ابن أخي من الرضاعة لا تحل لي

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف:

---

الحديث:

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما لك تَنَوَّقُ في قريش وتدعُنا؟ فقال: «وعندكم شيء؟» قلت: نعم، بنتُ حمزة. فقال رسول الله ﷺ: «إنها لا تَحِلُّ لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة».

---

1. شرح المفردات:

● تَنَوَّقُ: تتحرى وتختار الأفضل والأجود، من النَّوْقَةِ وهي الجودة والإتقان.
● تدعُنا: تتركنا وتتجاوز عنا في الاختيار.
● بنتُ حمزة: هي أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، عم النبي ﷺ.
● لا تَحِلُّ لي: لا تجوز لي شرعًا، أي يحرم عليّ نكاحها.
● أخي من الرضاعة: أي بينه وبينها قرابة من الرضاع، حيث أرضعتهما نفس المرأة.

---

2. شرح الحديث:

يشير هذا الحديث إلى موقف حدث بين النبي ﷺ وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث لاحظ علي أن النبي ﷺ يختار الزوجات من قريش ويتجاوز عن نساء بني هاشم (عائلة النبي وعلي). فسأله علي مستفسرًا عن سبب هذا الاختيار، فأجابه النبي ﷺ بسؤال استكشافي: «وعندكم شيء؟» أي هل عندكم من بنات الهاشميات من ترغب في الزواج بي؟ فأجابه علي بأن عندهم بنت حمزة (عم النبي ﷺ). فبيّن النبي ﷺ أن سبب عدم زواجه بها هو تحريمها عليه؛ لأنها ابنة أخيه من الرضاعة.
والرضاعة هنا تعني أن النبي ﷺ وحمزة قد رضعا من امرأة واحدة، وهي حليمة السعدية (أم النبي من الرضاعة) أو غيرها، فصارت بينهما أخوة رضاعية، وبالتالي فإن ابنة حمزة تعتبر ابنة أخيه من الرضاع، فيحرم عليه نكاحها كما يحرم نكاح بنت الأخ الشقيق، وذلك لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23].

---

3. الدروس المستفادة:

● بيان حكم الرضاع: الحديث يوضح أن الرضاع يحرم ما يحرم النسب، فكما يحرم نكاح بنت الأخ الشقيق، يحرم نكاح بنت الأخ من الرضاعة.
● حرص الصحابة على الخير: حرص علي رضي الله عنه على أن يكون النبي ﷺ متزوجًا من بني هاشم يدل على محبته للقرابة وحرصه على توثيق الروابط.
● تواضع النبي ﷺ وعدله: رغم أن النبي ﷺ мог أن يختار من يشاء، إلا أنه كان يتحرى الحلال ويبتعد عن الشبهات، ويوضح الأحكام لأمته.
● أهمية السؤال والاستفسار: سؤال علي رضي الله عنه يدل على جواز سؤال العالم عن الأمور التي تحتاج إلى توضيح، وهذا من التعلم والتعليم.

---

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على صحته وقوته.
- الرضاع المحرم هو ما كان خمس رضعات مشبعات في الحولين، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها.
- حمزة بن عبد المطلب هو عم النبي ﷺ وأخوه من الرضاعة، حيث رضعا معًا من ثويبة مولاة أبي لهب قبل أن يرضع من حليمة السعدية.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يردنا إلى سنن نبيه ردًا جميلًا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.