حديث: أفضل الصدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في أفضل الصّدقات

عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: «أفضل الصدقة عن ظهر
غنًى، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السُّفلي».

صحيح: رواه الإمام أحمد (١٤٥٣١) عن روح، حدّثنا ابنُ جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، فذكره.

عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: «أفضل الصدقة عن ظهر
غنًى، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السُّفلي».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يجعلنا من المتعلمين العاملين والدعاة إلى الخير.
الحديث الشريف: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى».


1. شرح المفردات:


● عَنْ ظَهْرِ غِنًى: أي من مالٍ فاضل عن حاجتك وحاجة من تعول، تصدقت وأنت مستغنٍ غير محتاج إليه. والغنى هنا هو الاستغناء عن هذا المال وعدم الحاجة الماسّة له.
● وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أي ابدأ بالإنفاق والصدقة على من تجب عليك نفقته من الأقارب، كالوالدين والزوجة والأولاد.
● اليَدُ العُلْيَا: هي يد المُعطي المنفق، وهي اليد العالية المرفوعة بالعطاء والكرم.
● اليَدُ السُّفْلَى: هي يد الآخذ السائل، وهي اليد المنخفضة بالطلب والحاجة.


2. شرح الحديث:


يجمع هذا الحديث العظيم بين ثلاثة مبادئ أساسية في باب الصدقة والإنفاق، وهي:
* «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى»: يبين النبي ﷺ أن أفضل أنواع الصدقة هي التي يعطيها الإنسان من مالٍ زائد عن حاجته وحاجة عياله الأساسية، وليس من المال الذي يحتاجه أو يدخره لأمور ضرورية. وهذا لا يعني تحريم الصدقة من مال قليل، فقد أثنى الله على أهل الإيثار في القرآن، ولكنه يرشدنا إلى الأفضل والأكمل، وهو أن يكون العطاء من سعة لا من ضيق، حتى لا يتحول المُتصدق نفسه إلى محتاج. وهو أيضاً أدعى لإخلاص النية، حيث يتصدق وهو مطمئن القلب غير قلق على مستقبله.
* «وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»: هذا تأكيد على أولوية الحقوق والأولويات في الإنفاق. فبرُّ الإنسان وعطاؤه يجب أن يبدأ بمن هم تحت رعايته ومسؤوليته مباشرة. فالنفقة على الوالدين والزوجة والأولاد وأقاربك الفقراء الذين تجب عليك نفقتهم هي صدقة وأجرها عظيم، بل هي مقدمة على الصدقة على الغرباء. إهمال هؤلاء والتصدق على آخرين يعتبر إثماً وتضييعاً للواجب، لا فضيلة.
* «وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى»: هذا حثٌّ عظيم على أن يكون المسلم معطاءً كريماً، لا سائلاً مأخوذاً. اليد العليا (يد المعطي) هي الخيرة والمفضلة عند الله وعند الناس، لأنها يد العزة والكرامة والشرف. أما اليد السفلى (يد الآخذ) فهي يد الذل والحاجة، وإن كان أخذها أحياناً ضرورة لا بد منها. يحثنا النبي ﷺ على طلب العلو والرفعة بالعطاء والاستغناء عن الناس.


3. الدروس المستفادة منه:


1- ترتيب أولويات الإنفاق: الإسلام دين تنظيمي، يحث على الترتيب والحكمة، فبداية العطاء من داخل البيت ثم يتسع ليشمل المجتمع.
2- الحكمة في العطاء: لا ينبغي للمسلم أن يتصدق بكل ماله ويترك نفسه وعياله عالة على الناس، بل يتصدق من الفضل. قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29].
3- فضل الكرم والعطاء: الحديث يحض على فضيلة الكرم والإنفاق، ويبين أن المعطي هو الأعلى مكانة وأجراً.
4- الحث على الاستغناء عن الناس: يستحب للمسلم أن يعفّ نفسه عن السؤال ويطلب الرزق من الله، ويكون عطاؤه هو سبب علوه ورفعته.
5- الجمع بين الحقوق: يجمع الحديث بين حق الله بالصدقة وحق العيال بالنفقة، فلا يُضَيّع أحدهما لصالح الآخر.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، مما يؤكد على صحته وقوته.
- الحديث يشمل الصدقة الواجبة (كالنفقة على العيال) والصدقة التطوعية.
- المقصود بـ "اليد العليا" ليس الغنى المادي فقط، بل كل معطي ومحسن، ولو كان فقيراً يعطي مما لديه، فهي يد عالية بعطائها وإيمانها.
- إذا اضطر الإنسان للسؤال فلا حرج عليه، ولكن يجب أن يكون السؤال من حلال، وأن يكون لضرورة قصوى.
أسأل الله أن يرزقنا القيام بحقوقه وحقوق عباده، وأن يجعلنا من أهل العطاء والكرم، ويعيننا على بر من تعولون.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٤٥٣١) عن روح، حدّثنا ابنُ جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، فذكره. وإسناده صحيح.
ومن هذا الوجه أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٣٣٤٥) إلا أنه لم يذكر فيه الفقرة الثالثة من الحديث.
وروي أيضًا عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ بِمِثْلِ بَيْضَةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَصَبْتُ هَذِهِ مِنْ مَعْدِنٍ فَخُذْهَا فَهِيَ صَدَقَةٌ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا. فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ الله ﷺ، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ قَبَلِ رُكْنِهِ الَأيْمَنِ، فَقَال: مِثْلَ ذَلِكَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ قَبَلِ رُكْنِهِ الَأيْسَرِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَأَخَدَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَحَذَفَهُ بِهَا فَلَوْ أَصَابَتْهُ لَأوْجَعَتْهُ أَوْ لَعَقَرَتْهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَأُتِي أَحَدَكُمْ بِمَا يَمْلِكُ فَيَقُولُ هَذِهِ صَدَقَةً ثُمَّ يَقْعُدُ يَسْتَكِفُّ النَّاسَ خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى».
وفي رواية: «خُذْ عَنَّا مَالَكَ لا حَاجَةَ لَنَا بِهِ».
رواه أبو داود (١٦٧٣) عن موسى بن إسماعيل، حدّثنا حماد، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن جابر بن عبد الله، فذكره.
والرواية الثانية (١٦٧٤) من طريق ابن إدريس، عن ابن إسحاق، بإسناده.
وصحّحه ابن خزيمة (٢٤٤١)، وابن حبان (٣٣٧٢)، والحاكم (١/ ٤١٣)، وقال: صحيح على شرط مسلم».
قال الأعظمي: وذلك بناء على مذهب الحاكم، وإلا محمد بن إسحاق ليس على شرط مسلم، كما أنه لم يصرح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 168 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أفضل الصدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول

  • 📜 حديث: أفضل الصدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أفضل الصدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أفضل الصدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أفضل الصدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب