حديث: ذروني في البحر في يوم صائف فغفر الله له

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)﴾

عن حذيفة، عن النَّبِيّ ﷺ قال: «كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله، فقال لأهله: إذا أنا مُت فخذوني، فذرّوني في البحر في يوم صائف، ففعلوا به، فجمعه الله، ثمّ قال: ما حملك على الذي صنعت؟ قال: ما حملني إِلَّا مخافتك فغفر له».

صحيح: رواه البخاريّ في الرّقاق (٦٤٨٠) عن عثمان بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا جرير، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة، فذكره.

عن حذيفة، عن النَّبِيّ ﷺ قال: «كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله، فقال لأهله: إذا أنا مُت فخذوني، فذرّوني في البحر في يوم صائف، ففعلوا به، فجمعه الله، ثمّ قال: ما حملك على الذي صنعت؟ قال: ما حملني إِلَّا مخافتك فغفر له».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله، فقال لأهله: إذا أنا مُت فخذوني، فذرّوني في البحر في يوم صائف، ففعلوا به، فجمعه الله، ثمّ قال: ما حملك على الذي صنعت؟ قال: ما حملني إِلَّا مخافتك فغفر له».

أولاً. شرح المفردات:


● يَسِيءُ الظنَّ بعمله: أي يظن أن عمله غير مقبول أو غير كافٍ لنيل رضا الله تعالى.
● ذَرُّونِي: ألقوني ونثروني.
● في يَوْمٍ صَائِفٍ: في يوم شديد الحرارة.
● فَجَمَعَهُ اللهُ: أي أعاد أجزاء جسده المتفرقة وجمعها.
● مَا حَمَلَكَ: ما دفعك وأسبابك.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن قصة رجل من الأمم السابقة كان شديد الخوف من الله، لدرجة أنه كان يسيء الظن بعمله ويخاف ألا يُقبَل منه، فوصى أهله عند موته أن يلقوا جسده في البحر في يوم شديد الحرارة؛ خوفاً من أن يُعذَّب في قبره إن دُفن في الأرض، أو خشية أن يُفتَن في قبره.
فلما نفذ أهله وصيته، جمع الله تعالى أجزاء جسده المتفرقة وسأله عن سبب فعله هذا، فأجاب الرجل: "ما حملني إلا مخافتك"، أي أن الدافع الوحيد كان خوفه من الله تعالى وعقابه، لا كفراً ولا استهزاءً. فغفر الله له بسبب صدق خوفه وتعظيمه لربه.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- عظمة الخوف من الله: الحديث يبرز مكانة الخوف من الله كسبب للمغفرة والرحمة، حتى لو بلغ بالعبد أن يسيء الظن بعمله.
2- إساءة الظن بالنفس وحسن الظن بالله: الرجل أساء الظن بعمله (وهو من التواضع وخشيته) لكنه أحسن الظن بربه فغفر له.
3- قبول الأعمال بالنية والإخلاص: لم يكن للرجل عمل ظاهر غير خوفه، فقبله الله وغفر له.
4- الاعتبار بقصص السابقين: في قصص الأمم السابقة عبرة لأولي الألباب، وتثبيتاً لقلوب المؤمنين.
5- أن الخوف من الله لا يضيع معه أجر: بل هو من أعظم أسباب نيل رحمة الله ومغفرته.

رابعاً. فوائد إضافية:


- الحديث يدل على كمال رحمة الله تعالى، حيث قبل من الرجل خوفه وغفر له، مع أن فعله قد يُفهم منه سوء أدب (بإلقاء جسده في البحر)، لكن نية الخوف غلبت.
- فيه إثبات صفة الكلام لله تعالى كما يليق بجلاله، حيث كلم الله هذا الرجل وسأله.
- ينبه الحديث إلى خطورة سوء الظن بالله، وحسن الظن به سبحانه هو المنهج الحق.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا قلوباً خائفة منه، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الرّقاق (٦٤٨٠) عن عثمان بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا جرير، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة، فذكره.
قوله: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾ أي: الذي أخرج لكم من الشجر الأخضر الرطب نارًا محرقة.
ورُوي عن ابن عباس أنه قال: هما شجرتان يقال لأحدهما: المرْخُ، وللأخرى: العَفار، فمن أراد منهم النّار قطع منهما غصنين مثل السواكين وهما خضراوان يقطر منهما الماء، فَيَسحقُ المرخ على العفار، فيخرج منهما النّار بإذن الله عز وجل.
وذكر أن هذا النوع من الشجر كان ينبت في أرض الحجاز، وكان من أراد منهم قدح نار وليس معه زناد، فيأخذ منه عودين أخضرين، ويمدح أحدهما بالآخر، فتتولد النّار من بينهما كالزناد سواء.
ولكن حصول ذلك ليس مقتصرا على أرض الحجاز، فإن معظم الحرائق التي تحدث في الغابات تكون في الغالب من احتكاك الأشجار فيما بينها.
وقوله: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ هذا كقوله: ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [المؤمنون: ٨٨]، وقوله: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ [الملك: ١]. فالملكوت والملك في معنى واحد، فهو مثل رحمة ورحموت، وجبر وجبروت ونحوها. وقد كان النبي ﷺ يقول في ركوعه وسجوده: «سبحان ذي الجبروت والملكوت» كما جاء في الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1287 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ذروني في البحر في يوم صائف فغفر الله له

  • 📜 حديث: ذروني في البحر في يوم صائف فغفر الله له

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ذروني في البحر في يوم صائف فغفر الله له

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ذروني في البحر في يوم صائف فغفر الله له

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ذروني في البحر في يوم صائف فغفر الله له

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب