هل من أدم؟ فنعم الأدم هو

حديث: هل من أدم؟ فنعم الأدم هو

عن جابر بن عبد الله قال: كنت جالسًا في داري، فمر بي رسول الله ﷺ، فأشار إلي فقمت إليه، فأخذ بيدي، فانطلقنا حتَّى أتى بعض حجر نسائه، فدخل، ثمّ أذن لي، فدخلت الحجاب عليها، فقال: «هل من غداء؟» فقالوا: نعم، فأتي بثلاثة أقرصة، فوضعن علي نبيّ، فأخذ رسول الله ﷺ قرصا، فوضعه بين يديه، وأخذ قرصا آخر فوضعه بين يديّ، ثمّ أخذ الثالث، فكسره باثنين، فجعل نصفه بين يديه، ونصفه بين يديّ، ثمّ قال: «هل من أدم؟» قالوا: لا، إِلَّا شيء من خل، قال: «هاتوه، فنعمَ الأدمُ هو».

صحيح: رواه مسلم في الأشربة (٢٠٥٢: ١٦٩) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، أخبرنا حجَّاج بن أبي زينب، حَدَّثَنِي أبو سفيان طلحة بن نافع، قال: سمعت جابر بن عبد الله فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا حديث عظيم من أحاديث النبي الكريم ﷺ، يرويه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو من الأحاديث التي تُظهر خلقه ﷺ العظيم وتواضعه الجم مع أصحابه.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● فأشار إلي: أومأ لي بيده أو بعينه لأسير معه.
● حُجُر نسائه: غرف أمهات المؤمنين رضي الله عنهن الملحقة بالمسجد.
● فدخل الحجاب عليها: أي دخل وأرخى الستر أو أغلقه.
● هل من غداء؟: طعام يؤكل في وقت الظهيرة.
● أقرصة: جمع قَرص، وهو رغيف من الخبز.
● نَبِيٍّ: هنا تعني سُفرة أو مائدة من جلد تُبسط للأكل.
● أدْم: ما يؤكل مع الخبز من لحم أو إدام أو غيره، أي ما يُغمس فيه الخبز أو يُؤكل معه.
● خَلّ: معروف، وهو سائل حامض يُتَّخذ من التمر أو غيره.

ثانيًا. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن موقف فيه من التواضع والحكمة ما فيه، فيقول: كنت جالسًا في داري (أي في منزلي)، فمر بي رسول الله ﷺ، فأشار إلي بإشارة لطيفة أن أتبعه، فقمت مسرعًا طاعة لأمره، فأخذ بيدي تكريمًا لي وتأليفًا لقلبي، ومشينا معًا حتى وصلنا إلى إحدى غرف نسائه (أحد بيوت أمهات المؤمنين).
دخل النبي ﷺ أولاً، ثم أذن لي بالدخول بعد أن أُرخي الستر وأُعد المكان، مما يدل على كمال أدبه وحشمته ﷺ. ثم سأل أهل البيت: هل عندكم طعام للغداء؟ فقالوا: نعم. فأتوا بثلاثة أقرصة (أرغفة) ووضعوها على السفرة.
هنا تبدأ صور التواضع والعظمة: فقد أخذ رسول الله ﷺ رغيفًا ووضعه أمامه، وأخذ رغيفًا آخر ووضعه أمام جابر، ثم أخذ الرغيف الثالث فكسره إلى نصفين، ووضع نصفًا أمامه ونصفًا أمام جابر. فصار لكل منهما نصيب متساوٍ من الطعام (رغيف ونصف). ثم سأل ﷺ: هل من إدام (أي طعام يُؤكل مع الخبز)؟ فأجابوه: لا، إلا القليل من الخل. فقال ﷺ: ائتوني به، فنعم الإدام هو الخل.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- تواضع النبي ﷺ وحسن خلقه: خرج النبي ﷺ بنفسه ومشى مع جابر، وأخذ بيده، وهذا من تواضعه العظيم وحسن معشره، مع أنه سيد الخلق وأشرفهم.
2- التأليف وبناء العلاقات: في أخذ النبي ﷺ بيد جابر ودعوته للطعام تأليف لقلبه وتقوية للروابط الأخوية بين المسلمين.
3- العدل والمساواة في المعاملة: قام النبي ﷺ بتقسيم الطعام بينه وبين جابر بعدل تام، فلم يفضل نفسه على ضيفه، بل جعل له مثل ما له، بل وزع الرغيف الثالث بالتساوي.
4- القناعة وعدم التكلف: لم يستحِ النبي ﷺ من ضيفه عندما لم يجدوا إلا الخبز والخل، بل مدح الخل وذكر فضله، معلماً لأمته القناعة وعدم التكلف في طلب الطعام، وأن المؤمن يقنع بما تيسر ولا يطلب ما ليس عنده.
5- مدح النعم البسيطة وشكر الله عليها: قوله ﷺ: "نعم الأدم هو" تعليم لنا أن نشكر الله على كل نعمه، كبيرة كانت أم صغيرة، وأن نذكر فضل ما عندنا ولا نحتقر شيئاً من الرزق.
6- الأدب مع أهل البيت: حرص النبي ﷺ على استئذان أهل البيت وإدخال الستر قبل دخول الضيف، وهو أدب عظيم في التعامل مع المحارم وحماية للبيوت.
7- جواز أكل الخل والإعلام بفضله: فهو من الأطعمة المباحة والمفيدة، وقد ورد في أحاديث أخرى مدحه.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة.
- الخل من الأطعمة التي كان النبي ﷺ يحبها ويأكلها، وقد جاء في بعض الأحاديث: "نعم الإدام الخل، اللهم بارك في الخل، فإنه كان إدام الأنبياء قبلي".
- في هذا الحديث دليل على بساطة عيش النبي ﷺ وأهل بيته، فلم يكن طعامهم إلا ما يتيسر، وهو قدوة للمسلمين في الزهد في الدنيا والقناعة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يقتدي برسوله ﷺ في خلقه وتواضعه وقناعته، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الأشربة (٢٠٥٢: ١٦٩) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، أخبرنا حجَّاج بن أبي زينب، حَدَّثَنِي أبو سفيان طلحة بن نافع، قال: سمعت جابر بن عبد الله فذكره.
قوله: «فوضعن علي نبي». هكذا هو في أكثر الأصول: نبي، وفسروه بمائدة من خوص، ونقل القاضي عياض عن كثير من الرواة أو الأكثرين، أنه بتّيٌّ والبتّ: كساء من وبر أو صوف، فلعله منديل وضع عليه هذا الطعام. قال ورواه بعضهم: بُنّي. قال القاضي الكناني: هذا هو الصواب وهو طبق من خوص. قاله النوويّ.
وقوله: «فدخلت الحجاب عليها» أي دخلت الجهة التي فيها الحجاب بدون أن أرى بشرتها.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 65 من أصل 127 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: هل من أدم؟ فنعم الأدم هو

📜 حديث: هل من أدم؟ فنعم الأدم هو

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: هل من أدم؟ فنعم الأدم هو

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: هل من أدم؟ فنعم الأدم هو

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: هل من أدم؟ فنعم الأدم هو

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية