حديث: نضر الله امرأ سمع مقالة فوعاها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الترغيب في سماع الحديث وتبليغه

عن عمير بن قتادة اللّيثيّ، أن النّبيَّ ﷺ خطبهم فقال: «نضّر اللَّه امرءًا سمع منا مقالة فوعاها، فربّ حامل فقه لا فقه له، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه».

حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (١٧/ ٤٩): ثنا محمد بن نصر القطّان الهمدانيّ، ثنا هشام بن عمّار، ثنا شهاب بن خراس، عن العوام بن حوشب، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير، عن أبيه، فذكر الحديث.

عن عمير بن قتادة اللّيثيّ، أن النّبيَّ ﷺ خطبهم فقال: «نضّر اللَّه امرءًا سمع منا مقالة فوعاها، فربّ حامل فقه لا فقه له، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يحث على طلب العلم ونشره، وسأشرحه لك وفق النقاط المطلوبة بإذن الله.

الحديث بلفظه:


عن عمير بن قتادة اللّيثيّ، أن النّبيَّ ﷺ خطبهم فقال: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا مَقَالَةً فَوَعَاهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ».


1. شرح المفردات:


● نَضَّرَ اللَّهُ: أي جعل الله وجهه نضراً، والنضارة هي: الحسن والبهجة وال光 نضارة الوجه تعني صفاءه وحسنه وبريقه، وهي علامة على السرور والرحمة الإلهية. ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم هنا بذلك هو دعاء بالخير والبركة والجمال الظاهري والباطني.
● امْرَأً: أي إنساناً، ويشمل الرجل والمرأة.
● مَقَالَةً: الكلمة أو الحديث أو العلم الذي يقوله النبي صلى الله عليه وسلم.
● فَوَعَاهَا: أي حفظها بقلبه وفهمها وعقل معناها، وأعدها لأدائها ونقلها إلى الغير. والوعي هنا أعم من مجرد الحفظ، فهو يشمل الفهم والاستيعاب.
● فِقْهٍ: الفقه في الأصل: الفهم. والمقصود به هنا: العلم الشرعي، ومعرفة أحكام الدين.
● حَامِلِ فِقْهٍ: هو الشخص الذي يحمل العلم وينقله.
● لَا فِقْهَ لَهُ: أي لا فهم له ولا عمل به، فهو يحفظ العلم ولكن لا يفهمه حق الفهم، أو لا يعمل به.
● إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ: أي ينقل العلم إلى شخص آخر أكثر فهماً منه وأقدر على استنباط الأحكام منه.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فضلَ طلب العلم النافع، وحفظه، ونقله إلى الآخرين. فهو يبدأ بدعاءٍ عظيمٍ لكل من سمع حديثه وفهمه وحفظه، ثم ينبه إلى حالين قد يكون عليهما ناقل العلم:
● الحال الأولى: أن يكون حامل العلم (ناقله) ليس له فقه، أي لا يفهم ما ينقل أو لا يعمل به، ففائدته تقتصر على نقله فقط دون أن يستفيد هو شخصياً من هذا العلم.
● الحال الثانية: وهي الأفضل، أن ينقل الشخص العلم إلى من هو أفقه منه، أي أكثر فهماً وعملاً، فيكون هذا الناقل قد قام بدور الوسيلة في إيصال الخير إلى من هو أقدر على استثماره ونشره.
فالحديث يشجع على سماع العلم، ثم حفظه وفهمه، ثم بذله ونشره، حتى ولو كان المتلقي أفهم من الناقل.


3. الدروس المستفادة منه:


1- فضل طلب العلم ونشره: الحديث حافز كبير على الاجتهاد في طلب العلم الشرعي، والاستماع إلى أهل العلم، والسعي إلى حفظه وفهمه.
2- الدعاء للمتعلم والمعلم: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بـ "نَضَّرَ اللَّهُ" هو بشارة عظيمة لكل من سلك طريق العلم النافع، وهو حث على الدعاء لطلاب العلم والمعلمين.
3- ضرورة الإخلاص والعمل بالعلم: التحذير من أن يكون الإنسان مجرد "حامل أسفار"، ينقل العلم دون أن يعمل به أو يتأثر به. فالعلم يدعو إلى العمل، وإلا كان حجة على صاحبه.
4- التواضع في طلب العلم: ليس عيباً أن ينقل الشخص العلمَ إلى من هو أعلم منه، بل هذا من كمال التواضع وصدق النية لله تعالى. فالعلم ليس ملكاً لأحد، والهدف هو نشر الخير.
5- إتقان العلم وقبوله من العدول: يشير الحديث إلى أهمية نقل العلم من مصادره الموثوقة (سمع منا) وأهمية ضبطه (فوعاها)، وهذا أصل من أصول علم الحديث.
6- الترغيب في أن يكون المسلم نافعاً لغيره: حتى لو لم يبلغ المرء أعلى درجات العلم، فإن نقله للعلم إلى من هو أفضل منه فيه أجر عظيم، لأنه أصبح سبباً في نشر الخير.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● درجة الحديث: حديث صحيح. رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني وغيرهم.
● مناسبة الحديث: يذكر العلماء أن هذا الحديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى خطبه ليحث الصحابة على حفظ سنته ونشرها من بعده.
● الفرق بين الحامل والفاهم: الحديث يوضح الفرق بين مجرد حامل العلم (الراوية) وبين الفاهم له (الفقيه). والمطلوب الجمع بين الحفظ والفهم.
● العلماء ورثة الأنبياء: هذا الحديث من الأسس التي بني عليها فضل العلماء، فهم ورثة الأنبياء في حمل العلم ونشره، وقد نالوا دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بالنضارة والبهجة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبرانيّ في الكبير (١٧/ ٤٩): ثنا محمد بن نصر القطّان الهمدانيّ، ثنا هشام بن عمّار، ثنا شهاب بن خراس، عن العوام بن حوشب، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير، عن أبيه، فذكر الحديث.
قال الطبرانيّ: لا يروى عن عمير بن قتادة اللّيثيّ إلّا بهذا الإسناد، تفردّ به: هشام بن عمار.
وقال الهيثميّ في «المجمع» (١/ ١٣٧ - ١٣٨): «رواه الطبرانيّ في الكبير، ورجاله موثقون إلّا أني لم أرَ من ذكر محمد بن نصر شيخ الطّبراني في الأوسط.
قال الأعظمي: وهو كما قال إلّا أن هشام بن عمّار فيه كلام لا يضرّ، وهو حسن الحديث.
وقد رُوي هذا الحديث عن غير واحد من أصحاب رسول اللَّه ﷺ، وفي أسانيدها كلام، وما ذكرتها أصحها، وقد عدّ العلماء هذا الحديث من الأحاديث المتواترة لفظًا ومعنًى.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 54 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نضر الله امرأ سمع مقالة فوعاها

  • 📜 حديث: نضر الله امرأ سمع مقالة فوعاها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نضر الله امرأ سمع مقالة فوعاها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نضر الله امرأ سمع مقالة فوعاها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نضر الله امرأ سمع مقالة فوعاها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب