حديث: أبى سائر أزواج النبي ﷺ أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في رَضاعة الكبير

عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزُّبير، أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وكان من أصحاب رسول الله ﷺ وكان قد شهد بدرًا. وكان تبنّي سالمًا الذي يقال له: سالم مولى أبي حذيفة، كما تبنّى رسولُ الله ﷺ زيدَ بن حارثة، وأنكح أبو حذيفة سالمًا، وهو يرى أنه ابنه، أنكحه بنتَ أخيه فاطمةَ بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهي يومئذ من المهاجرات الأُوَل. وهي من أفضل أيامي قريش. فلمّا أنزل الله في كتابه: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥] رُدَّ كلُّ واحدٍ من أولئك إلى أبيه، فإن لم يُعلم أبوه رُدَّ إلى مولاه. فجاءت سهلة بنت سُهيل وهي امرأة أبي حذيفة، وهي من بني عامر بن لؤي - إلى رسول الله
ﷺ فقالت: يا رسول الله! كنا نرى سالمًا ولدًا وكان يدخل عليَّ، وأنا فُضُلٌ وليس لنا إِلَّا بيت واحد. فماذا ترى في شأنه؟ فقال لها رسول الله ﷺ: «أرضِعيه خمسَ رضعات فيَحرُمُ بلبنها» وكانت تراه ابنا من الرضاعة. فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين. فيمن كانت تُحب أن يدخل عليها من الرجال. فكانت تأمر أختَها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق. وبنات أخيها أن يُرضعنَ من أحبتْ أن يدخل عليها من الرجال. وأبى سائرُ أزواج النَّبِيّ ﷺ أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس. وقلن: لا، ما نرى الذي أمر به رسول الله ﷺ إِلَّا رخصة من رسول الله ﷺ في رضاعة سالم وحده. لا، والله، لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد.
فعلى هذا كان أزواج النَّبِيّ ﷺ في رضاعة الكبير بأنه خاص بسالم.

صحيح: رواه مالك في الرضاع (١٢) عن ابن شهاب، أنه سئل عن رضاعة الكبير، فقال: أخبرني عروة بن الزُّبير، به.

عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزُّبير، أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وكان من أصحاب رسول الله ﷺ وكان قد شهد بدرًا. وكان تبنّي سالمًا الذي يقال له: سالم مولى أبي حذيفة، كما تبنّى رسولُ الله ﷺ زيدَ بن حارثة، وأنكح أبو حذيفة سالمًا، وهو يرى أنه ابنه، أنكحه بنتَ أخيه فاطمةَ بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهي يومئذ من المهاجرات الأُوَل. وهي من أفضل أيامي قريش. فلمّا أنزل الله في كتابه: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥] رُدَّ كلُّ واحدٍ من أولئك إلى أبيه، فإن لم يُعلم أبوه رُدَّ إلى مولاه. فجاءت سهلة بنت سُهيل وهي امرأة أبي حذيفة، وهي من بني عامر بن لؤي - إلى رسول الله
ﷺ فقالت: يا رسول الله! كنا نرى سالمًا ولدًا وكان يدخل عليَّ، وأنا فُضُلٌ وليس لنا إِلَّا بيت واحد. فماذا ترى في شأنه؟ فقال لها رسول الله ﷺ: «أرضِعيه خمسَ رضعات فيَحرُمُ بلبنها» وكانت تراه ابنا من الرضاعة. فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين. فيمن كانت تُحب أن يدخل عليها من الرجال. فكانت تأمر أختَها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق. وبنات أخيها أن يُرضعنَ من أحبتْ أن يدخل عليها من الرجال. وأبى سائرُ أزواج النَّبِيّ ﷺ أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس. وقلن: لا، ما نرى الذي أمر به رسول الله ﷺ إِلَّا رخصة من رسول الله ﷺ في رضاعة سالم وحده. لا، والله، لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد.
فعلى هذا كان أزواج النَّبِيّ ﷺ في رضاعة الكبير بأنه خاص بسالم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث الذي ذكرته، معتمدًا على كلام أهل العلم من أهل السنة والجماعة:

أولاً. شرح المفردات:


● تَبَنَّى: اتخذه ابنًا له مع العلم أنه ليس بولده الحقيقي.
● يُرضعنَ: إعطاء الطفل أو الكبير لبن الثدي ليشربه.
● فُضُلٌ: أي في حالة كشف وعدم احتجاب، لأنها كانت تراه ابنها.
● رُدَّ كل واحد إلى أبيه: أي ألغي حكم التبني، وأعيد الانتساب إلى الأب الحقيقي.
● رخصة: تخفيف وحل خاص في حالة معينة.

ثانيًا. شرح الحديث:


هذا الحديث يروي قصة سالم مولى أبي حذيفة -رضي الله عنهما-، وكان أبو حذيفة قد تبناه، أي اعتبره ابنه، وزوجه ابنة أخيه. فلما نزلت آية التحريم في سورة الأحزاب: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}، ألغي التبني، وأمر كل من تبنى شخصًا أن يعيد نسبته إلى أبيه الحقيقي، فإن لم يعلم فأخوه في الدين أو مولاه.
وهنا возникت مشكلة؛ لأن سالمًا كان يدخل على زوجة أبي حذيفة (سهلة بنت سهيل) وهي غير محتجبة منه، لأنه كان يعتبر ابنها. فلما ألغي التبني، صار أجنبيًا عنها، ولا يحل له أن يراها بدون حجاب.
فجاءت سهلة إلى النبي ﷺ تستفتيه في حل هذه المشكلة، فأمرها النبي ﷺ أن ترضعه خمس رضعات، فإذا فعلت ذلك صار ابنها من الرضاع، وحرم عليها، وحل له الدخول عليها.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- إبطال التبني: بيَّن الإسلام أن التبني بمعنى جعل الشخص ابنًا حقيقيًا في النسب والحقوق محرم، والنسب لا يغير بالادعاء.
2- حكمة التشريع: شرع الله الرضاعة للمحرمية، وجعلها وسيلة لتحريم النكاح وإباحة الخلوة والنظر.
3- الرضاعة المحرمة: الحديث يدل على أن الرضاعة المحرمة هي ما كانت خمس رضعات مشبعات في الحولين، وهذا مذهب جمهور العلماء.
4- الخاص والعام: فعل عائشة -رضي الله عنها- وأخواتها يدل على فهمهن أن حكم رضاعة الكبير خاص بسالم فقط، ولم يعممنه، وهذا من فقههن -رضوان الله عليهن-.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل في مسألة رضاعة الكبير، وذهب الجمهور إلى أن رضاعة الكبير لا تثبت بها المحرمية، وأن الأمر في الحديث خاص بسالم فقط.
- قول عائشة وأزواج النبي ﷺ: "لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد" يدل على أن الحكم خاص بهذه الواقعة، ولا يعمم.
- فيه دليل على حرص الصحابة على تطبيق شرع الله، ومسارعتهم إلى الاستفتاء في ما أشكل عليهم.
والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الرضاع (١٢) عن ابن شهاب، أنه سئل عن رضاعة الكبير، فقال: أخبرني عروة بن الزُّبير، به. هكذا رواه يحيى، عن مالك مرسلًا.
ورواه عبد الرزّاق (١٣٨٨٦) موصولًا عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن أبا حُذيفة بن عتبة بن ربيعة - وكان بدريا - فذكره.
وكذلك رواه عثمان بن عمر، عن مالك موصولًا بذكر عائشة. ذكره ابن عبد البر في «التمهيد» (٨/ ٢٥) وإسناده صحيح.
وقول سهلة بنت سهيل: «يدخل عليّ وأنا فُضُل».
قال ابن عبد البر: «معنى الحديث عندي أنه كان يدخل عليها، وهي متكشفة بعضها، مثل الشعر، واليد، والوجه».
وقال في صفة إرضاع الكبير هو أن يُحلَب له اللبن ويسقاه.
قال: وأمّا أن تلقمه المرأة ثديها كما نصنع بالطفل فلا، لأن ذلك لا يحل عند جماعة العلماء. انتهى.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: أبى سائر أزواج النبي ﷺ أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس

  • 📜 حديث: أبى سائر أزواج النبي ﷺ أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أبى سائر أزواج النبي ﷺ أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أبى سائر أزواج النبي ﷺ أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أبى سائر أزواج النبي ﷺ أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب