حديث: من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١١)﴾
حسن: رواه الترمذيّ (٣٩٥٥)، وأحمد (١٠٧٨١) كلاهما من طريق أبي عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، حَدَّثَنَا هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والترمذي في سننيهما، وصححه الألباني، يحمل تحذيراً شديداً من خصلة ذميمة كانت سائدة في الجاهلية، ويؤسس لقيمة إنسانية وإيمانية سامية.
أولاً. شرح المفردات:
● يَفْتَخِرُونَ: يتباهون ويتعاظمون.
● فَحْمُ جَهَنَّم: أي وقودها، وهم في النار لا ينفعون أبناءهم ولا ينتفعون بهم.
● الجُعَل: حشرة صغيرة سوداء (خنفساء).
● يَدْهَدِهُ: يدفعه ويزحف به.
● الخُرء: الروث أو العذرة.
● عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ: العُبِّيَّة هي الكبر والفخر بالنسب، وأصلها من العَبّ (اللبن) أي امتلأ من اللبن فتكبر، وهي من أخلاق الجاهلية.
ثانياً. شرح الحديث:
يبدأ الحديث بتحذير شديد اللهجة من النبي ﷺ بصيغة التهديد والوعيد: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ"، أي ليقلعنَّ عن هذه العادة السيئة أقوام يفتخرون ويتباهون بآبائهم وأجدادهم الذين ماتوا وانقطعت أعمالهم.
ثم يبين ﷺ حقيقة هؤلاء الآباء المفاخَر بهم إن كانوا كفاراً: "إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ"، فهم وقود للنار، لا فضل لهم ولا مجد، فكيف يفتخر بهم؟! وهذا أبلغ زجر عن التفاخر بالكفار.
ثم يزيد في التهديد والتقريع: "أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجُعَلِ"، أي إن لم ينتهوا عن هذا الفخر الباطل، ليكونن شأنهم أهون وأحقر عند الله من تلك الحشرة الحقيرة التي تدفع الروث بأنفها. وهذا تشبيك مفاده أن التفاخر بالأنساب والأحساب يهوي بصاحبه إلى أدنى الدرجات عند الله، بل يصير أحقر من أحقر مخلوق.
بعد هذا التهديد، يبين ﷺ الأساس الذي أرساه الإسلام ليقيم عليه المجتمع، وهو إلغاء هذه القيم الجاهلية: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاء". فالإسلام جاء ليهدم هذه العصبيات الجاهلية.
ويؤسس ﷺ للمعيار الحقيقي للتفاضل بين الناس: "إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ". فالمقياس هو التقوى والإيمان، أو الفجور والشقاوة، لا النسب والحسب.
ويختم ﷺ بالحقيقة الكبرى التي تسوي بين الناس في الأصل: "النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ". فالناس جميعاً ينتمون لأب واحد، وهذا الأب مخلوق من تراب، فليس لأحد فضل على آخر بأصله، فالكل من تراب وإلى التراب يعود.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- تحريم التفاخر بالأنساب والآباء: وهو من أمور الجاهلية التي حذر منها الإسلام أشد التحذير.
2- بيان حقيقة المفاخَر بهم: إن كانوا كفاراً فهم وقود للنار، فلا مفخرة فيهم. وإن كانوا مسلمين، فالمفاخرة تكون بأعمالهم الصالحة، لا بأنسابهم.
3- التواضع وعدم التكبر: الحديث يهدم الكبرياء والعجب بالنسب، ويؤكد على التواضع الذي هو من صفات المؤمنين.
4- التأسيس لمجتمع المساواة: الإسلام سوى بين الناس في الأصل الإنساني، وجعل المعيار الوحيد للتفاضل هو التقوى والعمل الصالح، كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
5- التحذير من العصبية القبلية والعرقية: وهي من الأمراض الاجتماعية التي تمزق وحدة المجتمع المسلم.
6- التذكير بحقيقة الإنسان: أنه مخلوق من تراب، وهذا يذكره بضعفه وفنائه، ليكسر كبرياءه.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الحديث جزء من خطبة طويلة للنبي ﷺ في حجة الوداع، التي أعلن فيها أسس المجتمع الإسلامي.
- التفاخر بالآباء منافي للشكر الحقيقي لله، فهو نوع من نعمة النسب، والواجب شكر الله عليها باستعمالها في طاعته، لا بالتباهي بها.
- من صور هذا التفاخر في عصرنا: التفاخر بالقبيلة أو العائلة أو الجنسية، وازدراء الآخرين بسببها.
نسأل الله أن يطهر قلوبنا من الكبر والعجب، وأن يجعلنا من المتواضعين في طاعته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل هشام بن سعد المدني وهو مختلف فيه غير أنه حسن الحديث. وقال الترمذيّ: «هذا حديث حسن».
وقوله: ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1264 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 1239 موسى يغتسل وحده ويضرب الحجر ستة أو سبعة
- 1240 إن موسى كان رجلا حييا ستيرا، لا يرى من جلده...
- 1241 لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا
- 1242 سليمان يتوكأ على عصا حولا والجن تعمل
- 1243 عن رجل سأل رسول الله عن سبأ ما هو
- 1244 أخبرنا عن سبأ أرض هي أو امرأة
- 1245 عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير
- 1246 ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان...
- 1247 ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بنجم
- 1248 كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل...
- 1249 فضل القناعة
- 1250 نظر الله إلى القلوب والأعمال
- 1251 يتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما تتراءون الكوكب الدري
- 1252 يد الله ملآى لا تغيضها نفقة سحّاء الليل والنهار
- 1253 اللهم أعط منفقًا خلفًا وأعط ممسكًا تلفًا
- 1254 يا صباحاه أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم أو يمسيكم
- 1255 أيها الناس أتيتم أيها الناس أتيتم
- 1256 دخول النبي مكة وطعن الأصنام بعود في يده
- 1257 لا تدعوا أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا
- 1258 لنبي ﷺ رأى جبريل وله ستمائة جناح
- 1259 لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك...
- 1260 ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض
- 1261 من أصابه من ذلك النور اهتدى
- 1262 التسبيح والتهليل والتحميد يذكِّر بصاحبه حول العرش
- 1263 حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
- 1264 من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله
- 1265 مفاتيح الغيب الخمسة التي لا يعلمها الا الله
- 1266 من سرّه أن يبسط له في رزقه فليصل رحمه
- 1267 حلية المؤمن في مواضع الوضوء
- 1268 لا تشربوا في آنية الذهب والفضة
- 1269 لن يُدخِل أحدًا عملُه الجنّة
- 1270 فأماتهم إماتة، حتى إذا كانوا فحما، أذن بالشفاعة
- 1271 أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة
- 1272 أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز...
- 1273 إن آثاركم تكتب فلا تنتقلوا
- 1274 الحديث: يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم
- 1275 جاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف
- 1276 مستقر الشمس تحت العرش
- 1277 الشمس تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة
- 1278 الشمس تذهب حتى تسجد تحت العرش
- 1279 ثم يقال له الآن نبعث شاهدنا عليك
- 1280 بعدا لكن وسحقا. فعنكن كنت أناضل
- 1281 بعث الله نبيه بالإسلام وتفارق المشركين إلى المسلمين
- 1282 رأيت رسول الله ﷺ على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان...
- 1283 هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
- 1284 النبي ﷺ ينقل التراب يوم الخندق حتى وارى التراب شعر...
- 1285 الله يُميتُك ثم يُحييك ثم يُدخلك جهنّم
- 1286 حتى إذا سويتك وعدلتك، مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد
- 1287 ذروني في البحر في يوم صائف فغفر الله له
- 1288 عنوان الحديث: قام رسول الله ﷺ ليلة فقرأ سورة البقرة...
معلومات عن حديث: من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله
📜 حديث: من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








