حديث: من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١١)﴾

عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ ﷺ قال: «لينتهينّ أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا، إنّما هم فحم جهنّم، أو ليكوننّ أهون على الله من الجُعل الذي يدهده الخرء بأنفه، إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهليّة وفخرها بالآباء، إنّما هو مؤمن تقي وفاجر شقي، الناس كلّهم بنو آدم، وآدم خلق من تراب».

حسن: رواه الترمذيّ (٣٩٥٥)، وأحمد (١٠٧٨١) كلاهما من طريق أبي عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، حَدَّثَنَا هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ ﷺ قال: «لينتهينّ أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا، إنّما هم فحم جهنّم، أو ليكوننّ أهون على الله من الجُعل الذي يدهده الخرء بأنفه، إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهليّة وفخرها بالآباء، إنّما هو مؤمن تقي وفاجر شقي، الناس كلّهم بنو آدم، وآدم خلق من تراب».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والترمذي في سننيهما، وصححه الألباني، يحمل تحذيراً شديداً من خصلة ذميمة كانت سائدة في الجاهلية، ويؤسس لقيمة إنسانية وإيمانية سامية.

أولاً. شرح المفردات:


● يَفْتَخِرُونَ: يتباهون ويتعاظمون.
● فَحْمُ جَهَنَّم: أي وقودها، وهم في النار لا ينفعون أبناءهم ولا ينتفعون بهم.
● الجُعَل: حشرة صغيرة سوداء (خنفساء).
● يَدْهَدِهُ: يدفعه ويزحف به.
● الخُرء: الروث أو العذرة.
● عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ: العُبِّيَّة هي الكبر والفخر بالنسب، وأصلها من العَبّ (اللبن) أي امتلأ من اللبن فتكبر، وهي من أخلاق الجاهلية.

ثانياً. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بتحذير شديد اللهجة من النبي ﷺ بصيغة التهديد والوعيد: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ"، أي ليقلعنَّ عن هذه العادة السيئة أقوام يفتخرون ويتباهون بآبائهم وأجدادهم الذين ماتوا وانقطعت أعمالهم.
ثم يبين ﷺ حقيقة هؤلاء الآباء المفاخَر بهم إن كانوا كفاراً: "إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ"، فهم وقود للنار، لا فضل لهم ولا مجد، فكيف يفتخر بهم؟! وهذا أبلغ زجر عن التفاخر بالكفار.
ثم يزيد في التهديد والتقريع: "أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجُعَلِ"، أي إن لم ينتهوا عن هذا الفخر الباطل، ليكونن شأنهم أهون وأحقر عند الله من تلك الحشرة الحقيرة التي تدفع الروث بأنفها. وهذا تشبيك مفاده أن التفاخر بالأنساب والأحساب يهوي بصاحبه إلى أدنى الدرجات عند الله، بل يصير أحقر من أحقر مخلوق.
بعد هذا التهديد، يبين ﷺ الأساس الذي أرساه الإسلام ليقيم عليه المجتمع، وهو إلغاء هذه القيم الجاهلية: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاء". فالإسلام جاء ليهدم هذه العصبيات الجاهلية.
ويؤسس ﷺ للمعيار الحقيقي للتفاضل بين الناس: "إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ". فالمقياس هو التقوى والإيمان، أو الفجور والشقاوة، لا النسب والحسب.
ويختم ﷺ بالحقيقة الكبرى التي تسوي بين الناس في الأصل: "النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ". فالناس جميعاً ينتمون لأب واحد، وهذا الأب مخلوق من تراب، فليس لأحد فضل على آخر بأصله، فالكل من تراب وإلى التراب يعود.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم التفاخر بالأنساب والآباء: وهو من أمور الجاهلية التي حذر منها الإسلام أشد التحذير.
2- بيان حقيقة المفاخَر بهم: إن كانوا كفاراً فهم وقود للنار، فلا مفخرة فيهم. وإن كانوا مسلمين، فالمفاخرة تكون بأعمالهم الصالحة، لا بأنسابهم.
3- التواضع وعدم التكبر: الحديث يهدم الكبرياء والعجب بالنسب، ويؤكد على التواضع الذي هو من صفات المؤمنين.
4- التأسيس لمجتمع المساواة: الإسلام سوى بين الناس في الأصل الإنساني، وجعل المعيار الوحيد للتفاضل هو التقوى والعمل الصالح، كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
5- التحذير من العصبية القبلية والعرقية: وهي من الأمراض الاجتماعية التي تمزق وحدة المجتمع المسلم.
6- التذكير بحقيقة الإنسان: أنه مخلوق من تراب، وهذا يذكره بضعفه وفنائه، ليكسر كبرياءه.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث جزء من خطبة طويلة للنبي ﷺ في حجة الوداع، التي أعلن فيها أسس المجتمع الإسلامي.
- التفاخر بالآباء منافي للشكر الحقيقي لله، فهو نوع من نعمة النسب، والواجب شكر الله عليها باستعمالها في طاعته، لا بالتباهي بها.
- من صور هذا التفاخر في عصرنا: التفاخر بالقبيلة أو العائلة أو الجنسية، وازدراء الآخرين بسببها.
نسأل الله أن يطهر قلوبنا من الكبر والعجب، وأن يجعلنا من المتواضعين في طاعته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٣٩٥٥)، وأحمد (١٠٧٨١) كلاهما من طريق أبي عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، حَدَّثَنَا هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل هشام بن سعد المدني وهو مختلف فيه غير أنه حسن الحديث. وقال الترمذيّ: «هذا حديث حسن».
وقوله: ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1264 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله

  • 📜 حديث: من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه أهون على الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب