جلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض

حديث: جلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض

عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله ﷺ وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر» مرتين أو ثلاثا، وذكر الحديث بطوله وسيأتي في باب إثبات عذاب القبر.

صحيح: رواه أبو داود (٣٢١٢)، والنسائي (٢٠٠٣)، وابن ماجه (١٥٤٨) كلهم من طريق المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وفيه دروس وعبر عظيمة. وإليك الشرح المفصل:

1. شرح المفردات:

* جنازة: الميت وما يُحمل عليه من نعش وغيرها.
* لما يلحد: "لما" بمعنى "لم" النافية، و"يُلحد" من اللَّحْد، وهو الشق في جانب القبر الذي يوضع فيه الميت. أي أن القبر لم يكن جاهزاً بعد.
* كأنما على رؤوسنا الطير: كناية عن السكوت التام والهدوء الشديد وعدم الحركة، كالطير الجاثم على الرأس يخاف الإنسان أن يطيره بأدنى حركة.
* ينكت به: يضرب به الأرض برفق أو يحكها به (النَّكْت: الضرب الخفيف).
* استعيذوا بالله: اطلبوا العوذ والالتجاء والحماية بالله تعالى.

2. شرح الحديث:

يصف الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه موقفاً مؤثراً حصل مع النبي صلى الله عليه وسلم. فقد خرجوا معه لتشييع جنازة رجل من الأنصار، وعندما وصلوا إلى القبر وجدوه لم يُجهز بعد (لم يُحفر اللحد فيه)، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وجلس الصحابة حوله في هدوء وسكوت تامين، يظهر عليهم الأدب والوقار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم في حالة تأمل، يحك الأرض بعود صغير في يده، ثم رفع رأسه الشريف ونظر إلى أصحابه، ونادى عليهم بهذه الكلمات الجليلة التي تحمل تحذيراً شديداً: «استعيذوا بالله من عذاب القبر»، وكررها للتأكيد على عظم شأنها وخطورة ما تحذر منه.
هذه الجملة القصيرة كانت مقدمة لبيان حقيقة عظيمة، وهي أن في القبر عذاباً، وأن على المسلم أن يلجأ إلى الله ويستحضر ضعفه ويطلب حفظه من هذا العذاب.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- إثبات عذاب القبر: هذا الحديث من الأدلة القاطعة على حقيقة عذاب القبر، وهو من أمور الغيب التي يجب على المسلم الإيمان بها. وعذاب القبر يكون للكافرين وبعض العصاة من المسلمين.
2- الاستعاذة الدائمة من عذاب القبر: دلَّت السنة النبوية على أن المسلم يُستحب له أن يكثر من دعاء: «أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» في صلاته، خاصة بعد التشهد الأخير، وفي أذكار الصباح والمساء، وعند زيارة القبور.
3- أدب الصحابة مع النبي ﷺ: مشهد سكوت الصحابة وهدوئهم حول النبي صلى الله عليه وسلم «كأنما على رؤوسهم الطير» هو أعلى درجات الأدب مع المعلم والداعية، وهو أدب ينبغي أن يتحلى به طالب العلم.
4- التذكير بالموت والقبر: زيارة القبور وحضور الجنائز تذكير بالآخرة وتزهد في الدنيا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستغل هذه المواقف للتذكير بمصير الإنسان بعد موته.
5- التكرار لأهمية المعلومة: تكرار النبي صلى الله عليه وسلم للتحذير («مرتين أو ثلاثاً») يدل على أهمية الموضوع وخطورته، ويجذب انتباه السامعين إليه.
6- حسن تعليم النبي ﷺ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار الوقت والمكان المناسبين للتذكير، فما أعظم من تذكير بالآخرة عند باب الآخرة (القبر).

4. معلومات إضافية:

* أسباب النجاة من عذاب القبر كثيرة، منها: الإخلاص لله، اجتناب الكبائر والموبقات، الموت على توبة، الشهادة في سبيل الله، الصبر على البلاء، قراءة سورة الملك قبل النوم، وغيرها من الأعمال الصالحة.
* عذاب القبر ونعيمه حقيقي، يقع على الروح والجسد، وكيفيته مما استأثر الله بعلمه، فنؤمن به كما جاء في الكتاب والسنة دون تكييف أو تمثيل.
* ينبغي للمسلم أن يجعل هذا الدعاء («أعوذ بالله من عذاب القبر») جزءاً من ورده اليومي، طلباً للعصمة والحفظ من الله تعالى.
أسأل الله تعالى أن يعيذنا وإياكم من عذاب القبر، وأن يجعله لنا روضة من رياض الجنة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٢١٢)، والنسائي (٢٠٠٣)، وابن ماجه (١٥٤٨) كلهم من طريق المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء فذكره.
وأخرجه أبو داود (٤٧٥٣)، والإمام أحمد (١٨٥٣٤) مفصلًا، انظر: إثبات عذاب القبر.
وإسناده صحيح. وأخرجه الحاكم (١/ ٣٧ - ٤٠). وقال: صحيح على شرط الشيخين».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 448 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: جلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض

📜 حديث: جلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: جلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: جلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: جلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية