حديث: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في موقف أبي بكر الصديق عند وفاة النبي ﷺ -

عن عائشة زوج النبي ﷺ أن رسول الله ﷺ مات وأبو بكر بالسُّنح ... فذكرت الحديث، وفيه: ثم خرج فقال: أيها الحالف، على رسلك، فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه، وقال: ألا من كان يعبد محمدا ﷺ فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: ٣٠] وقال: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٤] قال: فنشج الناس يبكون، قال: واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، فقالوا: منا أمير ومنكم أمير، فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب عمر يتكلم، فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله! ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني، خشيت أن لا يبلغه أبو بكر، ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس، فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فقال حباب بن المنذر: لا والله! لا نفعل، منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب دارا، وأعربهم أحسابا، فبايعوا عمر أو أبا عبيدة، فقال عمر: بل نبايعك أنت، فأنت سيدنا، وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله ﷺ، فأخذ عمر بيده، فبايعه وبايعه الناس. فقال قائل: قتلتم سعد بن عبادة، فقال عمر: قتله الله.

صحيح: رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٦٧، ٣٦٦٨) عن إسماعيل بن عبد الله، ثنا سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن عروة بن الزبير، عن عائشة فذكرته.

عن عائشة زوج النبي ﷺ أن رسول الله ﷺ مات وأبو بكر بالسُّنح ... فذكرت الحديث، وفيه: ثم خرج فقال: أيها الحالف، على رسلك، فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه، وقال: ألا من كان يعبد محمدا ﷺ فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: ٣٠] وقال: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٤] قال: فنشج الناس يبكون، قال: واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، فقالوا: منا أمير ومنكم أمير، فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب عمر يتكلم، فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله! ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني، خشيت أن لا يبلغه أبو بكر، ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس، فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فقال حباب بن المنذر: لا والله! لا نفعل، منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب دارا، وأعربهم أحسابا، فبايعوا عمر أو أبا عبيدة، فقال عمر: بل نبايعك أنت، فأنت سيدنا، وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله ﷺ، فأخذ عمر بيده، فبايعه وبايعه الناس. فقال قائل: قتلتم سعد بن عبادة، فقال عمر: قتله الله.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يجمع بين حدثين عظيمين في تاريخ الأمة: خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وهو حديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وسأقوم بشرحه على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


● السُّنح: موضع بقرب المدينة المنورة، كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقيم فيه.
● الحالف: المقصود هنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وسمي بذلك لأنه كان يحلف على عدم موت النبي صلى الله عليه وسلم في غمرة حزن الناس وصدمتهم.
● على رسلك: أي تمهل واهدأ.
● نشج الناس: أي بكوا بحرارة وارتفع صوت بكائهم.
● سقيفة بني ساعدة: مكان كانوا يجتمعون فيه للتشاور، وهو مكان مظلل.
● أعربهم أحسابا: أي أنقاهم نسبًا وأكرمهم أصولًا.

ثانيًا. شرح الحديث:


يصف هذا الحديث المشهد العظيم الذي أعقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث:
1- صدمة الوفاة وموقف عمر رضي الله عنه: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، هُزِم المؤمنون نفسيًا، فأنكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه - في أول الأمر - خبر الوفاة، وحلف أن النبي لم يمت، وأنه سيعود، وهذا نابع من شدة حبه للنبي صلى الله عليه وسلم وخوفه على الدين.
2- حكمة أبي بكر وموقفه الحاسم: جاء أبو بكر رضي الله عنه، فهدأ من روع الناس، ثم خطب فيهم خطبةً جامعةً تذكرهم بحقيقة الإيمان، مستشهدًا بآيات من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وقوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144]. فبيّن أن النبي بشر يموت كغيره من الرسل، وأن العبادة لله وحده لا شريك له.
3- اجتماع الأنصار في السقيفة: اجتمع الأنصار للتشاور فيمن يخلف النبي صلى الله عليه وسلم، واقترح بعضهم أن يكون من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير.
4- سرعة تدخل كبار الصحابة: ذهب أبو بكر وعمر وأبو عبيدة رضي الله عنهم إلى السقيفة، وكان عمر يريد أن يتكلم، ولكن أبا بكر أوقفه، ثم تكلم أبو بكر بكلام بليغ حكيم، بيّن فيه أن قريشًا هم أفضل العرب نسبًا ودارًا، وأقرب الناس إلى قلوب العرب، فالأولى أن يكون الخليفة منهم.
5- مبايعة أبي بكر: بعد أن اقتنع الحاضرون بكلام أبي بكر، بايعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم بايعه الناس، وكانت هذه البيعة إجماعًا من الصحابة على أحقية أبي بكر بالخلافة.
6- موقف سعد بن عبادة: كان سعد بن عبادة رضي الله عنه مرشحًا للخلافة من قبل الأنصار، ولكن بعد بيعة أبي بكر، انتهى الأمر، ولم يكن هناك قتله كما ادعى البعض، بل قال عمر رضي الله عنه: "قتله الله" أي دعا عليه لمعارضته الإجماع.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:


1- بيان حقيقة النبوة: النبي صلى الله عليه وسلم بشر يموت، والعبادة لله وحده.
2- الحكمة والروية في الأمور المصيرية: موقف أبي بكر رضي الله عنه يظهر كيف أن الحكمة والكلمة الطيقة تهدئ النفوس وتجمع الكلمة.
3- فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: كانا من أحرص الناس على وحدة الصف وعدم التفرق.
4- أهمية الشورى ووحدة الأمة: بيعة أبي بكر كانت نتيجة مشورة واجتماع كلمة المسلمين.
5- مكانة قريش في القيادة: كان العرب لا يقبلونالقيادة إلا من قريش، وهذا ما أشار إليه أبو بكر رضي الله عنه.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تبين فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكمال عقله وحكمته.
- استشهاد أبي بكر بالآيات القرآنية يدل على فقهه العميق بالقرآن وقدرته على تطبيقه في المواقف الحرجة.
- البيعة في السقيفة كانت بداية لعصر الخلافة الراشدة، والتي هي امتداد لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٦٧، ٣٦٦٨) عن إسماعيل بن عبد الله، ثنا سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن عروة بن الزبير، عن عائشة فذكرته.
بويع له بالخلافة في اليوم الذي مات فيه رسول الله ﷺ في سقيفة بني ساعدة، ثم بويع بيعة العامة يوم الثلاثاء من غد ذلك اليوم، وتخلف عن بيعته سعد بن عبادة وطائفة من الخزرج، وفرقة من قريش، ثم بايعوه بعد غير سعد.
وقيل: إن عليا لم يبايعه إلا بعد موت فاطمة، ثم لم يزل سامعا مطيعا له يثني عليه ويفضله. وكان نقش خاتمه: نعم القادر الله، فيما ذكر الزبير بن بكار، وقال غيره: كان نقش خاتمه: عبد ذليل لرب جليل. ذكر هذا كله الحافظ ابن عبد البر في «الاستيعاب».
وكانت وفاته يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 55 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات

  • 📜 حديث: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب