غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا

حديث: غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا

عن أبي هريرة: عن النبي ﷺ قال: «إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا، وإن ضرسه مثل أحد، وإن مجلسه من جهنم كما بين مكة والمدينة».

صحيح: رواه الترمذيّ (٢٥٧٧) واللفظ له، وابن أبي عاصم في السنة (٦١٠)، وابن حبان (٧٤٨٦)، والحاكم (٤/ ٥٩٥)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٧٤٣) كلهم من طريق عبيد اللَّه ابن موسى، أخبرنا شيبان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم يصور جزءاً من أهوال جهنم وعذاب الكفار فيها، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً مستعيناً بالله ثم بما ورد في كتب أهل العلم المعتمدة.
### أولاً. نص الحديث
عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي ﷺ قال: «إِنَّ غِلَظَ جِلْدِ الْكَافِرِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، وَإِنَّ ضِرْسَهُ مِثْلُ أُحُدٍ، وَإِنَّ مَجْلِسَهُ مِنْ جَهَنَّمَ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ».
(رواه الترمذي في سننه، وقال: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ. وصححه الألباني في صحيح الجامع).

### ثانياً. شرح المفردات
● غِلَظَ جِلْدِ الْكَافِرِ: "غِلَظ" يعني سُمْكَه وثخانته. و"الجِلْد" هو الطبقة الخارجية من جسد الإنسان.
● ذِرَاعًا: الذراع مقياس طول، والذراع الشرعي يساوي approximately 50 سم تقريباً. (٤٢ ذراعاً × ٠.٥ متر = ٢١ متراً تقريباً).
● ضِرْسَهُ: الضرس هو السن الخلفي في الفم، وهو أكبر الأسنان.
● مِثْلُ أُحُدٍ: جبل أحد، وهو الجبل الشهير في المدينة المنورة، ويبلغ ارتفاعه حوالي 1077 متراً.
● مَجْلِسَهُ: مكان جلوسه وموقعه في النار.
● كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ: المسافة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وهي approximately 450 كيلومتراً تقريباً.

### ثالثاً. شرح الحديث
يخبرنا النبي ﷺ في هذا الحديث عن ثلاثة أوصاف مروعة لأجساد الكفار وعذابهم في جهنم، وذلك لمزيد من التخويف والزجر عن الكفر والشرك:
1- سُمْك جلد الكافر: يبلغ سمك جلد الكافر اثنين وأربعين ذراعاً (أي حوالي 21 متراً). هذا الوصف ليس للمفاخرة أو العظمة، بل هو من باب الإهانة والعذاب. فكلما كان الجلد أغلظ، كان أبطأ في الاحتراق وأكثر إيلاماً، ليزيد عذابه ويطول شقاؤه. فهو عذاب يستمر ولا ينتهي بسرعة.
2- ضرسه كجبل أحد: حجم ضرس الكافر (سنّه) في جهنم بحجم جبل أحد الضخم. وهذا أيضاً من باب التهويل والتعظيم للعذاب. فتصور أن سنّاً واحداً بهذا الحجم الهائل، فكيف ببقية جسده؟! وهذا يدل على ضخامة أجسادهم في النار، والتي تتسع للعذاب وتتناسب مع عظم الجرم الذي ارتكبوه (الكفر بالله).
3- اتساع مجلسه في النار: المساحة التي يشغلها الكافر في جهنم واسعة جداً، كالمسافة بين مكة والمدينة (حوالي 450 كم). وهذا لأمرين:
- الأول: ليعذب في مساحة كبيرة، فيشعر بالوحشة والهوان والعذاب من كل جهة.
- الثاني: لأن عدد الكفار كثير جداً، ومع ذلك فإن جهنم تتسع لهم جميعاً بهذه الضخامة، مما يدل على سعتها وعظمة خلقها، قال تعالى: *{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ}* [ق: 30].

### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- عظمة عقوبة الكفر: الحديث يصور بشاعة عذاب الكفار في الآخرة، وهو تحذير شديد من الشرك والكفر بالله تعالى، فهو أعظم الذنوب وأكبر الجرائم.
2- إثبات عذاب القبر والآخرة: الحديث من الأدلة على حقيقة العذاب في البرزخ وفي جهنم، وهو على ظاهره، يجب الإيمان به كما جاء دون تحريف.
3- الحكمة من التمثيل والتخويف: مثل هذه الأوصاف المرعبة come لتخويف النفوس وردعها عن المعاصي، وخاصة الكفر، لعل القلوب ترعوي وتتوب إلى الله.
4- سعة جهنم وعظم خلقها: الحديث يدل على عظمة خلق النار وقدرة الله تعالى، فجهنم فيها من الاتساع والهول ما لا يخطر على بال بشر.
5- الرحمة في التخويف: إن تخويف النبي ﷺ لأمته من النار هو من رحمته بهم، كالطبيب الذي يخوف المريض من عواقب مرضه ليعالج نفسه.

خامساً:

معلومات إضافية
- هذا الحديث من أحاديث الوعيد، التي يُراد بها الزجر والانكفاف عن المعاصي.
- هذه الأوصاف (كضخامة الأجسام) هي من نوع العذاب الذي يلاقيه الكفار في النار، وقد تكون حقيقية أو من جنس العذاب الذي نستطيع تصوره، والله أعلم بحقيقتها، ونؤمن بها كما جاءت.
- يقابل هذا الوصف، ما أعده الله للمؤمنين من النعيم المقيم في الجنة، مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
نسأل الله السلامة والعفو والعافية في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٢٥٧٧) واللفظ له، وابن أبي عاصم في السنة (٦١٠)، وابن حبان (٧٤٨٦)، والحاكم (٤/ ٥٩٥)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٧٤٣) كلهم من طريق عبيد اللَّه ابن موسى، أخبرنا شيبان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكره. وإسناده صحيح.
قال الترمذيّ: «هذا حديث حسن صحيح».
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 225 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا

📜 حديث: غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية