حديث: من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ

عن أبان بن عثمان قال: خرج زيد بن ثابت من عند مروان بنصف النهار، قلت: ما بعث الله إليه هذه الساعة إلا لشيء يسأل عنه، فسألته، فقال: سألنا عن أشياء سمعناها من رسول الله ﷺ، سمعت رسول الله ﷺ، يقول: «من كانت الدنيا همه،
فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعك غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة».

صحيح: رواه ابن ماجه (٤١٠٥)، وأحمد (٢١٥٩٠) من طريق شعبة، عن عمر بن سليمان من ولد عمر بن الخطاب، عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان، عن أبيه، فذكره.

عن أبان بن عثمان قال: خرج زيد بن ثابت من عند مروان بنصف النهار، قلت: ما بعث الله إليه هذه الساعة إلا لشيء يسأل عنه، فسألته، فقال: سألنا عن أشياء سمعناها من رسول الله ﷺ، سمعت رسول الله ﷺ، يقول: «من كانت الدنيا همه،
فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعك غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يضع الميزان الصحيح للتعامل مع الدنيا والآخرة، ويبين عاقبة من جعل همّه الدنيا أو الآخرة. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتمدين.

أولاً. شرح المفردات:


● همّه: قصده الرئيسي وشغله الشاغل الذي يُفكّر فيه ويجتهد من أجله.
● فرّق الله عليه أمره: شتت شمله، وأضعف حاله، وجعل أموره مضطربة غير مستقرة.
● جعل فقره بين عينيه: جعل الشعور بالفقر والحاجة حاضرًا في ذهنه دائمًا، حتى لو كان غنيًا.
● ما كُتب له: ما قدّره الله له وقسمه له في اللوح المحفوظ.
● نيّته: قصده وهدفه الذي يستحضره في عمله وقلبه.
● جمع الله له أمره: نظم شؤونه، وأصلح حاله، ويسّر أموره.
● جعَل غناه في قلبه: أشعره بالقناعة والاكتفاء والطمأنينة، فصار قلبه غنيًا ولو كان فقيرًا في الظاهر.
● راغمة: ذليلة منقادة، تأتي إليه وهو لا يطلبها.


ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بقصة سماع أبان بن عثمان عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، حيث خرج من عند مروان بن الحكم في وقت غير معتاد (نصف النهار)، فاستنتج أبان أن ذلك لسبب مهم، فسأله فكان الجواب أن مروان سأل عن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر زيد هذا الحديث.
والحديث ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: من كانت الدنيا همّه
أي جعل كل تفكيره وحركته وجهاده من أجل الدنيا فقط، دون نظر إلى الآخرة، فإن العاقبة تكون كما يلي:
1- فرّق الله عليه أمره: أي يشتت الله شمله، ويضطرب حاله، ولا يستقر له أمر، لأنه يتعب كثيرًا ولا يجد البركة في وقته ولا في ماله.
2- وجعل فقره بين عينيه: يشعر دائمًا بالنقص والحاجة، حتى لو جمع المال الكثير، فلا يقنع ولا يطمئن قلبه، بل يظل خائفًا من الفقر ومشتتًا.
3- ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له: مهما اجتهد في السعي للدنيا، فلن يحصل إلا على ما قدّره الله له، فلا فائدة في الحرص الزائد والانشغال الكامل بها.
القسم الثاني: من كانت الآخرة نيته
أي جعل قصده الأساسي هو مرضاة الله والدار الآخرة، وعمل صالحًا يبتغي به وجه الله، حتى في أعمال الدنيا، فإن العاقبة تكون:
1- جمع الله له أمره: ييسر الله له أموره، ويجعل بركة في وقته وعمله، ويؤلف بين قلبه وأحواله.
2- وجعل غناه في قلبه: يملأ الله قلبه بالقناعة والطمأنينة، فيشعر بالغنى الحقيقي حتى لو كان ماله قليلاً.
3- وأتته الدنيا وهي راغمة: تأتي الدنيا إليه وهو لا يطلبها، فيرزقه الله من حيث لا يحتسب، وتكون خادمة له في طاعة الله.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- النية أساس الأعمال: فالنية تحوّل العادات إلى عبادات، وتجعل العمل الدنيوي إذا قُصد به وجه الله سببًا للأجر والبركة.
2- القلب هو محل النيّة والهمّة: فمن غيّر اتجاه قلبه غيّر الله حاله.
3- البركة في الوقت والمال تكون بطاعة الله: فمن جعل الآخرة هدفه، بارك الله له في وقته وماله، وعاش مطمئنًا.
4- التحذير من الانشغال بالدنيا: لأنها تشتت القلب وتُضيع البركة وتجلب الهمّ.
5- القناعة كنز لا يفنى: فغنى القلب أعظم من غنى المال.


رابعًا. معلومات إضافية:


● الحديث رواه ابن ماجه والطبراني وغيرهما، وحسّنه الألباني.
● زيد بن ثابت هو كاتب الوحي وأحد فقهاء الصحابة، وثقة عدل.
● الحديث يدخل في باب الزهد والرقائق، ويذكر في كتب التربية والإيمان.
● من تطبيقاته: استحضار نية الآخرة في العمل والبيع والشراء والزواج وطلب العلم، حتى تكون هذه الأعمال عبادة.
أسأل الله أن يجعلنا ممن تكون الآخرة همهم، ويجعل غناهم في قلوبهم، ويجمع لهم أمرهم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٤١٠٥)، وأحمد (٢١٥٩٠) من طريق شعبة، عن عمر بن سليمان من ولد عمر بن الخطاب، عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان، عن أبيه، فذكره. واللفظ لابن ماجه، وسياق أحمد طويل.
وإسناده صحيح، وقد صحّحه البوصيري أيضا.
وعمر بن سليمان هو: ابن عاصم بن عمر بن الخطاب ثقة وثّقه ابن معين والنسائي وغيرهما.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 886 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره

  • 📜 حديث: من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب