ابن صائد، إنا قد خبأنا لك خبيئا فما هو؟ قال: الدُّخ

حديث: ابن صائد، إنا قد خبأنا لك خبيئا فما هو؟ قال: الدُّخ

عن جابر بن عبد اللَّه أنه قال: «إنّ امرأةً من اليهود بالمدينة ولدتْ غلامًا ممسوحةً عينُه طالعةً ناتئةً، فأشفق رسول اللَّه ﷺ أن يكون الدّجال. . . فقال له رسول اللَّه ﷺ: «يا ابن صائد، إنّا قد خبأنا لك خبيئا فما هو؟». قال: الدُّخ الدُّخ. فقال له رسول اللَّه ﷺ: «اخسأ اخسأ». فقال عمر بن الخطاب: ائذنْ لي فأقتله يا رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه ﷺ: «إنْ يكن هو فلستَ صاحبَه، إنّما صاحبهُ عيسى ابن مريم ﷺ، وإن لا يكن هو فليس لك أن تقتل رجلًا من أهل العهد». قال فلم يزل رسولُ اللَّه ﷺ مشفقًا أنه الدّجال».

صحيح: رواه الإمام أحمد (١٤٩٥٥) عن محمد بن سابق: حدثنا إبراهيم طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره في حديث طويل.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى مصادر أهل السنة والجماعة:

الحديث:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: «إنّ امرأةً من اليهود بالمدينة ولدتْ غلامًا ممسوحةً عينُه طالعةً ناتئةً، فأشفق رسول اللَّه ﷺ أن يكون الدّجال. . . فقال له رسول اللَّه ﷺ: «يا ابن صائد، إنّا قد خبأنا لك خبيئا فما هو؟». قال: الدُّخ الدُّخ. فقال له رسول اللَّه ﷺ: «اخسأ اخسأ». فقال عمر بن الخطاب: ائذنْ لي فأقتله يا رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه ﷺ: «إنْ يكن هو فلستَ صاحبَه، إنّما صاحبهُ عيسى ابن مريم ﷺ، وإن لا يكن هو فليس لك أن تقتل رجلًا من أهل العهد». قال فلم يزل رسولُ اللَّه ﷺ مشفقًا أنه الدّجال».

1. شرح المفردات:

● ممسوحة عينه: أي منخسفة أو غائرة في رأسها، ليس لها بروز.
● طالعة ناتئة: بارزة للأعلى، أي جاحظة.
● أشفق: خاف وتوجس.
● الدجال: هو المسيح الدجال، أعظم فتنة على وجه الأرض في آخر الزمان.
● خبأنا لك خبيئًا: أي أعددنا لك شيئًا مخبوءًا لنختبرك به.
● الدخ: هو الدخان، وقيل المقصود به شيء معين لاختباره.
● اخسأ: كلمة زجر بمعنى اذهب أو تباعد، وهي إهانة له.
● أهل العهد: أي اليهود الذين بينهم وبين المسلمين عهد وذمة.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن امرأة يهودية في المدينة ولدت غلامًا كانت عينه منخسفة وجاحظة بشكل غريب، فخاف النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون هذا الغلام هو المسيح الدجال.
ثم قابل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الغلام – وهو ابن صائد – واختبره بقوله: "يا ابن صائد، إنا قد خبأنا لك خبيئًا فما هو؟"، فأجاب الغلام: "الدخ الدخ"، فزجره النبي صلى الله عليه وسلم.
عندها طلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الإذن بقتله، لكن النبي صلى الله عليه وسلم منعه من ذلك، وبيّن أن قاتل الدجال الحقيقي هو عيسى بن مريم عليه السلام، وإذا لم يكن هو الدجال فليس من الحق قتله لأنه من أهل الذمة الذين لهم عهد مع المسلمين.
وبقي النبي صلى الله عليه وسلم في شك وخوف من أن يكون ابن صائد هو الدجال.

3. الدروس المستفادة منه:

1- عناية النبي ﷺ بأمته وتحذيره من الفتن: فقد كان يخشى على أمته من فتنة الدجال، ويسعى للتعرف على علاماته.
2- الحكمة في التعامل مع الشبهات: لم يأذن النبي ﷺ بقتل ابن صائد رغم الشبهة؛ لأنه إما أن يكون الدجال – وفي هذه الحالة ليس قتله من مهمة عمر – أو أنه بريء، وفي هذه الحالة يكون قتله ظلمًا ونقضًا للعهد.
3- احترام العهود والمواثيق: نهى النبي ﷺ عن قتل المعاهدين (أهل الذمة) الذين يعيشون تحت حماية المسلمين، وهذا من عدل الإسلام ورحمته.
4- الدجال سيُقتل على يد عيسى عليه السلام: وهذا من عقائد أهل السنة والجماعة، أن عيسى بن مريم سينزل في آخر الزمان ويقتل الدجال.
5- التثبت وعدم التسرع في إصدار الأحكام: خاصة في الأمور الخطيرة التي تتعلق بأرواح الناس وأعراضهم.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● ابن صائد: هو رجل يهودي اسمه "صافي" أو "عبد الله بن صائد"، وكان مشهورًا بين الصحابة بشدة الشبه بالدجال، وقد دار حوله كثير من الأخبار والروايات.
● الفرق بين الدجال وابن صائد: ذهب كثير من العلماء إلى أن ابن صائد ليس هو الدجال الأكبر، وإنما كان شيطانًا أو دجالاً صغيرًا، والدليل أن النبي ﷺ لم يجزم بأنه الدجال، بل بقي في شك منه.
● الاختبار بـ "الدخ": قيل إن النبي ﷺ أراد أن يختبره بشيء يعرفه هو والملائكة، فلما قال "الدخ" ظهر أنه يعلم الغيب – أو يدعيه – فزجره النبي ﷺ.
● الحديث يدل على عظم فتنة الدجال: حتى النبي ﷺ كان يخاف على أمته منها، ويحذر منها.

أسأل الله تعالى أن يحفظنا من فتنة الدجال، وأن يثبتنا على دينه حتى نلقاه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٤٩٥٥) عن محمد بن سابق: حدثنا إبراهيم طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره في حديث طويل.
أورده الهيثمي في «المجمع» (٨/ ٣) وقال: «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح».
قال الأعظمي: وهو كما قال لولا عنعنة أبي الزبير فإنه مدلس، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في «الفتح» (٦/ ١٧٣) مستشهدًا به، وسكت عنه، ومن شرطه الصحة أو الحسن، كما ذكره في هدي الساري.
وفي رواية عند احمد (١٤٩٥٤) «فيفرُّ المسلمونَ إلى جبل الدُّخان بالشّام، فيأتيهم فيُحاصِرُهُم، فيشتدُّ حِصارُهم، ويُجهدهم جُهدًا شديدًا، ثم ينزلُ عيسى ابن مريم فيُنادِي من السَّحر، فيقول: يا أيُّها النّاسُ ما يمنعُكم أن تَخْرجُوا إلى الكذَّاب الخبيث؟ فيقولون: هذا رجلٌ جنيٌّ، فينطلقون، فإذا هم بعيسى ابن مريم، فتُقام الصّلاةُ فيقال له: تقدّم يا روح اللَّه، فيقول: ليتقدّم إمامكم فليصل بكم، فإذا صلّى صلاة الصُّبح خرجوا إليه». قال: «فحين يرى الكذّاب ينماتُ كما ينمات الملح في الماء، فيمشي إليه فيقتله حتى إنّ الشّجرة والحجر ينادي: يا روحُ اللَّه، هذا يهوديٌّ. فلا يترك ممَّنْ كان يتبعه أحدًا إلّا قتله».
وأورده الهيثمي في «المجمع» (٧/ ٣٤٤) وقال: «رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح».
وصحّحه ابن خزيمة في كتاب التوحيد (٥٥)، والحاكم (٤/ ٥٣٠) كلاهما من طريق إبراهيم بن طهمان مختصرًا.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد». وجزم الذهبي أنه على شرط مسلم.
وهو كذلك إلّا أنّ أبا الزّبير مدلس وقد عنعن، ولكن يستشهد به لما سبق من طرق أخرى عن جابر.
وأصل حديث جابر في صحيح مسلم (٢٩٢٦) مختصر، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد اللَّه، ولم يذكر لفظه، وإنّما أحال على لفظ حديث الجريريّ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: «لقيه رسول اللَّه ﷺ وأبو بكر في بعض طرق المدينة. فقال له رسول اللَّه: «أتشهد أني رسول اللَّه؟». فقال هو: أتشهد أني رسول اللَّه؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «آمنتُ باللَّه وملائكته وكتبه، ما ترى؟». قال: أرى عرشًا على الماء. فقال رسول اللَّه ﷺ: «ترى عرش إبليس على البحر وما ترى؟». قال: أرى صادقًا وكاذبًا أو كاذبين وصادقًا. فقال رسول اللَّه ﷺ: «لُبِّس عليه، دعوه». انتهى ما في صحيح مسلم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 685 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ابن صائد، إنا قد خبأنا لك خبيئا فما هو؟ قال: الدُّخ

📜 حديث: ابن صائد، إنا قد خبأنا لك خبيئا فما هو؟ قال: الدُّخ

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ابن صائد، إنا قد خبأنا لك خبيئا فما هو؟ قال: الدُّخ

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ابن صائد، إنا قد خبأنا لك خبيئا فما هو؟ قال: الدُّخ

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ابن صائد، إنا قد خبأنا لك خبيئا فما هو؟ قال: الدُّخ

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية