عنوان الحديث: نزول الآية ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى﴾ في عثمان وأصحابه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث شرحاً وافياً مستنداً إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة:
الحديث:
عن محمد بن حاطب قال: سمعت علياً يخطب، وتلا هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى﴾ [الأنبياء: 101]، قال: نزلت في عثمان وأصحابه.

---

1. شرح المفردات:

● سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى: أي تقدَّمَتْ لهم من الله البشارة بالجنة والرضوان. والحسنى هنا تعني الجنة والثواب العظيم.
● عثمان: هو عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
● أصحابه: يقصد بهم من شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة أو من السابقين إلى الإسلام والمجاهدين في سبيل الله.

---

2. شرح الحديث:

هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح الإسناد. وفيه يروي محمد بن حاطب أنه سمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يخطب الناس، فقرأ هذه الآية الكريمة من سورة الأنبياء:
﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء: 101]،
ثم فسَّرها بأنها نزلت في عثمان بن عفان وأصحابه رضي الله عنهم.
معنى الآية:
يقول الله تعالى: إن الذين سبقت لهم منا البشارة بالجنة والرضوان، أولئك يُبعدون عن النار ولا يدخلونها. وهذا من فضل الله تعالى على عباده المؤمنين الذين سبق في علمه أنهم من أهل السعادة والجنة.
تفسير علي رضي الله له للآية:
بيَّن سيدنا علي رضي الله عنه أن هذه الآية نزلت في عثمان بن عفان وأصحابه، وهم السابقون إلى الإسلام والمبشرون بالجنة. وهذا يدل على مكانة عثمان رضي الله عنه ومن معه من الصحابة، وأنهم من الذين سبقت لهم البشارة بالجنة.

---

3. الدروس المستفادة منه:

1- عظم مكانة الصحابة رضي الله عنهم:
هذا الحديث يظهر مكانة الصحابة الكرام، وخاصة الخلفاء الراشدين، وأنهم من الذين سبقت لهم البشارة بالجنة. وهذا يوجب محبتهم وتوقيرهم والاعتراف بفضلهم.
2- العدل والإنصاف:
سيدنا علي رضي الله عنه وهو من هو في فضله ومنزلته، يثني على عثمان رضي الله عنه ويبين فضله، وهذا درس في الإنصاف والعدل، وعدم التحامل على الآخرين، وخاصة بين الصحابة الكرام.
3- التفسير بالرواية:
هذا الحديث يدل على أن تفسير القرآن يكون بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة الذين شهدوا التنزيل وعرفوا أسباب النزول.
4- البشارة لأهل الإيمان:
الآية والحديث يبعثان الأمل في نفوس المؤمنين، بأن من سبقت له البشارة بالجنة فإن الله سيبعده عن النار، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده.

---

4. معلومات إضافية مفيدة:

● عثمان بن عفان رضي الله عنه:
هو ذو النورين، تزوج ابنتي النبي صلى الله عليه وسلم (رقية ثم أم كلثوم)، وكان من السابقين إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وثالث الخلفاء الراشدين، وجمع القرآن في مصحف واحد.
● الآية في سياقها:
الآية الكريمة جزء من قوله تعالى:
﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ * مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ * وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ * ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ * لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْك