اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن

حديث: اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ لأبي طلحة: «التمسْ غلامًا من غلمانكم يخدمني، فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه، فكنت أخدم رسول الله ﷺ كلما نزل، فكنت أسمعه يكثر أن يقول: «اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال» فلم أزل أخدمه حتَّى أقبلنا من خيبر، وأقبل بصفية بنت حيي قد حازها، فكنت أراه يحوي لها وراءه بعباءة - أو بكساء - ثمّ يردفها وراءه، حتَّى إذا كنا بالصهباء صنع حيسا في نطع، ثمّ أرسلني فدعوت رجالا فأكلوا، وكان ذلك بناءه بها، ثمّ أقبل حتَّى إذا بدا له أُحُد، قال: هذا جبل يحبنا ونحبه، فلمّا أشرف على المدينة قال: اللَّهُمَّ إني أحرم ما بين جبليها مثل ما
حرم به إبراهيم مكة، اللَّهُمَّ بارك لهم في مُدّهم وصاعهم».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأطعمة (٥٤٢٥) عن قُتَيبة، حَدَّثَنَا إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب، أنه سمع أنس بن مالك يقول .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وفيه عدة مواقف ودروس عظيمة. سأشرحه لك جزءاً جزءاً بما يفتح الله به من فضله.

أولاً. شرح المفردات:

● يَرْدَفُنِي: يجعلني خلفه على الدابة.
● أُعُوذُ بِكَ: ألتجئ وأعتصم بك.
● الهَمُّ: ما يقع في القلب من الغم بسبب توقع مكروه في المستقبل.
● الحَزَنُ: الألم النفسي على شيء فات من الماضي.
● العَجْزُ: عدم القدرة على فعل الخير والصالحات.
● الكَسَلُ: التثاقل والتقاعس عن أداء الواجبات.
● البُخْلُ: منع المال الواجب أو المستحق.
● الجُبْنُ: الخوف من مواجهة الباطل أو الشدائد.
● ضِلَعِ الدَّيْنِ: ثقل الدين وكثرته بحيث يعجز عن سداده.
● غَلَبَةِ الرِّجَالِ: أن يتسلط عليه الآخرون ويقهروه.
● حَازَهَا: أخذها وأضافها إليه (أي صفية رضي الله عنها بعد إسلامها).
● يَحْوِي لَهَا: يجعلها خلفه ويضمها.
● حَيْسٌ: طعام يصنع من التمر والسمن والأقط (ألبان مجففة).
● نِطَعٌ: قطعة من الجلد يُبسط للطعام.
● أُحُدٌ: الجبل المشهور في المدينة المنورة.
● أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ: نظر إليها من مكان مرتفع.
● أُحَرِّمُ: أجعلها حرماً آمناً.
● مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ: مكيالان للمؤونة والطعام، والمد ربع الصاع.

ثانياً. شرح الحديث:

1- طلب النبي ﷺ خادماً: طلب النبي ﷺ من أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه أن يبحث له عن غلام من أولاده أو مماليكه ليكون في خدمته. وهذا من تواضعه ﷺ، حيث كان بإمكانه طلب من هو أكبر، لكنه اختار الغلام.
2- اختيار أنس رضي الله عنه: استجاب أبو طلحة وأخذ أنساً رضي الله عنه (وكان صغيراً آنذاك) ووضعه خلفه على الدابة ليذهب به لخدمة النبي ﷺ. وهذا شرف عظيم لأنس وأهله.
3- دعاء النبي ﷺ المتكرر: أثناء خدمة أنس للنبي ﷺ في السفر، كان يسمعه يكثر من هذا الدعاء العظيم:
> «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ»
وهذا الدعاء هو استعاذة من ثماني آفات خطيرة تصيب القلب والبدن والحياة الدنيوية.
4- عودتهم من خيبر وزواج النبي ﷺ من صفية: بعد انتهاء غزوة خيبر، رجع النبي ﷺ ومعه صفية بنت حيي رضي الله عنها (وكانت من سبايا خيبر، ثم أعتقها وتزوجها). وكان أنس يرى تواضع النبي ﷺ حيث يجلسها خلفه على الدابة ويغطيها بثوبه أو عباءته.
5- وليمة الزواج: عندما وصلوا إلى مكان يسمى "الصهباء"، صنع النبي ﷺ وليمة بسيطة من طعام يسمى "الحيس" (خلطة من التمر والسمن) على نطع (جلد)، وأرسل أنس ليدعو نفراً من الصحابة ليشاركوا في الطعام، وكانت هذه هي وليمة زواجه ﷺ بصفية، مما يدل على البساطة وعدم التكلف.
6- رؤية جبل أحد والدعاء للمدينة: عندما أشرف على المدينة ورأى جبل أحد، قال ﷺ: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ»، إشارة إلى موقعة أحد التي كانت بجواره وتأكيد على ارتباط المكان بالقلوب. ثم لما رأى المدينة، دعا الله أن يجعلها حرماً آمناً مثل مكة التي حرمها إبراهيم عليه السلام، وأن يبارك لأهلها في أرزاقهم وقوتهم (المد والصاع).

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- جواز طلب الخادم والاستعانة به: إذا دعت الحاجة لذلك، مع التواضع وعدم التكلف.
2- تواضع النبي ﷺ: في طلبه للغلام الصغير، وفي جلوسه مع زوجته على الدابة بدون تكبر.
3- أهمية الدعاء والاستعاذة من الآفات: هذا الدعاء مدرسة كاملة في علاج أمراض القلوب والهموم الدنيوية.
● الهم والحزن: يستعاذ منهما لأنهما يعطلان القلب عن الذكر والفكر.
● العجز والكسل: يستعاذ منهما لأنهما يمنعان من أداء الحقوق والطاعات.
● البخل والجبن: خصلتان ذميمتان تمنعان من بذل المال والنفس في سبيل الله.
● ضلع الدين: لأنه يثقل كاهل المسلم ويشغله عن الطاعة.
● غلبة الرجال: أي أن يتسلط عليه الآخرون ويقهروه.
4- البساطة في الحياة وعدم التكلف: خصوصا في وليمة الزواج، حيث كانت بسيطة لكنها تحقق المقص

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأطعمة (٥٤٢٥) عن قُتَيبة، حَدَّثَنَا إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب، أنه سمع أنس بن مالك يقول .. فذكره.
ورواه مسلم في النكاح (١٣٦٥) من وجوه أخرى عن أنس.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 55 من أصل 127 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن

📜 حديث: اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية