حديث: من نذر أن يعصي الله فلا يعصه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٧﴾

عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه».

صحيح: رواه مالك في النذور والأيمان (٨) عن طلحة بن عبد الملك الأيلي، عن القاسم بن
محمد بن الصديق، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو جزء من حديث رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

أولاً. شرح المفردات:


* نَذَرَ: النذر في اللغة: الإيجاب والالتزام. وفي الشرع: هو إلزام المكلف نفسه لله تعالى شيئاً لم يكن لازماً عليه بأصل الشرع. أي أن يلتزم الشخص بعمل طاعة أو غيره لله تعالى.
* يُطِعَ اللهَ: الطاعة: امتثال الأمر واتباعه. فطاعة الله هي فعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه.
* يَعْصِيَ اللهَ: المعصية: المخالفة والتمرد. فمعصية الله هي فعل ما حرم الله أو ترك ما أوجب.

ثانياً. شرح الحديث:


معنى الحديث النبوي الشريف واضح وجلي، وهو قاعدة شرعية عظيمة تحكم مسألة النذر، ويمكن تفصيله على النحو التالي:
1- "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ":
* هذا القسم الأول من الحديث يأمر بالوفاء بالنذر إذا كان في طاعة الله تعالى. فإذا نذر الإنسان نذراً يتضمن فعل طاعة، مثل أن يقول: "نذرت لله أن أصوم يوم كذا" أو "أن أتصدق بمبلغ كذا" أو "أن أحج إن شفى الله مريضي"، فهذا نذر طاعة.
* في هذه الحالة، يجب على المسلم أن يفي بنذره ويقوم بالطاعة التي التزم بها، لقول الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} (الإنسان: 7)، وقوله: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} (البقرة: 270).
* الوفاء بهذا النذر becomes واجباً شرعياً بمجرد النطق به.
2- "وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ":
* هذا القسم الثاني هو الأهم والأعجب، حيث ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوفاء بنذر المعصية.
* فإذا نذر الإنسان نذراً يتضمن معصية لله، مثل أن يقول: "نذرت لله أن أضرب فلاناً" أو "أن أشرب الخمر" أو "أن أقطع رحمي"، فهذا نذر معصية.
* في هذه الحالة، يحرم على المسلم أن يفي بهذا النذر، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. فلا يجوز الوفاء بنذر يكون في أصله معصية لله تعالى.
* ليس فقط أنه لا يجب الوفاء به، بل يحرم الوفاء به. والواجب في هذه الحالة هو التوبة إلى الله من هذا النذر الآثم، ولا كفارة على الصحيح من قولي العلماء عند الوفاء به، لأن الأصل هو تركه وعدم فعله.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التيسير ورفع الحرج: من حكمة الشريعة الإسلامية أنها لم تلزم الإنسان بما التزم به من معصية، بل أمرته بتركها، مما يظهر رحمة الإسلام ويسره ورفعه للحرج عن الناس.
2- النذر مكروه في الأصل: يستفاد من الحديث أن النذر ليس محبوباً في ذاته، بل جاء في أحاديث أخرى النهي عنه أو كراهيته، لأنه يجعل على الإنسان التزاماً لم يكن واجباً عليه. والإنسان لا يدري هل يستطيع الوفاء أم لا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ النَّذْرَ لا يُقَدِّمُ شَيْئاً وَلا يُؤَخِّرُ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ». (متفق عليه). أي أنه لا يغير من قدر الله شيئاً، ولكنه وسيلة لإخراج المال من البخيل الذي يبخل بالإنفاق في سبيل الله.
3- النية والمقصد: الشرع ينظر إلى مقاصد الأعمال ونتائجها، لا إلى مجرد الالتزامات اللفظية. فما كان خيراً أُمِرَ بالوفاء به، وما كان شراً نُهِيَ عن الوفاء به.
4- تحريم التلفظ بالمعاصي: الحديث يحذر من التلفظ بما فيه معصية لله حتى على سبيل النذر أو الالتزام.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


* حكم نذر المباح: إذا نذر الإنسان شيئاً مباحاً في أصله (مثل أن ينذر أن يأكل طعاماً معيناً أو يلبس ثوباً معيناً)، فجمهور العلماء على أنه يجب الوفاء به، وتحول المباح إلى طاعة بالالتزام به لله. وقال بعض العلماء يجب الوفاء به أو إخراج كفارة يمين.
* كفارة النذر: من نذر نذر طاعة ثم عجز عن الوفاء به، أو نذر نذر معصية ولم يفته، فليس عليه شيء على الصحيح. أما من نذر نذراً ثم لم يوف به (مع القدرة) دون عذر، فعليه كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ». (رواه مسلم). وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في النذور والأيمان (٨) عن طلحة بن عبد الملك الأيلي، عن القاسم بن
محمد بن الصديق، عن عائشة، فذكرته.
ورواه البخاري في الأيمان والنذور (٦٧٠٠) من طريق مالك به.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1783 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من نذر أن يعصي الله فلا يعصه

  • 📜 حديث: من نذر أن يعصي الله فلا يعصه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من نذر أن يعصي الله فلا يعصه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من نذر أن يعصي الله فلا يعصه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من نذر أن يعصي الله فلا يعصه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب