حديث: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النّهي عن رمي المتصدِّق بالكثير من الصّدقة بالرياء والسمعة بدون حجّة

عن أبي مسعود، قال: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الصَّدَقَةِ كُنَّا نُحَامِلُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ فَقَالُوا: مُرَائِي!، وَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ فَقَالُوا: إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَاعِ هَذَا!، فَنَزَلَتْ: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ﴾ الآية».

صحيح: رواه البخاري في الزكاة (١٤١٥) عن عبيد الله بن سعيد، حدّثنا أبو النعمان الحكم (وهو ابن عبد الله البصريّ)، حدّثنا شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن أبي مسعود، قال (فذكره).

عن أبي مسعود، قال: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الصَّدَقَةِ كُنَّا نُحَامِلُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ فَقَالُوا: مُرَائِي!، وَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ فَقَالُوا: إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَاعِ هَذَا!، فَنَزَلَتْ: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ﴾ الآية».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنّة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُبيّن رحمة الله بعباده وعلمه بحالهم، وتُعلّمنا أدباً رفيعاً في التعامل مع أفعال الآخرين. وإليك الشرح المفصل له على النحو التالي:

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● نَزَلَتْ آيَةُ الصَّدَقَةِ: المقصود هنا الآيات الأولى التي نزلت في فرضية الزكاة أو الحث على الصدقة، وكان ذلك في المدينة بعد الهجرة.
● نُحَامِلُ: من "الحِمَالَة"، أي كنا نعمل كحمالين، نحمل متاع الناس على ظهورنا بالأجرة، أو نعمل عملاً شاقاً لنكسب قوت يومنا ونتصدق منه. وهي دلالة على فقر الصحابة وكدّهم وتعبهم في تلك الفترة.
● بِصَاعٍ: الصاع مكيال معروف، يساوي aproximadamente أربعة أمداد، والمدّ حفنة باليدين. وكان الصاع من الطعام (كالتمر أو الشعير) هو القدر المتعارف عليه للصدقة في كثير من الأحوال.
● مُرَائِي: أي متهم له بالرياء، يقال "مُرائي" بمعنى الذي يُظهر عملاً صالحاً ليراه الناس ويُمدح عليه، لا خالصاً لوجه الله.
● يَلْمِزُونَ: من "اللَّمْز"، وهو العيب والطعن والانتقاص من شأن الشخص بكلام جارح.

ثانياً. شرح الحديث وسبب وروده:


يحدثنا الصحابي الجليل أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه عن واقع الصحابة عند نزول أول آيات الأمر بالصدقة. وكانوا في حالة من الفقر والعوز، فكان الرجل يعمل عملاً شاقاً (كالحمالة) ليحصل على قوت يومه، ثم يتصدق بشيء مما كسبه.
ثم حصلت موقفان عكسان سوء الظن وعدم التثبت:
1- الموقف الأول: جاء رجل وتصدق بصدقة كبيرة (شيء كثير). فبدلاً من أن يشكروه أو يفرحوا ببركته، اتهموه بالرياء! وقالوا: إنه إنما تصدق بهذا المال الكثير ليراه الناس ويمدحوه، لا خالصاً لوجه الله.
2- الموقف الثاني: وجاء رجل آخر متواضع الحال، فتصدق بقدر قليل (صاع من الطعام). فبدلاً من أن يقبلوا صدقته ويشكروا له نيته، انتقصوا من صدقته! وقالوا: إن الله غني عن هذا الصاع القليل، وكأنهم يستقلون عمله.
فأنزل الله تعالى الآية الكريمة من سورة التوبة توبيخاً لهذا الصنف من الناس وتأديباً لهم، وهي قوله تعالى:
> ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [التوبة: 79].
● الْمُطَّوِّعِينَ: هم المتصدقون بكرم وسخاء، وهم أصحاب الصدقة الكثيرة في الموقف الأول.
● وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ: هم الفقراء الذين لا يملكون إلا القليل، فتصدقوا به، وهم أصحاب الصاع في الموقف الثاني.
فالله عز وجل يخبر أن الذين يلمزون هاتين الطائفتين (السخي والفقير) ويَسخَرون منهم، فقد استحقوا أن يسخر الله منهم، وأن لهم عذاباً أليماً.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم سوء الظن بالمسلمين: فالحديث ينهى عن إساءة الظن بالمتصدقين، سواء كانوا أغنياء أم فقراء. فنية الإنسان بيد الله، ولا يجوز اتهام أحد في نيته دون دليل قاطع.
2- قبول الأعمال بحسب الاستطاعة: قيمة العمل عند الله تعالى ليست بحجمه المادي، ولكن بنية صاحبه وإخلاصه وتقوى قلبه. فالصاع من الفقير قد يكون أعظم عند الله من كنوز الأغنياء.
3- ذم اللمز والطعن في أفعال الخير: هذا الفعل من صفات المنافقين، وهو سبب لنزول سخط الله وعذابه، كما في الآية.
4- التثبت وعدم التسرع في الحكم على الآخرين: يجب على المسلم أن يوقف نفسه عند حد الظاهر من أعمال الناس، ويحملها على أحسن المحامل، ويكل سرائرهم إلى الله.
5- الحث على تشجيع المحسنين: بدلاً من الطعن، كان الواجب تشجيع من تصدق بكثير، وشكر من تصدق بقليل، فكلٌ يعمل على حسب طاقته.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أبلغ الأدلة على أن الإخلاص هو روح العمل، وهو معيار قبوله عند الله، فالعبرة بالجوهر لا بالمظهر.
- الآية التي نزلت (التوبة: 79) جاءت في سياق ذم المنافقين الذين يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، مما يدل على خطورة هذا الخلق الذميم (اللمز والسخرية).
- يستفاد من الحديث أيضاً أن المجتمع المسلم يجب أن يكون مجتمعاً متعاوناً متكافلاً، يشكر المحسن ويقبل من المعسر، ولا يثبط همم الناس عن فعل الخير.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمع
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الزكاة (١٤١٥) عن عبيد الله بن سعيد، حدّثنا أبو النعمان الحكم (وهو ابن عبد الله البصريّ)، حدّثنا شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن أبي مسعود، قال (فذكره).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 179 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات

  • 📜 حديث: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب