نحن الذين بايعوا محمدًا على الإسلام ما بقينا أبدًا

حديث: نحن الذين بايعوا محمدًا على الإسلام ما بقينا أبدًا

عن أنس قال: جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة، وينقلون التراب على متونهم وهم يقولون:
نحن الذين بايعوا محمدًا ... على الإسلام ما بقينا أبدًا
قال: يقول النَّبِيّ ﷺ وهو يجيبهم:
اللَّهُمَّ إنه لا خير إِلَّا خير الآخرة ... فبارك في الأنصار والمهاجره.
قال: يؤتون بملء كفي من الشعير، فيصنع لهم بإهالةٍ سنخةٍ توضع بين يدي القوم، والقوم جياع، وهي بشعة في الحلق، ولها ريح منتن.

متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤١٠١) عن أبي معمر، ثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز، عن أنس .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي ذكرته، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من أحاديث السيرة النبوية التي تصور لنا أسمى معاني الإيمان والتضحية والصبر في سبيل الله.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث، أقدمه على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:

● يحفرون الخندق: يشقون الخندق، وهو trench الذي حفره المسلمون حول المدينة للدفاع عنها عند غزوة الأحزاب.
● على متونهم: على ظهورهم، أي كانوا ينقلون التراب بأنفسهم.
● بإهالةٍ سنخةٍ: الإهالة هي الشحم الذائب أو الودك، و"سنخة" يعني متغيرة الرائحة، منتنة.
● بشعة في الحلق: ثقيلة على الحلق، يصعب بلعها بسبب رداءة طعمها ورائحتها.
● ملء كفي: قدر ما يملأ الكفين، وهي كمية قليلة جدًا.

ثانيًا. شرح الحديث:

يصف لنا الصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه- مشهدًا من مشاهد الصبر والتضحية في غزوة الخندق (أو الأحزاب). كان المهاجرون والأنصار يعملون بجد في حفر الخندق، وينقلون التراب على ظهورهم في مشقة بالغة، وهم يرددون أنشودة تعبر عن ثباتهم على بيعتهم للإسلام ورسول الله ﷺ.
فكانوا يقولون: "نحن الذين بايعوا محمدًا ... على الإسلام ما بقينا أبدًا"، أي نحن الذين عاهدنا النبي ﷺ على الثبات على الإسلام والجهاد فيه طيلة حياتنا، ولا ننكث العهد أبدًا.
فكان النبي ﷺ يرد عليهم ويدعو لهم، قائلاً: "اللَّهُمَّ إنه لا خير إِلَّا خير الآخرة ... فبارك في الأنصار والمهاجره". وفي هذا الدعاء يتوجه النبي ﷺ إلى الله بالدعاء لأصحابه، ويعلّمهم أن الخير الحقيقي الدائم هو خير الآخرة، لا متاع الدنيا الزائل، ثم يخص الأنصار والمهاجرين بالبركة.
ثم يصف أنس -رضي الله عنه- شدة الجوع والفقر الذي كان يعيشه الصحابة، حيث كان يؤتى بقبضة من الشعير (كمية ضئيلة) ليطبخ لها مع شحم منتن الرائحة، ثم توضع هذه الوجعة المعدومة المنفرة أمام جمع كبير من الصحابة وهم في حالة جوع شديد، وكانت شديدة المرارة والنتن، يصعب ابتلاعها.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- القدوة العملية من النبي ﷺ: لم يكن النبي ﷺ قائدًا بعيدًا عن معاناة أصحابه، بل كان يعمل معهم، ويشاركهم المشقة، ويدعو لهم، ويوجههم نحو الإيمان بالآخرة.
2- الصبر على الشدة والجهاد: يظهر الحديث ما لاقاه الصحابة من جوع وفقر ومشقة في سبيل الله، وكان هذا من أعظم الاختبارات لإيمانهم.
3- قوة العقيدة والثبات على المبدأ: أنشودة الصحابة تعبر عن تمسكهم بالإسلام وعهدهم مع النبي ﷺ، حتى في أحلك الظروف.
4- التضحية والإيثار: وجود كمية طعام ضئيلة ومنتنة يتقاسمها عدد كبير من الجوعى يدل على علو أخلاقهم وصبرهم.
5- تفضيل خير الآخرة على الدنيا: توجيه النبي ﷺ بأن الخير الحقيقي هو خير الآخرة، يعلمنا الزهد في الدنيا وعدم الالتفات لمتاعها الفاني.
6- فضل الأنصار والمهاجرين: دعاء النبي ﷺ بالبركة لهم يظهر مكانتهم العظيمة وفضلهم في نصر الإسلام.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:

- وقعت غزوة الخندق في السنة الخامسة للهجرة، وكانت من أشد الغزوات على المسلمين.
- قصة حفر الخندق من معجزات النبي ﷺ، حيث ظهرت بركاته ﷺ في تكسير الصخرة وتكثير الطعام القليل.
- هذا الحديث هو نموذج للتربية النبوية على الصبر والثبات، وعدم اليأس حتى في أصعب المواقف.
أسأل الله أن يجعلنا من الصابرين الشاكرين، وأن يرزقنا الإيمان الذي يسهل به الصعاب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المغازي (٤١٠١) عن أبي معمر، ثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز، عن أنس .. فذكره.
ورواه مسلم في الجهاد والسير (١٨٠٥) من وجوه أخرى عن أنس مختصرًا.
وقوله: «بإهالة»: الدهن الذي يؤندم به سواء كان زيتا أو سمنا أو شحما. وقيل: هو ما أصاب من الألية والشحم وقيل: الاسم الجامد.
وقوله: «سنخة»: المتغيرة الريح من قدمها.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 67 من أصل 127 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نحن الذين بايعوا محمدًا على الإسلام ما بقينا أبدًا

📜 حديث: نحن الذين بايعوا محمدًا على الإسلام ما بقينا أبدًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نحن الذين بايعوا محمدًا على الإسلام ما بقينا أبدًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نحن الذين بايعوا محمدًا على الإسلام ما بقينا أبدًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نحن الذين بايعوا محمدًا على الإسلام ما بقينا أبدًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية