حديث: إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الرجل يسمع النداء والإناء في يده

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا سمع أحدكم النداء، والإناء في يده فلا بضعه حتى يقضي حاجته منه».

حسن: رواه أبو داود (٢٣٥٠) وعنه الدارقطني (٢١٨٢)، والحاكم (١/ ٤٢٦) كلهم عن عبد الأعلى بن حماد، ثنا حماد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا سمع أحدكم النداء، والإناء في يده فلا بضعه حتى يقضي حاجته منه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه أبو داود في سننه، وغيره، وصححه عدد من أهل العلم.
وفيما يلي شرح وافٍ لهذا الحديث النافع:


1. شرح المفردات:


* النداء: المقصود به هنا أذان الصلاة، وهو الإعلام بدخول وقتها.
* الإناء: الوعاء الذي يحتوي على شراب أو طعام، كالكوب أو الكأس أو الإبريق.
* في يده: أي أن الشخص ممسك به فعلاً ويتناوله.
* فلا يضعه: لا يلقيه أو يتركه من يده على عجل.
* حتى يقضي حاجته منه: حتى يشرب منه ما يكفيه ويرويه، فيفرغ منه أو يشبع منه.


2. شرح الحديث:


يوجهنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى أدب مهم عند سماع الأذان، خاصة إذا كان المرء مشغولاً بتناول طعام أو شراب.
المعنى الإجمالي: إذا كان أحدكم يشرب من إناء (ماء أو لبن أو غيره) وسمع نداء الصلاة (الأذان)، فلا ينبغي له أن يسرع في وضع الإناء وقطع شربه خوفاً من فوات وقت الصلاة أو على عجل للصلاة، بل يتمهل ويشرب حاجته من هذا الشراب حتى يرتوي، ثم بعد ذلك يذهب للصلاة بخشوع وطمأنينة.


3. الدروس المستفادة منه:


1- التأدب مع نعمة الله: الشرب والأكل نعمة من الله، فيستحب إكمالها على مهل وعدم إفسادها بالعجلة والانقطاع المفاجئ، حتى مع وجود سبب مهم كالصلاة.
2- التيسير ورفع الحرج: الإسلام دين يسر لا عسر، وهذا الحديث صورة من صور التيسير على الأمة. فلو أمرنا بالانقطاع فوراً لكان فيه مشقة وحرج، خاصة للعطشان أو الجائع.
3- الطمأنينة في العبادة: المقصود من العبادة الخشوع والطمأنينة، والإنسان العطشان الذي قطع شربه فجأة قد يذهب إلى صلاته وهو لا يزال مشتاقاً للشرب، مما قد يضعف خشوعه. فإكمال حاجته أولاً يجعله يقبل على صلاته بقلب حاضر.
4- تنظيم الأولويات: لا تعارض بين إكمال حاجة الجسد المشروعة (الشرب) والإعداد للعبادة. بل إن إكمال الحاجة الدنيوية التي لا تستغرق وقتاً طويلاً هو استعداد للعبادة بشكل أفضل.
5- رد الوسواس: هذا الحديث يرد على من قد يوسوس له شيطانه بأن شربه أثناء الأذان قد يكون مكروهاً أو منهياً عنه، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمر على العكس، وهو مشروع بل ومأمور به.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هل هذا خاص بالأذان أم يشمل الإقامة أيضاً؟
الجمهور على أن الحكم خاص بالأذان (النداء الأول) الذي يُعْلَم به دخول الوقت، وأما الإقامة (النداء الثاني الذي يقام непосредственно للصلاة) فالأولى عند سماعها الإسراع إلى الصلاة وترك ما في اليد، لأن الوقت قد ضاق وحضرت الصلاة.
* هل يشمل الطعام؟
ذكر العلماء أن الحكم يعم الشراب والطعام، فإذا كان يأكل وسمع الأذان، فليأكل حتى يشبع ولا يعجل.
* الفقه في الحديث: يستفاد منه استحباب إكمال الأكل والشرب لمن كان فيهما إذا سمع الأذان، ولا حرج في ذلك، بل هو السنة.
* الحكمة من عدم وضعه: كما ذكر العلماء حكماً أخرى، منها أن العجلة قد تؤدي إلى سقوط الإناء وكسره، أو انسكاب ما فيه، مما هو إضاعة للنعمة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٣٥٠) وعنه الدارقطني (٢١٨٢)، والحاكم (١/ ٤٢٦) كلهم عن عبد الأعلى بن حماد، ثنا حماد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.
وصحّحه الحاكم على شرط مسلم.
وقال الدارقطني: قال أبو داود: أسنده روح بن عبادة كما قال عبد الأعلى.
قال الأعظمي: لا يوجد قول أبي داود في نسختنا المطبوعة على رواية اللؤلؤي، وكذلك لم يذكر ابن حجر قول الدارقطني هذا في «إتحاف المهرة» (١٦/ ١٢٠) وإنما نقل عنه قوله: «كلهم ثقات». وهو أيضًا غير موجود في نسختنا المطبوعة للدارقطني.
ونقل ابن القطّان في الوهم والإيهام (٢/ ٢٨٢) عن أبي داود قال: حدّثنا عبد الأعلى بن حماد،
أظنه عن حماد، بإسناده.
قال ابن القطان: هكذا في رواية ابن الأعرابي عن أبي داود: «أظنه» انتهى.
ولا يوجد هذا القول في نسختنا المطبوعة على رواية اللؤلؤي.
كما أن الدارقطني الذي روى عن محمد بن يحيى بن مرداس، عن أبي داود، عن عبد الأعلى بن حماد، بإسناده لم يذكر فيه قوله: «أظنه».
وكذلك لم يذكره روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ مثله، وزاد فيه: «وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر». رواه عنه الإمام أحمد (١٠٣٠). وهذا إسناد جيد.
وكذلك رواه الثقات الآخرون عن حماد بن سلمة، منهم: غسان بن الربيع أبو محمد الأزدي، روى عنه الإمام أحمد (٩٤٧٤)، والحاكم (١/ ٢٠٣) وغسان بن الربيع من ثقات شيوخ أحمد.
ومنهم عبد الواحد بن غياث ومن طريقه رواه أيضًا الحاكم.
كلّ هؤلاء أعني عبد الأعلى بن حماد، وروح بن عبادة، وغسان بن الربيع، وعبد الواحد بن غياث لم يقل أحدٌ منهم: «أظنه» هكذا بالشك إلا عبد الأعلى في رواية ابن الأعرابي.
واليقين يقضي على الشك كما يقال، فهذه الأسانيد كلّها متصلة صحيحة.
ولكن سأل ابن أبي حاتم أباه كما في «العلل» (١/ ١٢٣ - ١٢٤) عن حديث روح بن عبادة، عن حماد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، فذكر الحديث.
وقال: وروي روح أيضًا عن حماد، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، وزاد فيه: «كان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر».
فقال أبو حاتم: «هذان الحديثان ليسا بصحيحين. أما حديث عمار فعن أبي هريرة موقوف، وعمار ثقة. والحديث الآخر ليس بصحيح» انتهي.
كذا قال أبو حاتم وهو إمام في الجرح والتعديل، ولكنه لم يبين سبب عدم صحة حديث أبي هريرة، ولا سبب وقفه.
وحماد بن سلمة بن دينار البصري أحد الأئمة الثقات إلا أنه لما كبر ساء حفظه، ولذا تركهـ البخاري، وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره.
فلعلّ أبا حاتم لم يعتمد على رواية حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو فضعّفه.
وحماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة فوقفه.
ولم أجد من سبقه فضعف حماد بن سلمة في محمد بن عمرو، وإنما تكلّم الناس في حماد بن سلمة عن قيس بن سعد لأنه ضاع كتاب حماد بن سلمة عنه فكان يحدث من حفظه ويخطئ.
وأورد ابن عدي في الكامل (٢/ ٦٧٠ - ٦٧١) عدة أحاديث مما ينفرد به حماد متنًا أو إسنادًا،
وليس منها الحديث المذكور.
وقال: «وله أحاديث كثيرة، وأصناف كثيرة، ومشايخ كثيرة، وهو من أئمة المسلمين كما قال علي بن المديني».
وعمار بن أبي عمار متابع قوي لمحمد بن عمرو.
ولحماد شيخ آخر وهو يونس، عن الحسن، عن النبي ﷺ، فذكر مثله.
رواه الإمام أحمد (٩٤٧٤) مع رواية شيخه غسان كما سبق.
وهذا مرسل قوي يقوي الموصول.
والخلاصة أن الحديث صحيح أو حسن في أقل تقدير لكثرة طرقه واختلاف مخارجه، فلا وجه لتضعيفه، وبالله التوفيق.
وفي الحديث دليل على أن من سمع الأذان والإناء في يده فلا يضعه حتى يقضي منه حاجته، وفيه رد على من زعم أن هذا الأذان المقصود منه أذان بلال الأول الذي كان يؤذن قبل طلوع الفجر.
قال الحافظ ابن القيم في «تهذيب السنن» (٣/ ٢٣٣): «وقد اختلف في هذه المسألة، فروي إسحاق بن راهويه، عن وكيع أنه سمع الأعمش يقول: لولا الشهرة لصليت الغداة ثم تسحرت. ثم ذكر إسحاق عن أبي بكر وعلي وحذيفة نحو هذا. ثم قال: وهؤلاء لم يروا فرقًا بين الأكل وبين الصلاة المكتوبة. هذا آخر كلام إسحاق» انتهى.
قال الأعظمي: والجمهور على أن طلوع الفجر يحرم الطعام والشراب؛ لقوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [سورة البقرة: ١٨٧]، ولكن يستثني منه هذا الجزء من الأكل والشرب الذي جاء في حديث الباب حتى لا يتضارب الكتاب والسنة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 85 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه

  • 📜 حديث: إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب