كُلُّ مَعْروفٍ صَدَقَةٌ

حديث: كُلُّ مَعْروفٍ صَدَقَةٌ

عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: «كُلُّ مَعْروفٍ صَدَقَةٌ وَإِنَّ مِن الْمَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بَوَجْهٍ طَلْقٍ وَأَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلوِكَ فِي إِنَاءِ أَخِيكَ».

حسن: رواه الترمذي (١٩٧١) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أشرح هذا الحديث الشريف شرحاً وافياً مستعيناً بالله تعالى، معتمداً على كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ: «كُلُّ مَعْروفٍ صَدَقَةٌ وَإِنَّ مِن الْمَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بَوَجْهٍ طَلْقٍ وَأَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلوِكَ فِي إِنَاءِ أَخِيكَ».

1. شرح المفردات:

● مَعروفٍ: كل فعل خير وبرٍّ يحبه الله ورسوله، ويأمر به الشرع، ويستحسنه العقل السليم.
● صَدَقَةٌ: هنا بمعنى أجر وثواب من الله تعالى، وليس المقصود الصدقة المالية فقط.
● أَخَاكَ: أي أخاك في الإسلام، ويشمل كل مسلم.
● بِوَجْهٍ طَلْقٍ: بوجه منبسط، مبتسم، حَسَنِ المُحيّا، خالٍ من العبوس والتقطيب.
● تُفْرِغَ مِنْ دَلوِكَ: الدلو هو الوعاء الذي يستقى به الماء. والمعنى أن تشاركه مما عندك من خير، ولو كان قليلاً.
● فِي إِنَاءِ أَخِيكَ: أي في وعائه الذي يحتاج لملئه.

2. شرح الحديث:

يبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث العظيم سعة مفهوم الصدقة في الإسلام، وأنها لا تقتصر على إعطاء المال فقط، بل تتجاوز ذلك إلى كل فعل خير يعود بالنفع على الآخرين.
● «كُلُّ مَعْروفٍ صَدَقَةٌ»: هذا حكم عام عظيم، يوسع دائرة الخير ويجعل المسلم في عبادة متواصلة. فكل أمر يأمر به الشرع أو يحض عليه من البر والإحسان إلى الخلق، يعتبر صدقة يثاب عليها المسلم. وهذا يشمل الصدقات المالية، والمساعدة الجسدية، والنصيحة، وكف الأذى، وذكر الله، وحتى إماطة الأذى عن الطريق. فهو تشجيع على تعميم الخير وتنويع أبواب البر.
● «وَإِنَّ مِن الْمَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ»: هنا يضرب النبي ﷺ مثلاً محسوساً على هذه المعاني الواسعة للصدقة. فإلقاء المسلم لأخيه بوجه مبتسم وبشوش هو في ذاته صدقة وعبادة. وهذا الفعل البسيط له أجر عظيم؛ لأنه يزرع المحبة والألفة في قلوب المسلمين، ويذهب الوحشة، ويشعر الآخرين بالأخوة والاهتمام. وهو من أيسر الأعمال وأقلها كلفة، لكنه من أعظمها أثراً في بناء المجتمع المسلم.
● «وَأَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلوِكَ فِي إِنَاءِ أَخِيكَ»: هذا مثل آخر من أمثلة المعروف الذي هو صدقة. وهو كناية عن المشاركة والعون في قضاء الحوائج، ولو كان العون قليلاً أو بسيطاً. فإعانة أخيك المسلم ومساعدته في أمر من أموره، ولو بمقدار إفراغ دلوك في إنائه (كمساعدة جارة لجارتها بكوب سكر أو قليل من الماء)، هو صدقة لها أجرها. وهو تعليم للمسلم أن يكون عوناً لأخيه، وأن يشاركه في ما يحتاجه، مما يقوي أواصر التعاون والتكافل في المجتمع.

3. الدروس المستفادة منه:

1- سعة مفهوم العبادة والصدقة في الإسلام: فالدين ليس محصوراً في الشعائر التعبدية فحسب، بل كل عمل خير يقصد به وجه الله هو عبادة وصدقة.
2- الحث على الإحسان إلى الخلق بجميع الصور: من بذل المال، أو الجهد، أو حتى بذل الابتسامة والكلمة الطيبة.
3- بناء المجتمع المسلم على المحبة والألفة: فالبشاشة والطلاقة في وجه الأخ المسلم تزيل الحواجز النفسية وتقوي روابط الأخوة.
4- التعاون والتكافل الاجتماعي: فالمسلم مطالب بأن يكون عوناً لأخيه، ومساعدته في قضاء حاجته، ولو بأبسط الأشياء.
5- تيسير الخير على الناس: فالنبي ﷺ بين أن أبواب الخير كثيرة وميسرة، فلا عذر لأحد في التقاعس عنها.
6- تنمية الشعور بأهمية الأفعال البسيطة: فكثير من الناس قد يستهين ببعض الأعمال كالابتسامة أو المساعدة البسيطة، وهي عند الله عظيمة الأجر.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من الأحاديث التي تُظهر سماحة الإسلام ويسره، وأنه دين يعمق معاني الإنسانية والتكافل.
- الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وقال: حديث حسن صحيح.
- يستفاد من الحديث أن العلاقات الاجتماعية في الإسلام قائمة على المودة والرحمة والتعاون، وهي جزء من كمال الإيمان.
- ينبغي للمسلم أن يستحضر النية في كل عمل خير، حتى يتحول العمل العادي إلى عبادة يثاب عليها.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا والله أعلم، وأحكم، وهو المستعان.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (١٩٧١) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، فذكره. وقال: حديث حسن صحيح.
وإسناده حسن فإنّ المنكدر بن محمد بن المنكدر مختلف فيه، فقال: أبو طالب عن أحمد: ثقة. وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سئل علي بن المديني عنه، فقال: هو عندنا صالح، وليس بالقوي، وكذا قال إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين. ولكن ضعّفه أبو زرعة وأبو داود والنسائي والجوزجاني وغيرهم.
والخلاصة فيه أنه يحسن حديثه إذا تبين أنه لم يخطئ فيه.
ومن هذا الطريق رواه الإمام أحمد (١٤٧٠٩)، والبغوي في شرح السنة (٦/ ١٤٢ - ١٤٣) وقال: حديث حسن.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 190 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كُلُّ مَعْروفٍ صَدَقَةٌ

📜 حديث: كُلُّ مَعْروفٍ صَدَقَةٌ

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كُلُّ مَعْروفٍ صَدَقَةٌ

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كُلُّ مَعْروفٍ صَدَقَةٌ

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كُلُّ مَعْروفٍ صَدَقَةٌ

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية