حديث: دعا النبي بالبركة في الطعام فامتلأت الأوعية

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تكثير الطعام

عن أبي عمرة الأنصاري قال: كنا مع رسول الله ﷺ في غزاة، فأصاب الناس مخمصة، فاستأذن الناس رسول الله ﷺ في نحر بعض ظهورهم، وقالوا: يبلغنا الله به، فلما رأى عمر بن الخطاب أن رسول الله ﷺ قد هم أن يأذن لهم في نحر بعض ظهورهم، قال يا رسول الله، كيف بنا إذا نحن لقينا القوم غدا جِياعا رجالا؟ ! ولكن إن رأيت يا رسول الله أن تدعو لنا ببقايا أزوادهم، فنجمعها ثم تدعو الله فيها بالبركة فإن الله، تبارك وتعالى، سيبلغنا بدعوتك أو قال: سيبارك لنا في دعوتك، فدعا النبي ﷺ ببقايا أزوادهم، فجعل الناس يجيئون بالحثية من الطعام، وفوق ذلك، وكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر فجمعها رسول الله ﷺ ثم قام فدعا ما شاء الله أن يدعو، ثم دعا الجيش بأوعيتهم، فأمرهم أن يحتثوا، فما بقي في الجيش وعاء إلا ملؤه، وبقي مثله، فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجذه فقال: «أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله عبد مؤمن بهما، إلا حجبت عنه النار يوم القيامة».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٥٤٤٩) عن علي بن إسحاق، أخبرنا عبد الله - يعني ابن المبارك، قال: أخبرنا الأوزاعي، قال: حدثنا المطلب بن حنطب المخزومي، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، حدثني أبي قال، فذكره.

عن أبي عمرة الأنصاري قال: كنا مع رسول الله ﷺ في غزاة، فأصاب الناس مخمصة، فاستأذن الناس رسول الله ﷺ في نحر بعض ظهورهم، وقالوا: يبلغنا الله به، فلما رأى عمر بن الخطاب أن رسول الله ﷺ قد هم أن يأذن لهم في نحر بعض ظهورهم، قال يا رسول الله، كيف بنا إذا نحن لقينا القوم غدا جِياعا رجالا؟ ! ولكن إن رأيت يا رسول الله أن تدعو لنا ببقايا أزوادهم، فنجمعها ثم تدعو الله فيها بالبركة فإن الله، ﵎، سيبلغنا بدعوتك أو قال: سيبارك لنا في دعوتك، فدعا النبي ﷺ ببقايا أزوادهم، فجعل الناس يجيئون بالحثية من الطعام، وفوق ذلك، وكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر فجمعها رسول الله ﷺ ثم قام فدعا ما شاء الله أن يدعو، ثم دعا الجيش بأوعيتهم، فأمرهم أن يحتثوا، فما بقي في الجيش وعاء إلا ملؤه، وبقي مثله، فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجذه فقال: «أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله عبد مؤمن بهما، إلا حجبت عنه النار يوم القيامة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يبارك في علمنا وعملك. هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يرويه الصحابي الجليل أبو عمرة الأنصاري رضي الله عنه، وفيه من الدروس والعبر ما ينبغي لكل مسلم أن يتأمل فيه.

أولاً. شرح المفردات:


● مخمصة: مجاعة شديدة وقحط.
● نحر بعض ظهورهم: أي ذبح دوابهم التي يركبونها (الإبل والخيل).
● جياعاً رجالاً: أي راجلين على أقدامهم بلا دواب.
● بقايا أزوادهم: ما تبقى عندهم من طعام ولو كان قليلاً.
● الحثية: القبضة أو الكف الممتلئ بالطعام.
● يحتثوا: يأخذوا بملء أيديهم ويغرفوا.
● نواجذه: الأنياب أو أقصى الأضراس.


ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي أبو عمرة رضي الله عنه عن موقف عصيب وقع للمسلمين أثناء إحدى غزواتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث اشتد بهم الجوع حتى لم يجدوا ما يأكلونه.
1- الموقف الصعب والحل العاجل: اشتد الجوع بالجيش حتى فكروا في حل سريع يزيل عنهم هذه الشدة، وهو ذبح بعض دوابهم التي يركبونها (نحر الظهور) ليأكلوا من لحومها، واستأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
2- حكمة الفاروق ورشده: هنا برزت حكمة وحنكة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي نظر إلى العواقب البعيدة. ففكر: إذا ذبحنا دوابنا اليوم لأكلنا وشبعنا، فكيف سنقاتل الأعداء غداً ونحن راجلون بلا خيل أو إبل؟! إنه تفكير استراتيجي عميق، يجمع بين حل الأزمة الحالية والحفاظ على قوة الجيش المستقبلية.
3- الحل البديل المبارك: اقترح عمر رضي الله عليه حلّاً بديلاً يجمع بين الدعاء والتوكل على الله والاستفادة من القليل المتبقي. طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع ما تبقى من طعام عند الناس، ويدعو الله فيه بالبركة. وهذا من تمام توكله على الله، فهو يعلم أن بركة الدعاء النبوي يمكن أن تحول القليل إلى كثير.
4- استجابة النبي صلى الله عليه وسلم وتطبيق الفكرة: استحسن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرأي السديد، فجمع ما لدى الناس من بقايا الطعام. وجاء الناس بما معهم، وكان أكثرهم من جاء بصاع من تمر (أي حوالي 3 كيلوغرامات) والقليل جاء بما هو أقل من ذلك. ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم ودعا الله تعالى في هذا الطعام القليل.
5- معجزة البركة: استجاب الله تعالى دعاء نبيه، فتحول ذلك الطعام القليل إلى وفرة عظيمة، حتى ملأ كل وعاء في الجيش، وبقي من الطعام قدر ما أُخذ! إنها بركة الدعاء وبركة الطاعة.
6- فرح النبي صلى الله عليه وسلم وشهادته: هذا الموقف العجيب الذي تجلت فيه قدرة الله ونعمته، جعل النبي صلى الله عليه وسلم يضحك فرحاً بشكر الله وحمدَه حتى بدت نواجذه. ثم انتهز هذه اللحظة العظيمة ليبشر كل مؤمن، فشهد الشهادتين وأخبر أن من لقي الله مؤمناً بهما، فإن إيمانه هذا سيكون حاجباً له وحافظاً له من النار يوم القيامة.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- مشروعية المشورة وأخذ الرأي: النبي صلى الله عليه وسلم هو المعصوم المؤيد بالوحي، ومع ذلك كان يستشير أصحابه ويأخذ برأي الصواب منهم. وهذا درس للقادة في كل زمان ومكان.
2- الحكمة والنظر في عواقب الأمور: موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلمنا ألا ننظر للحلول السريعة التي تزيل الأزمة لحظياً فقط، بل يجب التفكير في العواقب والمآلات البعيدة. فالحكمة هي وضع الأمور في مواضعها الصحيحة.
3- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: لم يقل عمر رضي الله عنه "دعونا ونتوكل" فحسب، بل جمع بين الأخذ بالأسباب المادية (جمع الطعام القليل) والسبب الإيماني (دعاء النبي). وهذا هو التوكل الحقيقي.
4- بركة الدعاء وبركة الطاعة: المعجزة التي حصلت كانت بسبب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تذكرنا بأن البركة الحقيقية هي من الله، وهو القادر على أن يبارك في القليل فيكثر، وفي الضيق فيتسع.
5- فضل الشهادتين: ختم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الموقف بالبشارة العظمى لكل مؤمن، وهي أن الإيمان الخالص بالله وبرسوله هو سبب النجاة من النار والفوز بالجنة. فهما أصل الدين وأساس النجاة.
6- البشاشة والفرح بنعم الله: ضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، وهذا يدل على مشروعية إظهار الفرح والسرور عند حصول النعم وبروز الآيات، شكراً لله تعالى.


رابعاً. معلومات إضافية:


● الغزوة: لم يحدد الحديث اسم الغزوة، وقد ذكر بعض المؤرخين أنها قد تكون غزوة تبوك التي اشتهرت بالشدة والجدب.
● الراوي: أبو عمرة الأنصاري، هو من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، واختلف في اسمه، وقيل هو بشر بن عمرو بن محصن.
● الاستدلال: يستدل العلماء بهذا الحديث على فضل عمر بن الخطاب ورجاحة عقله، وعلى فضل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واستجابة الله له، وعلى
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٥٤٤٩) عن علي بن إسحاق، أخبرنا عبد الله - يعني ابن المبارك، قال: أخبرنا الأوزاعي، قال: حدثنا المطلب بن حنطب المخزومي، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، حدثني أبي قال، فذكره.
وهو في زهد عبد الله بن المبارك (٩١٧)
ورواه الطبراني في الكبير (٥٧٥) وصحّحه ابن حبان (٢٢١) والحاكم (٢/ ٦١٨ - ٦١٩) كلهم من طريق الأوزاعي.
قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل المطلب بن حنطب وهو المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث المخزومي فيه كلام يسير لا يضر، وهو حسن الحديث، وقد رمي بالتدليس إلا أنه صرّح بالتحديث هنا.
وأورده الهيثمي في المجمع (١/ ١٩ - ٢٠) وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1173 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: دعا النبي بالبركة في الطعام فامتلأت الأوعية

  • 📜 حديث: دعا النبي بالبركة في الطعام فامتلأت الأوعية

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: دعا النبي بالبركة في الطعام فامتلأت الأوعية

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: دعا النبي بالبركة في الطعام فامتلأت الأوعية

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: دعا النبي بالبركة في الطعام فامتلأت الأوعية

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب