حديث: رخصة أرخصها رسول الله ﷺ لسالم خاصة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في رَضاعة الكبير

عن أم سلمة زوج النَّبِيّ ﷺ أنها كانت تقول: أبي سائرُ أزواج النَّبِيّ ﷺ أن يُدخِلْنَ عليهن أحدًا بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذه إِلَّا رخصة أرْخَصها رسول الله ﷺ لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحدٌ بهذه الرضاعة، ولا رائينا.

صحيح: رواه مسلم في الرضاع (١٤٠٤) عن عبد الملك بن شعيب بن اللّيث، حَدَّثَنِي أبيّ، عن جدّي، حَدَّثَنِي عقيل بن خالد، عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة، أن
أمه زينب بنت أبي سلمة أخبرته، أن أمّها أم سلمة زوج النَّبِيّ ﷺ كانت تقول: فذكرته.

عن أم سلمة زوج النَّبِيّ ﷺ أنها كانت تقول: أبي سائرُ أزواج النَّبِيّ ﷺ أن يُدخِلْنَ عليهن أحدًا بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذه إِلَّا رخصة أرْخَصها رسول الله ﷺ لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحدٌ بهذه الرضاعة، ولا رائينا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها يحتاج إلى شرح وافٍ، وسأبينه على النحو التالي:

1. شرح المفردات:


● أبي سائر أزواج النبي ﷺ: أي امتنعن وزوجات النبي الأخريات.
● أن يُدخلْنَ عليهن أحدًا بتلك الرضاعة: أي يحللن دخول الرجال الأجانب عليهن بسبب رضاعة مثل رضاعة سالم.
● رخصة أرخصها رسول الله ﷺ: استثناء خاص أباحه النبي ﷺ لحالة معينة.
● ولا رائينا: أي لا نرى دخوله علينا بهذه الصفة.

2. شرح الحديث:


كان سالم مولى أبي حذيفة تربى في بيته، وكانت امرأة أبي حذيفة (وهي أخت سلمان الفارسي) قد أرضعته وهي كبيرة، فكان أبو حذيفة يتبناه ويقول: "هذا ابني". فلما نزل القرآن بتحريم التبني، قال سالم: "أنا مولى أبي حذيفة". وكان يدخل على نساء أبي حذيفة بسبب هذه الرضاعة.
ولما تزوج النبي ﷺ أم سلمة، استأذن سالم لدخول عليها، فأذنت له، فأنكرت عائشة وغيرها من أمهات المؤمنين هذا الدخول، وقلن: إنما كانت هذه رخصة خاصة من النبي ﷺ لسالم فقط، ولسنا نرى أن هذه الرضاعة تحلل الدخول علينا.

3. الدروس المستفادة منه:


● اختلاف الفتوى باختلاف الأفهام: حيث فهمت أم سلمة من الحديث أن رضاعة الكبير تحرم، بينما رأى الآخرون أن هذه خاصة بسالم.
● الاحتياط في مسائل الحلال والحرام: خاصة فيما يتعلق بالاختلاط والمحرمات.
● أن الرخصة قد تكون خاصة: فلا تُعمم على جميع الحالات.
● حرص أمهات المؤمنين على التمسك بالعفة والاحتشام.

4. معلومات إضافية:


- المسألة فيها خلاف بين العلماء: فمنهم من يرى أن رضاعة الكبير لا تحرم، ومنهم من يرى أنها تحرم، وهذا الحديث من أدلة القائلين بعدم التحريم.
- القول الراجح أن رضاعة الكبير لا تثبت بها حرمة الرضاع، لقوله ﷺ: "لا رضاعة إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم" رواه مسلم.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الرضاع (١٤٠٤) عن عبد الملك بن شعيب بن اللّيث، حَدَّثَنِي أبيّ، عن جدّي، حَدَّثَنِي عقيل بن خالد، عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة، أن
أمه زينب بنت أبي سلمة أخبرته، أن أمّها أم سلمة زوج النَّبِيّ ﷺ كانت تقول: فذكرته.
وقول عائشة في الحديث السابق: «أما لكِ في رسول الله ﷺ أسوة» فيه إشارة إلى أنها ترى أن رضاعَة الكبير تُحرِّم، بخلاف سائر أمهات المؤمنين وجمهور الصّحابة والتابعين.
فكانت عائشة تأمر أختها أمَّ كلثوم بنت أبي بكر، وبنات أخيها أن يُرضعن من أحبتْ أن يدخل عليها من الرجال.
وقد أمرت أم كلثوم أن تُرضع سالم بن عبد الله بن عمر، ولم يقل بقولها إِلَّا عطاء والليث.
وأمّا الصّحابة فلم يوافق عليها أحدٌ.
وقد روى مالك في الرضاع (١٤) عن عبد الله بن دينار أنه قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمر، وأنا معه عند دار القضاء، يسأله عن رضاعة الكبير. فقال عبد الله: جاء رجل إلى عمر بن الخطّاب فقال: إني كانت لي وئيدة، وكنت أطؤها، فعمدتْ امرأتي إليها فأرضعتْها. فدخلتُ عليها. فقالت: دونك فقد والله أرضعتُها، فقال عمر: أوجِعها. وأتِ جاريتَك، فإنما الرضاعة رضاعةُ الصغير.
ورواه عبد الرزّاق (٧/ ٤٦٢) عن معمر، عن الزّهريّ، عن سالم، عن ابن عمر أن امرأة أرضعتْ جاريةٌ لزوجِها لتحرمها عليه، فأتى عمر فذكر ذلك له، فقال: عزمتُ عليك لما رجعتَ فأوجعتَ ظهر امرأتك، وواقعتَ جاريتك.
ورواه مالك أيضًا عن يحيى بن سعيد أن رجلًا سأل أبا موسى الأشعري فقال: إني مصصتُ من امرأتي من ثديها لبنًا، فذهب في بطني، فقال أبو موسى: لا أراها إِلَّا قد حرُمَتْ عليك. فقال عبد الله بن مسعود: انظر ماذا تُفتي به الرّجل. فقال أبو موسى: ماذا تقول أنت؟ فقال عبد الله بن مسعود: لا رضاعة إِلَّا ما كان من الحولين.
فقال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء ما كان هذا الحَبْرُ بين أظهركم.
وكذلك رواه أبو داود (٢٠٥٩) عن عبد السّلام بن مطهّر، أن سليمان بن المغيرة حدثهم، عن أبي موسى، عن أبيه، عن ابن لعبد الله بن مسعود عن ابن مسعود قال: «لا رضاع إِلَّا ما شدَّ العظم، وأنبتَ اللحم» موقوفًا، ولكن فيه أبو موسى وهو الهلاليّ، وأبوه لا يُعرفان.
وروى عبد الرزّاق (٧/ ٤٦٣) عن الثوريّ، عن أبي حصين، عن أبي عطية الوادعي قال: جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: إنها كانت معي امرأتي، فحبس لبنها في ثديها فجعلت أمصه ثمّ أمجه، فأتيتُ أبا موسى فسألته فقال: حرمت عليك. قال: فقام، وقمنا معه حتَّى انتهى إلى أبي موسى، فقال: ما أفتيت هذا؟ فأخبره بالذي أفتاه. فقال ابن مسعود: وأخذ بيد الرّجل. أرضيعًا ترى هذا؟ إنّما الرضاع ما أنبت اللحم والدم. فقال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء ما كان هذا الحبرُ بين أظهركم.
وقد رُوي مرفوعًا، ولا يصح وهو ما رواه أبو داود (٢٠٦٠) وأحمد (٤١١٤) والبيهقي (٧/ ٤٦١) كلّهم من حديث وكيع، حَدَّثَنَا سليمان بن المغيرة، عن أبي موسى الهلاليّ، عن أبيه أن
رجلًا كان في سفر، فولدتْ امرأته، فاحتبس لبنُها، فجعل يمصُّه ويمجُّه، فدخل حلْقَه، فأتى أبا موسى فقال: حرُمتْ عليك. قال: فأتى ابن مسعود فسأله فقال: قال رسول الله ﷺ: «لا يحرم من الرضاع إِلَّا ما أنبت اللحم، وأنشر العظْم» وفيه مع الجهالة انقطاع فإن أبا موسى الهلالي لم يدرك عبد الله بن مسعود، كما وقع فيه اضطراب فإن البعض زاد فيه عن ابن لعبد الله بن مسعود.
وقوله: «ما أنشر العظم» أي زاد في حجمه، فنشزه، وفي رواية: «أنشر» بالراء ومعناه شد العظم وقواه. والإنشاء بمعنى الأحياء في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ﴾ [عبس: ٢٢].
ومعناه أن الرضاعة التي تقع بها الحرمةُ هي ما كان في الصغر، والرضيعُ طفل يقوتُه اللبنُ ويسد جوعه، وأمّا ما كان منه بعد ذلك في الحال التي لا يسد جوعه اللبنُ، ولا يُشبعه إِلَّا الخبزُ واللحم، وما في معناهما من الثقل فلا حرمة له. أفاده الخطّابي.
قال ابن المنذر في الأوسط (٨/ ٥٥٨): «وأكثر أهل العلم غير قائلين بقصة سالم هذا، يحتجون في هذا بظاهر كتاب الله، وبالأخبار الثابتة عن نبي الله ﷺ، وبأخبار أصحاب رسول الله ﷺ، وهو قول عوام أهل العلم من أهل الحجاز، والعراق، والشام، ومصر، وغيرهم».
وقال: وأمّا ما احتجوا به من كتاب الله عز وجل فقوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [سورة البقرة: ٢٣٣] فجعل الله تعالى تمام الرضاع حولين، ودلّ ذلك على أن لا حكم لما أرضعتْه المولود بعد الحولين. وثبتَت الأخبار عن رسول الله ﷺ بأن الرضاعة من المجاعة ثمّ ذكر هذه الأخبار.
قال الأعظمي: وعائشة أم المؤمنين كانت تروي كما ثبت في الصحيحين: «إنما الرضاعة من المجاعة»، ثمّ خالفت فأجازت رضاعة الكبير، فليس لنا إِلَّا أن نأخذ بما روت، ونجعل رأيها يخص بها لسبب من الأسباب. وقد نقل بعض أهل العلم أنها رجعت عن رأيها قبل موتها - والله أعلم - ولكن قال الزهري: وكانت عائشة تفتي بأنه يُحَرّمُ الرضاعُ بعد الفصال حتَّى ماتت كما سبق، فلعل رجوعها خفى على الزهري. فلا ينبغي إحداث قول جديد بتحريم رضاع الكبير بحجة المصلحة والحاجة، وهل يتصور رضاع الكبير بدون المصلحة والحاجة، فما الفائدة من قول النَّبِيّ ﷺ: «إنما الرضاعة من المجاعة».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: رخصة أرخصها رسول الله ﷺ لسالم خاصة

  • 📜 حديث: رخصة أرخصها رسول الله ﷺ لسالم خاصة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رخصة أرخصها رسول الله ﷺ لسالم خاصة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رخصة أرخصها رسول الله ﷺ لسالم خاصة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رخصة أرخصها رسول الله ﷺ لسالم خاصة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب