حديث: جاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (١٢)﴾

عن جرير بن عبد الله قال: كنا عند رسول الله ﷺ في صدر النهار. قال: فجاءه
قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلّدي السيوف، عامتهم من مُضر، بل كلّهم من مُضر، فتمعّر وجه رسول الله ﷺ لما رأى بهم من الفاقة، فدخل، ثمّ خرج، فأمر بلالًا، فأذّن، وأقام، فصلى، ثمّ خطب، فقال: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١] والآية التي في الحشر: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الحشر: ١٨] تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره (حتَّى قال) ولو بشق تمرة». قال: فجاء رجل من الأنصار بصُرّة كادت كفّه تعجز عنها، بل قد عجزت. قال: ثمّ تتابع الناس حتَّى رأيت كومين من طعام وثياب، حتَّى رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلّل، كأنه مذهبة، فقال رسول الله ﷺ: «من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء».

صحيح: رواه مسلم في الزّكاة (١٠١٧) عن محمد بن المثنى العنَزي، أخبرنا محمد بن جعفر، حَدَّثَنَا شعبة، عن عون بن أبي جحيفة، عن المنذر بن جرير، عن أبيه فذكره.

عن جرير بن عبد الله قال: كنا عند رسول الله ﷺ في صدر النهار. قال: فجاءه
قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلّدي السيوف، عامتهم من مُضر، بل كلّهم من مُضر، فتمعّر وجه رسول الله ﷺ لما رأى بهم من الفاقة، فدخل، ثمّ خرج، فأمر بلالًا، فأذّن، وأقام، فصلى، ثمّ خطب، فقال: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١] والآية التي في الحشر: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الحشر: ١٨] تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره (حتَّى قال) ولو بشق تمرة». قال: فجاء رجل من الأنصار بصُرّة كادت كفّه تعجز عنها، بل قد عجزت. قال: ثمّ تتابع الناس حتَّى رأيت كومين من طعام وثياب، حتَّى رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلّل، كأنه مذهبة، فقال رسول الله ﷺ: «من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل جرير بن عبد الله رضي الله عنه:

1. شرح المفردات:


● حفاة عراة: أي لا نعال في أقدامهم ولا ما يستر أجسادهم بالكامل.
● مجتابي النمار أو العباء: "مجتابي" من الجَبّ وهو القطع، أي يلبسون نمار (أكسية من صوف) أو عباء (أردية) ممزقة ومقطوعة.
● متقلدي السيوف: يحملون سيوفًا معلقة بأكتافهم.
● مُضر: قبيلة عربية من عدنان، وكانت تسكن نجدًا والحجاز.
● فتمعّر وجهه: تغير واصفرّ حزنًا لما رأى.
● الفاقة: الفقر والحاجة الشديدة.
● صُرّة: شيء ملفوف فيه مال أو طعام.
● يتهلّل: يتلألأ ويشرق فرحًا وسرورًا.
● مذهبة: كأنه قطعة ذهب تلمع من شدة البهجة والفرح.
● سنة حسنة: طريقة أو فعل صالح يقتدى به.
● سنة سيئة: طريقة أو فعل سيء يتبعه الآخرون.

2. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي جرير بن عبد الله رضي الله عنه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في وقت مبكر من النهار، فجاءه قوم من أهل البادية في حالة مزرية من الفقر الشديد؛ حفاة لا أحذية لهم، عراة لا كسوة كافية، يلبسون أكسية ممزقة، ويحملون سيوفهم، وكانوا كلهم من قبيلة مضر.
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حالهم وما هم فيه من بؤس وحاجة، تغير لونه وحزن لحالهم، فدخل بيته ثم خرج وأمر بلالًا أن يؤذن ثم يقيم للصلاة، فصلى بالناس ثم خطبهم.
بدأ خطبته بتلاوة آيات من القرآن تحث على التقوى والمراقبة لله تعالى، منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1]، وقوله: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18]. ثم حثهم على الصدقة ولو بالقليل، فقال: "تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره – حتى قال – ولو بشق تمرة".
فاستجاب الصحابة رضي الله عنهم لهذا النداء، فبادر رجل من الأنصار بحمل صرة كبيرة من الطعام كادت يده تعجز عن حملها، ثم تتابع الناس في التبرع حتى تجمع كومان كبيران من الطعام والثياب.
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكرم والاستجابة، اشرق وجهه فرحًا وسرورًا كأنه قطعة ذهب تتلألأ، ثم بين لهم قاعدة عظيمة فقال: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".

3. الدروس المستفادة منه:


● حسن خلقه صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته: حيث تأثر لحال الفقراء وحزن لهم.
● الحث على الصدقة والإنفاق في سبيل الله: ولو كان القليل، فالقليل مع الإخلاص عظيم عند الله.
● فضل السبق في الخيرات: فذلك الأنصاري كان سباقًا إلى الخير فحملته الآخرون على فعل المعروف.
● أن العمل الصالح يتضاعف أجره: فمن ابتدأ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
● التحذير من البدع والمعاصي: فمن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها.
● التعاون على البر والتقوى: وتآزر المجتمع المسلم في مواساة المحتاجين.
● أن الدين الإسلامي دين التراحم والتكافل: حيث يسعى الغني لمساعدة الفقير.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل في مشروعية "سنة السلف الصالح" التي يتبعها المسلمون، ويؤجرون عليها.
- فيه بيان عظيم لمنزلة الصحابة رضي الله عنهم واستجابتهم الفورية لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
- الحديث يدل على أن الوجه قد يظهر عليه أثر الفرح أو الحزن، وهذا من بشريته صلى الله عليه وسلم.
- يستفاد منه أن الداعية يجب أن يستخدم الأساليب المؤثرة في الدعوة، كالخطبة بعد الصلاة، وتلاوة الآيات المناسبة.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا للعمل الصالح والمسارعة في الخيرات، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزّكاة (١٠١٧) عن محمد بن المثنى العنَزي، أخبرنا محمد بن جعفر، حَدَّثَنَا شعبة، عن عون بن أبي جحيفة، عن المنذر بن جرير، عن أبيه فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1275 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: جاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف

  • 📜 حديث: جاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: جاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: جاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: جاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب