حديث: انقادي علي بإذن الله - معجزة انقياد الشجرتين للنبي ﷺ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب انقياد الشجرتين لرسول الله ﷺ -

عن جابر بن عبد الله قال -في حديثه الطويل-: سرنا مع رسول الله ﷺ حتى
نزلنا واديا أفيح، فذهب رسول الله ﷺ يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله ﷺ فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله ﷺ إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: «انقادي علي بإذن الله» فانقادت معه كالبعير المخشوش، الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: «انقادي علي بإذن الله» فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما، لأم بينهما (يعني جمعهما) فقال: «التئما علي بإذن الله» فالتأمتا، قال جابر: فخرجت أحضر مخافة أن يُحِسّ رسول الله ﷺ بقربي فيبتعد (وقال محمد بن عباد: فيتبعد) فجلست أحدث نفسي، فحانت مني لفتة، فإذا أنا برسول الله ﷺ مقبلا، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق، فرأيت رسول الله ﷺ وقف وقفة، فقال: برأسه هكذا (وأشار أبو إسماعيل برأسه يمينا وشمالا) ثم أقبل، فلما انتهى إلي قال: «يا جابر! هل رأيت مقامي؟» قلت: نعم، يا رسول الله، قال: فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا، فأقبل بهما، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك.
قال جابر: فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته، فانذلق لي، فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا، ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول الله ﷺ، أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري، ثم لحقته فقلت: قد فعلت، يا رسول الله، فعم ذاك؟ قال: «إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتي أن يرفه عنهما ما دام الغصنان رطبين» ... الحديث.

صحيح: رواه مسلم في الزهد (٣٠١٢: ٧٤) من طرق عن حاتم بن إسماعيل، عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم حتى أتينا جابر بن عبد الله، فذكره.

عن جابر بن عبد الله قال -في حديثه الطويل-: سرنا مع رسول الله ﷺ حتى
نزلنا واديا أفيح، فذهب رسول الله ﷺ يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله ﷺ فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله ﷺ إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: «انقادي علي بإذن الله» فانقادت معه كالبعير المخشوش، الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: «انقادي علي بإذن الله» فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما، لأم بينهما (يعني جمعهما) فقال: «التئما علي بإذن الله» فالتأمتا، قال جابر: فخرجت أحضر مخافة أن يُحِسّ رسول الله ﷺ بقربي فيبتعد (وقال محمد بن عباد: فيتبعد) فجلست أحدث نفسي، فحانت مني لفتة، فإذا أنا برسول الله ﷺ مقبلا، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق، فرأيت رسول الله ﷺ وقف وقفة، فقال: برأسه هكذا (وأشار أبو إسماعيل برأسه يمينا وشمالا) ثم أقبل، فلما انتهى إلي قال: «يا جابر! هل رأيت مقامي؟» قلت: نعم، يا رسول الله، قال: فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا، فأقبل بهما، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك.
قال جابر: فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته، فانذلق لي، فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا، ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول الله ﷺ، أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري، ثم لحقته فقلت: قد فعلت، يا رسول الله، فعم ذاك؟ قال: «إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتي أن يرفه عنهما ما دام الغصنان رطبين» ... الحديث.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا حديث عظيم من أعلام النبوة، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● وادياً أفيح: الوادي المنبسط الواسع.
● إداوة من ماء: إناء صغير من جلد يُحفظ فيه الماء.
● كالبعير المخشوش: البعير الذي في أنفه خشاشة (حلقة) ليقاد بها، فهو سهل القيادة.
● لأم بينهما: جمعهما وضم بعضهما إلى بعض.
● يُحِسّ بقربي: يشعر بقربي منه.
● حانت مني لفتة: خطر ببالي أن ألتفت.
● انذلق لي: انصدع الحجر وانكسر بسهولة.
● يعذبان: يُعذبان في قبريهما.
● أن يرفه عنهما: أن يخفف عنهما العذاب.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدث الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن معجزة من معجزات النبي ﷺ التي ظهرت بتسخير الله تعالى له الأشجار، وذلك أثناء سفرهم.
1- الموقف الأول - تسخير الشجرتين: عندما أراد النبي ﷺ قضاء حاجته ولم يجد ما يستتر به في الوادي الواسع، توجه إلى شجرتين على شاطئ الوادي. فأمر الأولى أن تنقاد إليه بإذن الله، فانقادت مثل الجمل المسهل قياده. ثم فعل بالشجرة الثانية مثل ذلك. ثم جمعهما معاً وأمرهما أن تلتحما، فالتأمتا成为 ستر له ﷺ.
2- موقف جابر وخوفه: كان جابر يحمل الماء ليستنجي به النبي ﷺ، فلما رأى ما حدث خاف أن يشعر النبي بقربه فيبتعد أكثر (حرصاً على الاستتار الكامل)، فجلس يناجي نفسه.
3- انفراج الشجرتين وعودة النبي: عندما التفت جابر، رأى النبي ﷺ مقبلاً والشجرتان قد عادتا إلى مكانيهما الطبيعيين. ورأى النبي ﷺ يلتفت يميناً وشمالاً (كما في إشارة الراوي)، وهو موقف يدل على التأمل والعظة.
4- التكليف بالغصنين: سأل النبي ﷺ جابراً إذا كان رأى مكان وقوفه بين الشجرتين، ثم أمره أن يقطع غصناً من كل شجرة ويضعهما حيث وقف النبي ﷺ.
5- بيان الحكمة: عندما سأله جابر عن حكمة ذلك، أخبره النبي ﷺ أنه مر بقبرين يعذبان في قبريهما (بسبب عدم الاستنزاه من البول والغيبة كما في روايات أخرى)، فأراد أن يشفع لهما عند الله تعالى لتخفيف العذاب عنهما طالما بقي هذان الغصنان رطبين.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- إثبات معجزات النبي ﷺ: الحديث من أعظم الأدلة على كرامات النبي ﷺ وتسخير الله تعالى له الكون، فانقياد الشجر له وتكلمه معها دليل على نبوته.
2- عناية الصحابة بالنبي ﷺ: حرص جابر على خدمة النبي وتقديم الماء له، وخوفه من إزعاجه، показывает أدب الصحابة وحبهم لرسول الله ﷺ.
3- فضل الشفاعة: بيان فضل شفاعة النبي ﷺ لأمته، بل حتى لأهل القبور.
4- التيسير في الدين: تسخير الأشجار لستر النبي دليل على أن الدين يسر، وأن الله يسهل لعباده أسباب العفة والستر.
5- التحذير من الذنوب: ذكر عذاب القبر بسبب التقصير في الطهارة أو ارتكاب الذنوب (كالبول والغيبة) تحذير للمسلم من الاستهانة بالذنوب.
6- أن أعمال البر تنفع الإنسان حتى بعد موته: كما أن رطوبة الغصنين كانت سبباً في تخفيف العذاب عن الميتين.

رابعاً. معلومات إضافية:


- الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من أحاديث الإيمان والآخرة.
- القبران اللذان كانا يعذبان كان أحدهما يعذب بسبب عدم التنزه من البول، والآخر بسبب الغيبة، كما في روايات أخرى.
- فيه دليل على أن الشفاعة تكون لأهل الكبائر من المسلمين.
- يستفاد منه أيضاً مشروعية ستر الإنسان نفسه عند قضاء الحاجة.
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بهذا الحديث، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزهد (٣٠١٢: ٧٤) من طرق عن حاتم بن إسماعيل، عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم حتى أتينا جابر بن عبد الله، فذكره.
شرح الغريب:
(واديا أفيح): أي واسعا.
(بشاطئ الوادي): أي جانبه.
(كالبعير المخشوش): هو الذي يجعل في أنفه خشاش وهو عود يجعل في أنف البعير إذا كان صعبا ويشد فيه حبل ليذل وينقاد وقد يتمانع لصعوبته فإذا اشتد عليه وآلمه انقاد شيئًا ولهذا قال: الذي يصانع قائده.
(بالمنصف): هو نصف المسافة.
(لأم): روى بهمزة مقصورة لأم وممدودة لاءم وكلاهما صحيح أي: جمع بينهما.
(فخرجت أحضر): أي: أعدو وأسعى سعيا شديدًا.
(فحانت مني لفتة): اللفتة: النظرة إلى جنب.
(وحسرته): أي: أحددته ونحيت عنه ما يمنع حدته بحيث صار مما يمكن قطعي الأغصان به.
(فانذلق) أي: صار حادا.
(أن يرفه عنهما) أي: يخفف.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1146 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: انقادي علي بإذن الله - معجزة انقياد الشجرتين للنبي ﷺ

  • 📜 حديث: انقادي علي بإذن الله - معجزة انقياد الشجرتين للنبي ﷺ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: انقادي علي بإذن الله - معجزة انقياد الشجرتين للنبي ﷺ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: انقادي علي بإذن الله - معجزة انقياد الشجرتين للنبي ﷺ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: انقادي علي بإذن الله - معجزة انقياد الشجرتين للنبي ﷺ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب