حديث: عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء أن الرضعات المحرِّمة هي الخمسُ للصغير دون الحولين
معلوماتٍ يحرِّمْنَ، ثم نُسِخْنَ بخمس معلومات، فتوفي رسول الله ﷺ وهو فيما يقرأ من القرآن.
صحيح: رواه مالك في الرضاع (١٧) عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي ﷺ أنها قالت: فذكرته.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من حديث رسوله الكريم.
الحديث رواه مسلم في صحيحه (1452) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
1. شرح المفردات:
● عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ: أي أن عدد الرضعات المحرِّمة للنساء كان في الأصل عشر رضعات.
● يُحَرِّمْنَ: أي يُحرمن النكاح، فمن أرضعتها امرأة عشر مرات أصبحت أمًّا له، وأولادها إخوته، وهكذا.
● نُسِخْنَ: أي أُلغِيَ هذا الحكم ورفع، واستُبدل بحكم جديد.
● بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ: أي أصبح الحكم النهائي هو أن الرضاعة المحرِّمة هي خمس رضعات.
● وَهُوَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ: أي أن هذا الحكم (الخمس رضعات) كان لا يزال موجودًا في المصاحف التي يقرأ منها الناس، أو أنه كان مما يتلى ويعمل به حتى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
2. شرح الحديث:
يخبرنا هذا الحديث عن مرحلة تشريعية في حكم الرضاعة المحرِّمة.
● المرحلة الأولى: نزل الوحي في البداية بأن الرضاعة المحرِّمة تكون بعشر رضعات. أي أن الطفل إذا رضع من امرأة عشر مرات، صارت أمًّا له من الرضاعة، وحَرُمت عليه هي وبناتها.
● المرحلة الثانية: نُسخ هذا الحكم (ألغي) واستُبدل بحكم جديد، وهو أن الرضاعة المحرِّمة تكون بخمس رضعات معلومات (مؤكدات، متفرقات، يشبع منهن الطفل).
● الوضع النهائي: بقي الحكم الجديد (خمس رضعات) ساري المفعول، وكان الناس يقرؤونه ويعملون به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حتى توفي وهو على هذا الحكم.
ملاحظة مهمة: هذه الآية التي فيها ذكر الخمس رضعات كانت من الآيات التي نُسخ حكمها وتلاوتها لاحقًا، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، في عملية جمع القرآن في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه. أي أن الحكم ثابت بالحديث، ولكن الآية نفسها لم تُدوَّن في المصحف لأن تلاوتها نسخت، وبقي حكمها.
3. الدروس المستفادة منه:
1- بيان نعمة النسخ في التشريع: من حكمة الله تعالى أن كان ينزل التشريع تدريجيًا، تيسيرًا على الأمة وتربية لها. فالنسخ (إبدال حكم بحكم آخر) كان رحمة من الله، يتدرج فيه بالعباد إلى ما هو الأصلح لهم.
2- ثبوت النسخ في القرآن الكريم: الحديث دليل واضح على وقوع النسخ في الشريعة، وهو من الأدلة على أن القرآن منزل من عند الله العليم الحكيم، الذي يشرع ما يشاء متى شاء.
3- العمل بالحكم النهائي: يجب على المسلمين الأخذ بالحكم الأخير الذي استقر عليه الأمر، وهو أن الرضاعة المحرِّمة تكون بخمس رضعات معلومات، وهذا هو مذهب جمهور العلماء (الشافعية والحنابلة)، وهو الراجح.
4- مكانة السنة في البيان: الحديث показывает كيف أن السنة النبوية هي المبيّنة للقرآن، والتي تحفظ لنا الأحكام التي قد لا تكون موجودة في المصحف، ولكنها كانت من القرآن الذي نزل.
5- حرص الصحابة على الدين: يدل على حرص أم المؤمنين عائشة والصحابة رضي الله عنهم على نقل أدق التفاصيل في مسيرة التشريع، حتى لا يضيع شيء من الدين.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث هو أصل دليل القائلين بأن الرضاعة المحرِّمة لا تحصل إلا بخمس رضعات متفرقات.
- ذهب بعض العلماء (كأبي حنيفة ومالك) إلى أن الرضعة الواحدة يمكن أن تحرم إذا وصل اللبن إلى الجوف، ولكن الراجح هو قول الجمهور (الشافعية والحنابلة) المستند إلى هذا الحديث، لقوته وصحته.
- يشترط في الرضعات الخمس أن تكون في زمن الرضاعة (قبل الفطام)، وأن تكون مشبعة للطفل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
ورواه مسلم في الرضاع (٢٤: ١٤٥٢) من طريق مالك، به، مثله.
قولها: «فتوفّيَ رسولُ الله ﷺ وهو فيما يقرأ من القرآن».
وقد اعتُرِض على حديث عائشة بأنها لم تنقل هذا الخبر نَقْلَ الحديث، وإنما نقلتْه نقلَ القرآنِ، والقرآنُ إنما يثبت بالتواتر، فأجيب عليه بأن المسألة ذو شقين:
أحدهما: كونه من القرآن.
والثاني: وجوب العمل به.
أما الأون: فكونه من القرآن فإنه لم يثبت ذلك، ولو ثبت لجازت قراءته في الصلاة.
وأما الثاني: وهو وجوب العمل به، فإن انتفاء الأحكام لعدم التواتر، لم يلزم انتفاءَ العمل به، فإنه يكفي فيه الظن. وقد احتج كلٌّ من الأئمة الأربعة به في مواضع. فاحتج الشافعي وأحمد في هذا الموضع، واحتج أبو حنيفة في وجوب التتابع في صيام الكفارة بقراءة ابن مسعود «فصيام ثلاثة أيام متتابعات» انظر للمزيد: زاد المعاد (٥/ ٥٧٣).
وقال النووي: معناه أن النسخَ خمسُ رضعاتٍ تأخر إنزالُه حتى توفي رسول الله ﷺ. وبعض الناس يقرأ «عشر رضعات». ويجعلها قرأنًا متلوًا لكونه لم يبلغه النسخُ لقرب عهده. فلما بلغه النسخُ بعد ذلك رجعوا عن ذلك. وأجمعوا على أن هذا لا يُتْلَى.
والنسخُ ثلاثة أنواع: أحدها: ما نُسِخَ حكمُه وتلاوتُه كعشر رضعات.
والثاني: ما نُسِختْ تلاوتُه دون حكمِه كخمس رضعات، وكالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما.
والثالث: ما نُسِخَ حكمُه، وبقيت تلاوتُه. وهذا هو الأكثر ومنه قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ﴾ [البقرة: ٢٤٠] الآية. انتهى.
وهذا مما نسخ رسمُه كما ذكره ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص ١١٨).
وأما ما روي عن عائشة قالت: لقد نزلت آيةُ الرجم، ورضاعةُ الكبير عشرًا. ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله ﷺ وتشاغَلنا بموته، دخل داجن فأكلها. فهو منكر.
والداجن هو الشاة التي تؤلف في البيوت ولا تخرج إلى المرعى.
رواه ابن ماجه (١٩٤٤) وأحمد (٣٦٣١٦) وابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص ١١٨) كلهم من حديث محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة. وعبد الرحمن بن
القاسم، عن أبيه، عن عائشة. وهذا كله عند ابن ماجة، وعند الإمام أحمد رواية عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عمرة وحدها ولفظه: «لقد أنزلت آيةُ الرجم ورضعاتُ الكبير عشرٌ، فكانت في ورقةٍ تحت سرير بيتيّ، فلمّا اشتكى رسولُ الله ﷺ تشاغلنا بأمره، ودخلت دويبةٌ فأكلتْها».
وعند ابن الجوزي من هذا الطريق وحده وجاء فيه: «ربيبة لنا فأكلتها، تعني الشاة».
ومداره على محمد بن إسحاق هو: ابن يسار أبو بكر المخزومي مولاهم المدنيّ، المؤرخ المعروف، وإمام في المغازي وهو حسن الحديث إذا صرَّح، ولكن إذا تفرّد في الأحكام فأهل العلم لا يقبلون تفرده، فكيف يُقبل قولُه في ذهاب آيةٍ من كتاب الله، ففي القصة نكارة واضحة، لأن هذه الصحيفةَ التي أكلها الداجن إن كانت تشمل أيةً من القرآن، ولم ينسخها الله تعالى فكانت محفوظة في قلب النَّبِيّ ﷺ وفي قلوب أصحابه لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)﴾ [الحجر: ٩].
وحيث أنها لا توجد في القرآن، فدل على بطلان هذه القصة، وإن كان ظاهر إسناده حسن؛ لأن محمد بن إسحاق مدلِّس، ولكنه صرَّح بالتحديث غير أنه لا يقبل تفرده كما قال الذّهبيّ في «الميزان»، ولذا أنكر ابن حزم القصة بشدة، وجعلها مكذوبة.
انظر: الإحكام في أصول الأحكام (٤/ ٤٥٣ - ٤٥٤).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ
- 2 يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة
- 3 إنها ابنة أخي من الرضاعة
- 4 يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب
- 5 ابن أخي من الرضاعة لا تحل لي
- 6 ابن حمزة أخي من الرضاعة
- 7 يَحرُم من الرضاعة ما يَحرُم من الولادة
- 8 أفلح أخو أبي القعيس يستأذن على عائشة بعد نزول الحجاب
- 9 الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة
- 10 عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات
- 11 المصّة والمصّتان لا تحرمان
- 12 انظرن إخوتكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة
- 13 لا تحرم الخطفة والخطفتان
- 14 المصَّة والمصَّتان لا تحرِّم من الرضاعة
- 15 لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء
- 16 لا تحرم الإملاجة والإملاجتان
- 17 ما يُحرِّم من الرضاعة ما فتق الأمعاء في الثدي قبل...
- 18 كان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاء الناس إليه
- 19 أبى سائر أزواج النبي ﷺ أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة...
- 20 أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة
- 21 أرضعي سالمًا تحرمي عليه
- 22 أرضعيه حتى يدخل عليك
- 23 رخصة أرخصها رسول الله ﷺ لسالم خاصة
- 24 لا تكذب على من أرضعتكما
- 25 الغرة العبد أو الأمة في مذمة الرضاعة
- 26 النَّبِيّ ﷺ بسط رداءه لأمه التي أرضعته
معلومات عن حديث: عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات
📜 حديث: عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








