حديث: الله يُميتُك ثم يُحييك ثم يُدخلك جهنّم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)﴾

عن ابن عباس أن العاصي بن وائل أخذ عظما من البطحاء، ففتّه بيده، ثمّ قال لرسول الله ﷺ: أيحيي الله تعالى هذا بعد ما أرى؟ فقال رسول الله ﷺ: «نعم، يميتك الله، ثمّ يحييك، ثمّ يدخلك جهنّم». قال: ونزلت الآيات من آخر.

صحيح: رواه ابن أبي حاتم - كما ذكره ابن كثير -، وابن جرير الطبريّ في تفسيره (١٩/ ٤٨٧)، والحاكم (٢/ ٤٢٩) كلّهم من طرق عن هُشيم، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس أن العاصي بن وائل أخذ عظما من البطحاء، ففتّه بيده، ثمّ قال لرسول الله ﷺ: أيحيي الله تعالى هذا بعد ما أرى؟ فقال رسول الله ﷺ: «نعم، يميتك الله، ثمّ يحييك، ثمّ يدخلك جهنّم». قال: ونزلت الآيات من آخر.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أسأل الله تعالى أن يوفقني لشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مفيدًا، مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتمدين لدى أهل السنة والجماعة.

الحديث ورواته:


هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وهو عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حبر الأمة وترجمان القرآن، وهو حديث صحيح.

شرح المفردات:


● العاصي بن وائل: هو أبو عمرو العاصي بن وائل السهمي القرشي، من أشراف قريش وكان من المكذبين لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
● البطحاء: هي الأرض الواسعة التي فيها الحصى والرمل، ومشهورة في مكة.
● فَتَّهُ بيده: أي كسره وتحطيم العظم إلى قطع صغيرة.
● أَيُحْيِي اللهُ تَعَالَى هَذَا بَعْدَ مَا أَرَى؟: استفهام إنكار واستهزاء، أي: هل يعيد الله هذا العظم الحياة بعد أن صار رميماً متفتتاً؟
● يُمِيتُكَ اللَّهُ: سوف يتوفاك الله ويفنيك.
● ثُمَّ يُحْيِيكَ: يبعثك مرة أخرى يوم القيامة.
● ثُمَّ يُدْخِلُكَ جَهَنَّمَ: بسبب كفرك وعنادك ستدخل النار.

شرح الحديث:


يحدثنا ابن عباس رضي الله عنهما عن موقف حصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث جاءه العاصي بن وائل - وهو من صناديد كفار قريش - وهو يحمل عظماً بالياً من أرض البطحاء، فقام بتحطيمه وتفتيته بيده ليكون أبلغ في التعبير عن استهزائه وإنكاره للبعث.
فسأل النبي صلى الله عليه وسلم بسخرية: "أيحيي الله هذا العظم بعد أن صار رميًا متفتتًا؟"، وكان قصده الإنكار والاستبعاد لفكرة إعادة الخلق بعد الموت.
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم ردًا حاسمًا قويًا، لم يقتصر على مجرد الإثبات، بل زاده وعيدًا وتحذيرًا: «نعم، يميتك الله، ثمّ يحييك، ثمّ يدخلك جهنّم».
فمعنى رد النبي صلى الله عليه وسلم:
● نعم: أي نعم، الله قادر على إحياء هذا العظم المتفتت، بل هو على كل شيء قدير. {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس: 81].
● يميتك الله: سوف تموت وتذوق الموت كما يذوقه كل حي.
● ثم يحييك: ستبعث من قبرك يوم القيامة لحسابك وجزائك.
● ثم يدخلك جهنم: بسبب كفرك واستهزائك بالله ورسوله، مصيرك سيكون إلى عذاب النار.
ثم أشار ابن عباس رضي الله عنهما في نهاية الرواية إلى أن هذا الحوار كان مناسبة لنزول الآيات الكريمة من آخر سورة (يس)، وهي قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 77-79].

الدروس المستفادة والعبر:


1- إثبات قدرة الله المطلقة: الحديث دليل واضح على عظمة قدرة الله تعالى، فهو الذي بدأ الخلق قادر على إعادته، وهو رد على كل من أنكر البعث.
2- الحكمة في الرد على الشبهات: النبي صلى الله عليه وسلم لم يتردد ولم يخف، بل أجاب بإيمان ثابت ويقين جازم، وزاده وعيدًا للكافر.
3- التحذير من الاستهزاء بالدين: مصير المستهزئين بالله وآياته ورسله هو عذاب جهنم، وهذه سنة الله في كل جاحد معاند.
4- ربط الأحداث بنزول القرآن: كثير من آيات القرآن نزلت ردًا على أسئلة الكفار وشبهاتهم، مما يظهر إعجاز القرآن وشموليته.
5- قوة اليقين بالإيمان بالبعث: الإيمان باليوم الآخر هو أحد أركان الإيمان، وهو أساس المسؤولية والجزاء في الدار الآخرة.

معلومات إضافية مفيدة:


- العاصي بن وائل هذا هو والد عمرو بن العاص رضي الله عنه، الذي أسلم لاحقاً وأصبح من قادة الفتوحات الإسلامية.
- هذا الموقف يذكرنا بموقف آخر مشابه، عندما أخذ Ubayy bin Khalaf عظماً رميماً وقال مثل الكلام, فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ردًا قويًا.
- الآيات التي نزلت هي من أعظم الأدلة على البعث، حيث يقيم الله تعالى الدليل على إمكانية الإعادة من خلال الإبداع الأول، فمن كان قادرًا على الخلق من العدم هو قادر على الإعادة بعد الموت.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي حاتم - كما ذكره ابن كثير -، وابن جرير الطبريّ في تفسيره (١٩/ ٤٨٧)، والحاكم (٢/ ٤٢٩) كلّهم من طرق عن هُشيم، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره. وإسناده صحيح إِلَّا أن ابن جرير ذكره عن سعيد بن جبير مرسلًا، ولم يذكر ابن عباس، ولكن الحكم لمن وصل. وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشّيخين».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1285 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الله يُميتُك ثم يُحييك ثم يُدخلك جهنّم

  • 📜 حديث: الله يُميتُك ثم يُحييك ثم يُدخلك جهنّم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الله يُميتُك ثم يُحييك ثم يُدخلك جهنّم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الله يُميتُك ثم يُحييك ثم يُدخلك جهنّم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الله يُميتُك ثم يُحييك ثم يُدخلك جهنّم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب