حديث: لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تكثير الطعام

عن جابر بن عبد الله أن رجلًا أتى النبي ﷺ يستطعمه، فأطعمه شطر وسق شعير، فما زال الرجل يأكل منه، وامرأته وضيفها حتى كاله، فأتى النبي ﷺ فقال: «لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٩: ٢٢٨١) عن سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن أعين، حدثنا معقل، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره.

عن جابر بن عبد الله أن رجلًا أتى النبي ﷺ يستطعمه، فأطعمه شطر وسق شعير، فما زال الرجل يأكل منه، وامرأته وضيفها حتى كاله، فأتى النبي ﷺ فقال: «لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم فيه معجزة لنبينا ﷺ وعبرة في بركة الطاعة، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.

الحديث بلفظ آخر أوضح:


عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ يَسْتَطْعِمُهُ، فَأَعْطَاهُ شَطْرَ وَسْقٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفُهُمَا، حَتَّى كَالُوهُ فَوَجَدُوهُ كَمَا هُوَ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «لَوْ لَمْ تَكِيلُوهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ وَقَامَ لَكُمْ»).


1. شرح المفردات:


● يستطعمه: يطلب منه طعاماً.
● شطر وسق: "الشطر" النصف، و "الوسق" مكيال معروف، وقدره ستون صاعاً بصاع النبي ﷺ. فالشطر الوسق = ثلاثون صاعاً.
● شعير: نوع من الحبوب.
● كاله: أي قاموا بقياسه (كيله) بالصاع أو المكيال ليعرفوا كم بقي منه.
● لأكلتم منه: لاستمررتم في الأكل منه.
● ولقام لكم: لبقي لكم ولم ينفد، أي كان سيدوم ببركة دعاء النبي ﷺ.


2. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن قصة رجل جاء إلى النبي ﷺ وهو في حاجة شديدة للطعام، فاستعطفه وسأله أن يطعمه.
فما كان من النبي ﷺ إلا أن استجاب لطلبه، وأعطاه كمية كبيرة من الطعام، وهي نصف وسق من الشعير، أي ما يعادل ثلاثين صاعاً (والصاع حوالي 2.5 كجم تقريباً، فيكون الوزن التقريبي 75 كجم). هذه كمية كبيرة جداً تكفي أسرة لشهور.
وبدأ الرجل وأهل بيته (امرأته) وضيفهم يأكلون من هذا الشعير مدة طويلة، وكانوا يتناولون منه حاجاتهم بشكل طبيعي. لكن العجيب أن الكمية لم تنقص بشكل ملحوظ، بل ظلت كما هي.
ثم خطر في بال الرجل أو أهله أن يقيسوا الكمية المتبقية ليعرفوا كم أكلوا منها، فلما فعلوا ذلك (أي كالوه بالمكيال) وجدوا أن الكمية قد عادت إلى مقدارها الأصلي الذي أخذوه من النبي ﷺ، فانقطعت البركة بسبب هذا الفعل.
فذهب الرجل إلى النبي ﷺ وأخبره بما حدث: أنهم أكلوا منه طويلاً ثم لما كالوه وجدوه لم ينقص! فأنبهم النبي ﷺ على هذا التصرف، وأخبرهم أن البركة كانت ستدوم ويستمر الأكل منه لو لم يقيسوه ويحصوه، لأنهم شكّوا عملياً في بركة الله، وحصروا النعمة في مقدارها المادي، فانقطعت.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- بركة عطاء النبي ﷺ ودعاؤه: الحديث من معجزات النبي ﷺ الحسية التي أيده الله بها، حيث جعل الله تعالى القليل في يده كثيراً مباركاً، وهذه خاصة من خصائصه ﷺ.
2- حقيقة البركة: البركة هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء، بحيث يقع الانتفاع به على وجه يكفي الحاجة ويوفر المنفعة، ولو كان قليلاً في أصله. وهي أمر معنوي من الله تعالى، لا خاضع للحساب المادي.
3- عدم تتبع البركة بالحصْر والكيل: ذم النبي ﷺ فعل الرجل لأنه تتبع البركة. والإكثار من الكيل والوزن والحساب الدقيق للمال والطعام ينافي التوكل على الله ويذهب بركته، لأنه يشعر بعدم الثقة في رزق الله وتقديره. جاء في الأثر: "الكَيَّاسُ مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ، وَالْكَيِّسُ مَنْ قَلَّ طَمَعُهُ".
4- التوكل والثقة بالله: ينبغي للمسلم أن يتوكل على الله حق توكله، ويأخذ بالأسباب ثم يثق في فضل الله ورزقه، ولا يكون شديد الحرص على الدنيا وحسابها.
5- فضل الصدقة والإطعام: النبي ﷺ لم يبخل على السائل، بل أعطاه بسخاء، وهذا يدل على فضل إطعام الطعام وسد حاجة المحتاج.
6- أن البركة قد تزول بسبب المعصية أو سوء التصرف: كما زالت هنا بسبب كيلهم للطعام وعدم إبقائهم على حالة التوكل.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من أصح الكتب بعد القرآن الكريم.
- القصة تدل على كرم النبي ﷺ وحسن تعامله مع الفقراء وسداده لحاجتهم.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على أن تتبع البركة ومحاولة قياسها قد يكون سبباً في زوالها، وينبغي للمسلم أن يعيش في طمأنينة وراحة قلب، ويأكل من رزق الله دون أن يكون دائم القلق والحساب.
- ليس معنى هذا ترك الكيل والوزن في البيع والشراء، فهذا من العدل المأمور به، ولكن المقصود هو الحالة القلبية والاعتقادية في الرزق والبركة، وعدم المبالغة في التفتيش
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الفضائل (٩: ٢٢٨١) عن سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن أعين، حدثنا معقل، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1168 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم

  • 📜 حديث: لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب