أمر النبي بإخراج عبد الله بن أبي من قبره وألبسه قميصه

حديث: أمر النبي بإخراج عبد الله بن أبي من قبره وألبسه قميصه

عن جابر بن عبد الله قال: أتى رسولُ الله ﷺ عبد الله بن أُبيّ بعد ما أُدْخل حُفْرتَه، فأمر به فأخرج، فوضعه على رُكْبتيه، ونَفَثَ عليه من ريقة، وألبسه قميصه، فالله أعلم وكان (أي عبد الله بن أُبيّ) كسا عبَّاسًا قميصًا.
قال سفيان: وقال أبو هريرة: وكان على رسول الله ﷺ قميصان، فقال له ابن عبد الله: يا رسول الله! ألْبِس أبي قميصك الذي يلي جلْدك.
قال سفيان: فيَروْن أن النبي ﷺ ألْبس عبد الله قميصه مكافأة لما صنع.

متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٣٥٠)، ومسلم في صفات المنافقين (٢٧٧٣) كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن عمرو قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: فذكر الحديث واللفظ للبخاري، ولم يذكر مسلم بعد قوله: «فالله أعلم».

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم فيه موقف نبوي كريم يتجلى فيه خلق النبي ﷺ العظيم وحكمته في التعامل حتى مع من أساء إليه.

أولاً. شرح المفردات:

● أُدخل حفرته: أي وُضع في قبره.
● فوضعه على ركبتيه: أي جعل جسده على ركبتيه الشريفتين.
● نفث عليه من ريقه: النفث هو النفخ مع قليل من الريق، وكان من هديه ﷺ في الرقية.
● كسا عباسًا قميصًا: أي أن عبد الله بن أبي كان قد أهدى للعباس بن عبد المطلب (عم النبي) قميصًا في السابق.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن موقف نبوي عجيب، حيث أن عبد الله بن أبي بن سلول (زعيم المنافقين في المدينة) قد مات، فجاء رسول الله ﷺ إلى قبره بعد أن دُفن، وأمر بإخراجه من القبر! ثم وضعه على ركبتيه الشريفتين، ونفث عليه من ريقه المبارك (وهذا نوع من الرقية والشفاء)، ثم ألبسه قميصه الخاص.
وفي رواية أبي هريرة التي أشار إليها سفيان الثوري (أحد رواة الحديث): أن النبي ﷺ كان يلبس قميصين، فطلب منه ابن عبد الله بن أبي (وهو عبد الله بن عبد الله بن أبي وكان صحابيًا صالحًا) أن يلبس أباه القميص الذي يلي جلد النبي ﷺ مباشرة لبركته.
ويختم الراوي (سفيان) بأن الصحابة كانوا يروا أن هذا الفعل من النبي ﷺ كان مكافأة وإحسانًا مقابل إحسان سابق، حيث أن عبد الله بن أبي كان قد أهدى قميصًا للعباس بن عبد المطلب عم النبي ﷺ في السابق.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظمة خلق النبي ﷺ وسمو أخلاقه: فقد عامل المنافق الذي آذاه وأساء إلى المسلمين بأعلى درجات الإحسان، وهذا من تمام خلقه ﷺ الذي قال عنه ربه: *"وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ"* [القلم:4].
2- مكافأة الإحسان بالإحسان: حتى لو كان المحسَن إليه قد أساء سابقًا، فالنبي ﷺ كافأ ابن أبي على إحسانه السابق للعباس.
3- بركة النبي ﷺ وطلبها: طلب ابن عبد الله البركة من ثوب النبي ﷺ الذي يلي جسده الشريف، وهذا يدل على ما كان الصحابة يعرفونه من بركته ﷺ.
4- الوفاء والاعتراف بالجميل: النبي ﷺ لم ينسَ الجميل السابق لابن أبي مع عمه العباس، فكافئه عليه.
5- جواز الرقية بالنفث: وفيه دليل على مشروعية الرقية بالنفث مع الريق، وكان هذا من هديه ﷺ.
6- التلطف مع أبناء الصالحين: النبي ﷺ استجاب لطلب ابن عبد الله (الذي كان مسلمًا صالحًا) برغم أن أباه منافق، تقديرًا لصلاح الابن.

رابعاً. معلومات إضافية:

- عبد الله بن أبي بن سلول كان زعيم المنافقين في المدينة، وقد أساء إلى النبي ﷺ والمسلمين في عدة مواقف.
- ابنه عبد الله بن عبد الله كان صحابيًا جليلاً ومؤمنًا صادقًا، وقد برئ من نفاق أبيه.
- هذا الموقف يدل على حكمة النبي ﷺ في سياسة الناس وكسب قلوبهم، حتى إنه لكرمه هذا دخل في الإسلام أناس كثيرون.
أسأل الله أن ينفعنا بسيرة نبينا ﷺ وأخلاقه، وأن يجعلنا ممن يقتدي به في حسن خلقه ومعاملته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجنائز (١٣٥٠)، ومسلم في صفات المنافقين (٢٧٧٣) كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن عمرو قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: فذكر الحديث واللفظ للبخاري، ولم يذكر مسلم بعد قوله: «فالله أعلم».
ورواه البخاري (١٢٧٠) من وجه آخر عن عمرو وفيه: أتى النبيُ ﷺ عبد الله بن أُبيّ بعد ما دفن. فأخرجه فنفث فيه ...
وقوله: «بعد ما دفن عبد الله بن أُبيّ »أي وضع في حفرته كما في الرواية الأولى، لا أنه دُفن ورمي عليه التراب، وكان أهل عبد الله بن أُبيّ خشوا على رسول الله ﷺ المشقةَ في حضوره،
فبادروا إلى تجهيزه قبل وصول النبي ﷺ، فلما وصل وجدهم قد دلوه في حفرته، فأمر بإخراجه إنجازًا لوعده في تكفينه في القميص والصلاة عليه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 443 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمر النبي بإخراج عبد الله بن أبي من قبره وألبسه قميصه

📜 حديث: أمر النبي بإخراج عبد الله بن أبي من قبره وألبسه قميصه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أمر النبي بإخراج عبد الله بن أبي من قبره وألبسه قميصه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أمر النبي بإخراج عبد الله بن أبي من قبره وألبسه قميصه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أمر النبي بإخراج عبد الله بن أبي من قبره وألبسه قميصه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية