حديث: القبر أول منازل الآخرة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب إنَّ القبر أول منازل الآخرة
حسن: رواه الترمذيّ (٢٣٠٨)، وابن ماجة (٤٢٦٧) كلاهما من حديث يحيى بن معين، قال: حَدَّثَنَا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن بَحير، عن هانئ مولي عثمان قال: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع العظيم:
الحديث:
عن هانئ مولى عثمان قال: كان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا وقف على قبر يبكي حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار ولا تبكي، وتبكي من هذا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت منظرًا قط إلا والقبر أفظع منه».
1. شرح المفردات:
● وقَفَ على قَبْرٍ: أي حضر عند قبر ميت ووقف عنده يتذكر ويدعو.
● يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ: يبكي بكاءً شديدًا حتى تبتل لحيته بالدموع، مما يدل على شدة تأثره وخشيته.
● أوَّلُ مَنَازِلِ الآخِرَةِ: أول مرحلة من مراحل الحياة بعد الموت، والتي تسبق الحساب والجنة أو النار.
● فإن نَجَا مِنْهُ: إذا سلم العبد من عذاب القبر وفتنته.
● فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ: فإن ما يلي القبر من أهوال يوم القيامة أهون منه.
● وَإِن لَمْ يَنْجُ مِنْهُ: إذا لم يسلم من عذاب القبر.
● فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ: فإن عذاب ما بعد القبر (من أهوال الحشر والحساب والعقاب) أشد وأعظم.
● مَنْظَرًا: مشهدًا أو رؤية.
● أَفْظَعَ مِنْهُ: أكثر إثارة للرعب والفزع.
2. شرح الحديث:
هذا الحديث يروي لنا موقفًا عظيمًا من مواقف الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو موقف البكاء من خشية الله عند رؤية القبور.
● موقف عثمان رضي الله عنه: كان عثمان رضي الله عنه، مع مكانته العظيمة وسابقه في الإسلام وفضله، يقف عند القبور ويبكي بكاءً شديدًا حتى تبتل لحيته. وهذا يدل على خشيته العميقة من الله، وتذكره للموت وما بعده، واستشعاره لعظمة المسؤولية بين يدي الله تعالى.
● استنكار البعض: استغرب بعض الناس من بكائه هذا، وقالوا له: كيف تبكي من القبر، وأنت تذكر الجنة والنار -وهما أعظم- ولا تبكي؟! وهذا الاستفهام يدل على أنهم نظروا إلى أن ذكر الجنة والنار أولى بالبكاء والخوف.
● رد عثمان رضي الله عنه بحكمة النبي صلى الله عليه وسلم: أجابهم عثمان رضي الله عنه بحكمة النبي صلى الله عليه وسلم، موضحًا أن القبر هو أول منازل الآخرة، وهو بمثابة الاختبار الأول بعد الموت. فإن نجا العبد من عذاب القبر وفتنته، فإن ما يليه من أهوال سيكون أهون عليه. أما إذا لم ينج من عذاب القبر، فإن ما بعده من أهوال الحساب والعقاب سيكون أشد عليه.
● وقول النبي صلى الله عليه وسلم الآخر: ثم أكد عثمان رضي الله عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت منظرًا قط إلا والقبر أفظع منه». أي أن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي رأى أعظم المشاهد في الدنيا والآخرة، يرى أن القبر هو أفظع مشهد على الإطلاق. وهذا يؤكد خطورة مرحلة القبر وهولها.
3. الدروس المستفادة منه:
1- عظمة خوف الصحابة من الله: موقف عثمان رضي الله عنه يظهر لنا عمق إيمان الصحابة وخشيتهم من الله، حتى إنهم كانوا يبكون من خشية عذاب القبر.
2- القبر أول منازل الآخرة: يجب على المسلم أن يستعد لهذه المرحلة بالإيمان والعمل الصالح، فإنها مرحلة مصيرية.
3- النجاة من القبر مفتاح للنجاة فيما بعده: من نجا من عذاب القبر، سهل عليه ما بعده، ومن عذب فيه، كان ما بعده أشد عليه.
4- التذكير بالموت وعذاب القبر: من أعظم أسباب الزهد في الدنيا والاستعداد للآخرة.
5- البكاء من خشية الله من علامات الإيمان: كما فعل عثمان رضي الله عنه، وهو من أهل الجنة وبشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه، وهو حسن.
- عذاب القبر ثابت بالكتاب والسنة، وهو من أمور الغيب التي يجب الإيمان بها.
- أسباب النجاة من عذاب القبر كثيرة، منها: الاستعاذة من عذاب القبر في الدعاء، والموت على التوحيد، واجتناب الكبائر، والصدقة، والشهادة في سبيل الله، وغيرها.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الدعاء بـ «أعوذ بك من عذاب القبر» في صلاته ودعائه.
نسأل الله تعالى أن يجعل قبورنا روضة من رياض الجنة، وأن يحفظنا من عذاب القبر والنار.
تخريج الحديث
قال الترمذيّ: «حسن غريب لا نعرفه إِلَّا من حديث هشام بن يوسف».
وأخرجه الحاكم (١/ ٣٧١) وقد صحَّح الإسناد مثله قبله. وتعقبه الذّهبيّ فقال: «ابن بَحير ليس بالعمدة، ومنهم من يقويه، وهانئ روى عنه جماعة، ولا ذكر له في الكتب الستة».
قال الأعظمي: عبد الله بن بحير هو ابن رَيْسان -بفتح الراء وسكون الياء- المرادي أبو وائل القاص اليماني الصنعانيّ، قال يحيى بن معين: ثقة.
وقال عليّ بن المديني: سمعت هشام بن يوسف - وسئل عن عبد الله بن بَحير القاص الذي روي عن هانئ مولي عثمان فقال: «كان يُتقن ما سمع». وذكره ابن حبَّان في «الثقات» (٨/ ٣٣١).
وقال في «المجروحين»: أبو وائل القاص اسمه عبد الله بن بَحير الصنعانيّ، وليس هو عبد الله بن بحير بن رَيسان ذاك ثقة، وهذا يروي عن عروة بن محمد وعبد الرحمن بن يزيد الصنعاني العجائب كأنّها معلولة، لا يجوز الاحتجاج به. فجعل ابن حبَّان رجلين أحدهما ثقة، والآخر ضعيف، والراوي هنا عبد الله بن بحير بن رَيسان هو الثقة.
وأمّا هانئ مولي عثمان فهو أبو سعيد البربري قال فيه النسائيّ: ليس به بأس، وذكره ابن حبَّان في «الثّقات»، وقال الذهبي في «الكاشف»: «وُثق».
فهو حسن الحديث، وقد روى له أبو داود والتِّرمذي وابن ماجه، وقد أشار إلى هذا الذهبي.
وأمّا ما رُوي عن أبي سعيد مرفوعًا: «إنَّما القبر روضة من رياض الجنّة، أو حفرة من حُفَر النار» فهو ضعيف.
رواه الترمذيّ (٢٤٦٠) عن محمد بن أحمد -وهو ابن مدُّويه، حَدَّثَنَا القاسم بن الحكم العُرني، حَدَّثَنَا عبيد الله بن الوليد الوصَّافي، عن عطية، عن أبي سعيد فذكره في سيأتي أطول سيأتي في موضعه.
قال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إِلَّا من هذا الوجه.
قال الأعظمي: فيه عطية وهو ابن سعد العوفي ضعَّفه النسائيّ، وقال أبو داود: ليس بالذي يعتمد عليه، وفي «التقريب»: «صدوق يخطئ كثيرًا كان شيعيًا مدلسًا».
والراوي عنه عبيد الله بن الوليد الوصافي، أهلُ العلم مطبقون على تضعيفه.
وكذلك لا يصح ما رواه البيهقي في «إثبات عذاب القبر» (٦١) من طريق محمد بن إسحاق الصنعاني، ثنا محمد بن عمر الواقدي، أن سلمة بن أخي عمر، عن عمر بن شَبَّة بن أبي كثير الأشجعي، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا: «القبر حفرة من حفر جهم، أو روضة من رياض الجنّة» والواقدي متروك.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في جنازة، فجلس إلى قبر منها فقال: «ما يأتي على هذا القبر من يوم إِلَّا وهو ينادي بصوت ذلق طلق يا ابن آدم: كيف نَسيتني؟ ألم تعلم أني بيتُ الوحدة، وبيتُ الغربة، وبيتُ الوحشة، وبيتُ الدود، وبيتُ الضِّيق، إِلَّا من وسَّعني الله عليه» ثمّ قال رسول الله ﷺ: «القبر إما روضة من رياض الجنّة، أو حفرة من حفر النار» رواه الطبرانيّ في «الأوسط».
قال الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ٤٦): «وفيه محمد بن أيوب بن سويد وهو ضعيف».
قال الأعظمي: بل هو رُوي عن أبيه، عن الأوزاعي الأشياء الموضوعة، وكان أبو زرعة يقول: رأيت هذا الشّيخ أدخل في كتاب أبيه أشياء موضوعة بخط طريّ، وكان يحدث بها، انظر: «المجروحين». (١٠٠١).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 458 من أصل 541 حديثاً له شرح
- 433 العبد إذا وضع في قبره يسمع قرع نعالهم
- 434 الميت يسمع حِس النعال إذا ولَّوا عنه مدبرين
- 435 احفروا وأوسعوا وأحسنوا وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد
- 436 أوسع من قبل رجليه أوسع من قبل رأسه
- 437 ألحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول...
- 438 غسلت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أر شيئًا وكان...
- 439 لحدوا للنبي ﷺ
- 440 لحد قبر الرسول ﷺ
- 441 من شق لحد رسول الله ﷺ
- 442 أيهم أكثر أخذا للقرآن
- 443 أمر النبي بإخراج عبد الله بن أبي من قبره وألبسه...
- 444 أبي دعاني من الليل فقال ما أراني إلا مقتولا
- 445 أمر النبي بحجر عند قبر عثمان بن مظعون ليعلم به.
- 446 مكة لا تحل لأحد قبلي ولا بعدي إلا ساعة من...
- 447 قطيفة حمراء في قبر النبي ﷺ.
- 448 جلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت...
- 449 كان رسول الله ﷺ ليتعذر في مرضه أين أنا اليوم...
- 450 لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدًا
- 451 يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه
- 452 ادفني مع صواحبي ولا تدفني مع النبي
- 453 قبر النبي ﷺ مسنماً
- 454 رفع قبر النبي ﷺ من الأرض نحوًا من شبرٍ
- 455 كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟
- 456 مررتُ على موسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر
- 457 الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون
- 458 القبر أول منازل الآخرة
- 459 العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه
- 460 استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثًا
- 461 الميت يسمع خفق نعالهم إذا ولوا عنه.
- 462 يا فلان بن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله
- 463 وجدتم ما وعد ربكم حقا تدعو أمواتا ما أنتم بأسمع...
- 464 يا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم الله ورسول
- 465 يا أبا جهل بن هشام أليس قد وجدتم ما وعد...
- 466 الميت يُعذَّب في قبره ببكاء أهله عليه
- 467 يا فلان يا فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا
- 468 يهود تعذب في قبورها
- 469 ما من شيء لم أره إلا رأيته في مقامي هذا...
- 470 فتنة القبر التي يفتتن فيها المرء
- 471 لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب...
- 472 يعذبون في قبورهم عذابًا تسمعه البهائم
- 473 عذاب القبر وأوحى إلي أنكم تفتنون في القبور
- 474 وقاك الله عذاب القبر فإن عذاب القبر حق
- 475 تعوذوا بالله من عذاب القبر والنار والفتن والدجال
- 476 تعوذوا بالله من عذاب القبر
- 477 لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر
- 478 أهل هذه القبور يعذبون
- 479 صاحب القبر يُعذَّب
- 480 استعيذوا بالله من عذاب القبر
- 481 تعوذوا من عذاب القبر
- 482 يعذبان وما يعذبان في كبير
معلومات عن حديث: القبر أول منازل الآخرة
📜 حديث: القبر أول منازل الآخرة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: القبر أول منازل الآخرة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: القبر أول منازل الآخرة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: القبر أول منازل الآخرة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








