حديث: حذيفة وسلمان في ذكر أقوال النبي عند الغضب والرضا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)﴾

عن عمرو بن أبي قرة، قال: كان حذيفة بالمدائن، فكان يذكر أشياء قالها رسول الله ﷺ لأناس من أصحابه في الغضب، فينطلق ناس ممن سمع ذلك من حذيفة، فيأتون سلمان، فيذكرون له قول حذيفة، فيقول سلمان: حذيفة أعلم بما يقول، فيرجعون إلى حذيفة، فيقولون له: قد ذكرنا قولك لسلمان، فما صدّقك ولا كذبك. فأتى حذيفةُ سلمانَ وهو في مبقلة، فقال: يا سلمان! ما يمنعك أن تصدّقني بما سمعت من رسول الله ﷺ، فقال سلمان: إن رسول الله ﷺ كان يغضب، فيقول في الغضب لناس من أصحابه، ويرضى، فيقول في الرضا لناس من أصحابه. أما تنتهي حتى تورّث رجالا حبَّ رجال، ورجالا بغض رجال، وحتى توقع اختلافا وفرقة، ولقد علمت أن رسول الله ﷺ خطب، فقال: «أيما رجل من أمتي سببته سبة أو لعنته لعنة في غضبي، فإنما أنا من ولد آدم، أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة». والله لتنتهين أو لأكتبن إلى عمر.

صحيح: رواه أبو داود (٤٦٥٩)، وأحمد (٢٣٧٠٦)، والطبراني في الكبير (٦/ ٣١٨ - ٣١٩) كلهم من طريق زائدة بن قدامة الثقفي، حدثنا عمر بن قيس الماصر، عن عمرو بن أبي قُرّة، قال: فذكره.

عن عمرو بن أبي قرة، قال: كان حذيفة بالمدائن، فكان يذكر أشياء قالها رسول الله ﷺ لأناس من أصحابه في الغضب، فينطلق ناس ممن سمع ذلك من حذيفة، فيأتون سلمان، فيذكرون له قول حذيفة، فيقول سلمان: حذيفة أعلم بما يقول، فيرجعون إلى حذيفة، فيقولون له: قد ذكرنا قولك لسلمان، فما صدّقك ولا كذبك. فأتى حذيفةُ سلمانَ وهو في مبقلة، فقال: يا سلمان! ما يمنعك أن تصدّقني بما سمعت من رسول الله ﷺ، فقال سلمان: إن رسول الله ﷺ كان يغضب، فيقول في الغضب لناس من أصحابه، ويرضى، فيقول في الرضا لناس من أصحابه. أما تنتهي حتى تورّث رجالا حبَّ رجال، ورجالا بغض رجال، وحتى توقع اختلافا وفرقة، ولقد علمت أن رسول الله ﷺ خطب، فقال: «أيما رجل من أمتي سببته سبة أو لعنته لعنة في غضبي، فإنما أنا من ولد آدم، أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة». والله لتنتهين أو لأكتبن إلى عمر.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يحمل دروسًا جليلة في التعامل مع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وفهم طبيعة أقواله في حالتي الغضب والرضا، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان الدروس المستفادة منه.

أولاً. شرح المفردات:


● المدائن: مدينة في العراق.
● مبقلة: بستان أو مكان يُزرع فيه البقل (الخضروات).
● توريْث: تُسبب وتجعل.
● سببته سبة: شتمته شتيمة.
● لعنته لعنة: طردته من رحمة الله.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي عمرو بن أبي قرة عن موقف حصل بين صحابيين جليلين هما حذيفة بن اليمان وسلمان الفارسي رضي الله عنهما.
● الموقف الأول: كان حذيفة رضي الله عنه في مدينة المدائن يذكر بعض الأحاديث التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم في حال غضبه لبعض الصحابة. فذهب بعض من سمعوا ذلك إلى سلمان رضي الله عنه وسألوه عن صحة ما قاله حذيفة. وكان رد سلمان حكيمًا حيث قال: "حذيفة أعلم بما يقول"، أي لم يصدقه ولم يكذبه، بل ترك الأمر لحذيفة.
● الموقف الثاني: عاد الناس إلى حذيفة وأخبروه برد سلمان، فذهب حذيفة إلى سلمان وهو في بستانه وسأله: "ما يمنعك أن تصدقني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟".
● الرد الحكيم من سلمان: هنا يبين سلمان رضي الله عنه سبب تحفظه، فيقول:
1. إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغضب فيقول في غضبه لأشخاص من أصحابه أقوالاً، ويرضى فيقول في رضاه لأشخاص آخرين.
2. ثم ينبه سلمان حذيفة إلى خطورة نشر مثل هذه الأحاديث دون بيان سياقها (الغضب) لأن ذلك قد يؤدي إلى:
● توريث الحب والبغض بين الناس: أي يجعل مجموعة تحب مجموعة وتكذب أخرى.
● الاختلاف والفرقة: بسبب فهم الأحاديث دون اعتبار لظروفها.
● الحديث النبوي الذي استشهد به سلمان: ثم ذكر سلمان حديثًا سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد هذا المعنى، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:
> "أيما رجل من أمتي سببته سبة أو لعنته لعنة في غضبي، فإنما أنا من ولد آدم، أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة".
وهذا يعني: إذا شتمت أو لعنت أحدًا من أمتي في حالة غضبي، فإني بشر أغضب كما يغضب البشر، ولكن الله بعثني رحمة للعالمين، فاجعلوا تلك الشتيمة أو اللعنة سببًا للدعاء لهم بالخير والمغفرة يوم القيامة.
● التهديد بالكتابة إلى عمر: ثم ختم سلمان كلامه بتهديد мягкий لحذيفة بالكتابة إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن لم ينته عن نشر هذه الأحاديث دون توضيح.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- فهم الحديث في سياقه: يجب أن نفهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في سياقها، ولا نأخذها مجردة عن ظروفها، خاصة ما قيل في حال الغضب.
2- الحكمة في نشر العلم: ليس كل ما نعرفه يجب أن ننشره، بل ننشر ما يفيد ويلجم ولا يسبب فرقة أو اختلافًا.
3- الرحمة والاعتدال: النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، حتى في غضبه كان يهدف إلى التربية والإصلاح، وليس الانتقام.
4- الأخوة الإسلامية: يجب أن نبني علاقاتنا على الحب في الله، لا على أساس أقوال said في ظروف خاصة.
5- دور العلماء في التصحيح: مثل سلمان الذي صحح المسار بحكمة دون تجريح.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حسن.
- فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر يغضب ويرضى، ولكن وحيه معصوم.
- يستحب الدعاء لمن لعنه النبي أو سبه في غضبه، كما أمر النبي نفسه.
أسأل الله أن يفقهنا في سنن نبيه، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٦٥٩)، وأحمد (٢٣٧٠٦)، والطبراني في الكبير (٦/ ٣١٨ - ٣١٩) كلهم من طريق زائدة بن قدامة الثقفي، حدثنا عمر بن قيس الماصر، عن عمرو بن أبي قُرّة، قال: فذكره. وإسناده صحيح.
وعمرو بن أبي قرة من تلاميذ حذيفة، والحديث عن حذيفة، عن سلمان، ولا يضر عدم لقاء عمرو بن أبي قرة من سلمان.
وروي من مرسل أبي صالح، قال: قال رسول الله ﷺ: «أيها الناس، إنما أنا رحمة مهداة».
رواه أبو بكر بن أبي شيبة (٣٢٤٤٢)، وابن سعد (١/ ١٩٢) كلاهما عن وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، (وهو السمان)، عن النبي ﷺ.
ورواه أيضا الدارمي (١٥) من طريق علي بن مسهر، عن الأعمش، به مرسلا.
وروي عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، موصولا، ولا يصح.
وقد رجّح البخاري والدارقطني وغيرهما الإرسال. (انظر علل الترمذي/٩٢٧، وعلل الدارقطني: ١٨٩٧).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 909 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حذيفة وسلمان في ذكر أقوال النبي عند الغضب والرضا

  • 📜 حديث: حذيفة وسلمان في ذكر أقوال النبي عند الغضب والرضا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: حذيفة وسلمان في ذكر أقوال النبي عند الغضب والرضا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: حذيفة وسلمان في ذكر أقوال النبي عند الغضب والرضا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: حذيفة وسلمان في ذكر أقوال النبي عند الغضب والرضا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب