حديث: لا سبيل إليه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب دعاء النبي ﷺ لإسلام عمر
صحيح: رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٨٦٤) عن يحيى بن سليمان قال: ثني ابن وهب قال: ثني عمر بن محمد قال: فأخبرني جدي زيد بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: بينما فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنة نبيه ﷺ. هذا الحديث العظيم الذي ذكرته هو شهادة على نعمة الله تعالى على سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلى الأمة كلها بإسلامه، وهو من الروايات التي تُذكر في قصّة إسلامه.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث، أقدّمه لك على النحو التالي:
أولاً. شرح المفردات:
● بينما هو في الدار خائفًا: "هو" يعود إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل إسلامه. كان في بيته خائفًا من قريش إن أعلن إسلامه.
● العاص بن وائل السهمي: رجل من أشراف قريش وكفارها، وهو والد عمرو بن العاص رضي الله عنه (لذلك نُسب إليه "أبو عمرو").
● حلة حبرة: "الحلة" هي ثوبان، إزار ورداء. و"الحبرة" نوع من الثياب اليمنية الفاخرة المخططة.
● قميص مكفوف بحرير: أي أن أكمام القميص أو حواشيه مُزينة ومُطرَّزة بالحرير، وهي علامة على الثراء والوجاهة.
● بني سهم، وهم حلفاؤنا في الجاهلية: بنو سهم بطن من قريش، وكان بينهم وبين بني عدي (قبيلة عمر) حلف ومعاهدة في الجاهلية.
● لا سبيل إليك: أي لا طريق لهم إليك ولا قدرة لهم على الوصول إليك أو إيذائك. وهي كلمة تعني الحماية والمنعة.
● سال بهم الوادي: يعني أن الناس خرجوا جماعات كبيرة وكثيفة، كسيل الوادي.
● هذا ابن الخطاب الذي صبأ: "صبأ" يعني ترك دين قومه وارتد عنه، وكانت قريش تطلقها على من يدخل في الإسلام.
● فكّر الناس: أي رجع الناس وتراجعوا عن عزمهم على مواجهة عمر.
ثانيًا. شرح الحديث:
يصف هذا الحديث، الذي رواه عبد الله بن عمر عن والده، لحظة حرجة ومفصلية في حياة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقبل إسلامه مباشرة.
كان عمر رضي الله عنه قد عقد النية على إعلان إسلامه، لكنه كان يخشى بطش وبطالة قريش، فكان جالسًا في داره خائفًا مترددًا. فجاءه العاص بن وائل - وهو من وجهاء قريش وكبارها - في زيّه الفاخر الذي يدل على منصبه، وقد ذكر الراوي نسبه وحلفه مع قبيلة عمر (بني عدي) لتوضيح سبب تدخله وحمايته لعمر.
سأله العاص عن سبب خوفه، فأخبره عمر أن قومه (قريشًا) يهددونه بالقتل إذا أعلن إسلامه. هنا، يعلن العاص بن وائل حمايته لعمر قائلاً: "لا سبيل إليك"، أي أنك تحت حمايتي وجماعتي ولن يستطيع أحد أن يمسك بسوء. فاطمأن عمر لهذه الكلمة، وهي بمثابة "جوار" في العرف القبلي آنذاك، مما أعطاه الثقة والأمان للخروج.
وبمجرد أن غادر العاص بن وائل، التقى بالجماهير الغاضبة من قريش التي كانت تتجه مثل السيل إلى دار عمر لمواجهته، فلما سألهم عن وجهتهم وأخبروه، كرر لهم عبارة الحماية والمنعة: "لا سبيل إليه". فكان لقوله هذا أثر عظيم، فلم تجرؤ قريش على تحديه، وتراجعت الجماهير وانسحبت.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- نعمة الله تعالى في إسلام عمر: يبيّن الحديث كيف هيّأ الله الأسباب لإسلام أحد أعظم أركان الإسلام، فلو أن قريشًا هاجمت عمر ذلك اليوم لربما قتلوه أو أعاقوا إسلامه، فكانت حماية العاص بن وائل - وهو كافر - بتقدير الله وسخره لحماية من سيكون سببًا في عزة الإسلام.
2- فضل الحلف والعهود: الحديث يظهر أهمية الوفاء بالعهود والحلف حتى في الجاهلية، فقد حافظ العاص بن وائل على حلف قبيلته مع قبيلة عمر، وكان هذا من الأسباب التي قيضها الله.
3- قوة تأثير أهل المكانة والزعامة: كلمة واحدة من رجل ذي جاه ونفوذ (العاص بن وائل) كانت كافية لردع جماعة غاضبة، مما يدل على أهمية نفوذ الصوت العاقل في تخفيف الأزمات.
4- التدرج في التغيير وتهيئة الأسباب: لم يكن إسلام عمر حدثًا عشوائيًا، بل سبقه تخطيط وخوف، ثم هيأ الله له أسباب الحماية والأمان، مما يعلمنا أن نتوكل على الله مع الأخذ بالأسباب.
5- اطمئنان القلب بقدرة الله: في النهاية، الأمان الحقيقي هو من عند الله تعالى. اطمئنان عمر بعد قول "لا سبيل إليك" كان من تقدير الله، فهو الذي يسخر العباد لخدمة دينه.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذا الحديث جزء من قصة إسلام عمر بن الخطاب الطويلة، والتي كان خروجه بعدها إلى النبي ﷺ مع مجموعة من المسلمين ليعلن إسلامه في الملأ أمام قريش، فكان ذلك عزة للإسلام.
- العاص بن وائل هذا هو والد عمرو بن العاص رضي الله عنه، الذي أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه وكان قائدًا فذًا.
- الرواية تظهر مدى الخوف والترهيب الذي كان يعيشه من يريد الدخول في الإسلام في مكة، مما يجعل إيمان أولئك الصحابة أعظم وأجل.
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفقه في دينه، والاقتداء بصحابة نبيه ﷺ
تخريج الحديث
وفي لفظ: «لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره، وقالوا: صبأ عمر، وأنا غلام فوق ظهر بيتي، فجاء رجل عليه قباء من ديباج، فقال: قد صبأ عمر فما ذاك؟ فأنا له جار، قال: فرأيت الناس تصدعوا عنه، فقلت: من هذا؟ قالوا: العاص بن وائل»
رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٨٦٥) عن علي بن عبد الله، ثنا سفيان قال عمرو بن دينار: سمعته قال: قال عبد الله بن عمر: لما أسلم عمر فذكره.
ولا يصح ما روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: خرجت أتعرض لرسول الله ﷺ قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة، فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قال: فقلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش، قال: فقرأ: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ﴾ [الحاقة: ٤٠ - ٤١] قال: قلت: كاهن، قال: ﴿وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٢ - ٤٧] إلى آخر السورة، قال: فوقع الإسلام في قلبي كل موقع.
رواه أحمد (١٠٧) عن أبي المغيرة (اسمه: عبد القدوس بن الحجاج الخولاني)، حدثنا صفوان، حدثنا شريح بن عبيد قال: قال عمر بن الخطاب فذكره.
وإسناده منقطع لأن شريح بن عبيد لم يدرك عمر، وبه أعله الهيثمي في المجمع (٩/ ٦٢).
وكذلك لا يصح ما روي عن ابن عباس قال: سألت عمر عن إسلامه قال: خرجت بعد إسلام
حمزة بثلاثة أيام، فإذا فلان بن فلان المخزومي، فقلت له: أرغبت عن دين آبائك واتبعت دين محمد؟ قال: إن فعلت فقد فعله من هو أعظم عليك حقا مني، قال: قلت: ومن هو؟ قال: أختك وختنك، قال: فانطلقت فوجدت الباب مغلقا وسمعت همهمة، قال: ففتح لي الباب فدخلت، فقلت: ما هذا الذي أسمعه عندكم؟ قالوا: ما سمعت شيئا، فما زال الكلام بيني وبينهم، حتى أخذت برأس ختني فضربته ضربة فأدميته، فقامت إلي أختي فأخذت برأسي فقالت: قد كان ذلك على رغم أنفك، قال: فاستحييت حين رأيت الدماء، فجلست وقلت: أروني هذا الكتاب، فقالت أختي: إنه لا يمسه إلا المطهرون، فإن كنت صادقا فقم فاغتسل، قال: فقمت فاغتسلت وجئت فجلست، فأخرجوا إلي صحيفة فيها: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ قلت: أسماء طاهرة طيبة: ﴿طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢)﴾ [طه: ١ - ٢] إلى قوله: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [طه: ٨] فتعظمت في صدرِي، وقلت: من هذا فرت قريش؟ ثم شرح صدري للإسلام، فقلت: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [طه: ٨]، قال: فما في الأرض نسمة أحب إلي من رسول الله ﷺ، قلت: أين رسول الله؟ قالت: عليك عهد الله وميثاقه أن لا تهجه بشيء يكرهه، قلت: نعم، قالت: فإنه في دار أرقم بن أبي الأرقم في دار عند الصفا، فأتيت الدار فأسلمت. . . الحديث بطوله.
رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة (٦/ ٣٤١٠) من طريق محمد بن أبان، عن إسحاق بن عبد الله، عن أبان بن صالح عن مجاهد، عن ابن عباس فذكره.
وإسحاق بن عبد الله هو ابن أبي فروة متروك. وروي من أوجه أخرى كلها معلولة.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 60 من أصل 643 حديثاً له شرح
- 35 لو كنت متخذا من هذه الأمة خليلا لاتخذته
- 36 اتخذ الله صاحبكم خليلا
- 37 إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل
- 38 سدوا عني كل باب في المسجد إلا باب أبي بكر
- 39 أتيت النبي فأمرها أن ترجع إليه قالت أرأيت إن جئت...
- 40 قلة أصحاب النبي في بداية الدعوة
- 41 مروا أبا بكر فليصل للناس
- 42 أمر النبي أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه
- 43 مروا أبا بكر فليصل بالناس
- 44 يأبى الله ذلك والمسلمون
- 45 إن حضرت صلاة العصر ولم آتك فمر أبا بكر فليصل...
- 46 من أصبح منكم اليوم صائما
- 47 باب الصيام هو باب الريان
- 48 أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر
- 49 البعير الذي كنت عليه فأصبنا العقد تحته
- 50 من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه
- 51 فقال رسول الله ﷺ لأبي بكر: ما أبقيت لأهلك؟ قال:...
- 52 عتيق الله من النار
- 53 طير الجنة كأمثال البخت ترعى في شجر الجنة
- 54 ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت
- 55 من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات
- 56 الحرب المجلية والسلم المخزية في حديث وفد بزاخة مع أبي...
- 57 أبو بكر يتقيأ بعد أكل شاة سُحرت بولادة غلام
- 58 أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك أبي جهل أو عمر بن...
- 59 عز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة
- 60 لا سبيل إليه
- 61 «حتى أكون أحب إليك من نفسك»
- 62 محدَّثون في الأمم السابقة وإن يك في أمتي أحد فإنه...
- 63 عمر بن الخطاب من المحدثين في الأمة
- 64 قميص يجرُّه عمر بن الخطاب
- 65 العلم: شربت لبنا حتى رأيت الري يخرج من أظفاري ثم...
- 66 شربت لبنا حتى رأيته يجري في عروقي
- 67 نساء قريش يهبن عمر ولا يهبن رسول الله
- 68 نساء يرفعن أصواتهن على النبي ﷺ فيدخل عمر فتبتدرن الحجاب
- 69 حبشية تزفن والصبيان حولها فقال يا عائشة تعالي فانظري
- 70 ما سلك عمر فجا إلا سلك الشيطان فجا غيره
- 71 رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة
- 72 بينما أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى...
- 73 قصر من ذهب في الجنة لعمر بن الخطاب
- 74 بم سبقتني إلى الجنة يا بلال
- 75 يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن
- 76 إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن
- 77 سبب نزول: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا...
- 78 إني خُيِّرْتُ فاخترتُ، لو أعلم أني إن زدت على السبعين...
- 79 عن ابن عمر: إن الله جعل الحق على لسان عمر...
- 80 نعم الفتى غضيف
- 81 عنوان الحديث: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه"
- 82 ما كان نبي قط إلا في أمته معلَّم أو معلَّمان
- 83 فتنة تموج كموج البحر
- 84 وددت أن عملنا كله مع رسول الله ﷺ برد لنا
معلومات عن حديث: لا سبيل إليه
📜 حديث: لا سبيل إليه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا سبيل إليه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا سبيل إليه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا سبيل إليه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, December 17, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








