خذ منه شيئا فأدخل يدك ولا تنثره نثرا

حديث: خذ منه شيئا فأدخل يدك ولا تنثره نثرا

عن أبي هريرة قال: أتيت النبي ﷺ بتمرات فقلت: يا رسول الله ادع الله فيهن بالبركة فضمهن ثم دعا لي فيهن بالبركة، فقال لي: «خذهن واجعلهن في مزودك هذا، أو في هذا المزود، كلما أردت أن تأخذ منه شيئا فأدخل فيه يدك فخذه ولا تنثره نثرا، فقد حملت من ذلك التمر كذا وكذا من وسق في سبيل الله» فكنا نأكل منه ونطعم وكان لا يفارق حقوي حتى كان يوم قتل عثمان فإنه انقطع.

حسن: رواه الترمذي (٣٨٣٩) واللفظ له، وأحمد (٨٦٢٨) وابن حبان (٦٥٣٢) والبيهقي في الدلائل (٦/ ١٠٩) كلهم من طرق عن حماد بن زيد، عن المهاجر، عن أبي العالية الرياحي، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يبارك في علمنا وعملك. هذا حديث عظيم فيه معجزة ظاهرة لنبينا محمد ﷺ، وقد رواه الإمام البخاري في صحيحه.

شرح الحديث:

١. شرح المفردات:
● تَمَرَاتٍ: ثمر النخل المجفف، وكانت من أطعمة العرب الأساسية.
● اِضْمُمْهُنَّ: جمعهن وضم بعضهن إلى بعض بيده الشريفة.
● المَزْوَد: وعاء من الجلد أو الخيش كان يُستخدم لحفظ الطعام وحمله في السفر.
● لا تَنْثُرْهُ نَثْرًا: أي لا تفرقه وتنثره بعنف وإسراف، بل خذه برفق وتؤدة.
● حَقْوِي: منطقة الخصر والوسط، حيث كان يربط المزود.
● وَسْق: مكيال لأهل المدينة يساوي ستين صاعاً، والصاع أربعة أمداد، والمد حفنة بكف الرجل المعتدل.
٢. شرح الحديث:
يحكي الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه قصة عجيبة، حيث أتى النبي ﷺ بعدد من التمرات (ليس بكثير) وطلب منه أن يدعو الله أن يبارك فيها. فما كان من النبي ﷺ إلا أن جمع التمرات بيديه الكريمتين ودعا له بالبركة.
ثم أعطاه تعليمات محددة: أن يضع هذا التمر في مزوده (وعائه)، وأمره كلما أراد أن يأكل منه أن يدخل يده فيأخذ بما تيسر دون أن ينثره أو يبعثره. وكانت النتيجة أن هذا التمر القليل استمر لسنوات طويلة، بل وكان أبو هريرة يتصدق ويطعم منه، واستمرت بركته حتى آخر أيام خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
٣. الدروس المستفادة والعبر:
● بركة دعوة النبي ﷺ: الحديث معجزة حسية تدل على صدق نبوة محمد ﷺ، فكيف لتمرات قليلة أن تستمر وتكثر بهذا الشكل لسنين طويلة؟!
● التبرك بآثار الصالحين ودعائهم: طلب أبو هريرة الدعاء من النبي ﷺ وكانت الاستجابة عظيمة، وهذا من فضل الله على هذه الأمة.
● الاستعانة بالله والأخذ بالأسباب: النبي ﷺ لم يقل "ضعها وستبارك"، بل أعطاه سبباً للبركة وهو طريقة الأخذ بالرفق وعدم الإسراف.
● الرفق والاقتصاد في الإنفاق وعدم الإسراف: النهي عن "نثره نثراً" فيه تعليم للأمة لتحترم النعم ولاتسرف فيها.
● الصدقة من أسباب البركة: من أعظم أسباب بركة المال الصدقة منه، كما في قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}.
● عظم مكانة عثمان رضي الله عنه: انقطاع البركة بموته دليل على مكانته وعظم المصيبة بقتله.
٤. معلومات إضافية:
- هذا المزود بقي عند أبي هريرة رضي الله عنه سنوات طويلة، وكان يأكل منه ويطعم الضيف والمسكين، وشهدت الأمة هذه المعجزة.
- قصة استمرار بركة هذا التمر حتى يوم مقتل عثمان رضي الله عنه (سنة 35 هـ) تدل على أن هذه المعجزة استمرت قرابة 25 سنة أو أكثر، منذ وفاة النبي ﷺ (سنة 11 هـ).
- في هذا الحديث بيان لكرم أبي هريرة رضي الله عنه، حيث كان يطعم الآخرين من هذا التمر المبارك.
أسأل الله أن يبارك لنا في أرزاقنا وأعمارنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٣٨٣٩) واللفظ له، وأحمد (٨٦٢٨) وابن حبان (٦٥٣٢) والبيهقي في الدلائل (٦/ ١٠٩) كلهم من طرق عن حماد بن زيد، عن المهاجر، عن أبي العالية الرياحي، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل المهاجر (هو ابن مخلد) فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وقد روي من وجه آخر عن أبي هريرة قال: أعطاني رسول الله ﷺ شيئا من تمر، فجعلته في مكتل لنا، فعلقناه في سقف البيت، فلم نزل نأكل منه حتى كان آخره أصابه أهل الشام حيث أغاروا على المدينة.
رواه أحمد (٨٢٩٩) عن أبي عامر (هو: العقدي عبد الملك بن عمرو البصري) حدثنا إسماعيل -يعني ابن مسلم- عن أبي المتوكل (واسمه: علي بن داود الناجي) عن أبي هريرة، فذكره.
قوله في الحديث: (أصابه أهل الشام) وهم من بعض الرواة لأن إغارة أهل الشام على أهل المدينة كانت في زمن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وأبو هريرة كان قد توفي قبل ذلك في أيام معاوية. والصواب كما سبق في الإسناد الأول.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1174 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خذ منه شيئا فأدخل يدك ولا تنثره نثرا

📜 حديث: خذ منه شيئا فأدخل يدك ولا تنثره نثرا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: خذ منه شيئا فأدخل يدك ولا تنثره نثرا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: خذ منه شيئا فأدخل يدك ولا تنثره نثرا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: خذ منه شيئا فأدخل يدك ولا تنثره نثرا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية