حديث: فضل القناعة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٦)﴾

عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ قال: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنّعه الله بما آتاه».

صحيح: رواه مسلم في الزّكاة (١٠٥٤) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا أبو عبد الرحمن المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، حَدَّثَنِي شرحبيل - وهو ابن شريك -، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص فذكره.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ قال: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنّعه الله بما آتاه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل معاني عظيمة في تحقيق السعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة.

الحديث بلفظه:


عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ».
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.


أولاً. شرح المفردات:


● أفلح: من الفلاح، وهو الفوز والنجاة والظفر بكل خير، والفوز بالجنة والنجاة من النار. وهو يشمل السعادة في الدنيا والآخرة.
● أسلم: استسلم وانقاد لأمر الله تعالى، وأخلص العبادة له، واتبع شريعة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
● رُزق كفافًا: الرزق هو ما يناله الإنسان من قوت وعيش. والكفاف: ما يكفي حاجة الإنسان ويقيم أوده، لا يزيد فيشغله بالتبذير ولا ينقص فيضعفه بالحاجة. وهو القوت الذي لا فضلة فيه ولا نقصان.
● قَنَّعَهُ الله: من القناعة، أي رضّاه وملأ قلبه بالرضا بما أعطاه، فصار لا يتطلع إلى ما في أيدي الناس، ولا يحسدهم على ما لديهم.


ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن صورة الإنسان السعيد الفائز حقاً، ويجمع له بين ثلاثة أمور هي أسباب السعادة الحقيقية:
1- «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ»: هذا هو الأصل والأساس، وهو سبب الفلاح في الآخرة. فالإسلام هو الانقياد لله بالتوحيد والطاعة، واجتناب المعاصي. فلا فلاح ولا فوز بدون الإسلام، فهو شرط للنجاة والسعادة الأبدية.
2- «وَرُزِقَ كَفَافًا»: هذا هو سبب القناعة والطمأنينة الدنيوية. فالله تعالى قدّر الأرزاق وقسمها بين عباده. والكفاف هو نعمة عظيمة، فهو وسط بين الفقر المدقع الذي قد يجر إلى السؤال والحسد، والغنى الفاحش الذي قد يجر إلى الطغيان والنسيان والانشغال بالدنيا عن الآخرة. فالكفاف يعين العبد على طاعة ربه دون انشغال أو ضيق.
3- «وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ»: هذه هي التتمة والنتيجة. فلو اجتمع الإسلام والكفاف، ولكن لم يكن في قلب العبد قناعة، لظل شقياً بحاله، يتطلع إلى ما عند الآخرين ويحسدهم. فالقناعة كنز لا يفنى، وهي من أعظم أسباب راحة القلب. وهي هبة من الله يمنحها لمن يشاء من عباده، يجعلها في قلبه فيرضى بما قسمه الله له.
فالحديث يربط بين سعادة الآخرة (بالإسلام) وسعادة الدنيا (بالكفاف والقناعة)، ليصبح العبد سعيداً في دنياه وآخرته.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تفضيل القناعة على السعة: الحديث يبين أن الغنى الحقيقي ليس في كثرة المال، ولكن في غنى النفس وقناعتها. كما قال صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ».
2- الكفاف نعمة عظيمة: يجب على المسلم أن ينظر إلى رزقه نظرة تقدير، فالكفاف نعمة من الله تستحق الشكر، وليس كما يظن البعض أنه نقص.
3- الدعاء بالقناعة: ينبغي للمسلم أن يدعو الله أن يرزقه القناعة، فهي من أجلّ النعم وأعظمها، وهي أساس الراحة والطمأنينة.
4- الترابط بين الدين والدنيا: الإسلام يريد للمسلم أن يكون متوازناً، يعبد ربه ويعمر دنياه، دون أن تشغله الدنيا عن آخرته. فالكفاف يعينه على ذلك.
5- الرضا بقضاء الله وقدره: الحديث يحث المسلم على الرضا بما قسمه الله له، واليقين بأن الله أعلم بمصالح عباده.


رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جمع في كلمات قليلة معاني كثيرة.
- القناعة من أخلاق الأنبياء والصالحين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في القناعة والزهد في الدنيا.
- ينبغي للمسلم أن يجاهد نفسه على تعويدها القناعة والرضا، ويشكر الله على نعمة الكفاف، ويدعوه أن يزيده من فضله إن شاء.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الإسلام، ويرزقنا الكفاف، ويقنعنا بما آتانا، إنه جواد كريم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزّكاة (١٠٥٤) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا أبو عبد الرحمن المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، حَدَّثَنِي شرحبيل - وهو ابن شريك -، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1249 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فضل القناعة

  • 📜 حديث: فضل القناعة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: فضل القناعة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: فضل القناعة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: فضل القناعة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب