إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

حديث: إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يري عينه ما لم تر، أو يقول على رسول اللَّه ﷺ ما لم يقل».

صحيح: رواه البخاري في المناقب (٣٥٠٩) عن علي بن عياش، حدثنا حريز، حدثني عبد الواحد بن عبد اللَّه النصري قال: سمعت واثلة بن الأسقع يقول فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونعلم. هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يبين فيه بعض كبائر الذنوب والآثام، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً مستعيناً بالله تعالى.
### أولاً. نص الحديث ومصدره
الراوي: واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، وهو صحابي جليل.
المصادر: أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" في كتاب الأدب، باب قول الله تعالى: {وجعلوا لله شركاء الجن}، ومسلم في "صحيحه" في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إدعاء نسب غير الأب.

### ثانياً. شرح المفردات
● أَعْظَمِ الْفِرَى: الفِرَى جمع فِرْيَة، وهي الكذبة العظيمة والباطل. وأعظمها: أي أكبرهَا وأشدها إثماً.
● أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ: أي ينسب نفسه لغير أبيه الحقيقي، فيدعي أن فلاناً هو أبوه وهو ليس كذلك.
● أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ: أي يزعم أنه رأى بعينيه شيئاً لم يحدث أصلًا، وهو كذب محض.
● أَوْ يَقُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا لَمْ يَقُلْ: أي يختلق حديثاً وينسبه كذباً وزوراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

### ثالثاً. شرح الحديث
يصنف النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثة أنواع من الكذب على أنها من أعظم الكذب وأشده جرماً وإثماً:
1- ادعاء النسب لغير الأب: وهذا يشمل:
● الانتساب لغير الأب الحقيقي كنسب الشخص نفسه إلى رجل آخر غير أبيه طمعاً في مال أو جاه أو نسب.
● إنكار نسب الولد ونسبته إلى غير أبيه الحقيقي.
- وهذا من الكبائر لأنه قطع للرحم، وضياع للحقوق من الميراث والنفقة وغيرها، وهو تشويه لأنساب الناس واختلاطها، وقد قال الله تعالى: *{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ}* [الأحزاب: 5].
2- الادعاء برؤية شيء لم يره: وهذا يشمل:
● الشهادة الزور بأن يشهد الإنسان أنه رأى شيئاً لم يره، فيحل حراماً أو يحرم حلالاً، أو يأخذ حقاً لغير صاحبه.
● اختلاق القصص والأكاذيب ونسبتها إلى المشاهدة والعيان لخداع الناس والتأثير عليهم.
- وهذا من الكبائر لأنه تلاعب بالحقائق، وإضاعة للحقوق، وتقويض لثقة الناس ببعضهم، وهو منافٍ للأمانة والصدق الذي أمرنا الله به.
3- الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهذا هو أعظم هذه الثلاثة وأخطرها على الإطلاق، وذلك لأن:
● مصدر التشريع هو الوحي (القرآن والسنة)، والكذب على النبي صلى الله عليه وسلم هو تحريف للدين وتشريع من عند النفس.
● عواقبه وخيمة لا تقتصر على الكاذب فقط، بل تمتد إلى الأمة كلها، حيث يُحل الحرام ويحرم الحلال بأقوال لم يقلها النبي.
- قد توعد النبي من يكذب عليه بقوله: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (متفق عليه). وهذا وعيد شديد يدل على عظم هذه الجريمة.

### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- التشديد العظيم على الكذب: جعل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأنواع من "أعظم الفرى"، مما يدل على أن الكذب ليس أمراً هيناً، خصوصا عندما تكون عواقبه وخيمة على الأفراد والمجتمع والدين.
2- الحفاظ على أنساب المسلمين: الإسلام حريص على حفظ الأنساب وعدم اختلاطها، لضمان حقوق الأفراد واستقرار المجتمع.
3- ضرورة التحري في رواية الحديث: يجب على المسلم أن يتثبت مما يسمع وينقل، خاصة إذا كان منسوباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. لا يجوز رواية أي حديث دون التأكد من صحته.
4- الصدق والأمانة هما أساس التعامل: الحديث يحث على الصدق في القول والفعل، وأن تكون الشهادة based على الحق والعدل.
5- التخويف من عاقبة الكذب: ذكر النبي هذه الذنوب بهذا الأسلوب ("أعظم الفرى") للزجر عنها وتحذير الناس من مغبة الوقوع فيها.

خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
- هذا الحديث يدخل في الوعيد، وهو أسلوب نبوي للتحذير من الذنوب الكبيرة.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على تحريم التزوير بشتى أنواعه، والغش، واختلاق الأخبار الكاذبة، لأنها تدخل في معنى "إراءة العين ما لم تر".
- مسألة ادعاء النسب لغير الأب لها أحكام فقهية مفصلة في باب النسب والحضانة والميراث، وهي من المواضيع التي يعتني بها الفقهاء عناية بالغة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصادقين، وأن يحفظ ألسنتنا من الكذب، وأعيننا من أن تنظر إلى ما حرم الله، وأن يعصمنا من القول عليه بغير علم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المناقب (٣٥٠٩) عن علي بن عياش، حدثنا حريز، حدثني عبد الواحد بن عبد اللَّه النصري قال: سمعت واثلة بن الأسقع يقول فذكره.
وبمعناه ما روي عن علي، عن النبي ﷺ أنه قال: «من كذب في الرؤيا متعمدا كلف عقد شعيرة
يوم القيامة».
رواه الترمذي (٢٢٨٢، ٢٢٨١) وأحمد (٥٦٨) و(٧٨٩) والحاكم (٤/ ٣٩٢ - ٣٩٣) من طرق، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي فذكره.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».
وتعقبه الذهبي بقوله: «عبد الأعلى ضعفه أبو زرعة».
قال الأعظمي: وهو كما قال، فقد ضعفه عامة النقاد منهم: أحمد وأبو حاتم والدارقطني وغيرهم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 26 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

📜 حديث: إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية