مروا أبا بكر فليصل للناس

حديث: مروا أبا بكر فليصل للناس

عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال في مرضه: «مروا أبا بكر يصلي بالناس»، قالت عائشة: قلت: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل، فقال: «مروا أبا بكر فليصل للناس»، قالت عائشة لحفصة: قولي له: إن أبا
بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل للناس، ففعلت حفصة، فقال رسول الله ﷺ: «مه، إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلّ للناس». قالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيرا.

متفق عليه: رواه مالك في كتاب قصر الصلاة في السفر (٨٩) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

نص الحديث:

عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال في مرضه: «مروا أبا بكر يصلي بالناس»، قالت عائشة: قلت: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل، فقال: «مروا أبا بكر فليصل للناس»، قالت عائشة لحفصة: قولي له: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل للناس، ففعلت حفصة، فقال رسول الله ﷺ: «مه، إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلّ للناس». قالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيرا.

1. شرح المفردات:

● مُرُوا أَبَا بَكْرٍ: أي اطلبوا من أبي بكر أن يتقدم لإمامة الناس في الصلاة.
● لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ: أي أن صوته يضعف بسبب شدة بكائه وخشوعه، فلا يسمع المصلون وراءه التلاوة.
● مَهْ: كلمة زجر للنهي، يعني "اسكتي" أو "كفى".
● صَوَاحِبُ يُوسُفَ: إشارة إلى نساء المدينة اللواتي حاولن إغواء يوسف عليه السلام، وهنا كناية عن محاولة التأثير في القرار.
● مَا كُنْتُ لَأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا: أي "لم أنل منك إلا الشر" أو "ما حصلت منك على خير".

2. شرح الحديث:

يحدث هذا الحديث في آخر أيام النبي ﷺ أثناء مرضه الذي توفي فيه، حيث كان لا يستطيع القيام لإمامة الناس في الصلاة. فأمر ﷺ أن يتولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه الصلاة بالناس.
لكن عائشة رضي الله عنها - وكانت حريصة على مصلحة الناس - رأت أن أبا بكر رجل رقيق القلب، كثير البكاء عند قراءة القرآن، فإذا صلى بهم قد لا يسمع الناس قراءته بسبب بكائه. فاقترحت أن يكون عمر بن الخطاب بدلاً منه، لأنه أشد صوتاً وأقل انفعالاً.
ولكن النبي ﷺ أصر على أمره الأول، بل كرره ثلاث مرات تأكيداً لأهمية ذلك. حتى أن عائشة وحفصة حاولتا معاً نقله نفس الاقتراح، فزجرهما النبي ﷺ قائلاً: «مَهْ، إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ»، أي إنكن تتكلمن بكلام مؤثر - كنساء يوسف - لتحقيق مرادكن.
ثم عاد وأكد: «مُرُوا أَبَا بَكَرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ». وفي النهاية، قالت حفصة لعائشة: «مَا كُنْتُ لَأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا»، تعبيراً عن ندمها على تدخلهما في الأمر.

3. الدروس المستفادة:

● فضل أبي بكر الصديق: في هذا الحديث تلميح واضح إلى فضله وأحقيته بالخلافة من بعد النبي ﷺ، حيث جعله النبي إماماً للناس في الصلاة وهي من أعظم المناصب الدينية.
● طاعة ولي الأمر: حتى لو بدا لنا أن هناك رأياً آخر أفضل، فإن طاعة الإمام والأمر الأولي واجبة ما لم يكن فيه معصية.
● حكمة النبي ﷺ: كان النبي يعلم أن في تولية أبي بكر إشارة إلى استخلافه، وتثبيتاً لمرجعية الأمة من بعده.
● عدم التدخل في الشؤون العامة بدافع عاطفي: نرى كيف أن عائشة وحفصة - مع مكانتهما - نُهيتا عن التدخل في أمر عام بدافع عاطفي (خشية عدم سماع الناس)، بينما النبي ﷺ ينظر إلى المصلحة الكبرى.
● الأدب مع النبي ﷺ: حتى لو كان القصد حسناً، فلا ينبغي الاعتراض على أمر النبي بعد صدوره.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من الأحاديث التي استدل بها أهل السنة على أحقية أبي بكر بالخلافة، لأنه قدم لإمامة الصلاة في حياة النبي ﷺ.
- المرض المذكور هو مرض وفاة النبي ﷺ، وكان ذلك في شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة.
- استمر أبو بكر في الإمامة حتى توفي النبي ﷺ، ثم أصبح خليفة المسلمين بأمر من الصحابة وإجماعهم.
- قوله: «صَوَاحِبُ يُوسُفَ» ليس ذماً لهن، بل تشبيه بلاغي لحالتهن في محاولة التأثير، وهو من حكمة النبي ﷺ في التعامل مع الموقف.

أسأل الله أن ينفعنا بهذا الحديث، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في كتاب قصر الصلاة في السفر (٨٩) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته. ومن طريقه رواه البخاري في الأذان (٦٧٩).
ورواه مسلم في كتاب الصلاة (٤١٨: ٧٩) من طريق آخر عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به نحوه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 41 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مروا أبا بكر فليصل للناس

📜 حديث: مروا أبا بكر فليصل للناس

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: مروا أبا بكر فليصل للناس

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: مروا أبا بكر فليصل للناس

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: مروا أبا بكر فليصل للناس

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية