أمر النبي أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه

حديث: أمر النبي أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه

عن أبي موسى قال: مرض النبي ﷺ فاشتد مرضه فقال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس»، قالت عائشة: إنه رجل رقيق إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، قال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس» فعادت فقال: «مُرِيْ أبا بكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف». فأتاه الرسول فصلى بالناس في حياة النبي ﷺ.

متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (٦٧٨)، ومسلم في كتاب الصلاة (١٠١: ٤٢٠) كلاهما من طريق حسين بن علي، عن زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي بردة، عن أبي موسى فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
أولاً: نص الحديث ومصدره:
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الأذان، باب: إذا لم يستطع الإمام أن يكبر قائماً يكبر قاعداً. وهو من الأحاديث الصحيحة.
ثانيًا: شرح مفردات الحديث:
● فاشتد مرضه: أي زاد مرضه وتفاقم حتى أثر على قدرته الجسدية.
● رجل رقيق: أي حساس، شديد التأثر والرحمة، سريع البكاء عند تلاوة القرآن أو ذكر الله.
● صواحب يوسف: كناية عن النساء اللواتي حاولن إغواء النبي يوسف عليه السلام، والمقصود هنا المدافعات والمجادلات بحسن قصد.
ثالثًا: شرح الحديث:
يصور لنا هذا الحديث المشهد العظيم في أيام مرض النبي صلى الله عليه وسلم الأخير. فقد اشتد به المرض حتى لم يعد قادراً على القيام لإمامة الناس في الصلاة، وهي من أهم الواجبات الاجتماعية والدينية.
1- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتأمير أبي بكر: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه إمامة الصلاة بالناس. وهذا تكريم عظيم لأبي بكر، وإشارة إلى أهليته للخلافة من بعده، حيث جعله نائباً عنه في أهم شعيرة ظاهرة في الإسلام.
2- اعتراض السيدة عائشة بحسن نية: اعترضت السيدة عائشة رضي الله عنها، لا انتقاصاً من مكانة أبي بكر -وهو أبوها- ولكن شفقة عليه، لأنها تعلم طبيعته الرقيقة التي تفيض عاطفة وإيماناً، فتخيلت أنه لن يستطيع أن يتم الصلاة للناس دون أن يغلبه البكاء عند تلاوة القرآن، مما قد يسبب حرجاً أو يشق على المصلين.
3- إصرار النبي صلى الله عليه وسلم وتأكيد الأمر: أصر النبي صلى الله عليه وسلم على أمره مرة ثانية وثالثة، مؤكداً أن أبا بكر هو الأحق والأجدر بهذه المهمة. وهذا يدل على أن المواصفات التي ذكرتها السيدة عائشة (الرقة والبكاء من خشية الله) هي في الحقيقة صفات كمال وإيمان، وليست عيباً يمنع من القيادة.
4- قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنكن صواحب يوسف": هذا تعبير نبوي رفيع، يشبه كلام السيدة عائشة ودفاعها بحسن نيتها بفعلهن مع يوسف عليه السلام، حيث قطعن أيديهن من شدة إعجابهن بجماله، لكن فعلتهن كانت عن إعجاب لا عن قصد سوء. فكذلك اعتراض السيدة عائشة كان نابعاً من الشفقة والحرص، وليس من المعارضة الحقيقية لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
5- تنفيذ الأمر وصلاة أبي بكر بالناس: انتهى الجدال بتنفيذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى أبو بكر رضي الله عنه إماماً بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، مما كان إعلاناً عملياً بترشيحه لقيادة الأمة من بعده.
رابعًا: الدروس المستفادة والعبر:
1- مكانة أبي بكر الصديق: الحديث من أعظم الأدلة على فضل أبي بكر رضي الله عنه ومكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه الأحق بالخلافة بعده. فهو أفضل الصحابة على الإطلاق.
2- الحكمة من تقديم الأكفأ: يرشدنا الحديث إلى تقديم الأكفأ والأصلح للمناصب العامة، حتى لو كان فيه بعض الصفات التي قد يظنها البعض عيباً (كشدة الرقة والخشوع).
3- طاعة ولي الأمر: يجب الانقياد لأمر الإمام وولي الأمر حتى لو خالف رأينا الشخصي، ما لم يأمر بمعصية.
4- أدب الصحابة مع النبي: يظهر أدب السيدة عائشة العالي، حيث عبرت عن رأيها بطريقة مهذبة، وقبلت أمر النبي صلى الله عليه وسلم فور تأكيده.
5- شرعية النيابة في الإمامة: يجوز للإمام أن ينوب عنه غيره في الصلاة إذا كان هناك عذر شرعي كمرض أو سفر.
خامسًا: معلومات إضافية:
- هذا الحديث كان أحد الأحداث التي مهدت لاختيار أبي بكر للخلافة في سقيفة بني ساعدة، حيث استدل الصحابة به على أحقيته.
- تظهر القصة حرص النبي صلى الله عليه وسلم على شؤون أمته حتى في أحلك لحظات مرضه، مما يدل على كمال نبوته وشفقته على المسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأذان (٦٧٨)، ومسلم في كتاب الصلاة (١٠١: ٤٢٠) كلاهما من طريق حسين بن علي، عن زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي بردة، عن أبي موسى فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 42 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمر النبي أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه

📜 حديث: أمر النبي أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أمر النبي أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أمر النبي أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أمر النبي أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية