حديث: يعذبان وما يعذبان في كبير

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء أن أكثر عذاب القبر من البول والنميمة

عن ابن عباس قال: مرَّ رسول الله ﷺ على قبرين، فقال: «أما إنهما لَيُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبير، أمَّا أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأمّا الآخر فكان لا يستتر من بوله». قال: فدعا بعسيب رطْبٍ فشقَّه باثنين، ثمّ غرس على هذا واحدًا، وعلى هذا واحدًا، ثمّ قال: «لعلّه يُخفَّف عنهما ما لم ييبسا».
وفي رواية: «وكان الآخر لا يستنُزه عن البول، أو من البول».

متفق عليه: رواه البخاري في الوضوء (٢١٨)، وفي الجنائز (١٣٦١)، ومسلم في الطهارة (٢٩٢) كلاهما من طريق الأعمش، قال: سمعت مجاهدًا يحدّث عن طاوس، عن ابن عباس .

عن ابن عباس قال: مرَّ رسول الله ﷺ على قبرين، فقال: «أما إنهما لَيُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبير، أمَّا أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأمّا الآخر فكان لا يستتر من بوله». قال: فدعا بعسيب رطْبٍ فشقَّه باثنين، ثمّ غرس على هذا واحدًا، وعلى هذا واحدًا، ثمّ قال: «لعلّه يُخفَّف عنهما ما لم ييبسا».
وفي رواية: «وكان الآخر لا يستنُزه عن البول، أو من البول».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرشدنا إلى خطورة بعض الذنوب التي قد يستهين بها الناس، وإلى رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته على أمته حتى بعد موتهم.

الحديث بلفظيه:


الحديث رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على قبرين فقال: «أما إنهما لَيُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبير، أمَّا أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأمّا الآخر فكان لا يستتر من بوله». وفي رواية: «وكان الآخر لا يستنُزه عن البول، أو من البول». ثم دعا صلى الله عليه وسلم بعسيب رطب (غصن نخيل أخضر) فشقه نصفين، وغرس على كل قبر واحدًا، وقال: «لعلّه يُخفَّف عنهما ما لم ييبسا».


شرح المفردات:


● يُعذَّبان: أي يُعاقبان في قبريهما بعذاب القبر.
● وما يُعذَّبان في كبير: أي ليس العذاب بسبب ذنب كبير في ظنهما، بل بسبب ذنوب استهينا بها.
● يمشي بالنميمة: أي ينقل الكلام بين الناس للإفساد بينهم.
● لا يستتر من بوله أو لا يستنزه من البول: أي لا يتحرى الطهارة الكاملة من البول، ولا يتجنب نواقض الوضوء، فكان لا يتحرز من رذاذ البول أو لا ينظف نفسه جيدًا منه.
● عسيب رطب: غصن من النخلة أخضر غير يابس.
● يُخفَّف عنهما: أي يقل العذاب عنهما أو يرفع.


شرح الحديث:


1- عذاب القبر حقيقة: الحديث يثبت عذاب القبر، وهو من أمور الغيب التي يجب الإيمان بها كما جاءت في النصوص الصحيحة.
2- ذنبان مُستهان بهما: النبي صلى الله عليه وسلم بيّن أن هذين الرجلين يعذبان في قبريهما، وليس ذلك بسبب كبائر كالشرك أو القتل، بل بسبب ذنوب يظنها الكثير من الناس صغيرة:
● النميمة: وهي نقل الكلام بين الناس بهدف الإفساد وإيقاع العداوة. وهي من كبائر الذنوب عند كثير من العلماء؛ لأنها تفتت المجتمع وتُهدم العلاقات.
● عدم الاستنزاه من البول: أي عدم التنظف جيدًا من البول، مما يؤدي إلى تلويث الثياب أو البدن، وهذا منافٍ للطهارة التي هي شرط لصحة الصلاة وغيرها من العبادات. والاستنزاه هنا يعني التطهر التام والتحرز من النجاسات.
3- رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته: النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر على بيان سبب العذاب، بل تحركت فيه الرحمة والشفقة فدعا بعسيب رطب وغرسه على القبرين، ودعا أن يخفف العذاب عنهما ما دام الغصنان رطبين. وهذا يدل على:
- شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته حتى بعد موتهم.
- أن الدعاء للميت قد ينفعه ويخفف عنه عذاب القبر.
- أن البركة قد تكون في الأمور البسيطة كغصن الشجر إذا نوى بها الإنسان الخير.


الدروس المستفادة:


1- خطورة الاستهانة بالذنوب الصغيرة: فكثير من الناس يستهين بذنوب مثل النميمة أو عدم التحرز من النجاسات، وهذا الحديث يحذر من ذلك.
2- أهمية الطهارة: يجب على المسلم أن يهتم بالطهارة الكاملة، خاصة من البول، لأن إهمالها قد يؤدي إلى عذاب القبر.
3- تحريم النميمة: النميمة من الذنوب العظيمة التي تهلك صاحبها وتُفسد المجتمع، فيجب اجتنابها.
4- الدعاء للموتى: الدعاء للميت قد يخفف عنه عذاب القبر، فينبغي للإنسان أن يدعو لأهله وأقاربه والمؤمنين.
5- رحمة النبي صلى الله عليه وسلم: الموقف يظهر رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته على أمته، وهو قدوة لنا في الرحمة والشفقة.


معلومات إضافية:


- عذاب القبر ثابت بالكتاب والسنة، ومنكره منكر لأمرٍ معروف في الدين.
- النميمة من صفات المنافقين، كما قال تعالى: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} (القلم: 11).
- الطهارة شرط لصحة الصلاة، قال تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (المدثر: 4).
نسأل الله أن يعيذنا من عذاب القبر، وأن يوفقنا لاجتناب الذنوب صغيرها وكبيرها، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الرحيم الغفور.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الوضوء (٢١٨)، وفي الجنائز (١٣٦١)، ومسلم في الطهارة (٢٩٢) كلاهما من طريق الأعمش، قال: سمعت مجاهدًا يحدّث عن طاوس، عن ابن عباس ... فذكر الحديث. واللّفظ لمسلم، وفي لفظ البخاريّ: ثم أخذ جريدة رطبة ... وفيه أيضًا: قالوا: يا رسول الله! لم صنعت هذا؟ فقال: «لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 482 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يعذبان وما يعذبان في كبير

  • 📜 حديث: يعذبان وما يعذبان في كبير

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يعذبان وما يعذبان في كبير

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يعذبان وما يعذبان في كبير

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يعذبان وما يعذبان في كبير

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب