حديث: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في هجرة أبي بكر مع النبي ﷺ إلى المدينة

عن أنس، عن أبي بكر قال: قلت للنبي ﷺ وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرَنا، فقال: «ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟».

متفق عليه: رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٥٣)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣٨١) كلاهما من طريق همام، ثنا ثابت، ثنا أنس بن مالك، أن أبا بكر الصديق حدثه قال: فذكره.

عن أنس، عن أبي بكر قال: قلت للنبي ﷺ وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرَنا، فقال: «ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النص الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث بلفظه كاملًا:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قلت للنبي ﷺ وأنا في الغار: "لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا"، فقال النبي ﷺ: «ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟».
(أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، والإمام مسلم، والترمذي، والنسائي)


1. شرح المفردات:


* في الغار: المقصود هنا غار ثور، وهو المكان الذي اختبأ فيه النبي ﷺ وصاحبه أبو بكر الصديق أثناء هجرتهما من مكة إلى المدينة، وكان المشركون يطاردونهما.
* لو أن أحدهم: أي لو أن أحد المشركين الذين كانوا يقفون عند فم الغار ويبحثون عنهما.
* نظر تحت قدميه: أي انحنى ونظر إلى مكان وقوفه، وهو عند فم الغار مباشرة.
* لأبصرنا: لرآنا و اكتشف مكاننا.
* ما ظنك: ما اعتقادك وثقلك.
* باثنين الله ثالثهما: أي ما رأيك في حال اثنين (هما النبي وأبو بكر) يكون الله تعالى معهما، يحفظهما، وينصرهما، ويرعاهما. وليس المقصود الحلول أو المكانية، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.


2. شرح الحديث:


يصور هذا الحديث المشهد العظيم من مشاهد الهجرة النبوية، حيث كان النبي ﷺ وأبو بكر الصديق مختبئين في غار ثور، وقد وصل المشركون إلى باب الغار ووقفوا عليه. وفي لحظة من لحظات الخوف البشري الطبيعي، عبر أبو بكر الصديق - وهو أقرب الناس إلى النبي ﷺ وأشدهم ثقة بالله - عن قلقه من أن يرى المشركون أقدامهما إذا دققوا النظر.
فكان الرد النبوي العظيم مواسيًا ومثبتًا ومذكرًا: «ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟».
وهذا الكلام منه ﷺ يحمل عدة معانٍ عظيمة:
* التثبيت وطمأنة القلب: ليطمئن قلب صاحبه ويزيل خوفه، ويذكره بأن الحافظ والمانع هو الله تعالى، وليس جدران الغار.
* التذكير بنصرة الله: فهو تذكير بوعد الله تعالى لنبيه بالنصرة والحفظ، قال تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]. فكلمة (ثالثهما) هي تفسير عملي لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}.
* بيان معية الله الخاصة: معية الله تعالى نوعان: معية عامة (بالعلم والإحاطة) ومعية خاصة (بالنصرة والتأييد والحفظ لأوليائه وأحبائه). وهذه المعية الخاصة هي المقصودة في الحديث، وهي التي يستشعر معها المؤمن الأمن والقوة والطمأنينة.
وقد جاءت السنة الكونية بتأييد هذا الوعد الإلهي، فمنع الله بصره المشركين، فلم يروا النبي ﷺ ولا صاحبه، مع أن أقدامهما كانت واضحة له لو نظر، ولكن الله أعمى أبصارهم.


3. الدروس المستفادة منه:


1- الثقة المطلقة بالله تعالى: فمهما بلغت قوة العدو وخطورة الموقف، فإن المؤمن يعلم أن الناصر هو الله، وأن الأسباب وحدها لا تغني عن كون الله هو الحافظ.
2- أن الله مع الصابرين الثابتين: يوضح الحديث أن معية الله ونصره تكون حاضرة مع عباده المؤمنين، خاصة في أوقات الشدة والاختبار.
3- فضل أبي بكر الصديق: يظهر من الحديث مكانة أبي بكر رضي الله عنه وفضله، حيث كان رفيق النبي في هذه الرحلة العصيبة، وشاركه همّه وخوفه، وكانت منزلته "الثاني من الاثنين".
4- الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله: لم يكتف النبي ﷺ وأبو بكر بالدعاء والتوكل، بل أخذا بأسباب النجاة والاختفاء (الاختباء في الغار، واستئجار دليل خبير، وغيرها)، ثم توكلوا على الله حق توكله.
5- الهدوء والثبات في المواقف الصعبة: الموقف يظهر ثبات النبي ﷺ ورباطة جأشه في موقف يُذْهِبُ العقول، بينما انتاب أبي بكر شيء من الخوف البشري الطبيعي، فكان النبي ﷺ هو المثبِّت والمطمئن.
6- بركة الصحبة الصالحة: في الشدائد يظهر معدن الرجال، وكان أبو بكر خير صاحب في خير رحلة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث من الأحاديث المتواترة، رواه جمع كبير من الصحابة، منهم: أبو بكر نفسه، وأنس بن مالك، وعمر بن الخطاب، وابن عباس، وغيرهم رضي الله عنهم.
* استدل العلماء بهذا الحديث على فضل أبي بكر الصديق وكونه أفضل الصحابة على الإطلاق، لأنه الوحيد الذي ناله شرف المصاحبة في الغار.
* الحديث أصل عظيم في عقيدة أهل السنة في صفة "المعية" لله تعالى، حيث يثبتون لله المعية على حقيقتها بما يليق بجلاله، من غير تحريف ولا تع
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٥٣)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣٨١) كلاهما من طريق همام، ثنا ثابت، ثنا أنس بن مالك، أن أبا بكر الصديق حدثه قال: فذكره.
وهذا لفظ البخاري، وزاد مسلم في أوله: «نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار، فقلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم ...» فذكره.
وروي عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال لأبي بكر: «أنت صاحبي على الحوض، وصاحبي في الغار» رواه الترمذي (٣٦٧٠) عن يوسف بن موسى القطان البغدادي، حدثنا مالك بن إسماعيل، عن منصور بن أبي الأسود، حدثني كثير أبو إسماعيل، عن جميع بن عمير التيمي، عن ابن عمر فذكره.
وكثير هو: ابن إسماعيل أو ابن نافع النواء أبو إسماعيل التميمي ضعيف عند أهل العلم، وشيخه جميع بن عمير ضعيف أيضا عند جمهور أهل العلم.
اختلف أهل العلم في مدة مكثهما في الغار، فقال مجاهد: ثلاثة أيام.
وروي في حديث مرسل أن النبي ﷺ قال: «مكثت مع صاحبي في الغار بضعة عشر يوما، ما لنا طعام إلا ثمر البرير» يعني: الأراك.
قال ابن عبد البر: هذا غير صحيح عند أهل العلم بالحديث، والأكثر على ما قاله مجاهد. «الاستيعاب (١٤٩٠)».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 26 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا

  • 📜 حديث: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب