حديث: ما صام النبي شهرًا كاملًا قط غير رمضان

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كيف كان صوم النبي ﷺ في غير رمضان؟

عن ابن عباس، قال: ما صام النبيُّ ﷺ شهرًا كاملًا قطّ غير رمضان، ويصومُ حتى يقول القائلُ: لا والله! لا يُفطر، ويُفطر حتى يقول القائل: لا والله! لا يصوم.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الصوم (١٩٧١)، ومسلم في الصيام (١١٥٧) كلاهما من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس، قال: ما صام النبيُّ ﷺ شهرًا كاملًا قطّ غير رمضان، ويصومُ حتى يقول القائلُ: لا والله! لا يُفطر، ويُفطر حتى يقول القائل: لا والله! لا يصوم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين. هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو من الأحاديث العظيمة التي تبين هدي النبي ﷺ في العبادة، خاصة في صيام التطوع.

أولاً. شرح المفردات:


● ما صام شهرًا كاملًا قط غير رمضان: أي لم يصم ﷺ شهراً بأكمله تطوعاً في غير رمضان.
● حتى يقول القائل: لا والله! لا يُفطر: أي يستمر في الصيام أياماً متتالية كثيرة، حتى يظن من يراه أنه لن يفطر أبداً.
● ويُفطر حتى يقول القائل: لا والله! لا يصوم: أي يمتنع عن الصيام أياماً متتالية، حتى يظن من يراه أنه لن يصوم تطوعاً again.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما - وهو حبر الأمة وترجمان القرآن - عن هدي النبي ﷺ في صيام التطوع، فيذكر حقيقتين عظيمتين:
1- أن النبي ﷺ لم يصم شهراً كاملاً طوال حياته إلا رمضان المفروض عليه. فلم يصم ﷺ شعبان كله، ولا المحرم، ولا أي شهر آخر كاملاً. وهذا من رحمة الله بأمته وحرص نبيه ﷺ عليها، لئلا تظن أن ذلك واجباً فتُحمّل نفسها ما لا تطيق، أو لئلا يملوا فيتركوا العبادة بالكلية. فكان ﷺ يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يُفرض على أمته.
2- أن صيامه ﷺ للتطوع كان على أوقات متفرقة، تارة يصوم أياماً متتالية كثيرة (كصيام أيام البيض أو صيام داود)، وتارة يفطر أياماً متتالية. وكان هذا التنويع بحسب الأحوال والنشاط، وحتى لا يشق على نفسه أو يُملّ عليها. فكان من يراه وهو في فترة الصيام يظن أنه لن يفطر أبداً من شدة مواظبته، وإذا رآه في فترة الإفطار يظن أنه لن يصوم again تطوعاً من شدة انقطاعه عنه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الوسطية والاعتدال في العبادة: فخير الأمور أوسطها. النبي ﷺ هو القدوة، ولم يُحمّل نفسه صيام كل شهر تطوعاً، مع أنه أقدر الناس على ذلك وأحبهم للعبادة. وهذا توجيه لأمته ألا يتعبدوا الله بالغلو والمبالغة التي تؤدي إلى الملل أو السآمة أو الانقطاع.
2- التيسير على الأمة ورفع الحرج عنها: كان ﷺ يترك العمل وهو يحبه مخافة أن يُفرض على أمته، فهذا من كمال شفقته ورحمته ﷺ بأمته. وهو درس للدعاة والمربين ألا يشقوا على الناس بما لم يشرعه الله.
3- تنويع العبادات وعدم الرتابة: فالنفس البشرية قد تملّ من الاستمرار على نمط واحد. فكان من هديه ﷺ التنويع بين الصيام والإفطار، حتى تبقى النفس نشطةً مقبلة على العبادة.
4- عدم إلزام النفس بما لم يلزمه الشرع: فلو أن أحداً أراد أن يصوم شهراً كاملاً غير رمضان، فذلك جائز ولا حرج فيه، لكن الأفضل والأكمل هو اتباع هدي النبي ﷺ وعدم المداومة على صيام الشهر كله، اقتداء به ﷺ وحفاظاً على النفس من الملل.
5- الفهم الصحيح للعبادة: العبادة ليست فترة محدودة من الزمن ثم ينقطع الإنسان، بل هي مسيرة حياة مستمرة، تحتاج إلى تروٍّ وتدبير، حتى تستمر بعزيمة ونشاط.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل عظيم في باب القصد في العبادة والاقتصاد فيها.
- كان من أكثر الصحابة صياماً بعد رمضان: عبد الله بن عمر وأبو هريرة وغيرهما رضي الله عنهم، لكنهم لم يصوموا الأشهر كاملة بل كانوا يصومون أياماً ويفطرون أياماً، اتباعاً للسنة.
- يستثنى من ذلك صوم شهر المحرم وشعبان، فقد كان النبي ﷺ يكثر من الصوم فيهما، لكن لم يصمهما كاملين. فكان يصوم من شعبان أكثر ما يصوم من الشهور، كما في الحديث، ولكنه لم يصمه كله.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في الدين، والاقتداء بنبينا محمد ﷺ، وأن يتقبل منا الصيام والقيام وسائر الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الصوم (١٩٧١)، ومسلم في الصيام (١١٥٧) كلاهما من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره. ومن هذا الطريق رواه أيضًا أحمد (٢٩٤٧).
ورواه أبو داود (٢٤٣٠) من طريق عثمان بن حكيم قال: سألت سعيد بن جبير عن صيام رجب؟ فقال: أخبرني ابن عباس، فذكره.
وإسناده صحيح أيضًا، غير أنّ أبا بشر وهو جعفر بن إياس من أثبت الناس في سعيد بن جبير، وليس في حديثه السؤال عن صوم رجب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 131 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما صام النبي شهرًا كاملًا قط غير رمضان

  • 📜 حديث: ما صام النبي شهرًا كاملًا قط غير رمضان

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما صام النبي شهرًا كاملًا قط غير رمضان

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما صام النبي شهرًا كاملًا قط غير رمضان

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما صام النبي شهرًا كاملًا قط غير رمضان

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب