حديث: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (١٨) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩)﴾

عن صُهَيب قال: قال رسول الله ﷺ: «عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كلَّه خير، وليس ذاك لأحدً إلَّا للمؤمن؛ إن أصابته سرَّاءُ شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له».

صحيح: رواه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٩٩) من طرق عن سليمان بن المغيرة، حَدَّثَنَا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صُهَيب، فذكره.

عن صُهَيب قال: قال رسول الله ﷺ: «عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كلَّه خير، وليس ذاك لأحدً إلَّا للمؤمن؛ إن أصابته سرَّاءُ شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فيسرني أن أقدم شرحًا لهذا الحديث العظيم الذي يضع بين أيدينا منهجًا ربانيًا في التعامل مع تقلبات الحياة، وهو حديث صُهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الحديث:


عن صُهَيب قال: قال رسول الله ﷺ: «عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ».
رواه الإمام مسلم في صحيحه.


أولاً. شرح المفردات:


● عَجَبًا: كلمة تعبير عن الدهشة والتعجب من عظمة الأمر وجماله.
● لِأَمْرِ المُؤْمِنِ: شأنه وحاله وما يحدث له.
● سَرَّاءُ: مصيبة الخير واليسر والرخاء، كالصحة والغنى والفرح.
● شَكَرَ: عرف النعمة وآثرها وحمد الله عليها واستعملها في طاعته.
● ضَرَّاءُ: مصيبة الشر والشدة والبلاء، كالمرض والفقر والحزن.
● صَبَرَ: حبس النفس عن التسخط والجزع، واللسان عن الشكوى لغير الله، والجوارح عن فعل المعصية.


ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم كلامه بالتعبير عن الدهشة والإعجاب (عجبًا) من حال المؤمن الفريد الذي لا يتكرر عند غيره. فشأن المؤمن وأمره كله – بلا استثناء – هو خير محض له في دنياه وآخرته.
وهذه الصفة هي خاصية إيمانية بحتة، لا يشاركه فيها أحد سواه، كما أكد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ).
ثم بين صلى الله عليه وسلم سبب هذا الخير الشامل في حالين لا يخرج عنهما الإنسان:
1- حال السراء (النعمة والرخاء): إذا أنعم الله عليه بنعمة من صحة أو مال أو فرح، فإن رد فعله الإيماني هو الشكر. لا يغتر بالمال ولا يتكبر بالصحة، بل يعلم أنها من الله فيشكره بها، ويستخدمها في طاعته. وهذا الشكر هو خير له؛ لأنه يزيده قربًا من الله ويزيد نعمته عليه، قال تعالى: {لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.
2- حال الضراء (الشدة والبلاء): إذا ابتلاه الله بمرض أو فقر أو حزن، فإن رد فعله الإيماني هو الصبر. لا يسخط ولا يجزع، بل يصبر محتسبًا أجره عند الله، راضيًا بقضائه. وهذا الصبر هو خير له؛ لأنه يكفر به سيئاته ويرفع به درجاته، قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
فالمؤمن دائمًا في مكسب وخير، إن أعطي شكر، وإن منع صبر. أما غير المؤمن، ففي السراء يطغى ويتكبر، وفي الضراء يسخط وييأس، فهو في خسارة في الحالين.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- تفرد المنهج الإيماني: الإسلام ينظر إلى أحداث الحياة من خلال عدسة الإيمان والآخرة، لا من خلال عدسة المادة واللحظة الآنية. فما يراه الناس شرًا قد يكون أعظم الخير للمؤمن في ميزان الله.
2- قيمة الشكر والصبر: هما ركيزتان عظيمتان من أركان السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، وهما ثمرة من ثمرات الإيمان الصادق.
3- التفاؤل والأمل: هذا الحديث يزرع في نفس المؤمن التفاؤل وعدم اليأس، فمهما كانت الظروف قاسية، فإن الخير كائن له إن هو صبر واحتسب.
4- الرضا بقضاء الله: المؤمن راض بقدر الله، يعلم أن الله هو الحكيم الخبير، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
5- التميز الأخلاقي: المؤمن يتميز بأخلاقه وسلوكه في السراء والضراء، مما يجعله قدوة ونموذجًا يُحتذى به في المجتمع.


رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أحاديث الأربعين النووية المشهورة، التي جمعها الإمام النووي رحمه الله.
- الصبر أنواع: صبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، وصبر على البلاء الذي هو المقصود في هذا الحديث.
- الشكر يكون بالقلب (الإقرار بالنعمة)، وباللسان (حمد الله والثناء عليه)، وبالجوارح (باستخدام النعمة في طاعة المنعم).
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المؤمنين الشاكرين الصابرين، وأن يرزقنا حسن الظن به، والرضا بقضائه وقدره.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٩٩) من طرق عن سليمان بن المغيرة، حَدَّثَنَا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صُهَيب، فذكره.
وفي معناه أحاديث أخرى مذكورة في كتاب الجنائز.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1245 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير

  • 📜 حديث: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب