حديث: اقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في فضائل الأنصار

عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال: «إن الأنصار كرشي، وعيبتي، وإن الناس سيكثرون، ويقلون، فاقبلوا من محسنهم، واعفوا عن مسيئهم».

متفق عليه: رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٨٠١)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٥١٠) كلاهما عن محمد بن بشار، ثنا غندر، ثنا شعبة قال: سمعت قتادة يحدث، عن أنس بن مالك، أن رسول الله ﷺ قال: فذكره.

عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال: «إن الأنصار كرشي، وعيبتي، وإن الناس سيكثرون، ويقلون، فاقبلوا من محسنهم، واعفوا عن مسيئهم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث فضائل الأنصار رضي الله عنهم، يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله ﷺ، وهو حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه.

أولاً. شرح المفردات:


● كَرْشِي: الكَرِش هو وعاء الطعام في البطن، يُقال: "ملأ كَرِشَه" أي بطنه. والمراد هنا أنهم أقرب الناس إليه وألصقهم به، كالقريب الذي يُطعمه من طعامه ويُؤثره على نفسه.
● عَيْبَتِي: العِيبة (بكسر العين) هي الوعاء الذي يُحفظ فيه أفضل المتاع وأثمنه، كالصندوق الذي توضع فيه الجواهر. والمراد أنهم موضع سره وأمانته، ومحل ثقته.
● سيكثرون، ويقلون: أي سيكثر الناس بعدي بوافدين وقادمين جدد، بينما سينقص عدد الأنصار نسبياً بسبب الوفيات وعدم تكاثرهم بنفس سرعة غيرهم.
● فاقبلوا من محسنهم: اقبلوا عمل المحسن منهم، وأكرموه واقبلوا معذرته.
● واعفوا عن مسيئهم: تجاوزوا عن زلات المسيء منهم، وسامحوه ولا تؤاخذوه شديد المؤاخذة.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث عن المكانة الفريدة التي يتمتع بها الأنصار (أهل المدينة من الأوس والخزرج)، فيقول إنهم كَرْشِه، أي هم كالبطانة الداخلية له، والأقرب إلى قلبه، الذين يُؤثرهم ويُطعِمهم من خيره ويجعلهم في خاصّة أمره.
ويقول إنهم عَيْبَته، أي هم الصندوق الذي يضع فيه أثمن ما عنده من حب وثقة وأمانة، وهم أهل سرّه ومستودع أمانته.
ثم يخبر ﷺ عن مستقبل الحال بعد وفاته، فيتنبأ بأن الناس سيكثرون من غير الأنصار، بمعنى أن الفتوحات الإسلامية ستجلب أعداداً هائلة من الناس يدخلون في الإسلام من شتى البقاع، بينما سيقلّ الأنصار نسبياً، إما بسبب استشهاد عدد كبير منهم في الغزوات، أو لأنهم بقبيلة محدودة العدد مقارنة بالأمم الأخرى التي ستدخل في الإسلام.
ثم يأتي الأمر النبوي الحكيم: فاقبلوا من محسنهم، واعفوا عن مسيئهم. وهذا توجيه للأمة كلها، وخاصة للقادمين الجدد، بأن يعرفوا للأنصار فضلهم، فيقبلوا من محسنهم ويكرموه، ويعفوا عن مسيئهم ويتجاوزوا عن هفواته، تقديراً لمكانتهم السابقة وسبقهم في الإسلام وجهادهم مع النبي ﷺ.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- مكانة الأنوار وفضائلهم: الحديث من أوضح الأدلة على فضل الأنصار ومكانتهم عند رسول الله ﷺ وفي الإسلام. وقد جاءت نصوص كثيرة تمدحهم وتأمر بمودتهم وإكرامهم.
2- الوفاء للصاحب والقديم: الإسلام يدعو إلى الوفاء للذين لهم فضل سابق، وعدم نسيان جميلهم وإحسانهم لمجرد مرور الزمن أو تغير الظروف.
3- الحكمة في معاملة الناس: النبي ﷺ يعلمنا أن الناس ليسوا سواءً في المعاملة، فمن له فضل وسابقة إحسان يُعطى من التقدير والاحتمال أكثر من غيره.
4- التجاوز عن الزلات: من السياسة الشرعية والحكمة الاجتماعية التجاوز عن أخطاء وأذى أهل الخير والإحسان السابق، وعدم مؤاخذتهم بكل صغيرة وكبيرة.
5- تنبؤات النبي ﷺ: الحديث من معجزات النبي ﷺ حيث أخبر عن أمر مستقبلي وقع كما أخبر، فقد كثر الناس بعد وفاته ﷺ وقَلَّ الأنصار نسبياً.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث تأمر بحب الأنصار وإكرامهم، مثل قوله ﷺ: «آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار» (رواه البخاري ومسلم).
- الأنصار هم الذين آووا ونصروا، وهم الذين ثبتوا مع النبي ﷺ في أحلك الظروف، وقد مدحهم الله في القرآن في غير موضع.
- هذا الخطاب ليس خاصاً بزمن معين، بل هو توجيه مستمر للأمة إلى يوم القيامة بأن تُعرف للأنصار فضلهم وتقديرهم.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يقدرون أهل الفضل، ويوفقنا للاقتداء برسول الله ﷺ في حسن خلقه ومعاملته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٨٠١)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٥١٠) كلاهما عن محمد بن بشار، ثنا غندر، ثنا شعبة قال: سمعت قتادة يحدث، عن أنس بن مالك، أن رسول الله ﷺ قال: فذكره.
واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري نحوه، وقرن مسلم مع ابن بشار: محمد بن المثنى كلاهما عن غندر به.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 18 من أصل 90 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم

  • 📜 حديث: اقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب