قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن يوم الحشر في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿۞ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203]
أمر الله بذكرَه في أيَّام التشريق؛ لأنه مَقصِدها، فمَن أكرمه الله بالوفود عليه فليلهَج بذِكره وشُكره. ذكَّرهم ربُّهم بالتقوى لئلَّا يتَّكلوا على أعمالهم، ويغترُّوا بأدائهم لمناسكهم، فإنما يتقبَّل الله من المتَّقين. مَن علم أنه لا بدَّ من حشرٍ وحساب، كان ذلك من أقوى الدَّواعي له إلى ملازمة التقوى، وفي الحجِّ شَبهٌ بيوم الحشر، فليعتبِر الحاجُّ وليستعدَّ لذلك اليوم. |
﴿وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]
مَن قدَّر اليوم الآخرَ حقَّ قدره، وعلم أنه محاسبٌ فيه على كلِّ أعماله، أصلح كلَّ معاملاته. في التذكير بيوم الجزاء بعد آيات المعاملات تنبيهٌ للعباد؛ ليتَّقوا الظلمَ، ويجتنبوا الشهَوات. |
﴿وَلَئِن مُّتُّمۡ أَوۡ قُتِلۡتُمۡ لَإِلَى ٱللَّهِ تُحۡشَرُونَ ﴾ [آل عمران: 158]
ما من أحدٍ إلا وسيموت، سواءٌ على فراشه أم في ساحات القتال، لكنَّ مصيره إلى الله وحدَه، فمن سعيدٍ بما قدَّم، ومن قارعٍ سنَّ النَّدم. |
﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ لَيَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا رَيۡبَ فِيهِۗ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثٗا ﴾ [النساء: 87]
يا له من تخويف؛ بدأ باسمه العظيم، وتوحيده الجليل، وقسَمِه المؤكِّد؛ ليذكِّرَنا يوم الجمع، حيث نُساق إلى الحساب سَوقًا! التذكير الدائمُ بيوم القيامة، وحقيقةِ وقوعه، وعِظَمِ ما يحصل فيه، يعظ القلوبَ ويوقظ من سِنة الغفلة، ويعينُ على المسارعة إلى مضامير الخيرات. إذا تدبَّر المسلم كلامَ ربِّه ازدادَ يقينًا بعِظَم صدقه؛ لأنه لا كلامَ أكثر مطابقةً للواقع من كلامه، ولا خطابَ أبلغ صدقًا من خطابه. |
﴿وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمُهَيۡمِنًا عَلَيۡهِۖ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَكُمۡ فِي مَآ ءَاتَىٰكُمۡۖ فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ ﴾ [المائدة: 48]
كم معانٍ للحقِّ تتجلّى في هذا الكتاب الكريم! ولا غَروَ؛ فإنه منزَّل من عند الله الحقِّ العظيم، فالحقُّ يُشرق في عقائده وأحكامه، وأخباره ومواعظه. إذا كان القرآنُ الكريم مهيمنًا على الكتب السابقة وهي كتب الله، فكيف لا يكون مهيمنًا على آراء الأنام، وتصوُّراتِ الأفهام، وأقلام الكتاب، ونتائج الألباب؟! تحكيم الشريعة لا يقوم على إرضاء الأهواء، وتجميع مختلِفي الآراء، وإنما يقوم على القضاء بالحقِّ، رضيَ مَن رضي، وسَخِط مَن سخِط. لمَّا قامت طرائقُ المُعرضين عن الشرع على الضَّلال الموافقِ للشهَوات سماها الله أهواءً؛ لصُدورها عنها. إذا كان الرسولُ الكريم ﷺ قد نُهيَ عن اتِّباع أهواء الناس وهو المؤيَّد من ربِّه، البريءُ من أهواء نفسه، فما بالك بغيره ممَّن ينازعُه الهوى ويغالبه، وتحاصرُه الشهواتُ وتحاربه؟ ما من طريقٍ ثالث لصاحب الحقِّ مع المخالف. إما أن يسلكَ معه جادَّتَه، وإما أن يذَرَه ومنهاجَه. سُنة من الابتلاء ماضيةٌ، وطريقةٌ في الحياة باقية، أن الناسَ لا يزالون مختلفين، وعلى الحقِّ متنازعين، فجمعُهم كلِّهم على نهج واحد محاولةٌ عقيمة لا تكون، وغايةٌ بعيدةٌ لا تُدرَك. في طريق الخيرات لا تستعمل كوابحَ الوقوف، ولا تُبطِئ إن رأيتَ كثرة الواقفين، ولكن استَبِق وسارع، واغتنم ونافس. بيَّن الله للناس في الدنيا ما فيه يختلفون، بإرسال المرسَلين، وإظهار أدلَّة الحقِّ المبين، ومع ذلك قد يَخفى المحقُّ من المُبطل، لكنَّه في الآخرة إذا جازاهم امتاز أهلُ الحقِّ من أهل الباطل. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهۡتَدَيۡتُمۡۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [المائدة: 105]
لا يتِمُّ اهتداءُ الإنسان حتى يقومَ بالواجبات ويترُكَ المحرَّمات، ويأمرَ بالمعروف غيرَه من الناس، فإن ضلُّوا بعد ذلك فلن يضرَّه ضلالُهم، ولا يَنقصُ اهتداءَه انحرافُهم. أقبِـل على نفسـك فاستكمِـل فضائلَهـــا، واشتغل بتزكيتها وتطهيرِ أخلاقها؛ فإن ذلك يُعينك على الثبات إذا فسَد الزمان بأهله. سـواءٌ مَن اتَّبعَ منهـاجَ الحقِّ أو مَـن اتَّبـع مناهجَ الخَلق، الكلُّ إلى الله عائد، ولكن شتَّانَ بين عواقب الفريقين يومَ المعاد. |
﴿۞ يَوۡمَ يَجۡمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبۡتُمۡۖ قَالُواْ لَا عِلۡمَ لَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ ﴾ [المائدة: 109]
إنه موقفٌ عظيم، ومشهدٌ مَهُول، فإذا كانت الرسُل يوم القيامة ستُسأل: بماذا أُجيبَت؟ فما موقفُ الناس حين تُسأل: بماذا أجابت؟ للهِ أدبُ الرسُل وأخلاقُهم! فهم ينفون عن أنفسهم العلمَ بالغيب من دون الله، ولا يحكمون على ما في ضمائر الناس، ويترفَّعون عن تصفيةِ الحسابات مع الأتباع المكذِّبين. في مواقف الهَيبة قد تخرَسُ الألسنة، ولا تَنبِسُ الأفواه ببنتِ شَفة، فكيف بموقفِ العرض الأكبر، أمامَ الربِّ العظيم؟! |
﴿وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴾ [الأنعام: 21]
كيف لا يكون أظلمَ الخلق وأخسرَهم مَن يعتدي على حقِّ الله تعالى بإفراده بالعبادة، وعلى النفس بإهلاكها بتكذيب آيات الله، وعلى الخَلق بإفساده في الأرض. |
﴿وَيَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ أَيۡنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ ﴾ [الأنعام: 22]
سـؤال التوحيـد يومَ القيامة أعظمُ سؤال، فمَن حقَّقَ جوابَه في الدنيا بصالح العمل نال الفلاحَ يومَ المعاد. سـؤالٌ يَصُـكُّ آذانَ المشـركين، يوم يُقـال لهم عند الحساب: أين شركاؤكم اليومَ؟ هل وجدتُّموهم حقًّا، أو ألفَيُتم منهم نَصرًا؟! |
﴿۞ إِنَّمَا يَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسۡمَعُونَۘ وَٱلۡمَوۡتَىٰ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ ﴾ [الأنعام: 36]
إذا مات القلبُ ماتت رسلُه، فصَمَمُ الآذان من صمَمِ القلب، فأقبِل على كلام الله بقلبك، فذاكَ أمثَلُ ما يُعينُك على الاستجابة له بجوارحك. حياة القلب بالاستجابةِ للحقِّ، فإن لم يستجب له فَقَدَ حياتَه، وذهبَ نصيبُ الروح منه، وإن بقيَ خفَقانُه لحياةِ الجسد. |
﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُم بِٱلَّيۡلِ وَيَعۡلَمُ مَا جَرَحۡتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبۡعَثُكُمۡ فِيهِ لِيُقۡضَىٰٓ أَجَلٞ مُّسَمّٗىۖ ثُمَّ إِلَيۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 60]
يتوفَّى اللهُ عبادَه في مراقدهم ليلًا ليستريحوا من عناء النهار، ثم يبعثُهم بعد نومهم وهو يعلم أن كثيرًا منهم سيتوجَّهون إلى غيره، ويفعلون ما نهاهم عنه، فما أرحمَه سبحانه وما أحلمَه! استحضِر عند الوفاةِ الصغرى (النوم) الوفاةَ الكبرى (الموت)، وتذكَّر عند البعثِ الأصغر (الاستيقاظ) البعثَ الأكبر (يوم الجزاء)؛ فكم نائمٍ لم يقُم من فراشه، ومستيقظٍ لم يعُد إلى مَضجَعه! نومُك ويقظتُك تحت سلطان الله وقهرِه، فإن شاءَ ألا تنامَ فلن تنام، وإن شاء ألا تصحوَ فلن تصحو، فلا مُكرهَ له، ولا غالبَ على ما يريد. |
﴿ثُمَّ رُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۚ أَلَا لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَهُوَ أَسۡرَعُ ٱلۡحَٰسِبِينَ ﴾ [الأنعام: 62]
قد خلقك ربُّك لعبادته وأنت عائدٌ إليه ولا بدَّ، فهل ستعودُ إليه محقِّقًا ما خلقك من أجله، أو ستعودُ بما خالفَه، فتذكَّر عِظمَ المقابلة وما زلتَ في أرض السفر. مَن لا يشغَلُه شأنٌ عن شأن، لا يشغلُه حسابٌ عن حساب، وأنَّى لأحدٍ أن يماطلَ في حسابه يومئذٍ أو يغالطَ علَّامَ الغيوب؟ |
﴿وَأَنۡ أَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّقُوهُۚ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ﴾ [الأنعام: 72]
إقامة الصلاة والتزيُّنُ بالتقوى من مظاهر الاستسلام لربِّ العالمين، فمَن ضيَّعَهما فقد استسلمَ للشياطين. الناجونَ في الحشر إلى ربِّ العالمين هم المستسلمون له، الذين لم يقدِّموا على الانقياد لأمره الآراء، ولا اتِّباعَ الشهَواتِ والأهواء. |
﴿وَلَا تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدۡوَۢا بِغَيۡرِ عِلۡمٖۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرۡجِعُهُمۡ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 108]
قد ينجَرُّ المسلم في محبَّته للحقِّ إلى ذمِّ الباطلِ بما يضرُّ ولا ينفع، فيُفسد وهو مريدٌ للإصلاح. العقلاء يَنظرون إلى مآلاتِ الأمورِ قبل الإقدام عليها، فما أدَّى إلى فسادٍ يفوِّتُ المصلحةَ أو يزيدُ عليها فإنهم يُحجِمون عنه. الحُكم الشرعيُّ يلائم الحكمَ الكونيَّ في الإصلاح، فالنهيُ عن سبِّ آلهة المشركين ليس احترامًا لها، بل لأن الحَمِيَّةَ للضلال المزيَّن تَدفعُ إلى سبِّ الحقِّ سبحانه. ما أكثرَ تزيُّنَ الباطلِ وتزيينَه في العصر الحاضر! والعجبُ العُجابُ أن يجدَ له من بني جلدتنا سمَّاعين ومُغترِّين. |
﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ ﴾ [الأنعام: 128]
حذارِ من أولياء الشيطان، ممَّن يَلبَسون لَبُوسَ أولياء الرحمن، عليهم مُسوحُ الحُملان، وقلوبُهم قلوبُ الذئاب، لا يغترُّ بهم إلا مَن قلَّ حظُّه من العلم والإيمان. إن العَلاقات التي لا تقومُ على تقوى الله وما أباحَه، ستنتهي بأصحابها إلى عاقبة السوء يوم القيامة. كلُّ متعةٍ تمنع لذةَ الآخرة، وتخلِّف آلامًا أعظمَ منها، فحريٌّ بالعاقل أن يتباعدَ عنها. بادر بالتضرُّع إلى الله، والفرصةُ مُواتية، والأيَّامُ باقية، ولا تنتظر يومًا لا تُقبَل فيه الأعذار. جلَّ شأنُ مَن أحكامُه كلُّها حكمةٌ وعدل، فإن قضى على عبدٍ بجهنَّمَ فقد جرى حكمُه عليه بما يستحقُّ. |
﴿قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِي رَبّٗا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيۡءٖۚ وَلَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٍ إِلَّا عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ ﴾ [الأنعام: 164]
أيدَعُ امرؤٌ عاقل عبادةَ خالقه، ويَدينُ لمخلوقٍ مثلِه؟! ما يكونُ لذي لُبٍّ أن يفعلَ ذلك. شرعُ الله لا يقبل أن يُؤخذَ فيه بريءٌ بذنب غيره، فأيُّ حُجَّةٍ لمَن خالف هذا القضاءَ العادل؟! عدم مؤاخذةِ الإنسان بجنايةِ غيره لا تشملُ المتسبِّبَ في جنايته، وداعيه إليها، فوِزرُ الضلال مكتوب، ووِزرُ الإضلال محسوب. |
﴿قُلۡ أَمَرَ رَبِّي بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَۚ كَمَا بَدَأَكُمۡ تَعُودُونَ ﴾ [الأعراف: 29]
أمور الدين تحتاجُ إلى تثبُّت، فلا ينبغي للعاقل أن تستهويَه الشعارات، حتى يرى موافقتَها للحقِّ، فإن وافقَته اتَّبع، وإن خالفته رجَع. أوامر الله ونواهيه تستحسنُها العقولُ السليمة، وتقبَلُها الفِطرُ القويمة. إلى الخالق القادر مَعادُ الخلق الأوَّل والآخِر، وفي ذلك اليوم حسابُهم، وبالإشراك به عقابُهم. |
﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَقَلَّتۡ سَحَابٗا ثِقَالٗا سُقۡنَٰهُ لِبَلَدٖ مَّيِّتٖ فَأَنزَلۡنَا بِهِ ٱلۡمَآءَ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِۚ كَذَٰلِكَ نُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 57]
المطر مظهرٌ من مظاهر رحمة الله بعباده، جعل بين يديه أسبابًا ينزل بها، فما أحرانا أن نأخذَ بها. يقيم اللهُ حُججَ قدرته ببعض مَشاهدِ خلقه؛ حتى يؤمنَ الجاحد، ويقوى إيمانُ الضعيف. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24]
قال قَتادة: (هو هذا القرآنُ فيه الحياةُ والثقة، والنجاةُ والعِصمة في الدنيا والآخرة). ما قيمةُ حياة البدَنِ ومعرفة ما ينفعُه وما يضرُّه، ما لم يكن صاحبُه ذا قلب حيٍّ يميزُ به الحقَّ من الباطل؟ الحياة الحقيقيَّة هي في الاستجابةِ لله ولرسوله ﷺ، فمَن كان حظُّه من الاستجابة أوفى كان حظُّه من الحياة أتمَّ. مَن تثاقل عن الاستجابة فلا يأمننَّ أن يحولَ اللهُ بينه وبين قلبه، فلا يُمكِّنه بعد ذلك منها. |
﴿يَعۡتَذِرُونَ إِلَيۡكُمۡ إِذَا رَجَعۡتُمۡ إِلَيۡهِمۡۚ قُل لَّا تَعۡتَذِرُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكُمۡ قَدۡ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنۡ أَخۡبَارِكُمۡۚ وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [التوبة: 94]
لا يبقى المنافقون بين المؤمنين مستورين دائمًا، مهما حاولوا مدَّ بساطِ الاستتار؛ فأعمالُهم، وأحوالُهم السيِّئةُ المتتابعةُ تنقُلهم إلى جوِّ العلانية. الأعمالُ هي ميزانُ الصدقِ والكذب، وأما مجرَّدُ الأقوالِ فلا تَصدُقُ دائمًا. ألا يرعوي عن المعصية امرؤٌ يُدرِكُ أن ربَّه سبحانه عالمٌ بجميعِ أعماله؛ ظاهرِها وباطنها، ومحيطٌ بأحواله؛ بارزها وكامِنها؟ كم دافعٍ للعمل يَخفى حتى على صاحبِه وهو يفعلُه، واللهُ أعلمُ به منه! وكم نتيجةٍ للعمل لا يدري صاحبُه وقوعَها، واللهُ يعلمُها دُونه! لا ينبغي لأحدٍ أن يزكِّي عملَه بمجرَّدِ حصوله، وإنما يُفوِّضُه إلى الله؛ فهو العالِمُ بصلاحِه وقَبوله. |
﴿وَقُلِ ٱعۡمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105]
التوبة الصادقةُ يدلُّ عليها الإقبالُ على العمل الصالح مُصدِّقًا تلك المشاعر. سطِّر في كتابِ عملك أحسنَ الأعمال؛ فإنك على موعدٍ بمقابلةِ ذي الجلال، وستقرأُ كتابك، وتُحاسب على ما فيه. |
﴿فَلَمَّآ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ يَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَّتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [يونس: 23]
فسادُ الشِّركِ فسادٌ عظيم، فكأنه إذا حصلَ في بقعةٍ من الأرض عمَّ الأرضَ كلَّها، فلا يزال ينتشرُ فيها ظلامُه حتى يُطفئَه اللهُ بنور التوحيد. لا يكونُ البغيُ بحقٍّ أبدًا، لكنه بالباطل الصُّراحِ دائمًا، فأصحابُه لا يفعلونه عن شُبهة، وإنما تمرُّدًا وعِنادًا وتشهِّيًا. البغيُ هو البغي، سواءٌ كان على النفس بإيرادها مواردَ التَّهلُكة، والزَّجِّ بها في رَكب الندامة، أو كان بغيًا على الناس؛ فإن الناسَ نفسٌ واحدة. كيف يبغي مَن يؤمنُ بأن وراءه يومًا سيُقتصُّ منه فيه على ما فعل؟ مَن أيقن أنه إلى الله راجع، وبين يديه واقف، وعلى عمله مُحاسَبٌ ومُجازى؛ انكفَّ عن معاصيه، وكان لربِّه على ما يُرضيه. |
﴿وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةِۭ بِمِثۡلِهَا وَتَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ مَّا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۖ كَأَنَّمَآ أُغۡشِيَتۡ وُجُوهُهُمۡ قِطَعٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مُظۡلِمًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [يونس: 27]
فطر اللهُ الإنسانَ على الإحسان، فالمؤمنُ وافق الفطرة فعمل الحسنات، والكافرُ انتقل عنها واكتسب السيِّئات. تَعَلَّم العدلَ من تعاليم القرآن، فأحسِن إلى مَن أحسن، ولا تَجزِ المسيءَ بغير ما اكتسب، ولا تتجاوزْ معه قدرَ إساءته. ما أشدَّ ذِلةَ أهلِ النار وأعظمَها! ذِلةٌ تغشى النفوسَ، ولا تَقتصرُ على الوجوه. لا يغترَّ باللهِ أحدٌ وهو مقيمٌ على الإشراك به لا يبارحُه، فإن أخْذَه تعالى أكيدٌ، وغضبَه شديد، ولا يعصِمُ المشركَ منه أحد. للسيئةِ أثرٌ على الوجه في الدارين، فهي تُظلِمُ النفسَ والقلبَ في الدنيا، ويَظهرُ ذلك الظلامُ على الوجوهِ يوم القيامة. ما أشدَّ مسَّ النار! فكيف بمَن يكونُ من أهلها المقيمين فيها أبدًا. |
﴿هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ ﴾ [يونس: 30]
لا بُدَّ من يومٍ تظهرُ فيه نتائجُ الأعمال، ويعرِفُ كلُّ امرئٍ جزاءَ ما قدَّم، والعاقلُ من أحسنَ العمل، لينالَ يومَ القيامة الأمل. هنالك يومٌ تُردُّ فيه أمورُ الخلقِ إلى الخالق، ويخيبُ فيه كلُّ مفترٍ على ربِّه الكذبَ، فليتأهب الإنسانُ لذلك اليومِ بما يُنجيه. |
﴿قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۚ قُلِ ٱللَّهُ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ ﴾ [يونس: 34]
لو تأمَّل المشركون في عجز معبوداتهم الباطلة عن الإحياء والإماتة لعرَفوا بُطلانَ ما هم عليه، فسبحانَ من له الخلقُ والأمر! كيف عبدوا غيرَه؟! مَن سلَّم بقدرة الله تعالى على ابتداءِ الخلق، سلَّم بقدرته على إعادتهم؛ فإن القادرَ على الابتداء قادرٌ على الإعادة، بل هي أهونُ عليه. |
﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ كَأَن لَّمۡ يَلۡبَثُوٓاْ إِلَّا سَاعَةٗ مِّنَ ٱلنَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيۡنَهُمۡۚ قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ ﴾ [يونس: 45]
إذا حقَّقتَ مُدَّة الدنيا لم تجدها إلا (الآنَ) الذي هو فصلُ الزمانين فقط، أمَّا ما مضى وما لم يأتِ فمعدومانِ كما لم يكن؛ فمَن أضلُّ ممَّن يبيع باقيًا خالدًا بمدَّةٍ هي أقلُّ من طَرْفة عين؟! ما أسوأَ اليقَظةَ المتأخِّرة! ولكن ما أحسنَها لو كانت في الدنيا، حيث يمكنُ تدارُك التقصير! |
﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ ثُمَّ ٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفۡعَلُونَ ﴾ [يونس: 46]
لا تستعجلنَّ قضاءَ الله في المُعرِضينَ عن الحق، فإنه آتٍ بلا شكٍّ، وإن لم ترَه بعينك؛ ذلك أن أمرَ الخلقِ إلى الخالق، يُنفِذُ قضاءَه فيهم متى شاء. على داعي الحقِّ أن يبلِّغَ فحسب، دون انتظار أن يرى مَصارعَ المكذِّبين له. |
﴿هُوَ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [يونس: 56]
مَن يملِكُ الحياةَ والموت يملِكُ الرَّجعةَ والحساب، ولا يكونُ ذلك إلا لربِّ الأرباب. |
﴿مَتَٰعٞ فِي ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلۡعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ ﴾ [يونس: 70]
ليس الفلاحُ أن يتمتَّعَ المرءُ بالدنيا ثم ينقطعَ في نهايةِ الطريق، لكنَّ الفلاحَ أن يتزوَّد من دنياه بما يُنجيه في أُخراه، ويبلِّغُه آمالَه لدى مولاه. كيف يطِيبُ متاعٌ يَعقُبُه عذاب، وكيف يَعصي عبدٌ ربًّا وهو عمَّا قريبٍ سيصيرُ إليه، ويقف بين يديه؟! |
﴿إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ ﴾ [هود: 4]
لا مرجِعَ للعبدِ إلا إلى اللهِ تعالى، فهو وحدَه سبحانه المدبِّرُ والمتصرِّف، فيا ضيعةَ من تعلَّق بغيره حتى وردَ عليه! الله جلَّ جلاله قادرٌ على ما يشاء، من الإحسان إلى أوليائه، والانتقام من أعدائه، وإعادةِ الخلائق يومَ القيامة، فما ظنُّكم برجوعكم إلى القادر على كلِّ شيء وقد عصيتُم أمره؛ أليس يعذِّبكم عذابًا كبيرًا؟! |
﴿وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعٗا فَقَالَ ٱلضُّعَفَٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا مِنۡ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ قَالُواْ لَوۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ لَهَدَيۡنَٰكُمۡۖ سَوَآءٌ عَلَيۡنَآ أَجَزِعۡنَآ أَمۡ صَبَرۡنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٖ ﴾ [إبراهيم: 21]
ذهبت المناصبُ والألقاب، وبرزوا للملِك الغلَّاب، وما زال الجهَلة يظنُّون أن أسيادهم سينفعونهم بشيء! الاعترافُ بالحقِّ، والندمُ على مخالفته، لن يُجدِي بعد فواتِ الأوان، فطوبى لمن عرف الصوابَ واتبعه في الدنيا، حتى قاده إلى الجنان في الآخرة. كُن هاديًا مَهديًا، تكُن ناجيًا ومُنجيًا، فسبيلُ الهداية في الدنيا طريقُ النجاة يوم القيامة. اصبرِ اليومَ إذ ينفع الصبر، وفِرَّ إلى الله اليوم إذ ينفع الفِرار، قبل أن تصيرَ إلى يوم لا ينفع فيه صبرٌ ولا يُجدي فِرار. |
﴿يَوۡمَ تُبَدَّلُ ٱلۡأَرۡضُ غَيۡرَ ٱلۡأَرۡضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُۖ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ ﴾ [إبراهيم: 48]
ما قدرةُ الإنسانِ الضعيفِ أمامَ مشاهد القيامة الهائلة كتبدُّلِ السماوات والأرض؟ حين يكونُ الملكُ لواحدٍ لا شريكَ له في ملكه، قهارٍ لا يغلِبه أحدٌ، فإلى أين سيلجأُ عبدُه الظالمُ الآبق؟ |
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحۡشُرُهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ ﴾ [الحجر: 25]
مَن كمَلت قدرتُه وعلمُه لن يُعجزَه حشرُ عباده جميعًا؛ ليَقِفَهم بعد ذلك بين يديه. |
﴿وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَا يَبۡعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُۚ بَلَىٰ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ﴾ [النحل: 38]
عجبًا لمَن يُظهر تعظيمَ الله تعالى بالقَسَم باسمه، ولكن على عقيدةٍ تؤمن بعجزه سبحانه عن بعث الأموات! فأيُّ تعظيمٍ هذا؟! قد ألزم الله نفسَه ببعث الأموات لعدله وحكمته، وهو الذي لا مُلزِمَ له سبحانه، أتراه يدَعُ هذا الحقَّ الذي عليه؟! حين يجهل العبدُ عقيدةَ البعث والنشور، فإنه يستمرُّ في الضلال والفجور، لذلك كثُرت الآياتُ الدالَّة على قدرته سبحانه على إحياء عباده؛ لئلَّا يغفُلوا عنه. |
﴿يَوۡمَ يَدۡعُوكُمۡ فَتَسۡتَجِيبُونَ بِحَمۡدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا ﴾ [الإسراء: 52]
ليس ثَمَّةَ غطرسةٌ يوم القيامة، بل سيطلب الناسُ الإجابةَ بأنفسهم مسرعين في القيام؛ طاعةً لله وانصياعًا لأمره، فلله الكبرياءُ والعُلوُّ، وله الحمد والثناء. الأعمار الطويلة للأفراد والأمم وللدنيا كلِّها لن تكونَ إلا في خانة (القليل) في ذلك اليوم الطويل. |
﴿يَوۡمَ نَدۡعُواْ كُلَّ أُنَاسِۭ بِإِمَٰمِهِمۡۖ فَمَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَقۡرَءُونَ كِتَٰبَهُمۡ وَلَا يُظۡلَمُونَ فَتِيلٗا ﴾ [الإسراء: 71]
هذا أكبرُ شرفٍ لكلِّ من سلكَ تعلُّمَ علوم الشريعة، فإن النبيَّ ﷺ إمامٌ له؛ إذ هو المشرِّع الذي تُستَقى منه هذه العلوم. يا سعدَ من يؤتى كتابَه بيمينه، فيقرأ ما فيه فرحًا بما يحتويه! ويا بُشراه بنيل ثواب أعماله الصالحة من غير نقص فيها. |
﴿وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُمۡ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِهِۦۖ وَنَحۡشُرُهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ عُمۡيٗا وَبُكۡمٗا وَصُمّٗاۖ مَّأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ كُلَّمَا خَبَتۡ زِدۡنَٰهُمۡ سَعِيرٗا ﴾ [الإسراء: 97]
ليس موفَّقًا من الله تعالى مَن يُصرُّ على الكفر مع وضوح الدليل، ومَن يتَّخذُ هواه رائدًا له في مواقفَ يجب فيها تحرِّي الحق. لا يتعلَّق العبدُ بغير الله تعالى إلا خذله وأخزاه، ولا يضرُّ العبيدَ مثلُ البعد عن حقيقة التوحيد. مَن لم يستعمل جوارحَه في فهم الحق جُوزيَ بألا ينتفع في الآخرة بشيء منها، ويُحشر وقد حيلَ بينه وبين الانتفاع بها، فيكون حائرًا متخبِّطًا، كحاله يوم كان عن دينه معرضًا. ما أفظعَه من مكان! نارٌ لا يفرح ساكنُها بخُبُوِّها حتى تزيدَه غمًّا بمزيدها، فيا أيها العاقلُ اجعل بينك وبينه وقايةً، تنَل السلامةَ والأمان. |
﴿وَيَوۡمَ نُسَيِّرُ ٱلۡجِبَالَ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ بَارِزَةٗ وَحَشَرۡنَٰهُمۡ فَلَمۡ نُغَادِرۡ مِنۡهُمۡ أَحَدٗا ﴾ [الكهف: 47]
ألا فليحذرِ العاقل، وليتنبَّه الغافل، قبل مجيء يوم شديدِ الأهوال، تُقتلع فيه الجبال من أماكنها! ما أعظمَ ذلك الموقفَ، يوم يُحشر الناس كلُّ الناس وقوفًا بين يدي رب العالمين! فلا مفرَّ لأحد من ذلك الوقوف، والانتظام في تلك الصفوف. |
﴿۞ وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ يَمُوجُ فِي بَعۡضٖۖ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعۡنَٰهُمۡ جَمۡعٗا ﴾ [الكهف: 99]
إن هذه الحياةَ التي تموج بمن فيها، تنتظر ساعةَ الانتقال إلى دار القرار، فمتى نُفخت النفخةُ انتقل الخَلق من عالَم إلى عالم آخر. |
﴿إِنَّا نَحۡنُ نَرِثُ ٱلۡأَرۡضَ وَمَنۡ عَلَيۡهَا وَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ ﴾ [مريم: 40]
أترى كلَّ ما تملكه؟ ستدعُه برمَّته، ثم ستقف بين يدي مَن ائتمنك عليه ليسألك: ما الذي فعلته به، فماذا أنت قائل؟ |
﴿يَوۡمَ نَحۡشُرُ ٱلۡمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحۡمَٰنِ وَفۡدٗا ﴾ [مريم: 85]
كيف بك لو كنتَ في هذا الوفد المكرَّم؟ إذا أردتَ ذلك الإكرام هنالك فكن من المتقين. حُشر المتقون إلى الرحمن، وهو أعظم من أن يقال: حشروا إلى الجنة، وأما المجرمون فإنهم يُساقون رغمًا عنهم عِطاشًا إلى النار، وما أبعد الماء عن النار! وشتان ما بين الفريقين. |
﴿وَنَسُوقُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرۡدٗا ﴾ [مريم: 86]
كيف بك لو كنتَ في هذا الوفد المكرَّم؟ إذا أردتَ ذلك الإكرام هنالك فكن من المتقين. حُشر المتقون إلى الرحمن، وهو أعظم من أن يقال: حشروا إلى الجنة، وأما المجرمون فإنهم يُساقون رغمًا عنهم عِطاشًا إلى النار، وما أبعد الماء عن النار! وشتان ما بين الفريقين. |
﴿وَكُلُّهُمۡ ءَاتِيهِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَرۡدًا ﴾ [مريم: 95]
تذكَّر أيها الإنسان أنك ستَقدَم على ربك وحيدًا فريدًا، لا ناصر لك ولا مدافع عنك غير طاعتك واستقامتك، ورحمة الله بك إن كنت من أهل الإيمان والتوحيد. |
﴿يَوۡمَئِذٖ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُۥۖ وَخَشَعَتِ ٱلۡأَصۡوَاتُ لِلرَّحۡمَٰنِ فَلَا تَسۡمَعُ إِلَّا هَمۡسٗا ﴾ [طه: 108]
بادرِ اليوم طوعًا إلى الاستجابة لداعي العمل، قبل يومٍ يسارع الناسُ فيه إلى إجابة داعي الحساب، دون أن يملكوا في ذلك الخيار. يا له من يوم مَهول يجتمع فيه كل البشر في صعيدٍ واحد، لا تسمع لهم إلا صوتًا خفيفًا؛ فقد أخذهم الخوف وعمَّهم الخشوع. |
﴿۞ وَعَنَتِ ٱلۡوُجُوهُ لِلۡحَيِّ ٱلۡقَيُّومِۖ وَقَدۡ خَابَ مَنۡ حَمَلَ ظُلۡمٗا ﴾ [طه: 111]
ها هي الوجوه التي بعثت بعد موت، ولا تملك شيئًا، تستسلم للحي الذي لا يموت، والقائم بكل شيء، فطوبى لمَن أظهر استسلامه لله في هذه الدنيا طوعًا، قبل أن يظهره كرهًا. تخفَّف من مظالم الناس وأنت في الدنيا، قبل أن ترِد الآخرة وهي تثقل كاهلك، فيا شقاء مَن جاء ذلك اليوم وهي لم تزل على ظهره! |
﴿وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ ﴾ [طه: 124]
ما أقبل عبدٌ بقلبه على كتاب الله إلا شُفي وسعِد، وما أعرض عنه امرؤٌ إلا شقي ونكِد. إذا أردتَ أن ينشرح صدرك، ويستقيم أمرك، فذِكر الله إلى ذلك سبيل، وأيما قلب خلا من ذكر ربه فقد حلَّ فيه الضيق والشقاء. ذِكر الله وهداه نورٌ يضيء لصاحبه طرقَ السلامة، فمَن أخذ به أبصرت عيناه ما ينفعه في الدنيا والآخرة، ومَن أعرض عنه عميَ عن الحق في دنياه، وعن الرؤية والحجة في أخراه. |
﴿كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَنَبۡلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلۡخَيۡرِ فِتۡنَةٗۖ وَإِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35]
الموت هو الإحساس الذي يَعقُب كل حياة، ولا تنفك منه نفس حية، فما أجدرَ الأحياء أن يحسبوا حساب هذا المذاق! البلاء يكون بالشر وبالخير، وكم غافل عن التقوى في بلاء الخير، ناسٍ واجبَ الشكر. إذا صبرتَ في ضرائك، وشكرت في نعمائك؛ ابتغاءَ مرضاة ربك؛ فأبشر بثواب الله لك عندما ترجع إليه، وتُوقف يوم المعاد بين يديه. |
﴿وَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡۖ كُلٌّ إِلَيۡنَا رَٰجِعُونَ ﴾ [الأنبياء: 93]
قد جاء الناسَ من الوحي ما يجمعُهم على الحقِّ، فعلامَ التكلُّف في التفرُّق والتنازع؟! سيعلم المخطئُ صوابَ مَن كان على الدين القويم، حين يرجع الجميعُ إلى الله الذي سيفصل بينهم. |
﴿يَوۡمَ نَطۡوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلۡكُتُبِۚ كَمَا بَدَأۡنَآ أَوَّلَ خَلۡقٖ نُّعِيدُهُۥۚ وَعۡدًا عَلَيۡنَآۚ إِنَّا كُنَّا فَٰعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 104]
لا بقاء لهذا الكون الذي يألفه الإنسان؛ فإن الله إذا قضى أمره في خلقه ولم يبقَ هناك تكليفٌ ولا عمل وآن أوان الجزاء؛ طوى السماوات وجعلها بيمينه، فإذا عالَمٌ جديد غير العالم الأول. يومُ الحشر يومٌ عظيم تتجلى فيه قدرة الخالق جل وعلا، ويَحضُر الناسَ من الذهول ما يشغلهم عن ظاهر أبدانهم، وذلك حينما يُحشرون حفاةً غير منتعلين، عراةً غير مكتسين، غُرلًا غير مختتِنين. ما يعِد به اللهُ تعالى أن يكون في المستقبل فهو في حكم الواقع وكأنْ قد كان، فاجعل من وعده بالثواب ما يدعوك إلى الطاعات، ومن وعيده بالعقاب ما يحجُزك عن السيئات. |
﴿وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٞ لَّا رَيۡبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡعَثُ مَن فِي ٱلۡقُبُورِ ﴾ [الحج: 7]
ألا تَهديك دلائلُ الخلق التي تراها بعينيك إلى أن الله تعالى هو الحقُّ، وأنه يحيي الموتى، وأن الساعة آتية، وأنه قادر على كل شيء؟ هل تفكَّرت في الحياة بعد الموت، وبقيام الساعة بعد الدنيا، وبيوم النشور بعد القبور، فماذا قدَّمت لنفسك لتنجوَ في تلك الأحوال من الأهوال؟ |
﴿ثُمَّ إِنَّكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تُبۡعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 16]
كما تتقلب بالعبد الأطوار، تتصرَّم الأعمار، وتنتهي الآجال، حتى يشهد الناسُ يومَ الدين، حين يقومون لربِّ العالمين، فمَن قدر على خلق الإنسان من عدم، ونقله في إنشائه من طَور إلى آخر، فإنه قادر على إحيائه بعد موته. مَن خلق السماواتِ السبعَ لحكمة، فقد خلق الإنسان لحكمة كذلك، وكيف يَرِد عليه في خلقه غفلة وعبث وهو الخالق الحكيم العليم؟ |
﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 60]
يستشعر المؤمن فضل الله عليه، ويُحِسُّ آلاءه في كلِّ نفَس وكلِّ نبضة، ومن ثَم يستصغر كلَّ عباداته، ويستقلُّ كلَّ طاعاته، إلى جانب آلاء الله. كان سهلُ بن عبد الله التُّستَريُّ يقول: (إنما خوف الصِّدِّيقين من سوء الخاتمة عند كلِّ خَطْرة، وعند كلِّ حركة). |
﴿لَعَلِّيٓ أَعۡمَلُ صَٰلِحٗا فِيمَا تَرَكۡتُۚ كـَلَّآۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَاۖ وَمِن وَرَآئِهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 100]
قال قَتادةُ رحمه الله: (طلبَ الرجوعَ ليعمل صالحًا، لا ليجمعَ الدنيا ويقضي الشهوات، فرحم الله امرءًا عمل فيما يتمنَّاه الكافر إذا رأى العذاب). كلمة الموقف الرهيب ليست ككلمة الإخلاص المنيب، وإنما هي كلمةٌ تقال في لحظة الضيق، حتى وإن كان لها في القلب رصيدٌ من الصدق، فلن تقبل؛ لانقضاء وقت الإيمان وانقطاع التكليف. |
﴿أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قَدۡ يَعۡلَمُ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ وَيَوۡمَ يُرۡجَعُونَ إِلَيۡهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ ﴾ [النور: 64]
لو عرَف المخالف لأمر الله تعالى قدرته تعالى عليه وعلى جميع ما في الكون، وعلمه سبحانه وتعــالى بكلِّ ما يفعل، وأنَّ وراء ذلك حسابًا وجزاءً؛ لانزجر. إن الضمان الأخير، والحارس الأمين للأوامر والنواهي والأخلاق والآداب التي فرضها الله في هذه السورة، هو تعليقُ القلوب والأبصار بالله، وتذكيرها بخَشيته وتقواه. |
﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ وَمَا يَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ ءَأَنتُمۡ أَضۡلَلۡتُمۡ عِبَادِي هَٰٓؤُلَآءِ أَمۡ هُمۡ ضَلُّواْ ٱلسَّبِيلَ ﴾ [الفرقان: 17]
يوم القيامة سيحاكَم بين يدي الله تعالى كلُّ عابد وما عبد، وكلُّ تابع ومَن اتبع من دون الله، وعندها تنكشف الحقائق، وتسقط الدعاوى، ويُفتَضح الذين هم بربهم يشركون. لا يخرج المرء عن عبودية الخضوع والاضطرار لربِّه، وتصريف الله لشؤونه وأحواله، ولو اتخذ ذلك العبدُ من دون الله إلهًا، وجعل له من خلقه ربًّا ومعبودًا. |
﴿وَلَا تُخۡزِنِي يَوۡمَ يُبۡعَثُونَ ﴾ [الشعراء: 87]
إذا كان خليل الرحمن وهو الإمام في التوحيد، مُناظرًا عنه، داعيًا إليه، يخشى العَرض على الله، فمَن من الناس بعده يأمن على نفسه؟ |
﴿وَيَوۡمَ نَحۡشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٖ فَوۡجٗا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِـَٔايَٰتِنَا فَهُمۡ يُوزَعُونَ ﴾ [النمل: 83]
أيُّ موقف ذُلٍّ يَقِفُه المكذِّبون بآيات الله تعالى يوم الحساب، حين يُحبَس أوَّلهم على آخرهم، ويساقون إلى دار الهوان في ذلَّة وانكسار؟! يُجمَع المكذِّبون يوم القيامة إلى أرض المحشَر، ويُساقون من دون إرادة منهم ولا كرامة. |
﴿وَيَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۚ وَكُلٌّ أَتَوۡهُ دَٰخِرِينَ ﴾ [النمل: 87]
دعاهم فأتَوه مطيعين غير متأبِّين، فقد مضى زمنُ الاختيار، حين وقفوا بين يدَي الملك القهَّار؛ فمَن تذلَّل له في الدنيا أكرمه بين يديه، ومَن تكبَّر عليه ساقه إلى ذلِّه وهوانه. |
﴿وَهُوَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ لَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأُولَىٰ وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [القصص: 70]
مَن كان له الحمد كاملًا دائمًا، فله وحده الدِّينُ خالصًا، فما أخسر مَن دعا غيره! وما أضلَّ مَن زعم أن له شريكا! في الإخبار بمرجع الخلق إلى الخالق تقوية لقلوب المطيعين، فربهم الذي يرجِعون إليه عادلٌ في حكمه، عالمٌ بكل عملِ عبده. إذا كان مرجعك إلى ربك، وإليه الحكم في عملك، وهو العليم بكل صغيرة وكبيرة منك، فماذا أعددت ليوم لقائه حتى تنجوَ من سَخطه؟ |
﴿إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٖۚ قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ مَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ وَمَنۡ هُوَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ﴾ [القصص: 85]
ما أحسنَ التطمينَ من الربِّ الكريم لرسوله الأمين بأنه سيعود إلى مكةَ بعدما أُخرج منها! ليشيرَ بذلك إلى نصره وعلوِّ دينه حين يتحقَّق وعده الذي وعده. إذا ما أدَّى داعي الحقِّ رسالة ربِّه وبيَّنها أتمَّ البيان وأوضحَه، فلم يرَ ممَّن دعاه إلا التماديَ في العِناد والمراء فلا أحسنَ من المتاركة على تفويض أمر الاهتداء والضلال إلى الله تعالى. |
﴿وَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۘ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚ لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]
حذارِ أن تدعوَ مع الله سبحانه وتعالى أحدًا؛ فإن ذلك يخالف مقتضى شهادة التوحيد، ويوصل صاحبه إلى أسوأ مصير. لا معبودَ يستحقُّ أن تَصرفَ له عبادتك ودعاءك، وتوجُّهك ورجاءك، إلا الله وحده الذي بيده كلُّ شيء. إن الله تعالى هو الحيُّ القيُّوم الذي لا يموت، وما سواه إلى فناء وزوال، ونقص واضمحلال، فأيُّ عاقل يدَعُ الباقي، ويتوجَّه إلى الفاني؟ مصير الخلق إليه، وحسابهم عليه يوم يقفون بين يديه، فيا سعادةَ الموحدين! ويا شقاء المشركين! |
﴿وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حُسۡنٗاۖ وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَآۚ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [العنكبوت: 8]
أرحمُ بك من نفسك مَن أوصى بك ولدك، ووصى والدك بك، مع ما جعل في الفطرة من حبِّ الإنسان لابنه ولأبيه. ما لا يعلم المرء صحَّته فلا يجوز له اتِّباعه، فكيف بما يعلم بُطلانه؟ ما دام الابن يعلم بأن مردَّه إلى من هو ناظرٌ إليه، ومحصٍ عمله عليه، فإنه لا يألو جهدًا في خدمة والديه بالمعروف؛ طاعةً لمَن إليه المآب، وعليه الحساب. |
﴿إِنَّمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا وَتَخۡلُقُونَ إِفۡكًاۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ لَكُمۡ رِزۡقٗا فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥٓۖ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 17]
كيف أيقنت قلوبهم بوثنٍ يعبدونه، وقبلت عقولهم إفكًا يفترونه، وما عبدوه لا يرزقهم ولا يعطيهم، ولا يحفظهم ولا يحميهم، ولا يميتهم ولا يحييهم؟! ما يصلك من النعم فهو رزقٌ يسوقه الله إليك، وما يندفع عنك من النقَم فإنه رحمةٌ من الله بك، وأمَّا الأوثان فإنها لا ترزُق ولا ترحم، فأحسِن عبادة الله وحدَه، وأكثِر من شكره. جميع الخلق إلى الله تعالى عائدون، وعلى أعمالهم محاسبون ومجزيُّون، فمَن كان له عابدًا شاكرًا أثابه خيرًا، وإلا جوزي بما يستحقه. |
﴿أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ كَيۡفَ يُبۡدِئُ ٱللَّهُ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥٓۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ ﴾ [العنكبوت: 19]
تأمَّل انتشار الخلائق كلَّ صباح من رُقادها، وحياةَ النباتات كلَّ سنةٍ بعد ذبولها، تتيقَّن أن الله تعالى باعثٌ عباده بعد أن يصيروا رِمَمًا. لا شيء على الله تعالى عسير، فالبدء في قدرته كالإعادة، ولكن للبشر مقياس يعتقدون به أن الإعادة أهون من البدء، وبهذا المقياس يخاطبهم. أنعِم نظرَك في الأرض وما فيها، وأرسل طَرْفك للتأمُّل فيما عليها، تجِد أن مَن أنشأ هذا الخلق المتقن البديع قادرٌ على إعادة خلقه عقِب فنائهم، وبعثِهم بعد موتهم. ليس في قدرة الله ما يُعجز عن النشأة الآخرة بعد أن سُبقت بالنشأة الأولى من العدم، فمَن خلق خلقه بلا مثال قادرٌ على إعادته. مَن كان على شيء قديرا، صار كلُّ شيء في مُكنَته يسيرا. |
﴿قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ﴾ [العنكبوت: 20]
تأمَّل انتشار الخلائق كلَّ صباح من رُقادها، وحياةَ النباتات كلَّ سنةٍ بعد ذبولها، تتيقَّن أن الله تعالى باعثٌ عباده بعد أن يصيروا رِمَمًا. لا شيء على الله تعالى عسير، فالبدء في قدرته كالإعادة، ولكن للبشر مقياس يعتقدون به أن الإعادة أهون من البدء، وبهذا المقياس يخاطبهم. أنعِم نظرَك في الأرض وما فيها، وأرسل طَرْفك للتأمُّل فيما عليها، تجِد أن مَن أنشأ هذا الخلق المتقن البديع قادرٌ على إعادة خلقه عقِب فنائهم، وبعثِهم بعد موتهم. ليس في قدرة الله ما يُعجز عن النشأة الآخرة بعد أن سُبقت بالنشأة الأولى من العدم، فمَن خلق خلقه بلا مثال قادرٌ على إعادته. مَن كان على شيء قديرا، صار كلُّ شيء في مُكنَته يسيرا. |
﴿كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 57]
إذا قدَّر المؤمن الذي أوذي في دينه أنه ميِّت سهُلت عليه الهجرة عن أرضه، فإنه إن لم يفارق بعضَ مألوفه بها فارق كلَّ مألوفه بالموت. ليست الدنيا دارَ بقاء، بل هي منتقلة بالموت إلى دار الجزاء، فكل نفس ستذوق الموت وتفارق الحياة لترجِع إلى ربها، فمَن كانت هذه حاله فليستعدَّ بزاد التقوى. |
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]
المرأة هي السكن الآمن الرحيب لزوجها وأسرتها، وهذا مقصِدٌ سامٍ من مقاصد العَلاقة بين الزوجين في الإسلام، وهدفٌ نبيل لبناء الأسَر عند الأنام. ليس لفاجرٍ وبغيٍّ كرامةُ المودة والرحمة التي يُنعم الله بها على الزوج والزوجة اللذين أقاما العلاقة بينهما وَفْق شرع الله تعالى. متى ما اضطربت بين الزوجين أعمدة المودة والرحمة، فاعلم أن ما في البيت من سكن بدأ يتداعى، وقد يؤول إلى الانهيار. تفكَّر في حكمة الله سبحانه في خلقه كلا الجنسين موافقًا للآخر، ملبِّيًا لحاجته الفِطرية، من نفسيَّة وجسديَّة، بحيثُ يجد كل شريك مع شريكه الراحة والطُّمَأنينة والاستقرار. |
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ ﴾ [الروم: 25]
البعث من أعظم ما ينبغي أن يعقلَه المرء، وفي الغيث الذي يتكرَّر على الناس ما يدلُّ عليه. لا ينتفع بآيات ربِّه التي بثَّها بين خلقه إلا امرؤٌ أعملَ عقله فيها متأمِّلًا متفكرًا، فاهتدى منها إلى تعظيم خالقه وزيادة إيمانه به. البعث بعد الموت نظامٌ عظيم ثابت سيجري على هذا الوجود، فالذي أقام السماء والأرض بأمره، فلم تزولا ولم تضطربا، سيُخرج الناس من قبورهم بدعوته فلا يُفلت منهم أحد ولا يتأخر، فإذا الأرض غيرُ الأرض، والسماوات غير السماوات. |
﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَٱلۡإِيمَٰنَ لَقَدۡ لَبِثۡتُمۡ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡبَعۡثِۖ فَهَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡبَعۡثِ وَلَٰكِنَّكُمۡ كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ﴾ [الروم: 56]
تأمل كيف أن العلم والإيمان يقتضيان من حاملهما القيام بالحق معرفةً وقولًا، وانظر كيف أن مَن شهد به في الدنيا سيشهد به كذلك في الآخرة. العلم والإيمان جناحان يحملان صاحبَهما إلى آفاق النجاة والرفعة في دنياه وأخراه، حتى يكون شاهدًا بالحقِّ على الخلق. لو أيقن الناسُ بيوم البعث فاستعدُّوا له لما خسروا فيه، لكن مَن كذَّب به وشكَّ فيه ولم يعمل له ستطوِّقه أغلال الخسارة، ويحرق ضميره لفحُ الندامة. |
﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحۡزُنكَ كُفۡرُهُۥٓۚ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾ [لقمان: 23]
لا تحزن إن تجرأ قومٌ على دعوة الحق وحاربوها، فإن مرجعهم إلى الله تعالى فيجازيهم، وهو الذي لا تخفى عليه ما تُكنه ضمائرهم. |
﴿۞ قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ ﴾ [السجدة: 11]
لن يَغفُل ملَكُ الموت عن قبض روح عبدٍ حين أجله، وكيف يغفل عنه وذلك عمله الذي وكَّله ربُّه تعالى به؟ مَن أيقن أن له مصيرًا سيعود إليه ويحاسَب على ما قدَّم في سالف زمنه، فلن يغفُلَ عن الاستعداد لذلك المعاد، فكيف إذا كان المصير إلى الربِّ القدير، المحاسِب على الكبير والصغير؟ |
﴿قُلۡ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفۡتَحُ بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَهُوَ ٱلۡفَتَّاحُ ٱلۡعَلِيمُ ﴾ [سبأ: 26]
لأعمال العباد دارٌ آخرة يحكم بينهم فيها أحكمُ الحاكمين، ويفصِل بين المختصمين أعدلُ العادلين. يجمع الله تعالى بين المحقين والمبطلين يوم القيامة، حتى يقوم الحق بدعوته، ثم يُمضي سبحانه بعد ذلك أمره بحكمته وعدله. يحكم الله تعالى بين عباده وهو بهم عليم لا تخفى عليه خافية، فلا يحتاج إلى شهود ولا بينات، فكل ما عملوا عنده مرقوم معلوم. |
﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَهَٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ﴾ [سبأ: 40]
كم يلقى المشركون يوم القيامة من التقريع المباشِر وغير المباشِر، ليزدادوا عذابًا إلى عذابهم، وحسَرات إلى حسرتهم! سبحان الملك العدل الذي لا يُدخل الكافرين النار حتى يقيمَ عليهم الحجج، ويسقط عنهم الأعذار، وتشهد عليهم الشهود! وإلا فعلمه بحالهم يكفي عن سؤالهم وسؤال سواهم عنهم. |
﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ وَإِن تَدۡعُ مُثۡقَلَةٌ إِلَىٰ حِمۡلِهَا لَا يُحۡمَلۡ مِنۡهُ شَيۡءٞ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰٓۗ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفۡسِهِۦۚ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [فاطر: 18]
إن الله تعالى عادل في حكمه، فلا يؤاخذ عبدًا بجريرة غيره ما لم تكن له يد فيها، فاطمئن على نفسك فإنك لا تحاسب إلا عليها. قال ابن عبَّاس رضي الله عنهما: (يلقى الأب والأمُّ ابنه فيقول: يا بنيَّ؛ احمل عنِّي بعض ذنوبي، فيقول: لا أستطيع حمل شيء؛ حسبي ما علي). لا تظنَّ اليوم أن أحدًا سيحمل عنك ذنبك غدًا، ولو كان أقربَ قريب لك، فتخفَّف منه اليوم بالتوبة قبل أن تلقى الله بالندامة يوم القيامة. ما أحسنَ خشيةَ الله وإقامةَ الصلاة في الانتفاع بالنِّذارة والموعظة! فمَن كان أكثرَ خشيةً وأحسن صلاةً صار أكثر انتفاعًا بالذكرى. إذا تطهَّرت من المعاصي، ونقَّيت باطنك وظاهرك من المساخط، فإن عائدة ذلك النقاء على نفسك، فاحرِص على ذلك فأنت الرابح. من تفكر بأن مصيره إلى ربِّه الذي سيحاسبه على عمله انتفع بالنِّذارة، وطهَّر نفسه من الذنوب حتى يوافيَ مولاه على أحسن حال. |
﴿وَمَالِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [يس: 22]
الفطرة منجذبةٌ أبدًا إلى فاطرها؛ إقبالًا عليه، وإذعانًا للحقِّ بين يديه، فإن تنكَّبت عن صراطه فلِما استهانت به من ذنوب. لا مفرَّ من رجوع الخلائق جميعًا إلى خالقها العظيم، فلنعمل لساعة اللقاء، يوم لا يُغني عن المرء إلا عملُه. |
﴿وَإِن كُلّٞ لَّمَّا جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ ﴾ [يس: 32]
إهلاك الله الكافرين المكذِّبين ليس نهايةَ المطاف، ولكنَّه بداية طريق العذاب والعقاب، وإن ما بعده يومَ الجزاء لأشدُّ وأنكى. شاء الناس أو أبَوا سيُحضَرون، وفي ساحات القيامة يُحشَرون، وعن أعمالهم يُسألون، فآخذٌ كتابه بيمينه، وآخذٌ كتابَه بشِماله. |
﴿وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يَنسِلُونَ ﴾ [يس: 51]
صيحة واحدةٌ كفيلة ببعث الموتى من قبورهم جميعًا، على مدار الأزمان، واختلاف الأماكن والبلدان؛ للوقوف بين يدَي الله الديَّان، وهم إلى ذلك الموقف يخرجون سراعًا لا يُمهَلون. |
﴿إِن كَانَتۡ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَإِذَا هُمۡ جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ ﴾ [يس: 53]
أعظِم بمَن يحشر الخلائقَ الذين لا يُحصَون عددا، ليُجازيَهم فردًا فردا، فطوبى لمَن كان في الصالحين، وخاب مَن كان في الظالمين. حرَّم الله على نفسه أن يظلمَ عباده في الجزاء، وإنما هي أعمالهم توفَّى لهم، فمَن وجد خيرًا فليحمَد الله، ومَن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسَه. |
﴿فَسُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [يس: 83]
ما تأمَّل عبدٌ في ملكوت الله وسلطانه إلا خشع بصره، وخضع قلبه، ونطق لسانه بتمجيد ربِّه وتنزيهه، فله وحدَه كمالُ المحامد والمدائح، والبراءة من كلِّ العيوب والقبائح. مهما طالت بنا الحياةُ فإن مردَّنا إلى مَن بيده ملكُ كلِّ شيء؛ أفلا يورثنا ذلك الرهبةَ منه والرغبةَ إليه؟! |
﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ فَإِذَا هُمۡ يَنظُرُونَ ﴾ [الصافات: 19]
ما أمرُ البعث على الله بكبير، ولكنَّه على المكذِّبين به إذا عاينوه عسير، فإنما هي صيحةٌ واحدة تبعثهم من أجداثهم مسرعين. |
﴿۞ ٱحۡشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزۡوَٰجَهُمۡ وَمَا كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ﴾ [الصافات: 22]
يُجمَع الظالمون يوم القيامة مع قُرَنائهم وأشباههم وأتباعهم، فاحرِص في دنياك على الفرار منهم، والنأي عنهم، تصُن عرضَك، وتنجُ بنفسِك. لا بدَّ من وقفة محاسبة، وموقف معاتبة، قبل المصير إلى نار السعير، يُسألون هناك عما قدَّموا في دنياهم، لينالوا جزاءه في أخراهم. |
﴿مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهۡدُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡجَحِيمِ ﴾ [الصافات: 23]
يُجمَع الظالمون يوم القيامة مع قُرَنائهم وأشباههم وأتباعهم، فاحرِص في دنياك على الفرار منهم، والنأي عنهم، تصُن عرضَك، وتنجُ بنفسِك. لا بدَّ من وقفة محاسبة، وموقف معاتبة، قبل المصير إلى نار السعير، يُسألون هناك عما قدَّموا في دنياهم، لينالوا جزاءه في أخراهم. |
﴿وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ ﴾ [الصافات: 24]
يُجمَع الظالمون يوم القيامة مع قُرَنائهم وأشباههم وأتباعهم، فاحرِص في دنياك على الفرار منهم، والنأي عنهم، تصُن عرضَك، وتنجُ بنفسِك. لا بدَّ من وقفة محاسبة، وموقف معاتبة، قبل المصير إلى نار السعير، يُسألون هناك عما قدَّموا في دنياهم، لينالوا جزاءه في أخراهم. |
﴿إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾ [الزمر: 7]
إن الله غنيٌّ عن عباده وطاعتهم، ولكنه لكمالِ رأفته بهم يحبُّ الطاعةَ منهم، لإكرامهم والتفضُّل عليهم. عن قَتادة قال: (والله ما رضيَ الله لعبده ضلالةً، ولا أمره بها ولا دعا إليها، ولكن رضي لكم طاعتَه وأمركم بها). شتَّانَ بين رضا الناس ورضا خالق الناس، فهنيئًا للشاكرين لأنعُم الله، الفائزين برضاه؛ فإنه نعمَ الفوز. كلُّ نفس مَجزيَّة عن عملها، لا يَضِيرها إفساد المفسد، كما لا ينفعها إحسانُ المحسن، فإيَّاك أن تتعلَّق بعمل غيرك، ولكن أحسِن يُحسَن إليك. |
﴿ثُمَّ إِنَّكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمۡ تَخۡتَصِمُونَ ﴾ [الزمر: 31]
مهما طالت بك الحياة أيُّها الإنسان، فإن مصيرك المحتومَ إلى الموت، ولو شاء الله أن يعصِمَ أحدًا منه لعصم أحبَّ خلقه إليه، ﷺ. الحياة الدنيا زائلةٌ فانية، فضع نُصبَ عينيك ما يكون وراءها؛ فاحذر أن يكونَ المؤمنون المتَّقون خُصماءك يوم القيامة، واحذر عبدًا ظلمتَه بغير حق. يقينُك أيُّها المسلم بما يكون في القيامة من انتصاف وإنصاف، يجعلك تعيش عمرك صبورًا رضيًّا، مطمئنًّا إلى عدل الله تعالى. |
﴿وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ ﴾ [الزمر: 68]
روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: (كيف أنعَمُ وقد التقَم صاحبُ القَرن القرنَ وحنى جبهتَه وأصغى سمعَه ينتظر أن يؤمرَ فينفخ؟). قال المسلمون: كيف نقولُ يا رسولَ الله؟ قال: (قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل). إنها قوَّة الله تعالى التي لا يقفُ أمامها شيء؛ نفخةٌ واحدة يصعَقُ بها كلُّ شيء إلا مَن شاء الله، فما أضعفَ المخلوق، وأقوى الخالق! مهما تغافلتَ عن حساب نفسك، وأغمضتَ عينيك عن رؤية آثامك، سيأتي يومٌ تبصر فيه بعينيك، ما صنعتَه بيديك. |
﴿يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ ﴾ [غافر: 16]
يا له من مشهد مَهول؛ يوم يَبرُز الناسُ لربِّهم للحساب والجزاء، بلا ساتر ولا حاجز ولا وِقاء، لا يخفى على الله من عملهم شيء! أيُّ سؤال يقرع آذانَ المشركين قرعًا، ويدُكُّ سلطان الجبَّارين دكًّا، فأين مُلك الشركاء من دون الله الواحد الأحد؟ وأين جبَروت الجبَّارين أمام قدرة الله القويِّ القهَّار؟ |
﴿وَيَوۡمَ يُحۡشَرُ أَعۡدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ ﴾ [فصلت: 19]
موقفٌ تنخلع له القلوب، وتَحُلُّ فيها عنده الكروب؛ يوم يجمع الله أعداءه إلى نار جهنَّم، وتَحبِسهم زبانيتها فلا يستطيعون عند ذلك الخروجَ منها، فاللهم قِنا عذابك يوم تبعث عبادك. أعداء الله على اختلاف العصور، وتقلُّب الأزمان والدهور، اجتمعت كلمتُهم في الضلال والإفساد، فجُمعوا في النار تَحفُّهم المهانة، وتغشاهم الكآبة والندامة. |
﴿فَلِذَٰلِكَ فَٱدۡعُۖ وَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡۖ وَقُلۡ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَٰبٖۖ وَأُمِرۡتُ لِأَعۡدِلَ بَيۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡۖ لَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡۖ لَا حُجَّةَ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَاۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [الشورى: 15]
عنوان الفلاح والنجاح الدعوةُ إلى الحقِّ والاستقامةُ عليه دومًا؛ امتثالًا لأمر الله، وتأسِّيًا برسول الله. مَن اتَّخذ غيرَ الإسلام دينًا فإنما دينه هواه؛ ﴿ومَن أضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بغَيرِ هُدًى من الله إنَّ اللهَ لا يَهدِي القَومَ الظَّالِمِين﴾ . العدل ميزانُ الله في الأرض؛ به يُؤخذ للمظلوم من الظالم، وللضعيف من القويِّ، وبالعدل يصدِّق الله الصادقَ، ويكذِّب الكاذب. تبرُز في هذه الآية طبيعةُ الرسالة الأخيرة، التي تستكمل فضائل الرسالات السابقة، وتمضي مترفِّعةً عن أهواء البشر، ومحقِّقةً العدالةَ في الأرض. واجب العلماء والدعاة في كلِّ مكان وزمان العملُ على جمع الكلمة وَفقَ الكتاب والسنَّة، وتوحيد الصفوف، ونبذ الفُرقة والخلاف. أيُّها الدعاة، لا تُضيعوا أوقاتَكم بكثرة الجدال وطول النزاع، وحسبكم أن تبيِّنوا الحقَّ من الباطل، وتقيموا الحُجَج الواضحات. |
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٖۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمۡعِهِمۡ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٞ ﴾ [الشورى: 29]
كما لم يتعذَّر على الله خلقُ الخلق وبثُّهم في كونه الذي أحاط به، لا يتعذَّر عليه سبحانه جمعُهم يوم القيامة، فأين المفرُّ من الله؟ |
﴿وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [الزخرف: 14]
من جملة تكريم الله لبني آدمَ أن سخَّر لهم ما في الأرض جميعًا، وذلَّل لهم هذه الأنعامَ لتكونَ طوعَ قيادهم، مستسلمةً لأمرهم ومرادهم. تلك القلوب الحيَّة التي تعلَّقت بربِّ البرِيَّة، يذكِّرها كلُّ حدَث بربِّها، ولا تَشغَلها النِّعم عنه سبحانه، بل تدفعها للإكثار من التسبيح الذي يتضمَّن التعظيمَ والتقديس. العبد دائم الحاجة إلى الله في أمره صغُر أم عظُم، وبهذا الاحتياج يتذكَّر المرء نقصَه وعجزه وضعفه وفقره أمام عظمة ربِّه وقدرته وغناه. يَلمِس المسلم في دعاء الركوب ذلك التسليمَ لله تعالى في جميع محطَّات الحياة، وفي خِضمِّ النعم يتذكَّر المؤمن تلك الرجعةَ إلى مولاه. إذا كان السير الدنيويُّ يوجب التهيُّؤَ والاستعداد، فإن أولى منه بذلك أن يتهيَّأ العبد لسفر الدار الآخرة ولقاء الله تعالى. |
﴿وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [الزخرف: 85]
مَن فكَّر بأنه راجعٌ إلى مالك السماوات والأرض، واقفٌ بين يدي العليم بكلِّ شيء، الذي سيحاسبه على الدقيق والجليل؛ استعدَّ لذاك الموقف، وتهيَّأ لذلك اليوم العظيم. |
﴿مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَاۖ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ ﴾ [الجاثية: 15]
اعمل ما شئتَ فإنك ملاقيه، وأقدم على ما شئت فإنك مَجزيٌّ به، هي نفسك إمَّا أن تسعدَها، وإمَّا أن تشقيَها. مهما فعل المرء في الدنيا من خير أو شرٍّ، فإن له مقامًا بين يدي ربِّه، يجد فيه ما عمل من خير مُحضَرًا وما عمل من سوء . |
﴿يَوۡمَ تَشَقَّقُ ٱلۡأَرۡضُ عَنۡهُمۡ سِرَاعٗاۚ ذَٰلِكَ حَشۡرٌ عَلَيۡنَا يَسِيرٞ ﴾ [ق: 44]
يا له من مشهد؛ حين يُحشَر الخلقُ كلُّهم في صَعيد واحد للحساب، لا يُنجي المرءَ يومئذٍ إلا عملُه! ما يبدو لنا صعبًا عسيرًا، هو عند الله سهلٌ يسير، فما أضعفَ المخلوقَ، وما أعظمَ الخالق! |
﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَوَّلِينَ وَٱلۡأٓخِرِينَ ﴾ [الواقعة: 49]
جلَّت قدرة الله تعالى وعظُمت؛ إذ يجمع البشرَ كافَّةً من لدُنْ آدمَ إلى آخر إنسان تقوم عليه الساعةُ على صعيدٍ واحد، فأين المهرَب يومئذٍ من الحساب؟ |
﴿لَمَجۡمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَٰتِ يَوۡمٖ مَّعۡلُومٖ ﴾ [الواقعة: 50]
جلَّت قدرة الله تعالى وعظُمت؛ إذ يجمع البشرَ كافَّةً من لدُنْ آدمَ إلى آخر إنسان تقوم عليه الساعةُ على صعيدٍ واحد، فأين المهرَب يومئذٍ من الحساب؟ |
﴿يَوۡمَ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ أَحۡصَىٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ ﴾ [المجادلة: 6]
إن غفَلتَ أيها العاصي عن ذنوبك، ونسيتَ ما اجترحتَ من آثام، فإنها مُحصاةٌ محفوظة في صحائف عملك، وما كان ربُّك نسيًّا. قد يبلغ العبدُ من الاستهانة بالمعاصي ما يحمله على نسيان ما أتى منها، وقد تَحولُ كثرتُها دون ضبطها وتذكُّرها، ولكنَّه بلا ريب سيلقاها بحذافيرها محفوظةً في كتابه؛ ﴿ووَجَدوا ما عمِلوا حاضرًا ولا يظلمُ ربُّكَ أحدًا﴾ . إنما تُملأ صحيفتُك بعملك أنتَ لا بعمل غيرك، فاحرِص أن ترى يوم القيامة فيها ما يسرُّك ويُعزُّك، لا ما يَسوءُك ويُذلُّك. تذكُّرُ الذنوب باستمرار، أدعى للتوبة والاستغفار، أما تجاهلها ونسيانُها فلا يمحُوان آثارَها السوداء، وعواقبَها الشَّنعاء. على العبد أن يحاسبَ نفسَه على الأنفاس قبل معاصي القلب والجوارح، ولو أنَّه رمى عن كلِّ معصية حجَرًا في داره لامتلأت في مدَّة يسيرة، ولكنَّه يتساهل في حفظ المعاصي، والملَكان يحفظان عليه ذلك. |
﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [الجمعة: 8]
هذه الحياةُ إلى انتهاء، والبعد من الله فيها يؤولُ إلى الرجوع إليه، فلا ملجأَ منه إلا إليه، والحسابُ والجزاء لا محالةَ واقعان، فأنَّى لك الفَكاك؟! مواكبُ الأموات تمرُّ بنا كلَّ يوم، ونبصر القبورَ تملأ من حولنا البِطاح، ولكنَّ حالنا توحي وكأننا نظنُّ أن الموت كُتب على الخلق جميعًا إلا علينا، وأن مردَّهم إلى القبور إلا نحن! إنه الموت؛ حقيقةُ الحقائق التي ستُدركها بلا ريب، وتلقاها بلا شك، فأحسن العمل، وأحسن الظنَّ بربِّك، فإنَّ مردَّك إليه. كلَّما أمعنتَ في الفرار من الموت أسرعتَ بالإقدام عليه، وما استدبرتَه إلا استقبلك، وما أبعَدتَّ منه إلا دنا منك، فأصلح عملَك تفُز وتسعَد. لو أنَّ الموت هو النهايةُ لهان خَطبُه ولما فرَّ منه أحد، ولكنَّه البدايةُ لحساب لا يذَرُ من عملك صغيرًا ولا كبيرًا، ظاهرًا أو مستترًا إلا أحصاه. |
﴿يَوۡمَ يَجۡمَعُكُمۡ لِيَوۡمِ ٱلۡجَمۡعِۖ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلتَّغَابُنِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُدۡخِلۡهُ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [التغابن: 9]
قال رسولُ الله ﷺ: «لا يدخلُ النَّارَ أحدٌ إلا أُرِيَ مقعدَه من الجنَّة لو أحسن؛ ليكونَ عليه حسرة»، فهل من غَبْنٍ أبيَنُ من هذا؟! مهما حقَّقتَ في الدنيا من فوز ونجاح، فإنَّ الفوز الأبلغَ هو أن تُزحزَحَ عن النار بمغفرة ذنوبك، وتدخلَ الجنَّةَ بفضل الله ورحمته. يا خسارةَ أهل الكفر والضَّلال؛ يخسرون النجاةَ ابتداءً، ويُغبَنون ما كان يمكنُ أن يفوزوا به؛ بذهابه إلى المؤمنين الصادقين انتهاء. |
﴿قُلۡ هُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَإِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ﴾ [الملك: 24]
لو أنَّ أحدنا عاش بدلَ العمُر أعمارًا متطاولة يشكرُ اللهَ فيها على نعمةٍ واحدة من نِعَمه ما وفَّاه قليلًا من حقِّه، أفلا نستحي من تقصيرنا؟! ما شكرَ اللهَ حقَّ الشكر مَن لم يسمع مواعظَ الله تعالى، وينظر آثارَ عظمته وقدرته، ويتفكَّر بآياته وآلائه. خلق الله الخلقَ وبثَّهم في الأرض ليَعمُروها بالحقِّ والعدل، وإنه لجامعُهم مرَّةً أخرى وسائلُهم عمَّا استُخلفوا فيه؛ أقاموه بحقِّه أم ضيَّعوه. |
﴿يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ نُصُبٖ يُوفِضُونَ ﴾ [المعارج: 43]
أيها الداعيةُ، لا تبتئس لقلَّة المستجيبين لدعوتك، فحسبُك أن تبلِّغَ رسالةَ ربِّك. ما أسرعَ الكافرَ إلى دروب الباطل! وسيأتي يوم يُرغَم فيه على المسارعة لملاقاة جزاء ربِّه العادل، وقد غشيَه الخزيُ يومئذٍ والمهانة. |
﴿ثُمَّ يُعِيدُكُمۡ فِيهَا وَيُخۡرِجُكُمۡ إِخۡرَاجٗا ﴾ [نوح: 18]
كلماتٌ قليلة اختصرَت رحلةً طويلة، من ساعة الخلق إلى ساعة البعث، ما أحرانا أن نتأمَّلَها ونتدبَّرَ معانيَها؛ لنعملَ لحياتنا الباقية لا لحياتنا الفانية! كيف يَغترُّ بالأمل، ويتغافل عن الأجَل، مَن علم أنه من التراب خُلق وإلى التراب يعود؟ فطوبى لمَن أصلحَ واستعدَّ للمَعاد. |
﴿أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ ﴾ [القيامة: 3]
إن الذي خلق بَنانَ الإنسان وخصَّ كلًّا منها ببَصمة لا يشترك فيها أحد، لهو قادرٌ على إحياء الموتى وبعثهم للحساب، فهنيئًا لمن استعدَّ. قال ابنُ عبَّاس: (لو شاء الله لجعل بَنانَ الإنسان كخُفِّ البعير أو حافر الحمار، ولكن جعله خلقًا سويًّا حسنًا يقبض به ويبسُط). فتبارك الله أحسنُ الخالقين. |
﴿هَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِۖ جَمَعۡنَٰكُمۡ وَٱلۡأَوَّلِينَ ﴾ [المرسلات: 38]
ها هم أُولاءِ سلفُكم من الكفَّار المكذِّبين الذين اقتديتُم بضلالهم، واتَّبعتُم آثارَ انحرافهم، قد بتُّم معهم في مصيرٍ واحد، ويا بئسَ المصير! |
﴿أَلَا يَظُنُّ أُوْلَٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ ﴾ [المطففين: 4]
يرى الإنسانُ في هذه الدنيا من صور الظُّلم وهضم الحقوق الكثير، وإنَّ عدل الله يقتضي أن يكونَ للحساب يومٌ ينتصف فيه كلُّ مظلومٍ من ظالمه. إن تذكُّر الآخرة وما سيُقام فيها من موازين العدل يحمل الإنسانَ على تحرِّي العدل في الدنيا، والحرص على إنصاف إخوانه قبل نفسِه. |
﴿لِيَوۡمٍ عَظِيمٖ ﴾ [المطففين: 5]
من أعظم مظاهر الجزاء يوم القيامة حصولُ كلِّ ذي حقٍّ على حقِّه، والانتقامُ من كلِّ مستبدٍّ قاهرٍ للناس ظالمٍ لهم. |
﴿يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [المطففين: 6]
قد يتمكَّن الظالم من تحريف الحقائق في الدنيا أمام الخلق، لكن هَيهاتَ أن يفعلَ ذلك حين يقوم لأحكم الحاكمين، وربِّ العرش العظيم. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدۡحٗا فَمُلَٰقِيهِ ﴾ [الانشقاق: 6]
مَن أيقن أنه لا بدَّ أن يُعرَض على الملِك أفرغ جهدَه في العمل بما يحمَدُه عليه عند لقائه. |
﴿إِنَّهُۥ عَلَىٰ رَجۡعِهِۦ لَقَادِرٞ ﴾ [الطارق: 8]
عجبًا لمَن يُنكر البعثَ، هلَّا تأمَّل في نفسه وتبصَّر في خَلقه! إن بعث الناس من رِمَم، لأهون مرَّاتٍ من خلقهم من عدَم. إن الذي أخرجك من مَضايق الأصلاب، وجعلك من قطرة ماءٍ صغيرة إنسانًا عاقلًا سويًّا، لقادرٌ على إخراجك من كلِّ ضِيق، فإيَّاك والقنوط. |
﴿إِنَّ إِلَيۡنَآ إِيَابَهُمۡ ﴾ [الغاشية: 25]
اعملوا ليوم الإياب، فما منكم من أحدٍ إلا وسيكلِّمُه اللهُ يومَ الحساب، ليس بين الله وبينه تَرجُمان، فمَن استطاع أن يتَّقيَ النارَ ولو بكلمةٍ طيِّبة فليفعل. |
﴿إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجۡعَىٰٓ ﴾ [العلق: 8]
هو تحذيرٌ صريح لكلِّ مَن أطغاه ماله أو علمه أو منصبه؛ إنَّ مرجعَك ومآلك شئتَ أو لم تشأ إنما هو إلى الله، وهَيهاتَ أن تفرَّ من قضائه. |
﴿يَوۡمَئِذٖ يَصۡدُرُ ٱلنَّاسُ أَشۡتَاتٗا لِّيُرَوۡاْ أَعۡمَٰلَهُمۡ ﴾ [الزلزلة: 6]
مهما كتمتَ من معاصيك، ومهما أسررتَ من الذنوب والآثام، فيوشك أن تراها رأيَ العين جِهارًا نهارًا منشورةً على رؤوس الأشهاد، لا يخفى منها خافية! احذر أيها المسلمُ أن تأتيَ ما لا يُرضي ربَّك؛ فإنَّ عملك إمَّا أن يمضيَ بك إلى بهجة النعيم، وإمَّا أن يهويَ بك في أعماق الجحيم. وجِّه عنايتَك إلى ما ستراه في صحيفتِك، واتَّقِ أن ترى فيها ما تُشيح عنه بوجهِك، فشتَّانَ ما بين مسرورٍ بكتابه، ومَن يجعله وراء ظهره. |
﴿۞ أَفَلَا يَعۡلَمُ إِذَا بُعۡثِرَ مَا فِي ٱلۡقُبُورِ ﴾ [العاديات: 9]
مشهد البعثِ والحشر يصرفُ القلبَ عن إيثار الدنيا، وتعلُّق الآمال بالأموال، لتتعلَّق بما هو خيرٌ وأبقى، فلنحرِص على استحضاره دومًا. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
الكذب على الله كفر تفويض الأمر لله المرأة اسم الله المحيط عمى القلوب و البصيرة الحب أصل الإنسان اسم الله القُدّوس الجماع في فترة الحيض أصحاب الرس
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب