن والكافر جميعًا يُسْألان وإن أهل القبور تعرض عليهم مقاعدهم في كل يوم مرّتين

عن أبي الزبير أنه سأل جابر بن عبد الله، عن فتَّانَي القَبْر، فقال: سمعت النبي ﷺ يقول: «إن هذه الأمَّة تُبتلى في قُبورِها، فإذا أُدْخِلَ المُؤْمِنُ قَبْرَه، وتَوَلَّى عنه أصحابُه، جاء مَلَكٌ شديدُ الانْتِهار، فيقولُ له: ما كُنْتَ تقولُ في هذا الرَّجلِ؟ فيقولُ المُؤمِنُ: أقولُ: إنَّه رسولُ الله وعَبْدُه، فيقولُ له المَلَكُ: انظُرْ إلى مَقْعَدِكَ الذي كان لك في النار قد أنجاكَ الله منه، وأبدَلَكَ بمَقْعَدِكَ الذي تَرَى من النار، مَقْعَدَكَ الذي تَرَى من الجنة، فيراهُما كِلاهُما، فيقولُ المُؤْمِنُ: دَعُوني أُبَشِّرْ أهلي، فيُقالُ له: اسْكُنْ، وأمَّا المُنافِقُ، فيُقْعَدُ إذا تَوَلَّى عنه أهله، فيقال له: ما كُنْت تقولُ في هذا
الرجل؟ فيقولُ: لا أدري، أقولُ ما يقولُ الناسُ، فيقال له: لا دَرَيْتَ، هذا مقْعَدُكَ الذي كان لَكَ من الجنة، قد أُبْدِلْتَ مكانَه مَقْعدَكَ من النار».
قال جابر: فسمعتُ النبيَّ ﷺ يقول: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ في القبرِ على ما مات: المؤمنُ على إيمانه، والمنافقُ على نفاقِه».

صحيح: رواه عبد الرزاق (٦٧٤٤، ٦٧٤٦) عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول فذكره.

عن أبي الزبير أنه سأل جابر بن عبد الله، عن فتَّانَي القَبْر، فقال: سمعت النبي ﷺ يقول: «إن هذه الأمَّة تُبتلى في قُبورِها، فإذا أُدْخِلَ المُؤْمِنُ قَبْرَه، وتَوَلَّى عنه أصحابُه، جاء مَلَكٌ شديدُ الانْتِهار، فيقولُ له: ما كُنْتَ تقولُ في هذا الرَّجلِ؟ فيقولُ المُؤمِنُ: أقولُ: إنَّه رسولُ الله وعَبْدُه، فيقولُ له المَلَكُ: انظُرْ إلى مَقْعَدِكَ الذي كان لك في النار قد أنجاكَ الله منه، وأبدَلَكَ بمَقْعَدِكَ الذي تَرَى من النار، مَقْعَدَكَ الذي تَرَى من الجنة، فيراهُما كِلاهُما، فيقولُ المُؤْمِنُ: دَعُوني أُبَشِّرْ أهلي، فيُقالُ له: اسْكُنْ، وأمَّا المُنافِقُ، فيُقْعَدُ إذا تَوَلَّى عنه أهله، فيقال له: ما كُنْت تقولُ في هذا
الرجل؟ فيقولُ: لا أدري، أقولُ ما يقولُ الناسُ، فيقال له: لا دَرَيْتَ، هذا مقْعَدُكَ الذي كان لَكَ من الجنة، قد أُبْدِلْتَ مكانَه مَقْعدَكَ من النار».
قال جابر: فسمعتُ النبيَّ ﷺ يقول: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ في القبرِ على ما مات: المؤمنُ على إيمانه، والمنافقُ على نفاقِه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:

أولاً. شرح المفردات:


● فَتَّانَا القَبْر: هما الملكان المُوكَّلان بسؤال الميت في قبره، ويُسميان "منكر ونكير".
● تُبْتَلَى: تُختبر وتُمتحن.
● شديد الانتهار: شديد الصوت والهيئة المخيفة.
● مَقْعَدَكَ: مكانك ومُستقرك.
● لا دَرَيْتَ: لم تعلم ولم تهتدِ إلى الحق.

ثانيًا. شرح الحديث:


يصف النبي ﷺ ما يحدث للمؤمن والمنافق في القبر بعد دفنهما، حيث يأتي ملكان يسألان الميت عن ربه ودينه ونبيه، فيكون رد المؤمن ثابتًا بالإيمان، فيبشره الملكان بالجنة، بينما يتردد المنافق في الإجابة فيُعذَّب في قبره.
تفصيل حال المؤمن:
- عندما يُدخل المؤمن قبره ويتولى عنه أهله، يأتيه ملكان شديدا الهيئة ليختبراه.
- يسألانه: "ما كنت تقول في هذا الرجل؟" أي في النبي محمد ﷺ.
- فيجيب المؤمن بثبات: "أقول إنه رسول الله وعبدُه"، فيعترف برسالة النبي ﷺ وعبوديته لله.
- فيبشره الملكان: انظر إلى مقعدك من النار الذي قد أنجاك الله منه، وأبدلك به مقعدًا من الجنة.
- فيرى المؤمن كلا المقعدين (مكانه في النار لو كفر، ومكانه في الجنة بإيمانه).
- فيفرح المؤمن ويريد أن يبشر أهله، فيُقال له: اسكن (أي اطمئن وابق في نعيم قبرك).
تفصيل حال المنافق:
- عندما يُدخل المنافق قبره، يسأله الملكان نفس السؤال.
- فيتردد ويقول: "لا أدري، أقول ما يقول الناس"، فيظهر تذبذبه وعدم يقينه.
- فيقول له الملكان: "لا دريت" (لم تهتدِ للحق)، وهذا مقعدك من الجنة الذي أُبدلته بمقعد من النار بسبب نفاقك.
ثم يختم جابر رضي الله عنه بالقول: سمعت النبي ﷺ يقول: "يُبعث كل عبد في القبر على ما مات: المؤمن على إيمانه، والمنافق على نفاقه"، أي أن حال الإنسان في قبره يكون على حسب حاله عند الموت.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- أهمية الإيمان والثبات عليه: فالمرء يُبعث في قبره على ما مات عليه.
2- عظمة اختبار القبر: فهو أول منازل الآخرة، يُظهر فيه المؤمن صدق إيمانه والمنافق نفاقه.
3- فضل الشهادة بوحدانية الله ورسالة النبي ﷺ: فهي سبب النجاة في القبر.
4- خطر النفاق والتردد في الدين: فهو يؤدي إلى العذاب في القبر والآخرة.
5- البشارة للمؤمنين: أن الله يُبدلهم من عذاب النار إلى نعيم الجنة.

رابعًا. معلومات إضافية:


- سؤال القبر ثابت بالكتاب والسنة، وهو من أهوال الآخرة التي ينبغي للمسلم أن يستعد لها بالإيمان والعمل الصالح.
- ينبغي للمسلم أن يكثر من الدعاء بالثبات عند السؤال، كما ورد في الأدعية المأثورة: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر".
- هذا الحديث يظهر رحمة الله بالمؤمنين، حيث يُريهم نعيم الجنة ويبشرهم به حتى قبل البعث.
نسأل الله تعالى أن يثبتنا عند السؤال، وأن يجعل قبورنا روضة من رياض الجنة، وأن يحفظنا من النفاق وعذاب القبر. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه عبد الرزاق (٦٧٤٤، ٦٧٤٦) عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه الإمام أحمد (١٤٧٢٢)، والطبراني في «الأوسط» (٩٠٧٢) كلاهما من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير أنه سأل جابر بن عبد الله واللفظ للإمام أحمد، وابن لهيعة فيه كلام، ولكنه قد توبع في الإسناد الأول.
وأما ما رُوي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ﷺ ذكر فتَّان القبور، فقال عمر: أتُرد علينا عقولُنا يا رسول الله؟ فقال رسول الله ﷺ: «نعم كهيتكم اليوم» فقال عمر: «بفيه الحجر». فهو ضعيف.
رواه الإمام أحمد (٦٦٠٣) عن حسن (ابن موسى الأشيب) حدثنا ابن لهيعة، حدثني حُيي بن عبد الله، أن أبا عبد الرحمن حدَّثه، عن عبد الله بن عمرو فذكره.
وابن لهيعة فيه كلام معروف، ولكن رواه ابن حبان في صحيحه (٣١١٥) من طريق ابن وهب، قال: حدثني حُييُّ بن عبد الله بإسناده فذكره.
وحُيَيُّ بن عبد الله المعافري قال فيه أحمد: «أحاديثه مناكير»، وقال البخاري: «فيه نظر»، وقال النسائي: «ليس بالقوي»، وذكره العقيلي وابن الجوزي وغيرهما في «الضعفاء»، وتساهل فيه ابن حبان فأورده في «الثقات» وأخرج عنه في صحيحه، ولعله اعتمد فيه على قول ابن معين: «ليس به بأس»، ولم ينظر إلى كلام الأئمة السابقين.
وكذلك قال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٤٧): «رواه أحمد والطبراني في: الكبير«، ورجال أحمد رجال الصحيح» وهو ليس كما قال، لأن ابن لهيعة وحُيَيَّ بن عبد الله ليسا من رجال الصحيح.
والفتان هما الملكان السائلان.
وقصة فتاني القبر أخرجها الحافظ البيهقي فيه «إثبات عذاب القبر» (١١٦) بعدة أسانيد، وها أنا أسوقها مع التعليق عليها.
قال البيهقي رحمه الله تعالى: أخبرني محمد بن عبد الله الحافظ، ومحمد بن موسى بن الفضل قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا منصور بن أبي مزاحم، ثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله ﷺ لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «يا عمر! كيف بك إذا أنت أعد لك من الأرض ثلاث أذرع وشبر في عرض ذراع وشبر، ثم قام إليك أهلوك فغسلوك، وكفنوك، وحنطوك، ثم احتملوك حتى يغيبوك ثم يهيلوا عليك
التراب، ثم انصرفوا عنك فأتاك فتانا القبر»منكر«و»نكير«أصواتهما مثل الرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، قد سدلا شعورهما فتلتلاك وتوهلاك وقالا: من ربك؟ وما دينك؟».
قال: يا نبي الله! ويكون معي قلبي الذي معي اليوم؟ . قال: «نعم». قال: إذًا أكفيكهما بالله تعالي.
قال الأعظمي: وهذا مرسل.
وقال رحمه الله تعالى: وأخبرنا محمد بن عبد الله، ومحمد بن موسى قالا: حدثنا أبو العباس، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن الفضيل بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي غطفان، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: «كيف أنت يا عمر إذا انتهى بك إلى الأرض فحفر لك ثلاثة أذرع وشبر، ثم أتاك»منكر«و»نكير«أسودان، يجران أشعارهما، كأن أصواتهما الرعد القاصف، وكأن أعينهما البرق الخاطف، يحفران الأرض بأنيابهما، فأجلساك فزعًا فتلتلاك وتوهلاك؟». قال: يا رسول الله! وأنا يومئذ على ما أنا عليه؟ . قال: «نعم». قال: أكفيكهما بإذن الله يا رسول الله.
قال الأعظمي: وفيه محمد بن عمر وهو الواقدي متروك.
وقال رحمه الله تعالى: وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في (التاريخ) أخبرني سليمان بن محمد بن ناجية، ثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، ثنا علي بن عبد الله المدني، ثنا مفضل بن صالح، عن إسماعيل بن [أبي] خالد، عن أبي سهيل، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «يا عمر! كيف أنت إذا كنت في أربع من الأرض في ذراعين فرأيت»منكرًا، و«نكيرًا؟». قال: يا رسول الله! وما منكر ونكير؟ قال: «فتانا القبر، أبصارهما كالبرق الخاطف، وأصواتهما كالرعد القاصف، معهما»مرزبة«لو اجتمع عليها أهل مني ما استطاعوا رفعها، هي أهون عليهما من عصاي هذه، فامتحناك فإن تعاييت أو تلويت ضرباك بها ضربة تصير بها رمادًا». قال: يا رسول الله: وإني على حالتي هذه؟ قال: «نعم». قال: أرجو أكفيكهما.
قال الأعظمي: قال في «الاعتقاد» (ص ٢٢٣): غريب بهذا الإسناد، تفرد به مفضل هذا، وقد رويناه من وجه آخر عن ابن عباس، ومن وجه آخر صحيح، عن عطاء بن يسار، عن النبي ﷺ مرسلًا في قصة عمر، وقال: «ثلاثة أذرع في عرض ذراع وشبر» ولم يذكر المرزبة، انتهى.
قال الأعظمي: مفضل بن صالح أبو جميلة الكوفي النخَّاس - بالنون والخاء - قال فيه البخاري وغيره: منكر الحديث«وأورد حديثه هذا الذهبي في: الميزان (٤/ ١٦٨) من وجه آخر عن مفضل بن صالح، حدثنا إسماعيل من أبي خالد، عن أبي شمر، عن عمر فذكره.
وقال: أبو شهم، ويقال: أبو شمر فيه جهالة. وقال في ترجمة»أبو شهر«عن عمر، وعنه ابن أبي خالد بخبر منكر: في منكر ونكير، مر في مفضل بن صالح، لا يُعرف، وقيل: مصحف أبو شهم، وقيل: أبو شمر، وقيل: أبو سُهيل» انتهى (٤/ ٥٣٧).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 505 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ابتلاء الأمة في القبور وسؤال الملكين

  • 📜 حديث: ابتلاء الأمة في القبور وسؤال الملكين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ابتلاء الأمة في القبور وسؤال الملكين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ابتلاء الأمة في القبور وسؤال الملكين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ابتلاء الأمة في القبور وسؤال الملكين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب