حديث: استيقظ النبي ﷺ من نومه فشكوا إليه العطش

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تكثير الماء

عن عمران قال: كنا في سفر مع النبي ﷺ، وإنا أسرينا، حتى كنا في آخر الليل، وقعنا وقعة، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها، فما أيقظنا إلا حر الشمس، وكان أول من استيقظ فلان ثم فلان ثم فلان -يسميهم أبو رجاء فنسي عوف- ثم عمر بن الخطاب الرابع، وكان النبي ﷺ إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ، لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه، فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس، وكان رجلا جليدا، فكبر ورفع صوته بالتكبير، فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير، حتى استيقظ بصوته النبي ﷺ، فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، قال: «لا ضير أو لا يضير، ارتحلوا» فارتحل فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ، ونودي بالصلاة فصلى بالناس، فلما انفتل من صلاته، إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم، قال: «ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟» قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: «عليك بالصعيد، فإنه يكفيك» ثم سار النبي ﷺ، فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل فدعا فلانا -كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف- ودعا عليا فقال: «اذهبا فابتغيا الماء» فانطلقا، فتلقيا امرأة بين مزادتين، أو سطيحتين من ماء على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة، ونفرنا خلوف، قالا لها: انطلقي إذا، قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله ﷺ، قالت: الذي يقال له الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين، فانطلقي، فجاءا بها إلى النبي ﷺ وحدثاه الحديث، قال: فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي ﷺ بإناء، ففرغ فيه من أفواه المزادتين، أو سطيحتين، وأوكأ أفواهما، وأطلق العزالي، ونودي في الناس: اسقوا واستقوا، فسقى من شاء، واستقى من شاء، وكان آخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، قال: اذهب فأفرغه عليك، وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها، وأيم الله، لقد أقلع عنها، وإنه ليخيل إلينا أنها أشد مِلأة منها حين ابتدأ فيها، فقال النبي ﷺ: «اجمعوا لها»
فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقه، حتى جمعوا لها طعاما، فجعلوها في ثوب، وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها، قال لها: «تعلمين ما رزئنا من مائك شيئا، ولكن الله هو الذي أسقانا»، فأتت أهلها وقد احتبست عنهم، قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب، لقيني رجلان، فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابئ، ففعل كذا وكذا، فوالله، إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه -وقالت بإصبعيها الوسطى والسبابة، فرفعتهما إلى السماء: تعني السماء والأرض- أو إنه لرسول الله حقا، فكان المسلمون بعد ذلك، يغيرون على من حولها من المشركين، ولا يصيبون الصِّرم الذي هي منه، فقالت يوما لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدَعونكم عمدا، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها فدخلوا في الإسلام.

متفق عليه: رواه البخاري في التيمم (٣٤٤) ومسلم في المساجد (٣١٢: ٦٨٢) كلاهما من حديث عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن أبي رجاء العطاردي، عن عمران بن الحصين، فذكره.

عن عمران قال: كنا في سفر مع النبي ﷺ، وإنا أسرينا، حتى كنا في آخر الليل، وقعنا وقعة، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها، فما أيقظنا إلا حر الشمس، وكان أول من استيقظ فلان ثم فلان ثم فلان -يسميهم أبو رجاء فنسي عوف- ثم عمر بن الخطاب الرابع، وكان النبي ﷺ إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ، لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه، فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس، وكان رجلا جليدا، فكبر ورفع صوته بالتكبير، فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير، حتى استيقظ بصوته النبي ﷺ، فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، قال: «لا ضير أو لا يضير، ارتحلوا» فارتحل فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ، ونودي بالصلاة فصلى بالناس، فلما انفتل من صلاته، إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم، قال: «ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟» قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: «عليك بالصعيد، فإنه يكفيك» ثم سار النبي ﷺ، فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل فدعا فلانا -كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف- ودعا عليا فقال: «اذهبا فابتغيا الماء» فانطلقا، فتلقيا امرأة بين مزادتين، أو سطيحتين من ماء على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة، ونفرنا خلوف، قالا لها: انطلقي إذا، قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله ﷺ، قالت: الذي يقال له الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين، فانطلقي، فجاءا بها إلى النبي ﷺ وحدثاه الحديث، قال: فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي ﷺ بإناء، ففرغ فيه من أفواه المزادتين، أو سطيحتين، وأوكأ أفواهما، وأطلق العزالي، ونودي في الناس: اسقوا واستقوا، فسقى من شاء، واستقى من شاء، وكان آخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، قال: اذهب فأفرغه عليك، وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها، وأيم الله، لقد أقلع عنها، وإنه ليخيل إلينا أنها أشد مِلأة منها حين ابتدأ فيها، فقال النبي ﷺ: «اجمعوا لها»
فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقه، حتى جمعوا لها طعاما، فجعلوها في ثوب، وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها، قال لها: «تعلمين ما رزئنا من مائك شيئا، ولكن الله هو الذي أسقانا»، فأتت أهلها وقد احتبست عنهم، قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب، لقيني رجلان، فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابئ، ففعل كذا وكذا، فوالله، إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه -وقالت بإصبعيها الوسطى والسبابة، فرفعتهما إلى السماء: تعني السماء والأرض- أو إنه لرسول الله حقا، فكان المسلمون بعد ذلك، يغيرون على من حولها من المشركين، ولا يصيبون الصِّرم الذي هي منه، فقالت يوما لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدَعونكم عمدا، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها فدخلوا في الإسلام.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عمران بن حصين رضي الله عنه، يحكي قصة فيها عِبَرٌ وعظات، وفيها من معجزات النبي ﷺ ما يدل على صدق نبوته.

شرح المفردات:


● أسرينا: سِرنا في وقت السَّحَر (آخر الليل).
● وقعة: نومة ثقيلة.
● جليدا: قوياً شديداً.
● انفتل من صلاته: انصرف منها.
● الصعيد: التراب الطاهر.
● مزادتين: قربتين للماء.
● أوكأ أفواهما: ربط فم القربتين.
● أطلق العزالي: فك الربط.
● رزئنا: نقصنا.
● الصِّرم: القبيلة أو العشيرة.

شرح الحديث:


1- النوم في السفر واستيقاظ الصحابة: كان النبي ﷺ وأصحابه في سفر، وناموا نومة عميقة في آخر الليل، فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس. وهذا يدل على مشقة السفر وتعبهم، حتى أن النوم الشديد أحب شيء إليهم.
2- استيقاظ عمر بن الخطاب وتكبيره: استيقظ عمر رضي الله عنه فرأى تأخر الناس عن الصلاة، فكان رجلاً قوياً غيوراً على الدين، فرفع صوته بالتكبير حتى أيقظ النبي ﷺ والصحابة. وهذا يدل على غيرته على الصلاة وأمر الدين.
3- تأخير الصحابة إيقاظ النبي ﷺ: لم يوقظوا النبي ﷺ لأنه قد يحدث له في نومه ما لا يعلمونه، كالوحي أو الأحلام الصادقة. وهذا من أدب الصحابة مع النبي ﷺ وحسن تعاملهم معه.
4- الرجل الذي أصابته جنابة ولم يجد ماءً: أخبر النبي ﷺ أنه يتيمم بالصعيد (التراب) بدلاً من الماء، وهذا من رحمة الله وتيسيره على العباد، حيث شرع التيمم عند عدم الماء أو العجز عن استعماله.
5- معجزة الماء: عندما اشتكى الناس من العطش، دعا النبي ﷺ رجلين (نسي الراوي اسم أحدهما والآخر هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه) ليطلبا الماء، فوجدا امرأة معها قربتان من الماء، فأتوا بها إلى النبي ﷺ، فصب من مائها القليل في إناء، ثم دعا الله، ففاض الماء حتى شرب جميع الناس وتوضؤوا، بل وأعطى الرجل الجنب إناءً من الماء ليغتسل، ومع ذلك بقي الماء كما هو بل كثر! وهذه معجزة ظاهرة تدل على نبوة محمد ﷺ.
6- بركة النبي ﷺ في الطعام: بعد أن شرب الناس، جمع الصحابة للمرأة طعاماً من عجوة ودقيق وسويق (طعام مسحوق) كهدية لها عوضاً عن مائها، مع أن الماء لم ينقص بل زاد، ولكن النبي ﷺ أراد أن يكافئها على حسن ظنها.
7- إسلام المرأة وقومها: لما عادت المرأة إلى قومها، أخبرتهم بما رأت من معجزة النبي ﷺ، فشهدت بأنه رسول الله حقاً، فأسلمت وأسلم قومها بعد أن رأوا صدقها وحسن خلق المسلمين.

الدروس المستفادة:


1- مشروعية التيمم عند عدم الماء: كما في قصة الرجل الذي أصابته جنابة، حيث أمره النبي ﷺ أن يتيمم بالتراب.
2- الجهر بالتكبير لإيقاظ الناس للصلاة: كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، خاصة عند الضرورة.
3- الأدب مع النبي ﷺ: حيث كان الصحابة لا يوقظونه احتراماً له وخشية أن يكون في نومه وحياً أو أمراً خاصاً.
4- بركة النبي ﷺ ومعجزاته: كبركة الماء القليل حتى كفى الجميع، وهي من أدلة نبوته.
5- الجزاء من جنس العمل: حيث كافأ النبي ﷺ المرأة بطعام لما أعطتهم ماءها، مع أن الماء لم ينقص، لكنه علمها بركة الله.
6- الدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة: حيث أسلمت المرأة وقومها بسبب المعجزة وحسن معاملة النبي ﷺ والصحابة.

معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أحاديث المعجزات التي أيد الله بها نبيه ﷺ.
- فيه بيان لرحمة الإسلام ويسره، حيث شرع التيمم عند العجز عن استعمال الماء.
- وفيه دليل على أن البركة قد تكون في القليل بفضل الله ثم بدعاء النبي ﷺ.
نسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يزيدنا حباً لرسوله ﷺ واتباعاً لسنته. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التيمم (٣٤٤) ومسلم في المساجد (٣١٢: ٦٨٢) كلاهما من حديث عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن أبي رجاء العطاردي، عن عمران بن الحصين، فذكره.
واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم قريب منه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1150 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: استيقظ النبي ﷺ من نومه فشكوا إليه العطش

  • 📜 حديث: استيقظ النبي ﷺ من نومه فشكوا إليه العطش

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: استيقظ النبي ﷺ من نومه فشكوا إليه العطش

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: استيقظ النبي ﷺ من نومه فشكوا إليه العطش

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: استيقظ النبي ﷺ من نومه فشكوا إليه العطش

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب