حديث: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩)﴾

عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: «أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان».

متفق عليه: رواه البخاري في الزكاة (١٤١٩) ومسلم في الزكاة (١٠٣٢: ٩٣) كلاهما من طريق عبد الواحد، حدثنا عمارة بن القعقاع، حدثنا أبو زرعة، حدثنا أبو هريرة قال: فذكره.

عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: «أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
الحديث الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: «أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان».
[رواه البخاري ومسلم]


1. شرح المفردات:


* أعظم أجرًا: الأكثر ثواباً عند الله تعالى.
* صحيح: سليم البدن، قويّ، قادر على الكسب والإنفاق.
* شحيح: بخيل على نفسك، تحب المال وتحرص على جمعه وتبخل بإنفاقه.
* تخشى الفقر: تخاف أن تصيبك الفاقة والحاجة في المستقبل.
* تأمل الغنى: ترجو البقاء والزيادة في المال والغنى.
* لا تمهل: لا تؤخر الصدقة وتتسوّف فيها.
* بلَغَتِ الحُلْقوم: أي عند سكرات الموت ونزع الروح، حيث تبلغ الروح الحلقوم. وهو كناية عن لحظات الاحتضار.
* قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا: تبدأ بتوزيع الميراث والوصية في تلك اللحظة الحرجة.
* وقد كان لفلان: أي وقد صار المال بالفعل ملكاً للورثة (فلان وفلان)، فلم يعد لك حق التصرف فيه، وإنما الوصية لا تتجاوز الثلث.


2. شرح الحديث:


يجيب النبي ﷺ في هذا الحديث على سؤال مهم عن أفضل أنواع الصدقة وأعظمها أجراً عند الله تعالى.
بيّن النبي ﷺ أن الصدقة العظيمة الأجر هي التي تكون في حالة معينة من حال المتصدق، وفي وقت معين، وليس فقط بمجرد قيمة المال المتصدق به.
* حالة المتصدق:
* "أنت صحيح": تكون في كامل صحتك وقوتك، وقادر على العمل والكسب، فالتصدق هنا يعني أنك تتنازل عن جهدك وعن قوتك المستقبلية طمعاً في أجر الله.
* "شحيح": تكون نفسك مولعة بالمال، شديدة التعلق به، وحريصة على جمعه، فالتصدق في هذه الحالة يكون فيه مجاهدة شديدة للنفس وكسر لشحها، وهذا هو الجهاد الأكبر.
* "تخشى الفقر وتأمل الغنى": يكون لديك دوافع نفسية قوية للاحتفاظ بالمال (الخوف من الفقر والأمل في الغنى)، ولكنك تتغلب على هذه الدوافع وتقدم طاعة الله عليها. هذه الصدقة دليل على قوة اليقين والإيمان، حيث تقدم الوعد الآخروي على الأمنيات الدنيوية.
* الوقت:
* "ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم...": ينهى النبي ﷺ عن تأخير الصدقة إلى آخر لحظة في الحياة، أي عند سكرات الموت. فالإنفاق في هذه الحالة:
1- ليس فيه مجاهدة للنفس: فالشخص يعلم أنه مغادر الدنيا ولا فائدة من المال له.
2- قد لا يكون خالصاً لله: فقد يكون دافعه الخوف على سمعته أو أمل في أن يذكر بخير.
3- التصرف لم يعد تصرف مالك: فالمرء عند الموت يكون ماله قد آل بالفعل إلى ورثته شرعاً، وقوله "لِفُلان كذا" هو مجرد وصية لا تتجاوز الثلث، فكأنه يتصدق بما لم يعد ملكه بالكامل. وفي هذا إشارة إلى أن الصدقة في هذه الحالة لا قيمة لها مقارنة بصدقة الصحيح الشحيح.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تفاضل الأعمال بالنيات والحالات: ليس ثواب العمل بمقداره المادي فقط، بل بنية صاحبه ومقدار المجاهدة التي بذلها فيه. فالقليل من الصدقة مع شح النفس أعظم أجراً من الكثير مع سعة الحال.
2- الاستباق إلى الخيرات وعدم التسويف: يحث الحديث على المسارعة في عمل الخير وعدم تأجيله، لأن التأجيل قد يفوت الإنسان أجراً عظيماً وقد لا تتاح له الفرصة لاحقاً. يقول الله تعالى: *{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}* [المنافقون: 10].
3- مجاهدة النفس على البذل والعطاء: أعظم الصدقة هي التي تكون فيها مغالبة لهوى النفس وشحها، وهذا هو معنى الإحسان الحقيقي.
4- قوة اليقين والثقة بالله: الصدقة في حال الصحة والشح دليل على كمال التوكل على الله واليقين بأن الرزق بيده وحده، وهو الذي يعوض العبد خيراً مما أنفق.
5- ذم التعلق بالدنيا والحرص عليها: النهي عن الانتظار حتى لحظة الموت لتنفيذ الوصية بالصدقة هو تحذير من التعلق الزائد بالدنيا وملذاتها حتى آخر لحظة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث يندرج تحت باب "الإيثار وفضل إنفاق المال في حال الصحة والحرص".
* هناك أحاديث أخرى تؤكد هذا المعنى، مثل ق
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الزكاة (١٤١٩) ومسلم في الزكاة (١٠٣٢: ٩٣) كلاهما من طريق عبد الواحد، حدثنا عمارة بن القعقاع، حدثنا أبو زرعة، حدثنا أبو هريرة قال: فذكره. واللفظ للبخاري، ولم يسق مسلم لفظه بهذا الإسناد، وإنما أحال على لفظ حديث قبله.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1785 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى

  • 📜 حديث: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب