حديث: إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين لابتيها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تحريم مكة والمدينة

عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ طلع له أحد فقال: «هذا جبل يحبنا ونحبه، اللهم! إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين لابتيها». وزاد في رواية: اللهم! بارك
لهم في مدهم وصاعهم.

متفق عليه: رواه مالك في الجامع (١٠) عن عمرو مولى عبد المطلب، عن أنس بن مالك فذكره.

عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ طلع له أحد فقال: «هذا جبل يحبنا ونحبه، اللهم! إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين لابتيها». وزاد في رواية: اللهم! بارك
لهم في مدهم وصاعهم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يبارك في علمنا وعملك. هذا حديث عظيم له دلالات كبيرة، وإليك شرحه الوافي على منهج أهل السنة والجماعة:

الحديث بلفظه الكامل:


عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ طلع له أُحُدٌ فقال: «هذا جبل يُحبنا ونُحبه، اللهم! إن إبراهيم حرم مكة وأنا أُحرم ما بين لابتيها». وفي رواية: «اللهم! بارك لهم في مدهم وصاعهم».


١. شرح المفردات:


● طلع له أُحُد: أي ظهر له جبل أُحُد ورآه.
● جبل يُحبنا ونُحبه: أي أن هذا الجبل يحبنا ونحن نحبه، وهذه محبة حقيقية بإذن الله كما سيأتي.
● لابتاها: اللابة هي الحرة، أي الأرض ذات الحجارة السوداء. والمقصود "ما بين لابتي المدينة" أي ما بين حرتيها (الحرة الشرقية والغربية)، وهي حدود حرم المدينة.
● أحرم: أي جعلها حرماً آمناً يحرم فيه القتال ويُصان دم الإنسان وعرضه وماله.
● مدهم وصاعهم: المَدُّ والصاع مكيالان للمساحيق كالحبوب والتمر، وكانا يستعملان في البيع والشراء، والصاع أربعة أمداد.


٢. شرح الحديث:


يشتمل هذا الحديث على عدة معانٍ عظيمة:
أولاً: محبة الجبل للنبي ﷺ وأمته:
قوله ﷺ: «هذا جبل يُحبنا ونُحبه» هذا من معجزاته ﷺ، حيث أخبر عن الجماد (جبل أُحد) بأنه يحب المؤمنين ويحبونه. وهذا ليس بمستغرب، فالله تعالى قادر على أن يخلق في الجمادات الشعور والمحبة لمن أحبه الله، كما قال تعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44]. وقد شهد الجبل بحب النبي ﷺ يوم أحد حيث وقى النبيَّ ﷺ بنفسه، كما في الحديث أن النبي ﷺ قال عن أحد: «هذا جبل يحبنا ونحبه، فهو على ترعة من ترع الجنة» (رواه البخاري). وهذا من كرامات الأولياء، فمحبة النبي ﷺ تسري في كل شيء.
ثانياً: تحريم المدينة:
قوله ﷺ: «اللهم! إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين لابتيها» أي كما أن الله تعالى استجاب لدعاء خليله إبراهيم عليه السلام فجعل مكة حرماً آمناً، فإني أدعوك يا الله أن تجعل المدينة المنورة حرماً. وقد استجاب الله دعاء نبيه ﷺ، فالمدينة لها حرمة خاصة، يحرم قطع شجرها، ولا يصاد صيدها، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا يختلى خلاها (أي لا يُقطع نباتها الأخضر). وهذا التشبيه بقوله "كما حرم إبراهيم مكة" من باب التشبيه في الدعاء وليس في الدرجة، فمكة أفضل من المدينة، ولكن لكلٍ فضله وحرمته.
ثالثاً: الدعاء بالبركة في المكاييل:
الزيادة في الرواية: «اللهم! بارك لهم في مدهم وصاعهم» أي اجعل بركتك في قوتهم ومعاشهم، بحيث يكفيهم المد والصاع القليل، ويبارك الله لهم في أرزاقهم. وهذا الدعاء النبوي تحقق، فأهل المدينة كانوا يعيشون بالبركة في أزقتهم، حتى إن الرجل ليشتري صاعاً من طعام فيكفيه لأيام.


٣. الدروس المستفادة:


1- عظمة منزلة النبي ﷺ: فإن الجمادات تشهد له بالمحبة والولاء، وهذا دليل على علو قدره عند ربه.
2- فضل المدينة المنورة: فهي دار الهجرة، ومهبط الوحي، ولها حرمة خاصة يجب على المسلمين احترامها وتقديرها.
3- قوة الدعاء: فقد استجاب الله دعاء نبيه في تحريم المدينة والبركة في أرزاق أهلها.
4- بركة الطاعة: فإن البركة في الرزق والأهل والمال تكون ببركة طاعة الله ورسوله.
5- التأسي بالأنبياء: كما تأسى النبي ﷺ بخليل الله إبراهيم في الدعاء لبلده.


٤. معلومات إضافية:


● حدود حرم المدينة: ما بين عير إلى ثور (جبلان معروفان)، وهي مسافة تقدر بحوالي 12 ميلاً من كل جهة.
● فضل المدينة: فيها المسجد النبوي، وهي دار الإيمان، ويموت فيها كثير من الصحابة والتابعين، وهي مقدسة على سائر البقاع إلا مكة.
● البركة الحاصلة: استمرت بركة الدعاء في أهل المدينة عبر العصور، وكانت من أغنى الحواضر الإسلامية.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا حب رسوله ﷺ وحب كل ما يحبه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الجامع (١٠) عن عمرو مولى عبد المطلب، عن أنس بن مالك فذكره. ورواه البخاريّ في الاعتصام (٧٣٣٣) من طريق مالك به.
ورواه البخاريّ في الأطعمة (٥٤٢٥)، ومسلم في الحجّ (١٣٦٥) كلاهما من طرق، عن إسماعيل بن جعفر، عن عمرو مولى المطلب به في سياق طويل، وفيه الزيادة المذكورة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 3 من أصل 136 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين لابتيها

  • 📜 حديث: إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين لابتيها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين لابتيها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين لابتيها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين لابتيها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب