حديث: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٣٣)﴾

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أنهم كانوا عند حذيفة، فاستسقى، فسقاه مجوسي، فلمّا وضع القدح في يده رماه به، وقال: لولا أني نهيته غير مرة ولا مرتين، كأنه يقول: لم أفعل هذا، ولكني سمعت النَّبِيّ ﷺ يقول: «لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدُّنيا ولنا في الآخرة».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأطعمة (٥٤٢٦)، ومسلم في اللباس والزينة (٢٠٦٧) كلاهما من طريق مجاهد، قال: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن أبي ليلى، فذكره.

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أنهم كانوا عند حذيفة، فاستسقى، فسقاه مجوسي، فلمّا وضع القدح في يده رماه به، وقال: لولا أني نهيته غير مرة ولا مرتين، كأنه يقول: لم أفعل هذا، ولكني سمعت النَّبِيّ ﷺ يقول: «لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدُّنيا ولنا في الآخرة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
فأقدم لكم شرحًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
### الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 5426) والإمام مسلم في صحيحه (رقم 2067)، عن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.

1. شرح المفردات:


* استسقى: طلب أن يُسقى ماءً ليشرب.
* مجوسي: نسبة إلى المجوس، وهم عبدة النار، وكانوا غالب سكان فارس قبل الإسلام.
* رماه به: ألقى القدح (الكوب أو الإناء) من يده.
* لولا أني نهيته غير مرة ولا مرتين: لولا أني قد منعته (المجوسي) عن تقديم الشراب لي بهذه الطريقة مرات عديدة.
* لا تلبسوا الحرير ولا الديباج: الحرير هو ما يُنسج من دود القز، والديباج هو الحرير الغليظ المزركش، وهنا النهي عن لبسهما للرجال.
* آنية الذهب والفضة: الأواني المصنوعة من الذهب أو الفضة، كالأكواب والصحون والقدور.
* صحافها: جمع صحن، أي لا تأكلوا في الأطباق المصنوعة من الذهب أو الفضة.
* فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة: أي أن الترفه بهذه الأشياء الفاخرة (من مأكل ومشرب وملبس) هو من نصيب الكفار في الدنيا، أما للمؤمنين ففي الآخرة من النعيم ما هو أعظم وأجل.


2. شرح الحديث:


يقع هذا الحديث في سياق قصة توضح حرص الصحابة رضي الله عنهم على تطبيق سنة النبي ﷺ واجتناب ما نهى عنه، حتى في أدق الأمور.
* القصة: كان الصحابة، ومنهم عبد الرحمن بن أبي ليلى الراوي، جالسين عند حذيفة بن اليمان رضي الله عنه. فطلب حذيفة الماء ليشرب، فجاءه المجوسي (وهو خادم أو حاضر هناك) بسقاية الماء في إناء ثمين، يُفهم من السياق أنه من الفضة أو الذهب أو أنه ثمين يشبهها في الزخرفة والتباهي.
* رد فعل حذيفة: لم يقبل حذيفة أن يشرب من هذا الإناء، بل ألقاه من يده فورًا. ثم بين سبب فعله هذا، وهو أنه قد نبه هذا المجوسي مرارًا وتكرارًا ألا يقدم له الشراب في مثل هذه الأواني، لكنه لم يمتثل.
* السبب الشرعي: يبرر حذيفة رفضه المطلق وامتعاضه الشديد بأن هذا الفعل ليس تصرفًا شخصيًا، بل هو امتثال لأمر النبي ﷺ الذي سمعه منه مباشرة. فالنهي عن استخدام أواني الذهب والفضة للأكل والشرب نهيٌ قطعي، وحذيفة يريد أن يربي من حوله على أهمية تجنب المحرمات.
النهي في الحديث يشمل ثلاثة أمور:
1- لبس الحرير والديباج: وهذا خاص بالرجال، أما النساء فلهن لبسه.
2- الشرب في أواني الذهب والفضة.
3- الأكل في صحاف (أطباق) الذهب والفضة.
الحكمة من النهي: بيّن النبي ﷺ الحكمة الجليلة في ختام الحديث بقوله: «فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة». وهذه الحكمة العظيمة تحمل معنيين:
* معنى زهدي: تذكير المؤمن بأن الدنيا دار زائل وزهرة حياة، وأن الترف والبذخ والمظاهر الفاخرة هي من سمات الحياة الدنيا التي ينشغل بها الكفار، أما المؤمن فيجب أن يكون همه الآخرة ونعيمها الدائم. فهو يزهد في الدنيا طمعًا فيما عند الله.
* معنى تشريعي: أن هذه الأمور محرمة على المؤمنين في دنياهم، مباحة للكفار الذين لا يعتقدون تحريمها، أما المؤمنون فجزاؤهم على تركها نعيم الآخرة الذي لا يفنى.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- الاهتمام البالغ بتطبيق السنة: يظهر من فعل حذيفة رضي الله عنه حرص الصحابة الشديد على تطبيق سنة النبي ﷺ في كل صغيرة وكبيرة، وعدم التساهل في أمرها.
2- الغضب لله تعالى: غضب حذيفة ورفضه للإناء كان غضبًا لله، لأن الأمر يتعلق بمخالفة شرعية، وليس مجرد أمر شخصي أو عادة.
3- التنبيه على المعاصي وعدم السكوت عنها: أنكر حذيفة على المجوسي أكثر من مرة، وهذا يدل على وجوب إنكار المنكر وعدم اليأس من النصيحة.
4- تحريم الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة: هذا التحريم هو إجماع من أهل العلم، وهو يشمل الاستعمال المباشر، سواء كان الإناء خالصًا من الذهب أو الفضة أو مطليًا بهما إذا كان الطلاء له جرم (سمك).
5- التربية على الزهد والاستعداد للآخرة: الحديث يربي في نفس المسلم روح الزهد في الدنيا والتطلع إلى ما عند الله تعالى، وعدم التنافس على مظاهر الترف والبذخ التي هي من سمات أهل الدنيا.
6- التفريق بين المسلم والكافر في الشكل والمضمون: يجب أن يكون للمسلم شخصيته المميزة المستقلة عن غير المسلمين، لا في عقيدته وأخلاقه فحسب، بل حتى في مظهره وطريقة عيشه، مبتعدًا عن تقليدهم في محرماتهم.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* حكم استعمال آنية الذهب والفضة للرجال والنساء:
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأطعمة (٥٤٢٦)، ومسلم في اللباس والزينة (٢٠٦٧) كلاهما من طريق مجاهد، قال: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن أبي ليلى، فذكره. واللّفظ للبخاري، ولم يسق مسلم لفظه بهذا الإسناد.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1268 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة

  • 📜 حديث: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب