فقال رسول الله ﷺ لأبي بكر: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله

حديث: فقال رسول الله ﷺ لأبي بكر: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله

عن أسلم قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: أمرنا رسول الله ﷺ يوما أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما. فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله ﷺ: «ما أبقيت لأهلك؟» قلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال له رسول الله ﷺ: «ما أبقيت لأهلك؟» قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت لا أسابقك إلى شيء أبدا.

حسن: رواه أبو داود (١٦٧٨)، والترمذي (٣٦٧٥) كلاهما من حديث الفضل بن دكين، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أسلم قال: سمعت عمر بن الخطاب ﵁ يقول: أمرنا رسول الله ﷺ يوما أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما. فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله ﷺ: «ما أبقيت لأهلك؟» قلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال له رسول الله ﷺ: «ما أبقيت لأهلك؟» قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت لا أسابقك إلى شيء أبدا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول. هذا حديث عظيم رواه الإمام الترمذي في سننه، وهو حسن، وهو يروي لنا قصةً من قصافى منافسة الخير بين عمالقة الصحابة، سيدنا عمر وسيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنهما.

أولاً. شرح المفردات:

● أمرنا رسول الله ﷺ أن نتصدق: طلب منا النبي ﷺ أن نخرج الصدقة.
● فوافق ذلك مالاً عندي: صادف هذا الطلب وجود مال كثير لدي.
● أسبق أبا بكر: أتفوق على أبي بكر وأسبقه في فعل الخير.
● بنصف مالي: بجزء يساوي نصف ما أملك.
● ما أبقيت لأهلك؟: ما الذي تركته لعيالك ومن تعول؟
● مثله: مثل ما تبرعت به (أي النصف الآخر).
● بكل ما عنده: بجميع ماله دون استثناء.
● أبقيت لهم الله ورسوله: اعتمدت على الله ورسوله في رزقهم وكفايتهم.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي ﷺ طلب من الصحابة يومًا أن يتصدقوا، وكان لدى عمر مال كثير في ذلك الوقت. ففكر في نفسه أنه يريد أن يتفوق على صديقه أبي بكر في فعل الخير، وهو أمر نادر لأن أبا بكر كان معروفًا بسابقيته في الخيرات.
فتقدم عمر بنصف ماله، وهو مبلغ هائل، متوقعًا أن يكون قد سبق أبا بكر هذه المرة. لكن النبي ﷺ سأله سؤالاً حكيماً: "ما أبقيت لأهلك؟" أي ما تركته لزوجتك وأولادك ليعيشوا به؟ فأجاب عمر أنه ترك لهم مثله (النصف الآخر). ثم جاء أبو بكر رضي الله عنه بكل ما يملك دون أن يبقي شيئًا. وعندما سأله النبي ﷺ نفس السؤال: "ما أبقيت لأهلك؟" كانت إجابته تهز المشاعر: "أبقيت لهم الله ورسوله"، أي أنني وثقت بأن الله ورسوله سيكفلانهم ويحفظان رزقهم.
عندها أدرك عمر أنه لا يمكن أن يسبق أبا بكر أبدًا في مجال السخاء والتفاني والتوكل على الله، فقال كلمته الشهيرة: "لا أسابقك إلى شيء أبدا".

ثالثاً. الدروس المستفادة:

1- السعي للتفوق في الخير: المنافسة في الطاعات والصدقات من سمات المؤمنين القويين، كما قال تعالى: "وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" (المطففين: 26).
2- الحكمة في الإنفاق: النبي ﷺ علمنا أن الصدقة لا يجب أن تؤدي إلى إضرار النفس أو العائلة، بل يجب أن تكون ضمن حدود التوازن كما في حالة عمر.
3- قوة التوكل على الله: موقف أبي بكر يظهر أعلى درجات التوكل والثقة بالله، حيث لم يخش الفقر أو الحاجة.
4- التواضع والاعتراف بالفضل: اعتراف عمر بفضْل أبي بكر وتفوقه درس في التواضع وعدم الحسد.
5- تفاوت درجات الإيمان: كل من الموقفين عظيم، ولكن درجة أبي بكر كانت أعلى، وهذا يدل على أن المسلمين يتفاوتون في منازلهم عند الله بحسب أعمالهم.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من الأحاديث التي تبين فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد اتفق العلماء على أنه أفضل الصحابة بعد النبي ﷺ.
- القصة تدل على حرص الصحابة على التنافس في الخير، وليس في الدنيا، مما يجعلها نموذجًا يُحتذى به.
- يستفاد منها أيضًا أن الصدقة لا ينبغي أن تسبب ضررًا للآخرين، بل يجب مراعاة الظروف والأولويات.
أسأل الله أن يجعلنا من المتسابقين في الخيرات، والمتوكلين عليه حق توكله. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٦٧٨)، والترمذي (٣٦٧٥) كلاهما من حديث الفضل بن دكين، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه فذكره.
قال الترمذي: حسن صحيح.
ومن هذا الوجه رواه الحاكم (١/ ٤١٤) وقال: صحيح على شرط مسلم.
وإسناده حسن من أجل الكلام في هشام بن سعد المدني، وهو وإن كان من رجال مسلم فقد تكلم فيه ابن معين والنسائي وغيرهما، ومشّاه الآخرون، وهو حسن الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 51 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فقال رسول الله ﷺ لأبي بكر: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله

📜 حديث: فقال رسول الله ﷺ لأبي بكر: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: فقال رسول الله ﷺ لأبي بكر: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: فقال رسول الله ﷺ لأبي بكر: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: فقال رسول الله ﷺ لأبي بكر: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية